صورة عامة - زيارة خاصة - مريم إبراهيم نياس / إحدى رائدات تحفيظ القرآن الكريم - 24/10/2009
زيارة خاصة

مريم نياس.. نشر الإسلام وتعليم القرآن

تستضيف الحلقة الشيخة مريم إبراهيم نياس التي ورثت رسالة تعليم الأطفال واليتامى، وتيمنا بوالدها نذرت نفسها لنشر الإسلام وتعليم القرآن الكريم لأبناء أفريقيا مستندة إلى الطريقة الصوفية التيجانية.

– تأثير الوالد وحفظ القرآن وتعلم اللغة العربية
– تأسيس المدارس وتوجهاتها والمساعدات التي تتلقاها

– تطور المدارس وطموحات المشروع التعليمي

– الجانب السياسي وأدوار الوساطة

سامي كليب
سامي كليب
مريم إبراهيم نياس
مريم إبراهيم نياس

سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج زيارة خاصة تنقلنا هذه المرة إلى دكار، جئت إلى هنا إلى السنغال لألتقي بسيدة نذرت حياتها لنشر الإسلام وتنشئة هؤلاء الأطفال على الدين الحنيف ولكنها لعبت أيضا أدوارا سياسية حيث قامت بوساطة مثلا بين السنغال وإيران أو بين السنغال والسودان، يسعدني أن أستضيف في هذا البرنامج السيدة مريم إبراهيم نياس. تيمنا بمريم في القرآن الكريم سماها والدها مريم، وتيمنا بوالدها نذرت نفسها لنشر الإسلام وتعليم القرآن الكريم لأبناء أفريقيا مستندة إلى الطريقة الصوفية التيجانية. والدها هو العلامة الصوفي التيجاني إبراهيم نياس والذي صار له أتباع ومريدون في معظم دول أفريقيا وعدد من الدول العربية وصار ضريحه في السنغال مزارا للمؤمنين. بعد وفاة الشيخ إبراهيم نياس أكملت ابنته مريم طريقه بأفضل مما توقع وبدأنا لقاءنا بقصة هذا الوالد، هل يعرفه العرب فعلا؟

تأثير الوالد وحفظ القرآن وتعلم اللغة العربية


مريم إبراهيم نياس: {..الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ..}[الأعراف:43] والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[ص:39]. والدي شيخ الإسلام شيخ حاج إبراهيم معروف في العالم العربي كله لأنه كان أحد الأعضاء السبعة في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.


سامي كليب: هو واحد من السبعة.


مريم إبراهيم نياس: نعم واحد من السبعة الذين أسسوا رابطة العالم الإسلامي وقد كان نائب الرئيس.


سامي كليب: كان على علاقة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.


مريم إبراهيم نياس: نعم . وقد كان الأسود الوحيد الذي قام بصلاة الجمعة في الأزهر.


سامي كليب: الأسود الوحيد؟


مريم إبراهيم نياس: اللي قام بصلاة الجمعة في الأزهر ولا يوجد غيره حتى الآن.


سامي كليب: في جامع الأزهر نعم.


مريم إبراهيم نياس: الذي قام بصلاة الجمعة في الأزهر، في جامع الأزهر وإلى جانبه جمال عبد الناصر. وصوره عندي هنا.


سامي كليب: سنراها بعد قليل، حضرتك تعرفت على الرئيس عبد الناصر؟


مريم إبراهيم نياس: كنت أسافر مع الوالد ولكن عندما توفي عبد الناصر اصطحبني والدي معه إلى مصر، أتينا أنا والوالد للتعزية.


سامي كليب: من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مرورا بجامع الأزهر وصولا إلى الخليج كان لوالد الشيخة مريم نياس علاقة قوية بقادة العرب والمسلمين، وقد لا يوجد أفريقي واحد أو حتى مغاربي لم يسمع باسم إبراهيم نياس، وها هو أمير منطقة كانو النيجيرية يأتي زائرا لضريح أسياد التيجانية هنا تماما كما يأتي مريد موريتاني سنغالي يتعلم ثم يعلم عند الشيخة مريم.


مشارك: علي حق إن لبست أي تلبيس أشيخ تربية أم شيخ تدريس، فالشيخ إبراهيم هو مولود في طيب يصل مكان سقوط رأسه هناك من والده الحاج عبد الله ووالدته السيدة عائشة، تربى في بيت علم وشرف وكرم وجاه ووالده جاهد الاستعمار الفرنسي ونفوه إلى غامبيا ورجع بعد ذلك واشتغل بتدريس العلوم الشرعية والفقه والتصوف، هناك تربى الشيخ على يد والده ونهل من علومه ما لم ينهله أحد من تلامذته الذين كانوا يتواردون عليه من جميع أقطار البلاد فكان الشيخ منذ هو يافع بان فيه أنه رجل سيكون له مستقبل زاهر وذلك ما نشاهده اليوم من نشر الطريقة في جميع أنحاء العالم ونشر الإسلام فالآن يدخلون الناس أفواجا في دين الإسلام وفي الطريقة التيجانية بفضل هذا الرجل المجاهد العظيم الذي سخر نفسه وسخر ماله وطاقته ليجوب العالم كله، المولود في طيب يصل تحت شجرة، ذهب حتى بكين حتى الصين حتى بنغلادش حتى كل الأماكن، يقول كراشي بها خلفت أهل مودتي هم نصروا دين النبي فعالا قد اعتصموا بالحبل حبل محمد رجالا وأطفالا وكبارا.


