زيارة خاصة - عبد الحميد الإبراهيمي - رئيس الوزراء الجزائري الأسبق - صورة عامة
زيارة خاصة

عبد الحميد الإبراهيمي.. خفايا السياسة الجزائرية

تستضيف الحلقة رئيس الوزراء الجزائري الأسبق عبد الحميد الإبراهيمي الذي ينتمي إلى عائلة جزائرية عريقة قدمت سياسيين كبارا وعلماء دافعوا عن العروبة والإسلام وناهضوا الاستعمار.

فترة الثورة والاستقلال ومؤامرات حزب فرنسا
– عن شخصية بومدين وتوجهاته ووفاته

– عن خفايا السياسة وشخصية الرئيس بوتفليقة

– حول الوضع السياسي والاقتصادي الحالي للجزائر

سامي كليب
سامي كليب
عبد الحميد الإبراهيمي
عبد الحميد الإبراهيمي


سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج زيارة خاصة. ضيفنا كان رئيسا سابقا لوزراء الجزائر وكان ضابطا في الثورة الجزائرية ثم في الجيش الشعبي، أما اليوم فإنه يقلب الطاولة على الجميع ويقول إن كل قادة الجزائر تقريبا منذ أيام الثورة وحتى اليوم خضعوا لما يسمى بحزب فرنسا. هل قال ذلك انتقاما ممن حملوه مسؤولية التدهور الاقتصادي في بلاده أم أن الجزائر فعلا خاضعة لنفوذ فرنسي مخفي؟ عبد الحميد الإبراهيمي في زيارة خاصة.

فترة الثورة والاستقلال ومؤامرات حزب فرنسا

عبد الحميد الإبراهيمي: دور فرنسا في الواقع يتمثل بداية في حزب فرنسا أثناء الثورة بالضبط في 1958 وواصل عمله وفق خطط معينة حتى وصل للحكم عام 1990.


سامي كليب: عبد الحميد الإبراهيمي الذي يؤكد أن حزب فرنسا يسيطر على الجزائر منذ عشية الاستقلال حتى اليوم وأن الاغتيالات السياسية في الجزائر نفذها ضباط هذا الحزب يعيش منذ سنوات عديدة في الخارج ويتنقل خصوصا بين بريطانيا والمملكة المغربية ولن يعود إلى البلاد ما لم يتراجع عن اتهاماته.

عبد الحميد الإبراهيمي: حاولت أرجع إلى الجزائر وأنا طبعا أحمل جواز سفر جزائريا مدة صلاحيته خمس سنوات ولكن انتهت صلاحيته..


سامي كليب: انتهت المدة.

عبد الحميد الإبراهيمي: فطلبت تجديده وقابلت السفير الجزائري في لندن السنة الماضية فقال لي دعنا نر الوضع في الجزائر أولا ثم نجيبك، أعطني رقم هاتفك، بعد شهر بعث لي والتقيت به وقال لي إن السلطات ترفض إعطاءك جواز سفر..


سامي كليب: رافضة السلطات الجزائرية منحك جواز السفر.

عبد الحميد الإبراهيمي: قلت له لماذا؟ فأجابني من الممكن تلبية طلبك ولكن بشرط واحد، قلت شرط واحد؟ ما هذا الشرط؟ قال لي أن تدلي بتصريحات تعترف فيها بأن كل أقوالك وتصريحاتك منذ عام 1992..


سامي كليب: تتراجع عن تصريحاتك السابقة..

عبد الحميد الإبراهيمي: وحتى يومنا هذا كانت خاطئة وبأنك كنت مخطئا بها. فقلت له هذا غير معقول! تريد أن تجردني من شخصيتي ومن أفكاري ونضالي؟ لا يمكن، أنا جزائري وجنسيتي جزائري ولدت في الجزائر وأبي وأجدادي جزائريون ولي الحق في دخول البلاد. فقالوا له لن نعطيه جواز السفر، فلذلك لا أستطيع دخول بلدي بسببهم، هم يظنون بطريقة تفكيرهم أننا نشكل خطرا عليهم، لماذا نشكل خطرا؟ أنا صريح وأقول الحق وهم لا يريدون الحق هذا هو الواقع أي أنه لا يوجد أي أسباب أخرى.


سامي كليب: ينتمي عبد الحميد الإبراهيمي إلى عائلة جزائرية عريقة قدمت سياسيين كبارا ولكن أيضا علماء دافعوا عن العروبة والإسلام وناهضوا الاستعمار وبينهم والد ضيفنا.

عبد الحميد الإبراهيمي: هذه الصورة فيها والدي وأنا بين ذراعيه، وهذا أخي محمد وهؤلاء إخوتي الأكبر مني. تأثير الوالد كان في الواقع منذ الصغر فقد تعلمت منه منذ الصغر القيم الإسلامية واحترامها طاعة لله وتعلمت الصلاة والقيم والعدالة والبعد عن الكذب والعدالة هذه قيم تربيت عليها وسمعت الوالد يتحدث عنها كثيرا، وتأثرت كثيرا لما توفي والدي وأنا في التاسعة من العمر.


سامي كليب: حرمان الأب عوضه عبد الحميد الإبراهيمي أولا بأن أصبح مجاهدا في الثورة الجزائرية ثم ضابطا كبيرا في جيش التحرير حيث تولى مسؤوليات عالية وصل عبرها لأن يحكم منطقة عنابة وسمح له ذلك بمعايشة كبار القادة السياسيين والعسكريين في بلاده، هذه مثلا صورة له مع الرئيس الراحل هواري بومدين، وهو يستند إلى هذا التاريخ ليقول إن كل الاغتيالات الكبيرة في الجزائر نفذها من يسمون بضباط حزب فرنسا.

