نهايات غامضة

بعد 50 سنة.. "نهايات غامضة" يحصل على ملف التحقيق باغتيال بلقاسم ويكشف تفاصيل سرية عن الجريمة

صبيحة 20 أكتوبر/تشرين الأول 1970 في فرانكفورت بألمانيا، وُجد السياسي الجزائري كريم بلقاسم في أحد الفنادق وقد فارق الحياة.

وقد تمكن فريق برنامج "نهايات غامضة" من التوصل إلى وثائق سرية يتم الكشف عنها لأول مرة، خاصة ملف التحقيق الألماني الذي تهرّبت السلطات الألمانية من إظهاره، وثبت فيه أن بلقاسم انتقل مع اثنين من رفقائه بالقطار المتوجه من دوسلدورف إلى فرانكفورت يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1970.

وكشف الملف أن الوفاة تمت بعد عملية تخدير مسبقة، كما أنه تم التعتيم إعلاميا على وفاته في الجزائر.

وورد في التقرير أيضا برقية سرية تحيل إلى التوجيه الألماني بضرورة التعامل بسرية مع هذه المعلومات، وحجبها عن الإعلام لأسباب سياسة.

وجاء في ملف التحقيق أن 3 أشخاص لحقوا ببلقاسم إلى الفندق، وأعلن المتحدث باسم مجموعة حفظ الأمن عن شخصين يشتبه فيهما وهما: آيت حميد وأحمد بوهوش، وكانا قد سجلا نفسيهما باسمين مستعارين في الفندق.

كما كشف الملف أن الأشخاص الثلاثة أخذوا ممتلكاتهم دون مراقبة ودون دفع الفاتورة، ومنذ ذلك اليوم وهم فارّون، ولكن تم العثور على أمتعتهم في مكتب الممتلكات المفقودة في محطة القطارات الرئيسية في فرانكفورت.

وتضمنت الممتلكات المعثور عليها أوراق هوية بلقاسم وأمواله، وسجلات مكتوبة من قبله تشير إلى نشاط سياسي قوي، يهدف إلى الإطاحة العنيفة بالحكومة في الجزائر.

لماذا اغتيل؟

توجّه فريق البرنامج إلى مسقط رأس بلقاسم في تيزي وزو، ولكن ابنته كوثر لم ترد على الرسائل الموجهة إليها، بينما امتنع شقيقه وابن أخيه عن الإدلاء بأي تصريح بشأن مقتله.

وبهذا الصدد، عبّر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية زيدان خوليف عن أسفه لعدم توجّه عائلة بلقاسم إلى القضاء الجزائري، لإنصافها وإظهار الحقيقة تامة غير منقوصة.

وعن شخصية بلقاسم، قال محيي الدين عميمور المستشار الإعلامي للرئيس هواري بومدين إن بلقاسم لم يكن شخصية بل كان مجاهدا من الطراز الأول، وقد أحيط اغتياله بقدر كبير من الغموض لعدم توفر أي أدلة على الجاني.

ويعد بلقاسم من أبرز قادة الثورة الجزائرية، حيث حمل السلاح ضد المستعمر الفرنسي وحضر جلّ المحطات الحاسمة فيه، كما شارك في قيادة الجزائر نحو الاستقلال، وكان يطمح لأن يكون الرئيس الأول للجزائر عقب استقلالها.

وبعد خلافات سياسية داخلية في الجزائر، انتقل بلقاسم إلى خارج البلاد، حيث أسس تنظيما معارضا ضم خصوما لرئيس الجزائر الأسبق هواري بومدين، وعرف التنظيم بالحركة الديمقراطية من أجل التجديد الجزائري.

وقد اتُّهم بلقاسم بتدبير محاولة اغتيال لبومدين، وبعد محاكمة غيابية صدر حكم بإعدامه بتهمة الخيانة والتعاون مع العدو، في إشارة لتعاونه مع جهات خارجية من ضمنها فرنسا والموساد الإسرائيلي.

وعن المشبه به في عملية الاغتيال، اختلفت تصريحات ضيوف البرنامج بين من وجّه أصابع الاتهام إلى السلطات الجزائرية آنذاك، لأنه كان يشكل خطرا عليها بسبب علاقاته مع الأمن الفرنسي والأمن الإسرائيلي.

بينما توقع البعض تورط جهات دولية في الاغتيال، وذلك لإسقاط الجزائر في حرب أهلية والتمكن من الاستيلاء على موقعها الإستراتيجي ونهب ثرواتها، كما اعتبر آخرون أنه لا يمكن استبعاد أجهزة الاستخبارات الفرنسية أو الموساد الإسرائيلي.