سامي كليب: درجت الشيخة مريم إبراهيم نياس مذ كانت في مقتبل العمر على زيارة مكة المكرمة مع والدها الشيخ إبراهيم لأداء فريضة الحج وأخبرتني أن والدها كان صديقا للعائلة المالكة في السعودية وكان مستشارا لأبرز قادتها بمن فيهم الملوك، وبعد أن توفي والدها بقيت تذهب إلى مكة إما بدعوة من الحكومة أو من رابطة العالم الإسلامي، ولكن.


مريم إبراهيم نياس: كل سنة أسافر..


سامي كليب: كل سنة تذهبين إلى الحج؟


مريم إبراهيم نياس: كل سنة أحج ولكنني ما حججت منذ ثماني سنوات حتى الآن.


سامي كليب: ما السبب؟


مريم إبراهيم نياس: لا أعرف، كنت كل سنة أتلقى دعوة من الحكومة ولكن منذ ثماني سنوات ما جاءتني دعوة!


سامي كليب: لم تعد تأتي الدعوات..


مريم إبراهيم نياس: لا.


سامي كليب: سألت عن السبب؟


مريم إبراهيم نياس: هناك أمور لن أكشف عنها ولكن عرفت السبب.


سامي كليب: ما هو؟


مريم إبراهيم نياس: كان الرئيس عبده ضيوف يعاملني كأنني اخته، كل سنة يوفر لي كل شيء، جزاه الله عنا كل خير.


سامي كليب: حفظت الشيخة مريم القرآن الكريم وهي في سن الخامسة عشر، وإذا كان حفظ القرآن قد انتشر في أفريقيا على أيدي أهلها وإخوانها قبل عقود طويلة فإنها وخلافا للكثير من الأفارقة حفظت القرآن وفهمت مغازيه وتعمقت في علوم الإسلام، فهل كان صعبا عليها ذلك خصوصا أنها لم تنشأ في كنف اللغة العربية؟


مريم إبراهيم نياس: كان صعبا جدا في ذلك الوقت لعدم وجود الكهرباء وفيما بعد جاء كل شيء، لقد كان الأمر صعبا ولكن الحمد لله وفقني ربي في حفظ كتابه.


سامي كليب: وكم استغرق الوقت حتى حفظت القرآن الكريم؟


مريم إبراهيم نياس: استغرق سبع سنوات أو ثماني سنوات.


سامي كليب: ثماني سنوات.


مريم إبراهيم نياس: سبع سنوات، أنا الآن أحفظ الأولاد بسبع سنوات.


سامي كليب: سنمر بعد قليل على كيفية تحفيظ الأولاد ولكن من الذي علمك اللغة العربية؟ هل كان الوالد يتقن اللغة العربية؟


مريم إبراهيم نياس: نعم والدي هو الذي علمني، وهناك أستاذ اسمه أحمد تيام درست على يديه بعض الكتب مثل ابن عاشر ورسالة الأحضري، على يدي الأستاذ أحمد تيام درست عنده أنا وأخواتي.


سامي كليب: وماذا قرأت من الكتب العربية؟


مريم إبراهيم نياس: قرأت الكثير كما قلت لك، بدأت بالأخضري والأجرومية وابن عاشر والرسالة، الكتاب الأول قرأت نصفه، فقد قرأت كثيرا من الكتب العربية قبل أن أستقر في دكار ثم تزوجت وأتيت إلى هنا.


سامي كليب: جئت إلى دكار على ما أعتقد عام 1951؟


مريم إبراهيم نياس: نعم هو كذلك.


سامي كليب: أليس كذلك؟ وكانت نفس السنة التي أسست فيها مدرسة والزوج هو الذي أهداك البيت حتى تقيمي المدرسة.


مريم إبراهيم نياس: ساعدني، هذا صحيح. قبل ذلك كنت أقوم بالتدريس وكنت أنوب عن أستاذي في تعليم الأولاد أثناء غيابه وكذا في المدارس الفرنسية التي لا يدرس أستاذي طلابها ثم اعتدت أن أعلم البنات في بيت والدتي.

تأسيس المدارس وتوجهاتها والمساعدات التي تتلقاها


سامي كليب: طيب فيما بعد بدأت شيخة مريم نياس بتأسيس المدارس لتعليم القرآن الكريم وتعليم هؤلاء الأطفال الذين نشاهد الكثير منهم عندك أيضا الإسلام الصحيح الإسلام المعتدل والقرآن الكريم والدين الحنيف، يعني كيف جاءتك هذه الفكرة ولماذا توجهت هذا التوجه؟


مريم إبراهيم نياس: كما قلت لك منذ عام 1952 لأن والدي كان يرغب في أن أكون معلمة للقرآن وبدأت أحب القرآن من قلبي وبدأت في بيت والدتي أعلم القرآن، لما أتيت إلى زوجي يسر لي كل شيء وعلمت كثيرا من الأولاد الذي أصبحوا فيما بعد وزراء ولا أزال حتى الآن أعلم أولادهم وأحفادهم.


