إيران وإسرائيل.. إلى أين يقود سباق التسلح واستعراض القوة الأوضاع بالمنطقة؟

اعتبرت الباحثة في مركز الجزيرة للدراسات، الخبيرة في الشأن الإيراني، فاطمة الصمادي أن التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، هي تهديدات فعلية ليست معتادة، ولا تدخل ضمن الحرب الكلامية بين الطرفين، ومن ذلك الكشف عن أنواع جديدة من التسليح، وإطلاق مناورات عسكرية.

وأوضحت -في حديثها لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/5/25)- أن تصاعد الصراع في المنطقة الرمادية بين الطرفين، أخذ بعدا تصاعديا ومن الممكن أن يكون مهيأ للوصول إلى درجات أعلى من التصعيد، لافتة إلى أن مستوى الحراك في الإقليم ينبئ بذلك.

يأتي ذلك على خلفية كشف إيران عن صاروخ باليستي جديد يبلغ مداه ألفي كيلومتر ويحمل رأسا حربيا يزن 1500 كيلوغرام، وتأكيدها أنه رسالة لأعدائها بأنها مصممة على حماية أمنها وأصدقائها.

ويتزامن ذلك مع إعلان إسرائيل اعتزامها إطلاق مناورات عسكرية الأسبوع المقبل، تحاكي حربا على عدة جبهات، وصدور تصريحات إيجابية من واشنطن وطهران بشأن ملف إيران النووي.

تعزيز الردع

ورأت فاطمة الصمادي في حديثها لبرنامج "ما وراء الخبر " أن ما كشفت عنه إيران له أهمية في إطار أبعاد الصراع بالمنطقة، على اعتبار أن إحدى نقاط القوة الأساسية لإيران هي قدرتها الصاروخية، وبالتالي فإن هذه الإضافة تصب في إطار تعزيز قوة الردع أمام التهديدات الإسرائيلية بصورة أساسية.

كما اعتبرت أن ذلك يأتي ضمن مقاربة جديدة للمنطقة، أهمها سعي إيران لإيجاد معادلة جديدة للمواجهة مع إسرائيل في سوريا، لافتة في هذا السياق إلى ما ترشح من أنباء عن سعي طهران لتعزيز الأنظمة الدفاعية في سوريا، وحديث عن تزويد دمشق بمنظومة الخامس عشر من منظومة "سوم خرداد" الشبيهة بمنظومة "إس 300" الروسية.

وترى الصمادي أن دول المنطقة تحتاج إلى إيجاد نظام أمن إقليمي مشترك يضمن مصالحها وأمنها، وأن خطوة استئناف العلاقات السعودية الإيرانية ربما تكون بداية لإيجاد هذا النظام، خاصة في حال تحول الأمر إلى خطوات عملية.

ولفتت إلى أن طهران -بالنسبة لملف مشروعها النووي- تنتهج خلال الأشهر الأخيرة سياسة تقوم على نزع فتيل التوتر مع وكالة الطاقة الذرية، وأنها تحرص على عدم الانسحاب الكامل من مسار المفاوضات، لكن في حال العودة إليه فإن الأمر لن يعني فتح صفحة جديدة بين طهران وواشنطن، حيث سيبقى التوتر حاضرا.

فشل إسرائيلي

بدوره، يرى خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الباحث بالمركز العربي في واشنطن، أن هذه التهديدات المتبادلة تأتي في سياق نقاط تتعلق أولاها بالتقارب السعودي الإيراني، والذي أفشل خططا إسرائيلية كانت معدة مسبقا، تهدف لتكوين ما يشبه جبهة سنية عربية إسرائيلية أمام ما تراه إسرائيل خطرا إيرانيا.

وضمن هذه النقاط، حسب حديث العناني لبرنامج "ما وراء الخبر"، إعادة تأهيل نظام بشار الأسد ودمجه في المنظومة العربية وهو الأمر الذي يعزز مساحة وجود إيران في المنطقة الشمالية، حيث ترى إسرائيل في ذلك خطرا، ثم الحديث الخجول حول استئناف المفاوضات بين واشنطن وطهران، وهو ملف مهم أيضا لتل أبيب.

وآخر النقاط المتعلقة، الأزمة الداخلية في إسرائيل، حيث عادة ما تنتهج الحكومات الإسرائيلية تصدير الأزمات الداخلية فيما يتعلق بالعدو الخارجي.

لكنه أكد في الوقت ذاته ضرورة أخذ التهديدات الإسرائيلية بمحمل الجد، مع الإشارة إلى أن الموقف الأميركي يعد ملتبسا وغامضا، وهو الأمر الذي يشجع إسرائيل على استغلال ذلك في ظل ضعف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بسبب انشغاله بملفات أخرى مختلفة.

وذهب العناني إلى صعوبة توقع ضربات إسرائيلية لإيران دون ضوء أخضر أميركي وموافقة أوروبية، كما يرى صعوبة إعطاء هذه الموافقة في هذه المرحلة، لأن أي ضربات ستكون تحولا خطيرا جدا قد يفتح الباب لحرب إقليمية من الصعب توقع نتائجها على جميع الأطراف.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية أن هناك حاجة ملحة لخفض التصعيد في المنطقة العربية، لافتا إلى أن أي تقدم في الملف النووي الإيراني سينعكس إيجابا على المنطقة، وأنه ليس من مصلحة الدول العربية وجود أي مواجهة لإسرائيل مع إيران، حيث من الصعب أن تتوقف العواقب والتأثيرات عليهما.

المصدر : الجزيرة