عبد الحميد الإبراهيمي: بالنسبة إلى الاغتيالات فكانت كلها في هذا العقد وبأوامر من مسؤولين كبار، لا توجد جهة أخرى تصدر هذه الأوامر إلا المركز العسكري أي ضباط فرنسا فهم لا شك في مراكز مهمة بوزارة الدفاع والاستخبارات العسكرية وهم الذين يصدرون الأوامر.


سامي كليب: لنتحدث عن بعض الأسماء لو سمحت، المعروف يعني خصوصا لدى الناس الذين تابعوا طويلا الثورة الجزائرية والقلوب العربية التي نبضت على وقع هذه الثورة، كانت أسماء تذكر ولا نعرف عنها الكثير في الواقع إلا من خلال ما كتب لاحقا بعد سنوات طويلة، مثلا منهم كريم بالقاسم، حضرتك تقول عن هذا الرجل الذي كان أحد قيادات الثورة "أدرك الفارون من الجيش الفرنسي أنهم لا يستطيعون تحقيق مبتغاهم بوسائلهم الخاصة ولهذا اعتمدوا في البداية على كريم بالقاسم الذي كان آنذاك وزيرا للقوات المسلحة قبل أن يتحولوا بعد ذلك إلى خدمة العقيد هواري بومدين غريم كريم بالقاسم" هل تورط معهم؟

عبد الحميد الإبراهيمي: حاول كريم بالقاسم أن يستعملهم لما جاؤوا لم تكن لديهم مهمة واضحة، أعد مخططا لأنه كان هناك في الحقيقة تنافس في قيادة الثورة، من المعروف أن القيادة العليا للجنة الوطنية للثورة في الجزائر وعقدت اجتماعها عام 1958 في طرابلس ولم تعد للداخل منذ ذلك الوقت، وكان على رأسها قيادة جماعية مؤلفة من كريم بالقاسم والأخضر بن طبال المعروف بسي عبد الله وعبد الحفيظ بوصوف وقد كان هؤلاء هم المسؤولون عن القيادة فلا شيء يعمل بدون أمرهم، فكريم بالقاسم أحب يتزعم الثورة..


سامي كليب: اعتمد على الضباط الجزائريين.

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، لا، حاول يتزعم الثورة، فجوبه بالرفض من الداخل كما رفض ذلك زملاؤه ولا سيما بن طبال وبوصوف وأصروا على قيادة جماعية، لماذا تتزعمنا وحدك؟ فرفضوا هذه الخطوة فأراد هو نتيجة لذلك أن يستخدم أولئك الضباط ومنهم سليمان أفمان وشابو عبد القادر ومعهم جماعة خمسة أو ستة وطلب ندبهم إلى مقر إقامته في تونس أيام الحكومة المؤقتة وأراد أن يلقي القبض على بوصوف وبن طبال بمساعدة هؤلاء الضباط التابعين لفرنسا لكن كان هناك ضابط آخر وطني إلى جانبي وهو زميلي وصديقي اليزيد بن نزار رحمه الله..


سامي كليب: استشهد فيما بعد.

عبد الحميد الإبراهيمي: استشهد فيما بعد سنة 1960 بالضبط، وكان على مقربة مني، على مسافة 20 إلى 30 مترا لما استشهد رحمه الله، عندما سمع اليزيد بن نزار بالخبر أبلغ بن طبال..


سامي كليب: وهكذا انكشفت المؤامرة.

عبد الحميد الإبراهيمي: انشكفت المؤامرة فانطلق بوصوف وبن طبال إليه ليكلماه وهدداه وقالا له إن فعلت شيئا فسترى كذا وكذا.


سامي كليب: طيب الغريب سيد عبد الحميد أنك تقول إن كريم بالقاسم وعبد الحفيظ بوصوف هما اللذان عمليا مسؤولان عن اغتيال القائد في الثورة أيضا عبد الله.

عبد الحميد الإبراهيمي: صحيح، لا، هم تفاهم الثلاثة،  هذه الحكاية رواها لي بن طبال نفسه بعد أسبوع من اغتيال عبد الله، قلت له ما الذي حدث يا سي عبد الله؟ وقد قرأت في جريدة المجاهد الناطقة بلسان الثورة أنه استشهد خلال الثورة في الجبل، لقد كان معنا في الخارج والتقيناه أمس فكيف حدث هذا؟ فقال لي لقد اتفقنا أنا وكريم وبوصوف على عزله لأنه أراد أن يتزعم الثورة ويهمشنا ، فأجمعوا على سجنه في المغرب وذهبوا به إلى هناك في الناضور، هناك قال لهم بن طبال إننا متفقون على سجنه فقط لكن كريم بالقاسم وبوصوف هما اللذان قتلاه..


سامي كليب: أكد لك بن طبال أنهما قتلاه؟

عبد الحميد الإبراهيمي: أكد لي بن طبال أنهما هما من قتله.

عن شخصية بومدين وتوجهاته ووفاته

سامي كليب: الاغتيالات كانت كثيرة في تاريخ الثورة ثم خلال وبعد الاستقلال في الجزائر، فمن بعض قادة الثورة وصولا إلى الرئيس الراحل اغتيالا محمد بوضياف دفنت أسرار كثيرة مع جثث القتلى والشهداء وضحايا الاغتيالات. وها هو اليوم أحد كبار ضباط الثورة والجيش ورئيس الوزراء الأسبق عبد الحميد الإبراهيمي يميط اللثام عن بعض ما حصل ويقول إن هواري بومدين نفسه قد مات مسموما.