سامي كليب: وكان يأتي إليك الأولاد من دول أفريقية عديدة وليس فقط السنغال.


مريم إبراهيم نياس: يأتينا الكثير من غانا وهؤلاء الأولاد الذين رأيتهم جاء بعضهم من غانا ومن كل البلاد الأفريقية، والحمد لله.


سامي كليب: وفهمت أيضا أن الأولاد يعتبرونك والدتهم.


مريم إبراهيم نياس: صحيح فهم لا يعرفون إلا إياي ويعتبرونني والدتهم وكنت أسافر معهم سنويا ليسلموا على أهلهم ويرجعوا، والحمد لله.


سامي كليب: طيب كيف يعني الأمر؟ هم الأهل يأتون بهم إلى هنا ويتركونهم بعهدتك ولا يرون أهلهم يعني فيما بعد؟


مريم إبراهيم نياس: لا، كل من حفظ القرآن أسمح له بالذهاب إلى أهله وكنت أقول لهم إذا حفظتم أعمل لكم كذا وأذهب بكم إلى مكة وإلى أهلكم، وكانوا يحفظون بصورة سريعة فأنفذ لهم ما وعدتهم به.


سامي كليب: أسست الشيخة مريم مدارس عديدة في السنغال لنشر الإسلام وتعليم القرآن الكريم وحين كنت أجول في هذه المعاهد التربوية والدينية الرائدة في أفريقيا رغم تواضع الحال كنت أرى عيون فتيات وصبية بعمر الورود، واللافت أن بعض من جاء إلى هذه المدارس وهو في الرابعة من عمره عاد إليها معلما ومساعدا للشيخة مريم التي ربته وتواصل تربية غيره، هذا مثلا حال شاب جاء من غينيا فسمته الشيخة مريم سيبويه حارث.


سيبويه حارث/ معلم في مدرسة الشيخة مريم: المدرسة الأولى هي الأم هي أصبحت أمنا الحنونة وهي كل ما حصلنا عليه في العلم وفي كل شيء حتى هي زوجتنا في السنة الماضية لما سافرنا معها إلى نيجيريا وهي قالت لازم أن تذهب إلى والديك لكي تتزوج، مباشرة ذهبت هناك وما حصلت أي صعوبة من هناك لأجل دعواتها ولأجل إن شاء الله. إذاً ما دام الوقت كالسيف إن لم تقطعه يقطعك فمباشرة نقرأ لكم ما تيسر لنا في القرآن الكريم. اسمي سيبويه حارث تلميذ في معهد التحفيظ القرآني الكريم للشيخة مريم بنت شيخ الإسلام خادمة القرآن الكريم في دكار السنغال.


سامي كليب: للشيخة مريم إبراهيم نياس في السنغال طريقة خاصة بتعليم الأولاد القرآن الكريم فهي لا تكتفي بأن تلقنهم الآيات تلقينا سطحيا وإنما تجعلهم يفهمون تماما معانيها والمغازي.


مريم إبراهيم نياس: طريقتي تكون بأن أكتب لهم أولا "بسم الله الرحمن الرحيم"، ألف ، باء، تاء، ثاء، جيم، حاء حتى يعرفوا الحروف وأعلمهم الفتحة أولا ، "أ" فتحة، "باء" فتحة ثم الضمة والكسرة وهكذا حتى يعرفوا الحروف والحركات كلها، أبدأ لهم باسم الله الرحمن الرحيم وأكتب لهم محمد رسول الله، م، ح.. إلخ. حتى يعرفوا ثم أعلمهم سورة الفاتحة وسورة الناس وهكذا فكل من لديه القدرة على حفظ سورة نكتبها له ومن له القدرة على حفظ ثمن من كتاب الله نكتبه له.


سامي كليب: نعم، طيب المعروف أنه في الكثير من الدول الأفريقية، شيخة مريم، الكثير يجودون القرآن الكريم ويحفظون القرآن الكريم ولكن دون أن يفهموا مغزاه الحقيقي الروحي أو الفكري أو التربوي أو الإنساني أو الاجتماعي، هل هنا الأطفال عندك يفقهون ماذا تعني مثلا الآية أم فقط يحفظونها عن ظهر قلب؟


مريم إبراهيم نياس: الحمد لله الذي منّ علينا فوالدنا يفسر لنا القرآن سنويا من سورة البقرة إلى سورة الناس، كل سنة يفسر لنا القرآن كاملا ونحن فهمنا القرآن وفسرناه والحمد لله.


سامي كليب: وأيضا الوالد حسب ما حضرتك قلت في إحدى المقابلات الوالد علمك أيضا بعض أسرار القرآن، هل من أسرار كانت لديه وغير معروفة مثلا في الدول العربية، الدول الإسلامية بشكل عام؟ هل من خصوصية في تفسير القرآن الكريم عندكم هنا في العائلة وفي السنغال بشكل عام؟


مريم إبراهيم نياس: طبعا الخصوصية موجودة والحمد لله ولكنها أسرار لا يمكن..


