البتراء

epa00898558 Tombs in the ancient town of Petra, some 260km from Amman, Jordan on Monday, 08 January 2007. The city is the legacy of the Nabataeans, industrious Arab people who settled in southern Jordan more than 2000 years ago. EPA
يعتقد علماء الآثار أن البتراء كانت مأهولة في عصور ما قبل التاريخ (الأوروبية)

عاصمة العرب الأنباط، وأشهر المدن التاريخية في الأردن، وواحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة، محفورة في الصخر في منعة بين الجبال، تأخر اكتشافها حتى القرن الـ19 رغم أهميتها التاريخية وتحولها إلى واحد من أهم المواقع لأثرية في العالم.

الموقع
تقع البتراء في قلب الصحراء الجنوبية للأردن على بعد 262 كيلومترا جنوب العاصمة عمان، تتبع إداريا للواء وادي موسى بمحافظة معان، وهي مدينة منحوتة بكاملها من الصخر الوردي، وتضم مواقع تاريخية عديدة.

وهي محصنة طبيعيا ولا يمكن دخولها إلا عبر طريق "السيق" وهو طريق ضيق، تتسلل أشعة  الشمس من بين حافتيه الشاهقتين، ويسلكه السائحون والمتجهون إلى البتراء سيرا على الأقدام، أو على ظهور الدواب أو العربات المجرورة بواسطتها.

وقد ظل طريق السيق جزءا من أسرار المدينة الوردية، لتعرجه وجمال الصخور الشاخصة على جانبيه، ويتجلى ذاك الجمال في ظهور "الخزنة" أبرز وأجمل معالم البتراء في نهاية "السيق".

الجو في البتراء صحراوي، يكون حارا في الصيف وباردا في الشتاء، وتشهد المدينة أمطارا غزيرة في فصل الشتاء، تتسبب فيضانات في بعض الأحيان.

السكان
لا يوجد في البتراء أي سكان، فهي مدينة أثرية سياحية، يسكن الناس حولها في مدينة وادي موسى والقرى المحيطة بها.

التاريخ
يعتقد علماء الآثار أن  البتراء كانت مأهولة في عصور ما قبل التاريخ، وقد كانت في القرن السادس قبل الميلاد موطنا  للآدوميين الذين برعوا في صناعة الفخاريات ولم يكن اهتمامهم بالنحت كاهتمام الأنباط الذين أبدعوا نحت البتراء.

ويجمع المؤرخون على أن الأنباط قاموا بنحت البتراء من الصخر بطريقة مبدعة قبل أكثر من ألفي عام، وهي تعطي مثالا على الحضارة العريقة لمملكة العرب الأنباط، التي يصفها المؤرخون بأعرق الحضارات العربية القديمة.

واللافت أن موقع البتراء ظل مجهولا للغرب طيلة الفترة العثمانية، حتى أعاد اكتشافه المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهارت عام 1812 من خلال رحلة استكشافية في كل من بلاد الشام ومصر والجزيرة العربية لحساب الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية، لذلك يطلق  العديد من العلماء والمستشرقين على البتراء "المدينة الضائعة".

ازدهرت مملكة الأنباط وامتدت حدودها جنوبا لتصل إلى شمال غرب الجزيرة العربية حيث توجد مدينة مدائن صالح، وقد مد الأنباط نفوذهم حتى وصل إلى شواطئ البحر الأحمر وشرق شبه جزيرة سيناء ومنطقة سهل حوران في سوريا حتى مدينة دمشق.

وكان يحيط بمملكة الأنباط وعاصمتها البتراء العديد من الممالك والحضارات، منها الحضارة الفرعونية غربا، وحضارة تدمر شمالا، وحضارة بلاد ما بين النهرين شرقا، وبذلك كانت تتوسط حضارات العالم القديم، وتشكل نقطة التقاء وتواصل بين مختلف حضارات العالم.

اشتهر الأنباط بتقنيات هندسة المياه وحصرها، فقد طوروا أنظمة الري وجمع مياه الأمطار والينابيع وتفننوا في بناء السدود والخزانات التي حفروها في الصخر، كما شقوا القنوات لمسافات طويلة، علاوة على بنائهم المصاطب الزراعية في المنحدرات لاستغلال الأراضي للزراعة.

وفي العصر الحديث، أصبحت البتراء أبرز معالم الأردن السياحية والأثرية، وأدرجتها اليونيسكو على لائحة التراث العالمي عام 1985، لتنطلق نحو العالمية وتتوج عام 2007 واحدة من عجائب الدنيا السبع الجديدة.

المعالم
تزخر البتراء بالمعالم الأثرية المنحوتة التي تأسر زائرها بجمالها ودقة نحتها في الجبال، ومن أبرز هذه المعالم "الخزنة" التي سميت بهذا الاسم لاعتقاد البدو المحليين بأن الجرة التي تعلو واجهتها تحتوي على كنز.

ويشكل الطريق المعروف بــ"السيق" معلما بارزا في البتراء، وهو الطريق الرئيس المؤدي إليها، ويبدأ عند السد وينتهي في الجهة المقابلة للخزنة، وهو طريق ملتو بين الجبال الشاهقة، يبلغ طوله حوالي 1200 متر ويتراوح عرضه بين 3 أمتار و12 مترا، ويصل ارتفاعه نحو 80 مترا.

وهناك معلم آخر هو السد الذي بني مكان السد القديم الذي أقامه الأنباط لحماية مدينتهم من الفيضانات خلال موسم الشتاء، وقد أعادت الحكومة الأردنية بناءه عام 1964 بنفس الطريقة النبطية.

 ويوجد "قبر المسلات" وهو أحد مباني البتراء الفريدة وهو مكون من طابقين، يؤرخ العلوي منهما للقرن الأول قبل الميلاد ويتكون من حجرة الدفن وفيها خمسة قبور.

وإلى جانب قبر المسلات هناك مدفن الحرير الواقع إلى الشمال من ضريح الجرة ويعود تاريخ بنائه إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي، ويبلغ عرض واجهته 11 مترا تقريبا وارتفاعه 19 مترا، وتحتوي واجهته أربعة أعمدة ملتصقة بالجدار.

كما يوجد بالبتراء مسرح يقع في قلب المدينة الوردية تقريبا، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الأول للميلاد، وهو مبني على شكل دائري بقطر 95 مترا، وارتفاع 23 مترا، وهو منحوت في الصخر باستثناء الجزء الأمامي منه.

وهناك معالم أخرى مثل شارع الواجهات، والشارع المعمد، ومدفن سكستوسفلورنتينوس وقبر القيصر والقبر الكورنثي والكنائس ومعبد الأسود المجنحة والمعبد الكبير ومجمع أبنية البركة والحدائق وغيرها من المعالم الكثيرة.

المصدر : الجزيرة