بعد تمسك الرئيس التونسي برفض التعديل الحكومي.. ماذا يعني التجاء المشيشي للقضاء الإداري؟

الرئيس سعيد (يمين) والمشيشي خلال اجتماع سابق (وسائل التواصل)

تتواصل فصول أزمة التعديل الحكومي في تونس بعد إصرار رئيس الجهورية قيس سعيد على رفض أداء الوزراء الجدد أداء اليمين الدستورية أمامه، في وقت توجه فيه رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى القضاء الإداري بحثا عن حل للأزمة.

وكان البرلمان قد منح الثقة للتعديل الحكومي الذي أجراه المشيشي في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي أطاح بوزراء محسوبين على رئيس الجمهورية، مما أشعل معركة صلاحيات بين رأسي السلطة التنفيذية وأدخل البلاد في أعنف أزمة سياسية ودستورية، بحسب مراقبين.

وفي ظل غياب المحكمة الدستورية المخول لها حسم النزاعات بين رأسي السلطة التنفيذية، اختار رئيس الحكومة التوجه نحو المحكمة الإدارية بحثا عن فتوى قانونية بعد انسداد أفق الحوار بينه وبين رئيس الجمهورية.

اليوم رفض تنظيم مراسم أداء اليمين للوزراء الجدد وإصدار الأمر الرئاسي بتسميتهم وغدا رفض تنظيم مراسم أداء اليمين للولاة الجدد! سابقة خطيرة تفتح الباب على مصراعيه للعبث الكلي بمؤسسات الدولة

تم النشر بواسطة ‏‎Walid Helali‎‏ في الثلاثاء، ٩ فبراير ٢٠٢١

دور استشاري
وأكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية القاضي عماد الغابري للجزيرة نت توصلهم أمس بمراسلة رسمية من رئاسة الحكومة للنظر في أزمة التعديل الوزاري، وتأخر أداء اليمين الدستورية والإشكاليات القانونية المطروحة.

وتابع "هناك أزمة سياسية وقانونية ظاهرة للعيان، ونحن في إطار صلاحيتنا كقضاء إداري نطرح رؤيتنا القانونية لهذه الأزمة".

وشدد على أن تعهد المحكمة بهذا يدخل في صميم وظيفتها الاستشارية الموكولة لها منذ تأسيسها، إلى جانب وظيفتها القضائية، مستهجنا بعض ردود الفعل الرافضة والمشككة بدور القضاء الإداري في مثل حالات كهذه.

الرئيس يستهدف رئيس الحكومة عبر تعطيل حكومته. ويرغب في التعامل مع الحكومة كرهينة واغتصاب حق الفيتو عليها وفيها .

تم النشر بواسطة ‏‎Seyed Ferjani‎‏ في الثلاثاء، ٩ فبراير ٢٠٢١

ولفت إلى أن المحكمة الإدارية تستشار في مشاريع الأوامر الترتيبية التي تصدرها الحكومة وجميع المواضيع المتعلقة بها، مشيرا بالمقابل إلى أن رأي المحكمة ليس ملزما.

وكان رئيس الحكومة قد راسل رئيس الجمهورية مرتين متتاليتين لبحث موعد أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد، دون أن يظفر بموقف واضح وصريح من سعيد.

عزل الرئيس
وتعالت أصوات من داخل الحزام السياسي الداعم لرئيس الحكومة للمطالبة بعزل رئيس الجمهورية بتهمة خرق الدستور والاستيلاء على صلاحيات رئيس الحكومة، وتعطيل سير دواليب الدولة.

ودعا النائب عن حزب "قلب تونس" عياض اللومي إلى البدء في "معركة مبدئية مع رئيس الجمهورية للشروع في إجراءات إعفائه" وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

واعتبر اللومي أن الرئيس ارتكب خرقا جسيما للدستور من المفترض أن يحاسب عليه بسحب الثقة منه أو الشروع في إجراءات إعفائه.

من جانبه، قال النائب عن ائتلاف "الكرامة" عبد اللطيف العلوي للجزيرة نت إن المعركة التي تعيشها البلاد ليست صراعا بين شخصي رئيس الحكومة والجمهورية كما يصورها البعض، بل معركة مبدئية للحفاظ على نظام حكم جاء به دستور الثورة.

واتهم العلوي رئيس الجمهورية بمحاولة الانقلاب على الدستور والسطو على صلاحيات البرلمان ورئيس الحكومة والمحكمة الدستورية، داعيا المشيشي لعدم تقديم أي تنازل قد يفتح الباب لعودة النظام الرئاسي والاستيلاء على السلطات.

تعميق الأزمة
وكان خبراء وأساتذة قانون دستوري قد أجمعوا على أنّ أداء اليمين للوزراء الجدد واجب دستوري محمول على رئيس الجمهورية، وأنه ليس له حق رفضه باعتبار أن اختصاصه مقيد.

حل وحيد لا ثاني له يجنبنا الغرق أكثر في المستنقع وهو انسحاب الوزارء المتقترحين المحترز عليهم ما عدى ذلك فهو قفز في الفراغ

تم النشر بواسطة ‏‎Mustapha Benahmed‎‏ في الثلاثاء، ٩ فبراير ٢٠٢١

على الجانب الآخر، استهجن أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، في تدوينة عبر حسابه الشخصي، لجوء رئيس الحكومة للمحكمة الإدارية، معتبرا أنه في غياب نص دستوري صريح لا يمكن لها إبداء رأيها في مسألة دستورية جوهرية تعلقت بنزاع بين رئيسي الجمهورية والحكومة.

ودعا محفوظ المحكمة الإدارية إلى احترام دورها في النظر بجميع النزاعات الإدارية أو تقديم الاستشارات في مجال القانون الإداري، مشددا على أنه "لا حجية لرأي المحكمة الإدارية على رئيس الجمهورية".

ومن ناحيته اتهم النائب عن التيار الديمقراطي المعارض، نبيل الحاجي، الحزام السياسي الداعم للمشيشي بتعميق الأزمة وتجاوز رئيس الجمهورية، مقرا بأن الأزمة باتت سياسية بامتياز وتجاوزت الجانب القانوني.

ويشير النائب للجزيرة نت إلى أن توجه رئيس الحكومة للقضاء الإداري ليس له أي قيمة ولن يحل الأزمة، مضيفا "المحكمة الإدارية ليست لها أي صلاحية في البت في نزاعات دستورية، وحتى لو كانت النية استشارية بحتة فإن موقفها سيظل استشاريا لا قيمة له على أرض الواقع".

وطرح 3 فرضيات: إما اتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة على أداء الوزراء اليمين ثم التخلي بعد ذلك عمن تعلقت بهم شبهات فساد مثبتة، إعفاؤهم من مناصبهم بشكل تلقائي، إعلان رئيس الحكومة استقالته.

المصدر : الجزيرة