سامي كليب: لا يمكن البوح بها.


مريم إبراهيم نياس: وأسرّوا..


سامي كليب: هل يمكن التلميح مثلا ماذا تعني؟


مريم إبراهيم نياس: هناك آيات يتعلمها الأولاد ليرددوها كل يوم قبل النوم وسوف نذهب إليهم الآن، وأعطانا الوالد آيات فيها أسرار لنقرأها كما أمرنا أن نختم القرآن كل جمعة وذلك بأن نقرأه يوميا خلال أيام الأسبوع بدءا بقراءة سورة البقرة يوم السبت وهكذا حتى نهاية الأسبوع وبذلك نكون قد ختمنا القرآن، هذا ما كنا نفعله يوميا بأمر من الوالد.


سامي كليب: سنذهب معك بعد قليل لنرى الأولاد كيف يتعلمون القرآن الكريم وكيف يجودون القرآن الكريم. ولكن وددت أن أسألك عن بعض الدول العربية التي تساعد، يعني بعض أمراء المملكة العربية السعودية ساعدوا، منهم الأمير سلطان والأمير نايف وأيضا حسبما قرأت الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد ساعدك، الشيخة فاطمة والشيخ زايد رحمه الله أيضا..


مريم إبراهيم نياس: وعدوا.


سامي كليب: وعدوا بالمساعدة ولكن لم يساعدوا؟


مريم إبراهيم نياس: قالوا لي اذهبي إلى دكار مباشرة لأن الشيخ زايد قال إنه سيرسل فسافرت إلى المملكة لما كنت في ضيافتهم فاتصلوا بي على رقم بيتي وسألوا أولادي عني فأخبروهم بأني لم أصل بعد وطلبوا رقم هاتفي في السعودية فاتصلوا بي وقالوا عليك الذهاب مباشرة إلى دكار لأن الشيخ زايد قال إنه سيرسل مستشاره إبراهيم..


سامي كليب: ممكن إبراهيم عابد ربما؟


مريم إبراهيم نياس: إبراهيم رياض هو الذي أتى إلى هنا وكتب أن الأولاد يقرؤون واتفقنا على جميع الأمور كما فعلتم وذهبنا إلى الأرض وسجل كل شيء، ولكن لما ذهب..


سامي كليب: لم تأت المساعدة.


مريم إبراهيم نياس: هناك أمور لا يُكشف عنها كما قلت لك سابقا.


سامي كليب: طيب على كل حال في هذه المقابلة إن شاء الله يعني سيشاهدك ربما بعض المسؤولين أيضا في الإمارات ويتذكرون هذه المساعدة التي لم تصل في السابق. السعودية تقريبا حوالى أربعمائة ألف دولار..


مريم إبراهيم نياس: لما أعطيت عبده ضيوف الرسالة أعطاني وقال هذه هي المساعدات التي وصلت.


سامي كليب: مائتا ألف دولار.


مريم إبراهيم نياس: ولكنني سأكلمه وهو أخي إن شاء الله، وأخذ الرسالة فقال كل هذا حتى الآن من جيبي، وسألني كم يبني هذا؟ فلم أرد أن أجيبه لأنني أستحي من الجواب.


سامي كليب: مائتا ألف دولار.


مريم إبراهيم نياس: نعم. أعطاني مائتي ألف دولار ثم بعد ذلك شرعت في تأسيس روضة حتى أتى الأمير نايف إلى هنا..


سامي كليب: الأمير نايف.


مريم إبراهيم نياس: الأمير نايف رأيناه فقلنا له إن الأمير سلطان تبرع بمائتي ألف دولار فقال وأنا سأساعدكم بمائتي ألف دولار، لقد أعطاني المبلغ نقدا في الحال.


سامي كليب: يعني الأمير سلطان دفع مائتي ألف دولار والأمير نايف مائتي ألف دولار. والرئيس الشاذلي؟


مريم إبراهيم نياس: الشاذلي هو الذي فعل كل شيء وهو الذي اشترى هذه الدار وكما قلت لك كان يرسل لي شهريا نفقة ذلك.


سامي كليب: نفقة الأولاد والتعليم.


مريم إبراهيم نياس: نعم كل شهر ولكن لما ذهب..


سامي كليب: الرئيس بوتفليقة يساعد الدار؟


مريم إبراهيم نياس: ما طلبنا منه مساعدة وما رأيناه.

[فاصل إعلاني]

تطور المدارس وطموحات المشروع التعليمي


سامي كليب: من يزور مدارس ومعاهد الشيخة مريم إبراهيم نياس يعرف أين تذهب هذه الأموال ولكن بعض الذين يريدون للإسلام في السنغال وأفريقيا حدودا ضيقة يقولون إن ثمة أموالا تهدر في غير مكانها، فماذا يقول ابن الشيخة مريم ردا على ذلك؟


الشيخ عمر/ ابن الشيخة مريم: كل شيء يرجع إلى تاريخه يعني لأن نحن عندنا من أجدادنا كانوا دعاة ومدرسي القرآن والعربية إذاً من جدها وجد جدها إذاً هذه مهنة يعني عائلية منذ أكثر من قرنين، لا يمكن أن نقول إننا دخلنا في هذه المهنة لكي نربح شيئا، ثم يعني أنت إذا تابعت تطور عمل الوالدة، هي كانت في بيتها امرأة يعني (كلمات أجنبية) يعني في بيتها مع زوجها ورأيت ما شاء الله كل ما أنجزت يعني لو لم يكن هناك إيمان..