عبد الحميد الإبراهيمي: لقد سمموا بومدين، دخل إليه أناس مقربون ومخربون ودسوا له السم..


سامي كليب: وضعوا لبومدين السم؟ ناس مقربون من بومدين؟

عبد الحميد الإبراهيمي: الأطباء أكدوا في تقريرهم الطبي أنه مات مسوما، بومدين مات مسموما بالتأكيد، كان بصحة جيدة!


سامي كليب: طالما تحدثت فيما رويت عن كل شيء تقريبا، هل تعرف من الذي سمم لبومدين؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، ضباط فرنسا كلهم مشتركون في العملية طبعا.


سامي كليب: من؟ خالد نزار والعبدي بن خير و..

عبد الحميد الإبراهيمي: هؤلاء كلهم كانوا مشتركين في العملية لكن الذي نفذ العملية توفي كان في الجيش الفرنسي الثاني وهو عبد المجيد علاهم وهو رئيس التشريفات الخاص بالرئيس بومدين وهو الشخص الوحيد الذي يدخل بيته..


سامي كليب: هو وضع السم؟

عبد الحميد الإبراهيمي: هذا ما يظهر لي منطقيا.


سامي كليب: طيب تقول إنك حذرت الرئيس الراحل هواري بومدين من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي والذين التحقوا وهم طبعا جزائريون التحقوا بالجيش الجزائري، متى حصل ذلك؟ وماذا قلت له؟ وبماذا أجابك؟

عبد الحميد الإبراهيمي: والله بالضبط لما رجع تم تعيينه رئيس أركان حرب سنة 1960 في يناير/ كانون الثاني 1960 وكان مقر قيادته في غار الدماء على الحدود التونسية الجزائرية وكنت آنذاك ضابطا في تلك الحدود وكنت أحاول دخول الجزائر وعندما تسلم مكتبه عين على الفور الضباط سليمان أفمان وبوتله وشابو ، لا، لا، شابو كان مع بن سالم عبد الرحمن رحمه الله، فعين ثلاثة أو أربعة ضباط فرنسيين مستشارين فذهبت إليه في غار الدماء وقلت له قبل سنتين أي عام 1958 هؤلاء فعلوا كذا وكذا ، فقال لي هؤلاء لن يفعلوا شيئا ليس عندهم شرعية ثورية وليس عندهم شعبةي وليس عندهم قوة، وليس عندهم شيء. أنا أوظفهم لأن لديهم خبرة عسكرية أنا سأستخدمهم كمفك براغي، لا يشكلون خطرا علي.


سامي كليب: فك براغي.

عبد الحميد الإبراهيمي: بالنسبة لي لا يكونون خطرا يعني.


سامي كليب: حضرتك كنت تحترم الرئيس بومدين؟

عبد الحميد الإبراهيمي: طبعا بالتأكيد مع أنني لم أكن متفقا معه وعلى الرغم من أنه حدث بيننا..


سامي كليب: مشاكل عديدة.

عبد الحميد الإبراهيمي: مشاكل عديدة، أي على خلاف في الرأي معه وقد حدث هذا عدة مرات، هو لا يريد لأحد أن يخالفه الرأي..


سامي كليب: معروف ما كان يسمع.

عبد الحميد الإبراهيمي: كان يقول لكل من كان يريد أن يتكلم معه ابتعد مسافة ستة أمتار، بالضبط كما يفعل مع العسكر ولو كنت ضابطا يجب أن تبتعد هذه المسافة..


سامي كليب: تبعد ستة أمتار.

عبد الحميد الإبراهيمي: يقول لي دائما ابق على مسافة ستة أمتار وقم بأداء التحية العسكرية.


سامي كليب: ورغم ذلك كنت تحترم الرجل.

عبد الحميد الإبراهيمي: أنا كنت أحترمه لأنه كان مخلصا وصادقا.


سامي كليب: حضرتك وصفته، وصفت الرئيس الراحل هواري بومدين بالتالي، تقول إنه "كان متكتما باردا يقظا حذرا صارما سلطويا شديد الذكاء يتمتع بذاكرة ممتازة، لا يؤمن لا بالديمقراطية ولا بفضائل الشعب ولم يكن يقبل النقد إطلاقا، يهمل العامل البشري ويعتقد أن بالإمكان الحصول على كل شيء بواسطة المال، لم يكن لديه أي احترام للفرد ويحب أن تمحى شخصيات المسؤولين السياسيين المحيطين به" وتقول إنه رفض إدخال القيم الإسلامية إلى مشروعه وإن رفض بومدين إدخال القيم الدينية إلى مشروعه كان جوهريا بالنسبة له "أن يبعد الدين عن الميدان السياسي كان همه ويحشر الإسلام في دور الرمز لا أكثر".

عبد الحميد الإبراهيمي: فعلا، بومدين في الواقع إنسان ذكي ومخلص وصادق..


سامي كليب: ولكن لا يحترم الفرد وتقول إنك تحترمه.

عبد الحميد الإبراهيمي: أما عن الديمقراطية، ذات يوم كنت معه وكان يقرأ في كتاب لنيتشه، كان كتابا بالفرنسية ، في أثناء الثورة سنة 1960..


سامي كليب: هكذا تكلم زرادشت.

