نقطة عمياء

فلسطين معراج أمة

ﺃﺧﺬﺕ ﻃﺎﻗﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﺘﻀﺎﺀﻝ بعد الخلافة الراشدة، فازداد الانحراف السياسي إلى أن أتت لحظة وجد المسلمون فيها أنفسهم في مواجهة فوهات مدافع المحتل. فانقسموا فئات، منها متذبذبة لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء.

على مرمى حجر وفي مأمن كاذب من دبابات الميركافا، ترد عواصم عربية مجاورة بمدافع الإفطار، لسان حالهم يقول لإخوانهم اذهبوا أنتم فقاتلوا إنا ها هنا مفطرون، منا دعاء ومنكم دماء، منا نداء ومنكم بكاء.

بات المسلمون الناطقون بالعربية اليوم بتعدادهم الذي يقترب من 400 مليون نسمة، أقلية صغيرة لا تجاوز 20% من الأمة الإسلامية التي تبلغ ملياري مسلم. ومن صدق إيمانهم بأخوة العقيدة، ارتضى العرب في محطات طويلة من تاريخهم أن ينتقل زمام قيادتهم لإخوانهم المسلمين من العجم، فكان في يد الزنكيين والمماليك والسلاجقة والعثمانيين، وقبلهم الأيوبيين بقيادة صلاح الدين الكردي، والذين أعادوا الأقصى من بين أنياب الصليبيين إلى أمته.

ومع ما يحمله الإنسان من بذور الشهوات والخلود إلى الأرض، ورغم التحذيرات، بعضها من الوحي في نصه المحفوظ، ﺃﺧﺬﺕ ﻃﺎﻗﺔ ﺩﻓﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺗﺘﻀﺎﺀﻝ بعد الخلافة الراشدة، فازداد الانحراف السياسي إلى أن أتت لحظة وجد المسلمون فيها أنفسهم في مواجهة فوهات مدافع المحتل.

فانقسم المسلمون إلى ثلاث فئات: فئة تنادي بالعودة إلى الوحي وجذوره، وأخرى صدمتها الهزيمة العسكرية وتركت فيها مركبات نقص نفسية أدت إلى هزيمة أيديولوجية، فأصبحت تنادي بتقليد المحتل المتغلب ونسخ أفكاره بحلوها ومرها، وثالثة متذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء تخلط بين المتناقضات.

فلما انسحبت قوات المحتل من العالم الإسلامي، بعد تضحيات كبيرة بذلتها حركات التحرر الوطني، وجهت رأس حربتها إسرائيل إلى خاصرة الأمة في فلسطين، التي لا يذكر لنا التاريخ عنها إلا مروجها الحالمة وقراها الوديعة وفلاحيها البسطاء، وكأنها في خلوة اعتكاف نورانية تسمو على طينة هذه الأرض التي على ثراها مشت أطهر نساء العالمين وابنها المسيح (عليهما الصلاة والسلام)، وليعرج منها كمحطة سماوية لا مثيل لها بين الأجرام سيد ولد آدم (محمد صلى الله عليه وسلم) إلى السموات السبع، فاستحق أقصاها تشريفا ربانيا بأن أُنزلت حوله البركة، فكيف به، وهو مركزها الذي لم يهجر، مستباح لكل شيطان؟ ففي أكنافه طائفة لا تلين، لا يضرها من خذلها إلى يوم الدين.