سامي كليب: كانت ربة منزل.


الشيخ عمر: ربة منزل بس مع تحفيظ القرآن وهي كانت تؤمن بأن هناك رسالة لأن والدها كان يقول لها يقول في شعره يا أيها البنات زاحمن إلى نيل العلا، وإما بالإبلال.. لا بد أن تنافسوا الأولاد في نيل العلا يعني المقام في العلم والدرجة وفي التقوى في الولاية ليس فقط يعني التظاهر بالأمور الدنيوية.


سامي كليب: لدى الشيخة مريم إبراهيم نياس ما لدى عائلتها الصوفية التيجانية من أسرار العبادة لا يبوحون بها لأحد، وهم يكتفون بالقول إنهم ملتزمون بتعاليم القرآن الكريم وآياته، والمهم في الأمر أنها نجحت في تمكين أطفال بعمر السنوات السبع من حفظ القرآن وذهبت بهم إلى الخليج حيث التقت بالشيخة فاطمة أرملة الشيخ زايد وجالت بهم على مدارس الخليج فلاقوا استحسانا كبيرا. هكذا إذاً تكتب الشيخة مريم إبراهيم نياس الأحرف على لوح خشبي قديم على طريقة كتاتيب أجدادها وأجدادنا ثم تكتب بعض الدعاء على أيدي طلابها.


مريم إبراهيم نياس: سأقول لك سرا، أنت سألتني عن سر القرآن.


سامي كليب: لم تشأ أن تشرح ذلك أمام الجميع ولكنها شرحت لي لاحقا أن في الكتابة على اليد سر من أسرار الطريقة الصوفية التيجانية وأن بمثل هذه الأسرار يصبح تعليم القرآن الكريم لهؤلاء الأولاد أسهل لأنه أقرب إلى الروح والإيمان وليس فقط العقل، ومعاهدها التي جمعت التبرعات لها بعرق الجبين ومن خلال معارفها ومعارف أهلها العربية صارت كالبلسم لجروح الثقافة والتربية والدين في أفريقيا وفق ما يروي لنا ابنها الشيخ التيجاني عمر.


الشيخ عمر: يعني كما قلت لكم في البداية أظن البارحة وجدنا فرصة لزيارة المدرسة الأم هي البيت العائلي للوالدة التي عاشت فيه 35 سنة تمارس يعني مهنة تحفيظ القرآن إلى أن وفقها الله أن يعني وجدت مساعدة من الجزائر واشترت هذا البيت اللي هو البيت الثاني في عام 1989، ثم تطور الأمر إلى أن يعني اشترت بيتا ثالثا هو المركز الثاني اللي هو أيضا مركز لتحفيظ القرآن ولكن العمل يعني عرف قفزة نوعية في عام 1994 لما يعني تمكنت الوالدة من بناء أول وحدة في المركب التعليمي. سلطان بن عبد العزيز بمساعدة من سلطان وهنا أذكر أن الرئيس عبده ضيوف كان قد منح للشيخة من عام 1982 قطعة أرضية بمساحة 35 ألف متر مربع. الأستاذة خرجت المئات من حفظة القرآن يعني منذ أن بدأت ممارسة هذه المهنة 1952 إلى الآن يعني لأن عملية تحفيظ القرآن لم تتوقف أبدا، كما لاحظتم هناك ثلاثة مراكز لتحفيظ القرآن ولكن هذه تنوعت لأن الشيخة أنشأت مدرسة نموذجية حيث في ازدواج بين التعليم الرسمي والتربية الإسلامية وتعليم القرآن وهذا بدأت منذ 1994 وطبعا هذه المدرسة تعتمد على يعني البرامج الرسمية الموجودة في السنغال ولكن إضافة لهذا هناك تعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية، وعدد الطلبة الموجودين حاليا يعني يصل إلى 1500 هذا في المدرسة النظامية يعني معترف بها من طرف الحكومة من الروضة إلى آخر الثانوية، وهي لها مشروع حتى أن تبني جامعة ومشروع متكامل يعني هي صممته منذ عشرين سنة ولكن لم ينجز منه إلا البعض يعني كما قالت لكم إن الشيخ زايد كان وعد في عام 1987 بأن يتبنى المشروع، في ذلك الوقت تكاليف المشاريع كانت تقدر بأربعة ملايين دولار، مع الأسف يعني لم يتحقق شيء منه ولكن بدأنا ننجز طورا فطور، أيضا سلطان يعني ساعد في 1992 ومكننا من فتح أول روضة يعني في المدرسة ثم نايف بدأنا في الإعدادية والثانوية، هناك داخلية هناك يعني مركز للمحاضرات هناك مسجد هناك سكن للبنات وللأساتذة، مشروع متكامل سنريك إياه، ونتطلع إلى إنجازه يعني.


