سيناريوهات

سيناريوهات أزمة سدّ النهضة.. اتفاق ملزم أم قصف مدمر؟

قال الباحث في المركز العربي بواشنطن خليل العناني إن هناك مماطلة إثيوبية في المفاوضات المستمرة منذ 9 أعوام بشأن سد النهضة، كما أن أديس أبابا ترفض أي اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد.

وأوضح العناني -في حديث لحلقة (2020/10/29) من برنامج "سيناريوهات"- أن هناك إجراءات إثيوبية تؤكد الشكوك حول نواياها فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق ملزم، مذكرا ببدء ملء خزان السد في يوليو/تموز دون إخبار دولتي المصب رغم استمرار المفاوضات معهما، معتبرا ذلك نوعا من الخداع لمصر والسودان.

وبعد نحو شهرين من التوقف والجمود، استؤنفت المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 4 أيام فقط من تصريحات مثيرة ومفاجئة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حذّر فيها من أن الأزمة قد تنتهي بتحرك عسكري مصري يؤدي إلى تفجير السد.

وجاءت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الأطراف الثلاثة المعنية بالأزمة، بعد جولات عديدة من المفاوضات التي تعثرت على مدى السنوات الماضية، وسط اتهامات متبادلة بالتعنت بين القاهرة وأديس أبابا.

من جانبه، قال وزير الري السوداني السابق وخبير السدود عثمان التوم إن الخرطوم بدأت التحرك مجددا بسبب عدم نجاح الجولات السابقة من التفاوض، مشيرا إلى أن مسودة الاتفاق التي أعدها خبراء تابعون للاتحاد الأفريقي بعد اجتماعاتهم لأكثر من شهر كانت متوازنة جدا، وقد تمنت الخرطوم أن يعطى دور أكبر لهذه المسودة، وهو ما لم يحدث.

وأضاف التوم أن ينبغي التنسيق بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن احتمال حدوث جفاف في السنوات المقبلة، معتبرا أن وجود سد النهضة أفضل إذا حدث هذا الجفاف.

وقد عززت المطالب المصرية السودانية بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم، دراسة حديثة حذرت من مخاطر غياب التنسيق بين الأطراف، وآثار ذلك على تدفق المياه إلى دولتي المصب، مصر والسودان.

وأشارت الدراسة -التي نُشرت قبل أسبوعين وشارك فيها خبراء من 5 جامعات بريطانية وأميركية- إلى أن حدوث جفاف في حوض النيل أمر وارد في حال عدم التوصل إلى اتفاق لإدارة الطوارئ بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وهنا أكد الباحث خليل العناني أن هناك تقاربا كبيرا بين مصر والسودان فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي، رغم وجود بعض الاختلافات في المصالح، معتبرا أن هذا سيؤثر سلبا على الموقف الإثيوبي.

وأوضح أن هذه الاختلافات بين مصر والسودان تتمثل في حاجة السودان للسد من أجل تنظيم تدفق المياه، والحصول من إثيوبيا على جزء من الكهرباء المولّدة من السد.

تصريحات ترامب والحل الأفريقي

وقبل أيام، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن مصر قد تلجأ إلى قصف سد النهضة إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع إثيوبيا.

وقد كان لتصريحات ترامب وقع الصدمة في إثيوبيا التي اعتبرتها تحريضا على الحرب.

وقال عضو فريق التفاوض الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة يلما سيليشي إنه ما من سبب يدعو للحرب، مؤكدا أن المراقبين يعلمون جيدا رغبة إثيوبيا في التوصل لاتفاق بشأن ملء خزان السد.

وأضاف أن الدول الثلاث تحتاج إلى حل من خلال دعم الاتحاد الأفريقي والمراقبين، مشيرا إلى أن الاتحادين الأوروبي والأفريقي والبنك الدولي يحثون إثيوبيا على ملء السد وتشغيله لتعزيز التنمية في دولة المنبع.

وأكد سيليشي أن عملية تشغيل سد النهضة مرتبطة بالمحاصصة المائية بين الدول الثلاث، مشددا على ضرورة أن تتقاسم هذه الدول المياه، لا أن تكون حصريا لمصر والسودان فقط، على حد قوله.

من جهته، أكد السفير الأميركي السابق لدى إثيوبيا ديفيد شين أن الولايات المتحدة قامت بوقف مساعدات بمليارات الدولارات عن إثيوبيا إلى أن يتغير موقف أديس أبابا من مسألة السد، إضافة إلى تصريحات ترامب حول لجوء مصر إلى قصف سد النهضة.

وأضاف شين أن الولايات المتحدة حاولت التوسط أكثر من مرة في ملف سد النهضة، لكنها فشلت، معتبرا أن الدور الأكبر يقع على الاتحاد الأفريقي.

لكن العناني اعتبر أن توقيع مصر على اتفاق المبادئ المتعلق بسد النهضة عام 2015 كان خطأ سياسيا كبيرا، لأن هذا الاتفاق حرم مصر من حقوقها التاريخية في مياه النيل الموجودة ضمن اتفاقيات أعوام 1902 و1929 و1959، كما أنه نسف أي مرجعية قانونية يمكن الرجوع إليها عند الخلاف، وهو الخطأ الأكبر الذي تدفع مصر ثمنه الآن، على حد قوله.