عبد الحميد الإبراهيمي: فكان يقول عدو الديمقراطية ، عدو الديمقراطية، أغلق الكتاب وقال صدقت -هذا بومدين، كنت أنا وبومدين وعلي المرشدي رحمه الله كنا الثلاثة- قال هذا نيتشه رجل هذا لم يكن عنده ديمقراطية ولا أي شيء على الإطلاق.


سامي كليب: طيب، تقول عنه أيضا إن بومدين جعل الجيش الوطني الشعبي تحت إشراف حوالى 15 ضابطا من أدنى الرتب في الجيش الفرنسي، كان الأنشط بينهم العربي بالخير، خالد نزار، مصطفى شلوفي، بن عباس غزيّل، سليم سعدي، محمد تواتي، محمد عماري، وكان لهذه المجموعة قائد هو عبد القادر شابو وأيضا قائد آخر هو سليمان أفمان" طيب هل بومدين كان أيضا بسيطا إلى درجة يلغي كل تاريخ الضباط العرب ويبعد كل الضباط العرب ويأتي فقط بضباط من الجيش الفرنسي ربما كانوا مدسوسين كما تتهم حضرتك؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، هي قضية حساب، ليست قضية إنسان ساذج، أنا قلت إنه كان يهاب أي ضابط عنده توجه عروبي إسلامي ويعتبره خطرا عليه.


سامي كليب: عبد الحميد الإبراهيمي رئيس الوزراء الجزائري السابق والضابط السابق في جيش التحرير كاد لا يوفر أي مسؤول جزائري سابق أو حالي من اتهاماته، فهو شن حملة ضد كل رؤساء الحكومات السابقين تقريبا وقال إنهم في معظمهم ساروا في ركب فرنسا، ويعتبر مثلا أن مولود حمروش مع وزير الداخلية السابق العربي بالخير هما اللذان نكدا على قاصدي مرباح المدير السابق للاستخبارات العسكرية ورئيس الحكومة السابق نكدا عيشه وأن الضباط الجزائريين القادمين من الجيش الفرنسي هم الذين اغتالوه كما اغتالوا الرئيس الراحل محمد بوضياف.

عبد الحميد الإبراهيمي: بالنسبة لاغتياله أنا متيقن أن ضباط فرنسا هم الذين قتلوا مرباح بالتأكيد.


سامي كليب: يعني آنذاك حين قتل كان خالد نزار المسؤولية الأولى كان العربي بالخير، هما اللذان اغتالاه؟

عبد الحميد الإبراهيمي: طبعا هذا رأيي بالتأكيد.


سامي كليب: حمروش كان على علم؟

عبد الحميد الإبراهيمي:لا، لا أعتقد، حمروش ليس بنفس الكتلة بل كانت له كتلته الخاصة.


سامي كليب: طيب هذا تحليل أو معلومات؟ أنه ربما بالخير وخالد نزار هما اللذان قتلاه؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، تحليل، تحليل، طبقا للمعلومات التي لدي وكانوا يحاولون إقصاءه، هذه معلومات لكن اغتياله..


سامي كليب: كيف؟ مثلا عندك حادثة معينة أمامك حصلت والرجلان حاولا إقصاءه؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، لكن اغتياله تم بطريقة لا تدل على أن القتلة من الإسلاميين لأنهم لو كانوا من الإسلاميين لقتلوه عن طريق رجل واحد منفرد بل قامت بتقله مجموعة مسلحين مطلعين يعلمون كل شيء عنه فقد كان متجها من الجزائر العاصمة إلى البحر لأنه كان يمتلك فيلا على شاطئ البحر في منطقة ألجي بلاج، كانوا يعرفون ذلك المكان والطريق الذي يتبعه، الاستخبارات تعرف هذه الأشياء..


سامي كليب: وخصوصا أنه كان يحترس يعني ويحترز، كان رجل أمن..

عبد الحميد الإبراهيمي: طبعا كان يحتاط..


سامي كليب: يحتاط دائما.

عبد الحميد الإبراهيمي: فبعد الاغتيال زوجته نفسها قالت هم الذين قتلوه.


سامي كليب: ولكن هذا ليس دليلا يعني نبقى في إطار التحليلات، حتى حين تتحدث مثلا عن محمد بوضياف الرئيس الجزائري الراحل رحمه الله تقول إن "محمد بوضياف الذي عينه رئيسا للدولة جنرالات لا وطنية لديهم تعرض للاغتيال بأمر منهم بعد ستة أشهر فقط لأنه تجرأ على السعي لإيجاد حل سياسي للأزمة وعلى التصدي لملف الفساد".

عبد الحميد الإبراهيمي: صحيح.


سامي كليب: هم الذين قتلوه أيضا؟

عبد الحميد الإبراهيمي: هم قتلوه بالتأكيد.


سامي كليب: خالد نزار والعربي بالخير؟

عبد الحميد الإبراهيمي: بالتأكيد بإيعاز منهم.


سامي كليب: ومن معهم؟

عبد الحميد الإبراهيمي: معهم الجيش ليس كمؤسسة، حاشاه الجيش، بل الضباط الكبار في الجيش والاستخبارات.


سامي كليب: يعني مين كان في؟

عبد الحميد الإبراهيمي: مخابرات وغيرهم..


سامي كليب: كان في محمد العماري كان في تواتي كان في مدين..

عبد الحميد الإبراهيمي: إيه نعم كلهم، كلهم..


سامي كليب: كل هؤلاء؟

عبد الحميد الإبراهيمي: كلهم متفقون كلهم، نعم كلهم.


سامي كليب: تذكر مثلا إلى جانب محمد بوضياف، قصدي مرباح، عبد القادر حشاني أحد قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ..