سامي كليب: المشروع الأول للشيخة مريم نياس قام بمساعدة من الرئيس السنغالي السابق عبده ضيوف الذي يبدو أنه أعجب بقدرتها الكبيرة على تحفيظ الأولاد القرآن الكريم، رأى طفلا كهذا الطفل الذي احتضنته الشيخة مريم وأسمته أحمد ياسين تيمنا بقائد ومؤسس حركة حماس الشيخ الراحل أحمد ياسين، وللإسلام علاقة هنا بحب آل نياس والشيخة مريم وأهلها لفلسطين.


الشيخ عمر: لأن نحن عندنا تضامن مع فلسطين منذ صغرنا، لأنه في عام أظن الستينات كانت هناك وفود من فلسطين تأتي يعني لاجئين وسكنون في بيتنا سنوات يعني في بيت الشيخة في بيت العائلة الأول وذهبوا كذلك في بيت الوالد، الجد هو الذي ربانا على محبة فلسطين وحارب من أجل فلسطين ومن أجل الإسلام ومن أجل العرب، حياته كلها كانت من أجل هذا، ونحن يعني أصبح شيء طبيعي يعني لنا. وأحمد ياسين بالمناسبة يعني هو ولد في اليوم الذي يعني اغتيل فيه أحمد ياسين، الشيخ أحمد ياسين بتاع حماس والشيخة قررت بأن تعطيه هذا الاسم.


سامي كليب: الطفل أحمد ياسين لا يعرف أهله ويعتقد كما يعتقد معظم من هم هنا في هذه المدارس القرآنية أنهم أبناء الشيخة مريم إبراهيم نياس التي تمضي نهارها بالإشراف عليهم وتعليمهم مبادئ القرآن الكريم وأسس العبادة، الشيخة مريم تعطف على الطفل أحمد ياسين وتربيه وتطعمه وتبقيه إلى جانبها حتى يصبح شابا قادرا على مواجهة الحياة. كنت أفكر بصبر هذه السيدة العظيمة المشارفة على الثمانين ولا تزال تحمل لوحها الخشبي محفوفة بإيمان كبير لحماية أيتامها وطلابها.


مريم إبراهيم نياس: يوميا نختم القرآن مع الأولاد.


سامي كليب: كل يوم؟


مريم إبراهيم نياس: كل يوم يأتوننا في الرابعة فنعطيهم درسا ثم يقرؤون ويحفظون درسهم ثم نبدأ بعد صلاة الصبح مباشرة بختم القرآن، نختم القر، ثم ندعو الله لنا وللأولاد وللسنغال وللعالم كله.


سامي كليب: كثيرون ممن ترعرعوا في كنف الشيخة مريم إبراهيم نياس في السنغال وكبروا في ربوعها غالبا ما يعودون إليها وبعضهم صار من كبار المسؤولين والوزراء، يعودون إليها ويتحملون جزءا من أعبائها، هذا شأن الشاب الأفريقي المدعو باسم محمد الثالث.


محمد الثالث/ معلم في مدرسة الشيخة مريم: تعلمت القرآن على يد الشيخة مريم منذ أن كان عندي أربع سنوات، وحفظته وتابعت دراستي في الخارج، الحمد لله الآن أنا موجود عندها وأخدمها وأساعدها في تربية الأولاد إخواني، الحمد لله، كثيرون يعني من أهل غانا كثيرون ونيجيريا ومن توغو ومن جميع البلدان الأفريقية موجودين هنا الحمد لله ونعيش على نفقتها ومساعدتها وتعاونها إن شاء الله الحمد لله نحمد الله ونشكره ونتمنى لها طول العمر وأن يحفظها الله وأن يكمل مشروعاتها جميعا ترى النور إن شاء الله بإذن الله تعالى.


الشيخ عمر: مدرسة الشيخة هي الوحيدة النموذجية التي يتلقى فيها الأولاد التربية الإسلامية وتعليم اللغة العربية إلى جانب تعليم الفرنسية، لأن هي نموذجية هناك طلب كبير للالتحاق بهذا المعهد ولكن إمكانياتنا المحدودة هي التي جعلتنا لا نتمكن من استقبال كل من يريدون، وأهل التنصيص سواء أهل الكنيسة أو العلمانيين، أعداء الإسلام يعني بمختلف ألوانهم كلهم يعني يتكاثرون لمحاربتنا ولعرقلتنا، وكما رأيت الشيخة هي لم تجر وراء الدنيا لأن كل ما وجدت من إمكانيات سخرتها للأولاد، إذا رأيت البيت ليس فيه ولدها أو ابنتها، كلهم موظفون ومعتمدون على أنفسهم، هي تأخذ أبناء الناس فقط.

الجانب السياسي وأدوار الوساطة


سامي كليب: وبفضل هذا التاريخ الدعوي الطويل لها ولعائلتها فقد قامت بأدوار وساطة سياسية بين السنغال وعدد من الدول وبينها إيران، حصل ذلك حين كان الرئيس السنغالي السابق عبده ضيوف حملها رسائل إلى مسؤولي دول عربية وأفريقية فاستدعاها السفير الإيراني في الجزائر أثناء التوتر الكبير بين السنغال وإيران.


