الجيش الأكبر في العالم.. لماذا تخشى روسيا المادة الخامسة لحلف الناتو؟

تعززت المخاوف الروسية من الناتو بعد ارتفاع الإنفاق العسكري بدول البلطيق، مثلا ارتفع ما تنفقه دول إستونيا ولاتفيا وليتوانيا من 950 مليون دولار عام 2005 إلى ألفي مليون دولار عام 2019، أي ارتفاع بنسبة الضعف وبدعم من الولايات المتحدة.

حلف الناتو.. ترامب يطالب بإيفاء المساهمات وماكرون يتمسك بوصف الميت دماغيا
توسّعُ حلف الناتو بضم أوكرانيا تعتبره روسيا من الخطوط الحمراء (الجزيرة)

لندن- سلّطت الأزمة الأوكرانية الضوء من جديد على حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO)، ذلك أن انضمام أوكرانيا للحلف يعدّ خطا أحمر بالنسبة لروسيا، قال عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه سيكون مبررا للتحرك عسكريا ضد أوكرانيا.

ويعدّ هذا الحلف الدرع العسكرية للغرب في مواجهة الأخطار القادمة من الخارج، بداية من الاتحاد السوفياتي سابقا، وصولا للتهديدات القادمة حاليا من الصين وغيرها.

وتضع موسكو الكثير من الخطوط الحمراء أمام ضم أوكرانيا إلى الحلف العسكري الأقوى في العالم، لأنها تعلم أن عضوية أوكرانيا تجعلها تستفيد من بند مهم في اتفاقية حلف الناتو؛ وهو بند الدفاع المشترك الذي يفرض على الحلف التدخل في حال الاعتداء على أي عضو فيه.

ويُعد الحلف أقوى تجمع عسكري في العالم لضمه أقوى الجيوش قاطبة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، إضافة للدول النووية مثل فرنسا وبريطانيا.

NATO - Ukraine Commission Meeting
ينس ستولتنبرغ (يمين) وأولغا ستيفانيشينا نائبة رئيس وزراء أوكرانيا قبل اجتماع لجنة الناتو وأوكرانيا في بروكسل (الأناضول)

ما أهداف تأسيس الحلف؟

تأسس حلف شمال الأطلسي في أبريل/نيسان 1949 بالتوقيع على اتفاقية "الشمال الأطلسي" المعروفة أيضا باتفاقية واشنطن، وتستمد هذه الاتفاقية شرعيتها من البند 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنح الدول المستقلة حق الدفاع الفردي أو المشترك.

وتأسّس الحلف لثلاثة أهداف، وهي: مواجهة نفوذ وتمدد الاتحاد السوفياتي، والقضاء على العداوة العسكرية التي كانت بين الأوروبيين وكان سببها الحروب العالمية من خلال حضور أكبر للولايات المتحدة في القارة، وأخيرا تشجيع الأوروبيين على اندماج سياسي أكبر.

ما أهم مبادئ الحلف؟

إنه مبدأ الدفاع المشترك الذي تتحدث عنه المادة 5 من اتفاقية تأسيس حلف الناتو، وتنص المادة على أن أي اعتداء مسلح أو عسكري على أي دولة عضو في الحلف هو بمثابة اعتداء على كل الدول الأعضاء فيه.

وبموجب هذا المبدأ، يتعيّن على كل الدول التحرك بشكل عسكري لحماية الدولة التي تعرضت للاعتداء، سواء من خلال تحريك القوات، أو تزويد هذه الدولة بالأسلحة والعتاد.

وتم تفعيل مبدأ الدفاع المشترك مرة واحدة طيلة تاريخ الحلف، بمشاركة كل دول الناتو في غزو أفغانستان بسبب تعرض الولايات المتحدة لهجوم معادٍ بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.

كم تبلغ النفقات العسكرية لدول الحلف؟

يبلغ مجموع النفقات العسكرية لدول حلف الناتو أكثر من 1.2 تريليون دولار، أغلبها من نصيب الولايات المتحدة، التي تستحوذ لوحدها على 881 مليار دولار سنويا، وتأتي في المرتبة الثانية المملكة المتحدة بـ 72 مليار دولار، ثم ألمانيا بحوالي 64 مليار دولار.

وعموما، لو تم جمع كل النفقات العسكرية لمعظم دول الحلف فلن تتجاوز 370 مليار دولار، أي أنها لا تساوي حتى نصف النفقات الأميركية. ولهذا السبب لا تتردد الولايات المتحدة في مطالبة دول الحلف برفع نفقاتها العسكرية لتبلغ نسبة 3% من الناتج الداخلي الخام.

جنود أميركيون يستعدون للتدريبات العسكرية بعد الهبوط في أحد شواطئ بحر البلطيق قرب فنتسبيلز بلاتفيا (الأوروبية)

ما تعداد جنود الناتو؟ وأين ينتشرون؟

يبلغ مجموع الجنود في كل دول حلف الناتو 3.5 ملايين جندي، مما يجعله أكبر جيش في العالم. وتحتكر الولايات المتحدة العدد الأكبر بحوالي مليون و200 ألف جندي، وينتشر 20% من الجنود الأميركيين في الخارج، والعدد الأكبر منهم موجودون في اليابان (55 ألف جندي)، ثم تأتي تركيا كثاني أكبر دولة في الحلف بتعداد يبلغ 440 ألف جندي.

ويظهر من خريطة انتشار قوات الناتو تركزها في دول البلطيق خصوصا، قريبا من الحدود الروسية، وهذا الانتشار هو ما يزيد من قلق موسكو خصوصا أنه مرفق بمنظومات صواريخ دفاعية أميركية متطورة.

ويتوزع 7 آلاف جندي من قوات الناتو في كل من إستونيا (800 جندي) ولاتفيا (1200 جندي) وليتوانيا (1200 جندي) وبولندا (4 آلاف جندي). وسبب هذا العدد المرتفع في بولندا هو وجود قواعد عسكرية أميركية مهمة هناك، إضافة لوجود قاعدة عسكرية أميركية في رومانيا تم إنشاؤها بقيمة 800 مليون دولار.

كما تنتشر فرقة من البحرية الأميركية قوامها 300 جندي في النرويج لمراقبة الدائرة القطبية الشمالية، التي تتشارك فيها الحدود مع روسيا.

ما الذي يغضب روسيا في تحركات الناتو؟

كانت الفترة بين 2004 و2009 فترة انضمام دول أوروبا الشرقية للحلف، والتي كان معظمها تحت لواء الاتحاد السوفياتي سابقا، إذ انضمت كل من بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا للحلف، ليبلغ عدد دوله 30 بلدا.

وظل الاتفاق الضمني بين الأميركيين والروس منذ عام 2008 بالإبقاء على أوكرانيا خارج حلف الأطلسي لتهدئة المخاوف الروسية.

وما يزيد من المخاوف الروسية هو ارتفاع الإنفاق العسكري في دول البلطيق، وعلى سبيل المثال انتقل مجموع ما تنفقه 3 دول -هي إستونيا ولاتفيا وليتوانيا- من 950 مليون دولار عام 2005 إلى ألفي مليون دولار عام 2019، أي ارتفاع بنسبة الضعف وبدعم من الولايات المتحدة.

المصدر : الجزيرة