مهندسة ترحيل اللاجئين.. وزيرة الداخلية البريطانية تحرج حكومة سوناك وتضعها أمام "الفرصة الأخيرة"

وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك
التصرفات المتكررة المحرجة لوزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان ربما تطيح بحكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك (الجزيرة)

لندن- يواصل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك جهوده لإبعاد الحرائق السياسية عن حكومته، وآخرها الجدل المثار حول وزيرة الداخلية سويلا برافرمان التي طلبت من موظفين كبار في وزارة الداخلية الحصول على معاملة تفضيلية، بعد أن تجاوزت السرعة القانونية للقيادة.

وحاول رئيس الوزراء أن يحتوي هذه الأزمة، بعد أن أعلن أنه بالتشاور مع مستشاره الخاص لاحترام قواعد العمل الحكومي، قرر ألا يفتح أي تحقيق مع وزيرته في الداخلية وأن هذه القضية لا تستحق أي إجراءات من طرفه.

لكن صحيفة "إندبندنت" كشفت -عبر معلومات حصرية- عن شبهة تضارب مصالح تورطت فيها وزيرة الداخلية التي تعدّ العقل المدبر لمخطط ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، وهو ما سيزيد الضغط على الوزيرة ويضع رئيس الوزراء في حرج أكبر، خصوصا أن هذا الخطأ ليس الأول للوزيرة.

وكشفت الصحيفة أن وزيرة الداخلية سبق لها أن عملت مديرة لمؤسسة العدالة الأفريقية الخيرية التي تركز على تدريب المحامين في رواندا، وذلك لمدة 5 سنوات. وحسب الصحيفة، فإن برافرمان لم تصرح بالأمر خلال تعيينها وزيرة للداخلية، وهو ما يعني وجود شبهة تضارب مصالح.

ولم يصدر أي توضيح من وزيرة الداخلية ولا من رئاسة الوزراء لهذه المعطيات الجديدة، إلا أن هذا الملف سيضاف إلى قائمة الملفات المثار حولها شبهات خرق للقانون.

وسبق للوزيرة أن قدمت استقالتها من منصب وزيرة الداخلية في عهد حكومة ليز تراس، بعد أن قامت بتسريب وثائق أمنية سرية حول خطة ترحيل اللاجئين إلى نواب برلمانيين من حزب المحافظين، وذلك من بريدها الشخصي.

ورغم كل هذه الأخطاء، فإن برافرمان تواصل تصريحاتها المثيرة للجدل خصوصا المتعلقة باللاجئين، مؤكدة أن مهمتها الأولى هي إيقاف القوارب الصغيرة ومنعها من الوصول إلى بريطانيا، وقبل هذا صرحت بأن حلمها مشاهدة أول طائرة تقلع نحو رواندا وهي تحمل طالبي اللجوء.

الفرصة الأخيرة

في هذا السياق، يرى الخبير البريطاني كريس دويل أن رئيس الوزراء ريشي سوناك يريد احتواء الأزمة الأخيرة المتعلقة بوزيرة الداخلية، "لأن لديه حسابات سياسية معقدة، أولها أنه لا يريد إحداث هزة في حكومته، وثانيا لأن وزيرة الداخلية تمثل جناحا مهما داخل حزب المحافظين ويحمل أفكار التشدد في ملف الهجرة، وإقالتها قد تجر غضب هذا التيار على رئيس الوزراء".

وفي حديثه للجزيرة نت، قال دويل الذي يترأس مجلس التفاهم العربي البريطاني "رغم المحاذير الكثيرة في إقالة وزيرة الداخلية، فإنها تتوفر على فرصة أخيرة، فأي خطأ جديد منها يعني إقالتها ونهايتها سياسيا".

وبخصوص مصير حكومة سوناك، توقع كريس دويل أن تستمر إلى حين الإعلان عن الانتخابات العامة في نهاية العام المقبل، مضيفا "ولا أتوقع أن تكون هناك انتخابات سابقة لأوانها، لسببين: أولهما أن حزب المحافظين يتوفر على أغلبية مطلقة في البرلمان".

وتابع أن السبب الثاني، وهو الأهم، مرتبط بريشي سوناك الذي نجح بالفعل "في إعادة الهدوء للعمل الحكومي بعد أشهر عاصفة، ويتفق أغلب المراقبين أنه يتعامل باحترافية ومهنية مع العمل الحكومي، دون التورط في فضائح أو أحداث مثيرة للجدل".

تكرار أخطاء جونسون

في المقابل، حذر محمد أمين رئيس منتدى التفكير العربي في لندن من تكرار أخطاء رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، مشيرا إلى أن جونسون فقد منصبه بعد أن "ظل مصرا على التشبث بعدد من المقربين منه رغم تورطهم في خروق للقانون والعمل الحكومي، إلى أن انتهى الأمر بإنهاء المسار السياسي لجونسون شخصيا".

ولفت محمد أمين إلى أن هامش الخطأ أمام سوناك "ضئيل جدا بالنظر إلى تراجع شعبية حزب المحافظين. فحسب الاستطلاع الأخير لموقع يوغوف، لم يتوقع سوى 23% فقط من المستطلعة آراؤهم فوز المحافظين في الانتخابات المقبلة".

ونبه المتحدث إلى أن المزاج العام البريطاني لا يتحمل فكرة أن يظهر أي شخص بأنه فوق القانون، مضيفا "وهذا كان السبب الرئيس في الغضب على جونسون الذي كان يعتقد أنه قادر على تجاوز القانون، والآن وزيرة الداخلية تكرس المنطق ذاته وهو ما يرفضه المجتمع البريطاني رفضا مطلقا، خاصة أن البريطانيين لا يحتملون أن تكون هناك معايير مزدوجة تفضل المسؤولين على عموم الناس".

المصدر : الجزيرة