مريم إبراهيم نياس: أرسلوا في طلبي وقالوا لي ألم يعطك عبده ضيوف رسالة لنا؟ فقلت لا ما أعطاني رسالة، فقالوا لماذا؟ قلت لا أدري لم يعطني أي رسالة، قالوا إذا وجهنا لك دعوة فهل تلبين دعوتنا؟ قلت نعم لأن الله تعالى يقول {..اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم..}[الأنفال:24]،  وقال {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ..}[الأحقاف:31] وقال {..أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ..}[البقرة:186]، ولكنه ما أعطاني رسالة. ولما ذهبت إلى السعودية وسمعوا أني هناك جاءني السفير الإيراني وأنا في ضيافة المملكة، سفير السنغال اتصل بي وقال لقد جاءنا سفير إيران يسأل عن عنوانك فما أعطيناه إياه، لا تستقبليه لأنهم لا يوافقون مع المملكة الآن ولا مع السنغال، قلت أنا أستقبلهم، إذا أتوا لله فأنا أستقبلهم لأن الله يقول {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ..}، إذا جاؤوني لا أطردهم أنا سأستقبلهم إن شاء الله، وقبل أن أكمل كلامي.. وقالوا لي نسألك باسم الله هل أعطاك عبده ضيوف الرسائل كلها؟ قلت لا، قالوا إذا دعوناكم فهل تلبون؟ قلت نعم إن شاء الله ولكنني سأسأل الرئيس أولا بعد عودتي إلى السنغال. جاؤوني في مكة وقالوا نود أن نوجه لك دعوة فقلت حتى أرجع إلى السنغال، فرجعت واتصلت بعبده ضيوف وقلت له سألتني إيران هل أعطاك ضيوف رسالة؟ فقلت لا وطلبوا مني أن أزورهم، أنا لا أعمل شيئا إلا بإذنك وموافقتك فما رأيك؟ قال انتظريني حتى يوم غد وسأعطيك الجواب، في اليوم التالي اتصل بي وقال سأذهب إلى المؤتمر الإسلامي في دبي -أعتقد أن المؤتمر كان في ذلك الوقت- سأذهب إلى المؤتمر الإسلامي دعيني حتى أرجع دكار ثم اذهبي..


سامي كليب: يعني يذهب إلى المؤتمر يحضر المؤتمر يعود إلى دكار وبعدها حضرتك تذهبين إلى..


مريم إبراهيم نياس: أذهب..


سامي كليب: لكي لا يحرج في المؤتمر ويقول إنك ذهبت إلى إيران. وبعدها ذهبت إلى إيران؟


مريم إبراهيم نياس: لكنه قال لي هكذا قال دعيني حتى أرجع، قلت لا بأس.


سامي كليب: وبعدها ذهبت إلى إيران؟


مريم إبراهيم نياس: بعد يوم من انتهاء المؤتمر مباشرة أحضروا لي التذاكر وكل شيء.


سامي كليب: وذهبت؟


مريم إبراهيم نياس: قال لي هل نذهب؟ قلت بسم الله إذا عزمت فتوكل على الله، وذهبنا وهناك رأيت كل الناس ووزارة الخارجية قد اجتمعوا إلى مائدة كبيرة ولم يذهبوا إلى الفندق ثم جاؤوني بجرائد وصحفيين وراح بعضهم يقول لي عندي سؤال فقلت اسأل فقال لماذا طرد عبده ضيوف سفير إيران؟ قلت لا أدري، فقال لأنه يمثل دولة إسلامية؟ فقلت له لو كان الأمر كذلك لطرد عبده ضيوف سفير المغرب وسفير السعودية، كل الدول الإسلامية، فقال لماذا أنا؟ قلت لا أدري ولكنني أظن أن سفارتكم كانت تتدخل في الأمور الداخلية للسنغال ولذا طرد عبده ضيوف سفيركم، قال لي نعم أنتم دولة فقيرة نحن نقدر على أن نساعدكم، قلت نحن دولة فقيرة ولكن منذ أن طردناكم عبده ضيوف نسي أنه توجد دولة اسمها إيران، منذ ذلك الوقت طردكم والله لقد نسي أن هناك دولة اسمها إيران في العالم.


سامي كليب: زيارة الشيخة مريم إبراهيم نياس إلى إيران جاءت في أوج الحرب الإيرانية العراقية وكانت إيران تسعى آنذاك لاستعادة تأييد دول عربية وإسلامية وقد نقلت الرسالة فعلا إلى الرئيس عبده ضيوف ونجحت في إقناعه بإعادة العلاقات بين البلدين. وابنها كان قد عاش في العراق فترة طويلة قبيل الحرب عليه ذلك أنه كان موظفا في برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء والدواء، وقيل إن بعض المسؤولين العراقيين طلبوا منه ومن أهله التيجانيين أن يدعوا لهم بالنجاة والنصر، وقد قصف الفندق الذي كان يسكن فيه في بغداد.