عبد الحميد الإبراهيمي: نعم، نعم.


سامي كليب: الجنرال سعيدي فضيل، بوبكر بلقايد وزير الداخلية السابق، عبد الحق بن حمودة.

عبد الحميد الإبراهيمي: نعم، نعم، هم الذين قتلوه كلهم. ذات يوم في زيارة من زياراتي للمغرب التقيت إدريس البصري رحمه الله..


سامي كليب: وزير الداخلية المغربي.

عبد الحميد الإبراهيمي: وزير الداخلية المغربي آنذاك، كنت مدعوا لحضور مؤتمر في الدار البيضاء عام 1997 نظمته جامعة جورج تاون في أميركا وكنت عاملا هناك، يشارك فيه عدة خبراء من بلدان عربية ومن أميركا، في المؤتمر اقترح علي أصدقاء مغاربة زيارة الأخ إدريس البصري فزرته وفي سياق الحديث تطرقنا إلى موضوع بلقايد واغتياله فقال أنا متيقن وعندي معلومات أنهم هم الذين قتلوه..


سامي كليب: طبيعي، وزير داخلية مغربي يتهم ضباط جزائريين بأنهم اغتالوا..

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، لا..


سامي كليب: طبيعي وسط الخلاف بين البلدين.

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، مش قضية خلاف بين الجزائر والمغرب، لا، هو يعني يعتمد على الاستخبارات ويعتمد على كذا.. فقال جاءني إلى هنا قبل اغتياله..


سامي كليب: وقال له سوف يغتالوني؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، لم يخبره بنية اغتياله..


سامي كليب: كان منزعجا؟

عبد الحميد الإبراهيمي: ولكن لما عاد اغتالوه.

[فاصل إعلاني]

عن خفايا السياسة وشخصية الرئيس بوتفليقة

سامي كليب: السيد عبد الحميد الإبراهيمي يعني في أي دولة في العالم حين حضرتك تهاجم طرفا، ثمة مصلحة لطرف ثالث أن يقتله لكي يلصق التهمة بك مثلا، هكذا تحصل، يعني ربما الجيش الجزائري أو قادة الجيش الجزائري وقادة الدرك الوطني والأمن وما إلى ذلك أيضا ربما ثمة من حاول أن يورطهم أن يوسع دائرة الخلاف في الجزائر، يعني كيف يمكن أن تتهم هكذا بكل وضوح أن هم كانوا فلانا وفلانا وفلانا؟

عبد الحميد الإبراهيمي: شوف في الجزائر لا توجد منظمة تمتلك تلك الإمكانات التقنية والعملية كما الجيش والاستخبارات العسكرية في الجزائر، لا يوجد على الإطلاق.


سامي كليب: يعني أنا لو كنت مشاهدا اليوم وليس صحافيا أجري هذا الحوار سأقول أنك تطلق الاتهامات هكذا لا دليل لديك، إنما هناك تحليل فقط.

عبد الحميد الإبراهيمي: أنا أتفهم موقفك لأن الجزيرة عندها.. داخلي ولكن أنا أتكلم عن الحقيقة، لا توجد لدي اعتبارات أخرى غير الحق.


سامي كليب: طيب تروي مثلا قصة الفنان الجزائري ذي الأصل البربري الأمازيغي كما تقولون معطوب لونس، تقول ما يلي "إن اغتياله تم بتدبير من بعض الجنرالات" وتسمي محمد تواتي، محمد مدين وإسماعيل العماري.

عبد الحميد الإبراهيمي: نعم، لست أنا من يقول هذا الكلام، حتى المقربين منه يقولون الشيء نفسه.


سامي كليب: قالوا لك هذا الكلام؟

عبد الحميد الإبراهيمي: نعم، قالوا لي ذلك، مكتوب يعني موثق.


سامي كليب: طيب، تروي أيضا معلومة خطيرة حول تفجيرات باريس عام 1995.

عبد الحميد الإبراهيمي: نعم صحيح.


سامي كليب: وأنا شخصيا كنت في باريس آنذاك حين تم تفجير قطار الأنفجار بشكل خطير جدا وبعض المناطق الأخرى وبعض القطارات واهتزت فرنسا في الواقع على وقع الأزمة الجزائرية. تقول ما يلي "إن شخصية فرنسية كبيرة أكدت لي عام 1996 أن الرئيس جاك شيراك بعث برسالة إلى الرئيس اليمين زروال -الجزائري طبعا- يقول فيها إن فرنسا لن تقبل بعد اليوم أن تنظم مصالح الأمن العسكري الجزائري اعتداءات في فرنسا كما حصل في مترو باريس وأمكنة أخرى، الأمن الجزائري هو الذي فجر مترو باريس؟

عبد الحميد الإبراهيمي: التقيت ذات يوم مسؤولا فرنسيا كبيرا..


سامي كليب: مسؤول سياسي أم أمني؟

عبد الحميد الإبراهيمي: والله الاثنين، مسؤول أمني وسياسي يعني..


سامي كليب: يعني من العارفين بخفايا السياسة الفرنسية والجزائرية.

