دراسة علمية: الميكروبات اللزجة تحافظ على صحة الشعاب المرجانية

الميكروبات التي تعيش داخل الأغشية الحيوية اللزجة لبعض الأنواع المرجانية يمكن أن تساعد على حمايتها من الاحتباس الحراري (غيتي)

تمكّن باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ومعهد وودز هول لعلوم المحيطات (WHOI)، بالتعاون مع علماء المحيطات وعلماء الأحياء البحرية في كوبا، من دراسة الميكروبات التي تعيش داخل الأغشية الحيوية اللزجة لبعض الأنواع المرجانية.

ووجدوا أنها يمكن أن تساعد على حماية الشعاب المرجانية من بعض الاختلالات الغذائية. وقد نشرت ورقتهم البحثية في دورية "آي إس إم إي" (ISME) المتخصصة بأبحاث البيئات الميكروبية.

آكلات النيتروجين

ووفقا للبيان الصحفي الصادر عن معهد ماساتشوستس بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني الجاري، وجد الفريق أن هذه الميكروبات يمكن أن تمتص النيتروجين و"تزيله" من محيط الشعاب المرجانية، وفي الأوساط التي ينخفض فيها تركيز الأكسجين يمكن أن يكون النيتروجين عنصرا غذائيا أساسيا للشعاب المرجانية، مما يوفر الطاقة اللازمة لنموها.

إلا أن زيادة نسبة النيتروجين عن الحد المسموح -نتيجة تلوث المحيطات- يمكن أن تؤدي إلى ازدهار حصائر الطحالب. وهنا يمكن للطحالب أن تتفوق على المرجان وتسيطر على الموارد الغذائية في المنطقة، مما يجعل الشعاب المرجانية في حالة إجهاد دائم ينتهي بظاهرة التبييض.

وهكذا يمكن لهذه الميكروبات أن تتغذى على النيتروجين وتزيله لتمنع بذلك ازدهار الطحالب ومن ثم تحمي الشعاب المرجانية هناك. ويرى الباحثون أن هذه الميكروبات يمكن أن تكون السلاح الطبيعي الذي تستخدمه الشعاب المرجانية لحماية نفسها من آثار الاحتباس الحراري.

الشعاب المرجانية يمكن أن تشكل بيئات منخفضة الأكسجين ومن ثمّ بيئة خصبة لتكاثر الميكروبات آكلة النيتروجين (غيتي)

الأغشية الحيوية اللزجة

في الأماكن التي ينخفض فيها الأكسجين تتغذى الميكروبات على النترات إذ يتخذ النيتروجين أشكالا مختلفة في المحيط مثل الأمونيا والنتريت والنترات.

ويرى الباحثون أنه على الرغم من قرب الشعاب المرجانية من السطح فإن الأماكن داخل الأغشية الحيوية، والوحل الغني بالميكروبات الذي يغطي الأسطح البحرية كالشعاب المرجانية يمكن أن تشكل بيئات منخفضة الأكسجين ومن ثمّ بيئة خصبة لتكاثر الميكروبات آكلة النيتروجين.

وكان الباحثون قد انطلقوا عام 2017 في رحلة بحرية إلى كوبا، لدراسة الشعاب المرجانية في الحديقة الوطنية المحمية "جاردين دي لا رينا" (Jardines de la Reina)، وتعد هذه المنطقة المحمية واحدة من الملاجئ الأخيرة للشعاب المرجانية الكاريبية الصحية.

وسعى الباحثون هناك إلى فهم ماهية آليات حركة دورة النيتروجين المرتبطة بالشعاب المرجانية نفسها، بما يعزز فهم تأثير الاحتباس الحراري في هذا النظام، ثم جمع الباحثون عينات صغيرة من الأنواع المرجانية التي كانت وفيرة في المنطقة.

وقاموا باحتضان كل عينة ضمن مياه البحر الخاصة بها على ظهر السفينة جنبا إلى جنب مع كاشف نظير النيتروجين، وهو نسخة أثقل قليلا من الجزيئات الموجودة بشكل طبيعي في مياه البحر. وأعاد الباحثون العينات إلى كامبردج حيث حللوها باستخدام مطياف الكتلة لقياس كيفية تغير توازن جزيئات النيتروجين مع مرور الوقت.

محمية "جاردين دي لا رينا" تعد واحدة من الملاجئ الأخيرة للشعاب المرجانية الكاريبية الصحية (غيتي)

وهناك عمد الباحثون إلى مسح سطح المرجان في العينات المدروسة فزرعوا المادة اللزجة وفحصوها بحثا عن نوع معين من البكتيريا التي تعرف بقدرتها على استقلاب النيتروجين. ووجدوا أن معدلات نزع النيتروجين كانت أعلى من معظم العمليات الحيوية الأخرى، وبذلك اكتشفوا وجود أنواع عدة من البكتيريا التي تتغذى على النيتروجين وأنها عاشت بالفعل في معظم عينات المرجان.

لكنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ميكروبات تنقية النيتروجين تسهم مباشرة في صحة المرجان. ولهذا يعتزم الباحثون استكشاف أجزاء أخرى من المحيط كالمحيط الهادي الاستوائي، لمعرفة ما إذا كانت الميكروبات المماثلة موجودة على الشعاب المرجانية الأخرى هناك.

المصدر : الصحافة الأميركية