الشيخ عمر: يعني بعد سنوات تبين أنه كان قذف يعني الأطباق الموجودة فوق الثلاثة كلها دمرت والعجب هو أن الأمتعة التي تركتها كانت بقيت كما هي والكتب وكل هذه الأشياء يعني لأن الجماعة بعد كنت في اتصال معهم بالتلفون دائما، وحتى الآن يعني أنا أحيي عن طريق الجزيرة الإخوة شريف طارق وأحيي عدي وأبي وقاص وأحيي رياض كلهم حسن إخوان تيجانيين ما زالوا في العراق والحمد لله أنني بفضل الله تعالى والأسرار أسرار الطريقة التي زودتهم بها قالوا بأنهم استفادوا كثيرا وسلموا من كل الأشرار يعني التي كانت محيطة بهم وحتى الآن الحمد لله نحن في اتصال يعني وندعو الله يعني لم يكن لنا سلاح غير الدعاء وزودناهم بالأدعية والحمد لله هم ممتنون واليوم نشكر الله على أن الهدوء بعد يعود إلى العراق والسلم ونطلب من الله أن يستمر ذلك الأمر حتى يكون السلام التام يعني والعافية والفرج.


سامي كليب: لقادة الطريقة الصوفية التيجانية في السنغال وبينهم ضيفتنا وأهلها من آل نياس تأثير كبير على السياسية والسياسيين هنا ويقال إنه لم يبق رئيس في السلطة إلا إذا كان على علاقة حسنة مع التيجانيين. ولهذه الطريقة تأثير مباشر أيضا على السياسة في موريتانيا، وحين كنت أزور الشيخة مريم إبراهيم نياس كانت موريتانيا تعيش معركة انتخاباتها وأسرت لي أن بعض المرشحين جاؤوها طالبين مساعدتها وفهمت أن الرئيس الموريتاني المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله ينتمي إلى الطريقة التيجانية.


مريم إبراهيم نياس: نعم كان أبوه مقدما كبيرا للشيخ الراشدي.


سامي كليب: وحاليا في انتخابات في موريتانيا، هل يلجؤون إليك لدعم مرشح ضد آخر مثلا؟


مريم إبراهيم نياس: طبعا، طبعا اتصلوا بي جميعا ولكن أنا قلت لهم لست سياسية، بل سياستي القرآن فقط.


سامي كليب: ولا تدعمين أي مرشح؟


مريم إبراهيم نياس: هناك واحد يهتم بي جدا وأنا أهتم به، ولكن.


سامي كليب: لن تذكري اسمه.


مريم إبراهيم نياس: لا.


سامي كليب: مش هو الرئيس علي ولد فال؟


مريم إبراهيم نياس: من قال لك؟


سامي كليب: ربما أعتقد. لا؟


مريم إبراهيم نياس: هو وابنه.


سامي كليب: لم يحالف الحظ علي ولد فال في الوصول إلى الرئاسة في موريتانيا، ربما لم تفلح دعوات الشيخة مريم إبراهيم نياس له أو أنها فعلا لا تتدخل في السياسة. ولكنها لعبت أيضا دور الوساطة في السودان لإعادة العلاقات بين دكار والخرطوم وعندها صور من لقائها مع الرئيس عمر حسن البشير.


مريم إبراهيم نياس: أنا التي فتحت لهم سفارتهم هنا.


سامي كليب: هنا في دكار؟


مريم إبراهيم نياس: نعم عن طريق عطاء منان الذي هو في منظمة المؤتمر الإسلامي في السعودية..


سامي كليب: نعم عطاء المنان، نعم أعرفه أنا كان مستشارا سابقا في السفارة في باريس قبل أن يأتي إلى منظمة المؤتمر الإسلامي.


مريم إبراهيم نياس: نعم هو، وعن طريق هذا الرجل ساعدتهم.


سامي كليب: وعلام استندت هذه الوساطة يعني كيف أقنعت الطرفين بضرورة إعادة العلاقات؟


مريم إبراهيم نياس: عبده ضيوف فقط، فكل ما أطلبه منه يفعله والله، الحمد لله.


سامي كليب: ما السبب في ذلك؟


مريم إبراهيم نياس: ربنا فقط هو الذي يعرف.


سامي كليب: لأنك صادقة.


مريم إبراهيم نياس: أنا صادقة ولا أكذب أبدا إن شاء الله.


سامي كليب: دخلت الشيخة مريم إبراهيم نياس السياسة من بوابة الدين ولكنها تعتبرها عرضية فالأهم بالنسبة لها هو أن تكمل رسالة والدها وأجدادها من آل نياس وتكمل رسالة الطريقة الصوفية التيجانية في نشر الإسلام وتعليم القرآن الكريم في أفريقيا ولعلها في ذلك حققت فعلا نجاحا كبيرا، ولعل هذه الأصوات الفتية الصادحة باسم الله خير تعبير على تاريخها وإنجازاتها. حين ودعت الشيخة مريم إبراهيم نياس فوجئت بأن الناس في الحي الذي تعلم فيه يشاركون أطفالها حبها وينشدون لها كأحد أهم رموز بلدهم وتاريخهم وثقافتهم ودينهم في السنغال.