عبد الحميد الإبراهيمي: كان في منصب رفيع جدا في وزارة الدفاع الفرنسية، لقد تعرفت عليه عن طريق صديق وشربنا قهوة في لندن وتحدثنا وتكلمنا في سياق الحديث عن أحداث باريس وأخبرني عن المكالمة الهاتفية مع شيراك، قال لي شيراك أعطاني بنفسه التاريخ تحديدا في 1995 يعني بعد التفجيرات، جاء أمين زروال لسه ما كانش.. كان رئيسا معينا ولم ينتخب بعد، وقال له في المستقبل لا نقبل على الإطلاق أن تقوم الجزائر أو استخبارات الجزائر بتفجيرات مثل التي قمتم بها في باريس. عقبت أنا على هذا وكتبته سنة 2000 وقلت إنه من الغريب أنه لم تقع انفجارات منذ سنة 1995 حتى يومنا هذا.


سامي كليب: طيب هل يمكن أن تشرح لي سيد عبد الحميد الإبراهيمي يعني من خلال خبرتك في الجزائر كرئيس وزراء سابق يعني من جهة تقول إن حزب فرنسا هو الذي يسيطر على السياسة الجزائرية، الضباط الذين هربوا من الجيش الفرنسي ودسوا دسا في الثورة ثم بعد في السلطة هم الذين يحكمون الجزائر، ما هي مصلحتهم بتفجير فرنسا إذا كانت فرنسا هي التي تدعمهم؟

عبد الحميد الإبراهيمي: هم قالوها، هم يقومون بتلك الأفعال ويقولون إن الإسلاميين هم الذين قتلوهم ،أنا طرحت أمثلة في الجزائر نفسها..


سامي كليب: وهل كانوا أغبياء لدرجة أن فرنسا لن تكتشف أنهم ليسوا إسلاميين؟

عبد الحميد الإبراهيمي: دائما الإنسان الذي يحسبوه ذكيا هو في الحقيقة هو تافه.


سامي كليب: منذ غادر الجزائر يعيش عبد الحميد الإبراهيمي من مهنة التعليم التي يمارسها في بريطانيا، وهو حاصل على دكتوراه في الاقتصاد ويعد حاليا موسوعة عن الاقتصاد الإسلامي ستكون الأولى من نوعها في العالم. وإذا كانت هذه الاتهامات التي يسوقها ضد القادة الذين كانوا يملكون ناصية البلاد قد رسخت نفيه في بريطانيا فماذا يقول عن تاريخ الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة منذ الثورة حتى اليوم؟

عبد الحميد الإبراهيمي: أقولها للتاريخ والله، بوتفليقة لا يوجد بيني وبينه شيء إلا الخير نقول الواقع فقط..


سامي كليب: يعني مشي خير كثير، ما أنت عايش في الخارج لم تعد إلى البلاد.

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، الواقع، لا توجد أي مشكلة سياسية بيني وبينه.


سامي كليب: طيب لماذا لا يعيدك إلى البلاد؟

عبد الحميد الإبراهيمي: هو مقيد.


سامي كليب: بوتفليقة مقيد حتى اليوم؟

عبد الحميد الإبراهيمي: الجيش بالنسبة لي هو الأساس، وزارة الدفاع هي التي تستعمل الفيتو هو واضح وضوح الشمس، أنا أقول لا توجد بيني وبين بوتفليقة مشكلات سياسية أو شخصية على الإطلاق، أنا أقول الواقع بوتفليقة تكوين غربي واتجاه غربي وليس عروبيا وإن كان يتقن ويتكلم العربية، صحيح طبعا الجبهة من حيث الاسم عروبية ولكن الاتجاه السياسي ليس كذلك، وليس العروبي هنا بمعنى البعثي، هو أقرب إلى فرنسا منه إلى البلدان العربية.


سامي كليب: يعني حضرتك تقول في الكتاب إنه كان قريبا جدا من فرنسا بوتفليقة ولكن يعني من يقرأ تاريخ هذا الرجل يلاحظ أنه مثلا كان بالنسبة للثورة الفلسطينية، بالنسبة للقضايا الرئيسة التي..

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، لا..


سامي كليب: اسمح لي شوي، بالنسبة للقضايا الرئيسة التي عاشها العالم العربي كان دائما الوسيط الأقرب إلى العرب منه إلى أي دولة أخرى، يعني كان دائما في هذا الاتجاه عربيا قوميا مساندا للثورات مساندا للثورة الفلسطينية يعني كيف يكون غربي الاتجاه؟ ثم باللغة العربية كما تتفضل حضرتك ربما أفضلكم في الحديث باللغة العربية.

عبد الحميد الإبراهيمي: صحيح هو أفضل منا بالتأكيد. بالنسبة أنت ذكرت عن القضية الفلسطينية شيء مقدس شعبيا يعني، لا أحد ينكر ذلك على الإطلاق. سأقول لك أكثر من هذا، قبل الثورة سنة 1948 كنت صغيرا في الثانية عشرة من العمر وكنت أرى من قرية ميلا الواقعة على بعد نحو خمسين كيلومترا من قسنطينة الناس يمشون على أقدامهم -صدق أو لا تصدق، بدون جواز السفر- إلى فلسطين عبر تونس وليبيا ومصر ليحاربوا هناك فمنهم من استشهد ومنهم من ظل هناك ومنهم من سافر إلى سوريا..


سامي كليب: طيب حتى اللواء خالد نزار وزير الدفاع السابق ذهب على رأس فرقة من الجيش الجزائري وقاتل إسرائيل في مصر.

عبد الحميد الإبراهيمي: لم يذهب، بومدين أرسله، هناك فرق..


سامي كليب: ولكن قاتل.

عبد الحميد الإبراهيمي: أرسله بومدين، أرسل، فرق.


سامي كليب: في الحديث عن الرئيس بوتفليقة تقول إن عبد العزيز بوتفليقة كان جزءا من المجموعة التي تسمى بمجموعة "وجده"، وتتشكل من قايد أحمد، عبد العزيز بوتفليقة، شريف بالقاسم، أحمد مدقري والطيبي العربي.

عبد الحميد الإبراهيمي: نعم.


سامي كليب: ماذا كان دور هذه المجموعة يعني؟

عبد الحميد الإبراهيمي: كانت في وجده على الحدود الجزائرية المغربية وكانوا مقربين إليه -بومدين- ويثق بهم كثيرا، أضرب لك مثالا بسيطا، في عام 1969 خرجت من مكتب بومدين وكان رئيسا ووزير الدفاع في الوقت نفسه وقلت له والله كنا نرغب في الخارجية غير عبد العزيز بوتفليقة، فقال لي اقطع كلامك، لا تكلمني بشأن عبد العزيز، هو اسمه عبد القادر صاحب الثورة، لا تكلمني. لا يقبل النقاش.


سامي كليب: ولماذا كنت تنوي أن تزيحه عن وزارة الخارجية؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لا.. نزيحه، إخلاص فقط أنا كمواطن جزائري كنت أريد شخصا ذا اتجاه عروبي إسلامي في وزارة الخارجية، طبعا كانت هذه أمنيتي.


سامي كليب: طيب أعطني مثالا واحدا على أن عبد العزيز بوتفليقة لم يكن عروبيا إسلاميا أو كان ضد هذا التيار.

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، لا، هذا اتجاه عام أقول لك إنه أقرب إلى فرنسا والغرب من القومية العربية هذا بالتأكيد.


سامي كليب: فقط لأنه كان يعطي أولوية مثلا أو يعطي رأيه بأولوية إعطاء بعض الصفقات لفرنسا أكثر من أميركا مثلا؟

عبد الحميد الإبراهيمي: قلت لك هذا توجه..


سامي كليب: كيف؟ كيف كان يتجسد؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لقد عاش في فرنسا، شيء عادي فرنسا شيء عادي بالنسبة إليه شيء طبيعي..


سامي كليب: طبيعي بالنسبة له أن يكون قريبا بالنسبة من فرنسا؟

عبد الحميد الإبراهيمي: إيه، طبيعي.


سامي كليب: لم تقنعني بعد.

عبد الحميد الإبراهيمي: لا أحب أن أذهب أبعد من هذا.

حول الوضع السياسي والاقتصادي الحالي للجزائر

سامي كليب: طيب، ذكرت بالعيد عبد السلام وتقول عن الرجل ما يلي، إن بالعيد عبد السلام رئيس الوزراء السابق في الجزائر اعتمد على مستشار يهودي اسمه سيمون.

عبد الحميد الإبراهيمي: صحيح.


سامي كليب: وعلى فارين من الجيش الفرنسي وعلى دراسات فرنسية في سياسته. هذا اليهودي من كان يعني؟

عبد الحميد الإبراهيمي: مثلا سيمون كاستيل فرنسي وكان الأمين العام لوزارة الصناعة بعد إعطائه الجنسية الجزائرية طبعا لكن كاستيل فرنسي..


سامي كليب: كان فرنسيا وأمينا عاما لوزارة الصناعة؟!

عبد الحميد الإبراهيمي: نعم وهذا معروف وأنا أعرفه شخصيا، وسيمون يهودي بلجيكي ولم يتخلص منه إلا بعدما رحّلته وزارة الصناع وأصبح في عام 1979 عضوا في المكتب السياسي ولكن من دون وزارة.


سامي كليب: تقول عنه لبالعيد عبد السلام رئيس الوزراء السابق "إنه شخص غريب يتميز بخليط فصامي من السلطوية والصرامة والغرور والضغينة والغطرسة، إنه مفسد ونصب لي فخا".

عبد الحميد الإبراهيمي: هذا صحيح هو الواقع.


سامي كليب: لا زلت عند هذا الرأي يعني؟

عبد الحميد الإبراهيمي: هو ذكي ولكن البشر لهم إيجابياتهم وسلبياتهم.


سامي كليب: تقول أيضا "إن مكاتب دراسات فرنسية هي التي تعد سياسته وسياسات الجزائر الصناعية وكان يزدري ويحتقر المغرب العربي ويعمل على شل مؤسساته ويعتبر الدول المجاورة خطرا على الجزائر".

عبد الحميد الإبراهيمي: صحيح..


سامي كليب: مش صعب هذا التوصيف؟ يعني عندك مثال على حول هذه الاتهامات؟ مثلا؟

عبد الحميد الإبراهيمي: على سبيل المثال في عام 1981، 1981 اقترحت على اللجنة المركزية وهي التي تخطط السياسة للحكومة، نجد اللجنة الأساسية ثم المركزية ثم تذهب إلى الحكومة لتنفيذها، وكتبت تقريرا يفيد بتجنب إنشاء وحدات لتسييل الغاز ليصبح سائلا وهي كانت أربعة مليار دولار وستة مليار دولار للمعمل الواحد، قلت نمد أنابيب تمر بتونس لتصل إلى إيطاليا وتمر بالمغرب لتذهب إلى إسبانيا وأوروبا وفي نفس الوقت قلت لهم في تقريري أن هناك إمكانية مد أنابيب فرعية لتزويد تونس والمغرب بالغاز حيث أنهما لا يمتلكان الغاز نمدهما به بأسعار معقولة، فأجاب عن التقرير عبد السلام من اللجنة المركزية قال أنا ضد هذا المشروع فلو مر الغاز على تونس والمغرب هما أعداء فبوسعهم أن يقطعوا علينا الأنابيب، فقلت له والله هذا غير معقول..


سامي كليب: بالعيد عبد السلام قال تونس والمغرب أعداء؟

عبد الحميد الإبراهيمي: قال أعداء، أعداء نفضل أن يذهب عبر البحر رأسا إلى إسبانيا ولا يمر عبر المغرب.


سامي كليب: على كل حال حضرتك تتهم خالد نزار والعربي بالخير وبعض الضباط أنهم هم الذين افتعلوا قضية الصحراء الغربية.

عبد الحميد الإبراهيمي: لم أقل إنهم افتعلوا، هم الذين لا يريدون حلا لهذه القضية.


سامي كليب: قلت لصحيفة الصباح -بالحرف أنقل لك- "إن مشكلة الصحراء تم افتعالها من قبل الجنرالات الجزائريين المعادين لأية وحدة مغاربية".

عبد الحميد الإبراهيمي: هذا في الواقع، هم الذين يشجعون عسكريا وميدانيا كل ما يؤدي إلى إضعاف المغرب.


سامي كليب: طيب يعني حين تقول مثلا عن العربي بالخير الذي كان وزيرا للداخلية قبل أن يتولى يعني في السنوات الأخيرة منصب سفير للجزائر في المغرب تقول "لقد حظي ممثل عصبة فرنسا العربي بالخير بثقة الرئيس بن جديد وبالمراكز الإستراتيجية التي شغلها خصوصا كأمين عام لرئاسة الجمهورية وذلك لينفذ بروية وثبات إستراتيجيا الاستيلاء على السلطة" وتقول إنك نبهت الشاذلي بن جديد إلى خطر تعيين بالخير والرائد عباس غزيل.

عبد الحميد الإبراهيمي: صحيح، سأقول لك أمرا يشهد صحة كلامي، قلت له بأنه في يوم سيقطعون رأسك، قال والله ما يقدروش..


سامي كليب: قلت له إذا لم تقصهم سيأكلون رأسك.

عبد الحميد الإبراهيمي: قال لا يهم.


سامي كليب: قال لك لا يهم. طيب إما هؤلاء الضباط يعني أذكياء لدرجة أنهم سيطروا على كل الرؤساء منذ الاستقلال ونجحوا في خطتهم كما تقول عام 1992 حين انقلبوا على الجبهة الإسلامية للإنقاذ أو أن الآخرين كانوا سذجا، اسمح لي يعني.

عبد الحميد الإبراهيمي: لا، ليسوا سذجا، أنا أقول لك هم أذكياء لأن عندهم دولة عظمى وراءهم، ليسوا وحدهم.


سامي كليب: سهام رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد الحميد الإبراهيمي لم تقتصر على الضباط السابقين في الجيش الفرنسي فهو ينتقد بشدة في كتابه عنوان "في أصل الأزمة الجزائرية" ينتقد رؤساء حكومات سابقين ومنهم رضا مالك الذي قال إنه ينفذ أوامر فرنسا، وبالعيد عبد السلام الذي حمله مسؤولية الفساد، وسيد أحمد غوزالي الذي اتهمه بمحاولة بيع بئر نفطي بسعر بخس. وقد قيل الكثير عن سبب هذه الحملة التي يشنها الإبراهيمي فاتهموه تارة بالتعامل مع أميركا ومرة أخرى بالتقارب مع الإسلاميين، أما هو فلا يزال يتابع عبر التلفزة والصحف والإنترنت أخبار الجزائر ويواصل الهجوم لأسباب قد لا يعرفها إلا هو.

عبد الحميد الإبراهيمي:اليوم أقول لك وفقا للإحصاءات الرسمية للحكومة الجزائرية لسنة 2009 هناك 15 مليون من أصل 32 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر مقارنة مع المغرب التي هي أقل ثراء من الجزائر مع أن دخل الجزائر السنوي أكثر من ثمانين مليار دولار سنويا في حين أن المغرب دخله السنوي أقل من سبعة مليار دولار فقط يعني دخل الجزائر يقدر بعشرة أضعاف دخل المغرب من العملة الصعبة لكن عدد الفقراء في الجزائر ضعفا عددهم في المغرب..


سامي كليب: ما السبب؟

عبد الحميد الإبراهيمي: طبقا لإحصاءات البنك الدولي هناك ستة ملايين جزائري يعيشون تحت خط الفقر.


سامي كليب: ما السبب؟ الفساد؟

عبد الحميد الإبراهيمي: طبعا الفساد، كيف يكون هناك بلد ثري وشعبه فقير؟ هذا لا يُفهم، لو كانت الدولة فقيرة والشعب فقير فهذا مقبول أما الدولة ثرية والبلد غني وثري بموارده المالية وموارده البشرية والكوادر متوفرة، كوادرنا على قدر كبير من الكفاءة ومع ذلك يجلبون العمالة من الخارج وكوادر الجزائر في بطالة!


سامي كليب: تحدثت كثيرا عن الضباط، عن حزب فرنسا، عن بعض القيادات السياسية، هل الجبهة الإسلامية للإنقاذ أساءت للجزائر؟

عبد الحميد الإبراهيمي: لا أعتقد، إنهم أناس مخلصون وصادقون، كما قلت سابقا أغلب الظن أنهم تنقصهم التجربة السياسية، ليس عندهم تجربة ميدانية. الإنسان الذي يتمسك بالمبادئ الإسلامية وبربه وبالعبادة يستطيع التغلب على كل الصعوبات وأسأل الله أن يفرج عن الجميع إن شاء الله.