مع تواصل التجاذب بين المشيشي وسعيد.. أي سيناريوهات لحل أزمة التعديل الحكومي بتونس؟

Interior minister to form new government in Tunisia
قيس سعيد (يمين) أكد موقفه الرافض للتعديل الحكومي الذي أجراه المشيشي (الأناضول)

بلغت الأزمة السياسية في تونس ذروتها، بإعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد رفضه القاطع التراجع عن موقفه من التعديل الحكومي برمته، في وقت دعت فيه حركة النهضة لاستكمال مسار التحوير وتمكين الوزراء الجدد من ممارسة مهامهم.

وقال سعيد خلال لقائه أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، إنه غير مستعد على الإطلاق بأن يتراجع عن مبادئه وأنه أقسم على احترام الدستور.

وسبق أن وصف قيس سعيد التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي وصادق عليه البرلمان في 25 يناير/كانون الثاني الماضي بأنه "غير دستوري"، كما لوّح برفضه استقبال بعض الوزراء لأداء اليمين الدستورية أمامه بحجة وجود شبهات فساد تحوم حولهم.

للخروج من الأزمة العجمي الوريمي رئيس الجمهورية هو رمز الدولة وضامن وحدتها وحامي الدستور وقد أدى اليمين أمام مجلس نواب…

تم النشر بواسطة ‏‎Ajmi Lourimi‎‏ في الخميس، ٤ فبراير ٢٠٢١

ولم يكتفِ رئيس الجمهورية بتجديد موقفه الرافض للتعديل الحكومي، بل وجّه سهام نقده لأطروحات قدمتها مجموعة من كبار أساتذة القانون الدستوري للخروج من هذا المأزق السياسي.

وقال سعيد ساخرا "وإن كان البعض يعتبر اليمين الدستورية مجرد إجراء وحتى المرور على الصراط يوم القيامة يمكن أن يعتبروه مجرد إجراء وحتى النطق بالشهادتين يمكن أن يعتبروه مجرد إجراء يستلهمون بعض الحلول الفقهية -وما هم بفقهاء- من القانون الإداري وليس من القانون الدستوري".

وأعرب رئيس الحكومة هشام المشيشي منذ أيام عن أمله في أن يتمكن الوزراء الجدد من أداء اليمين الدستورية، بعد نيلهم ثقة البرلمان، الذي وصفه بمصدر "الشرعية"، مؤكدا دستورية مسار التعديل الوزاري.

وجاء بيان صادر عن المكتب التنفيذي لحركة النهضة مساء اليوم الخميس، ليؤكد تشبث الحركة بالتعديل الوزاري رغم فيتو رئيس الجمهورية، وعبر رئيسها راشد الغنوشي عن دعم النهضة لحكومة هشام المشيشي، "ودعوتها لاستكمال مسار التحوير الوزاري وتمكين الوزراء من مباشرة مهامهم".

وجدد بيان الحركة الترحيب بمبادرة الحوار الوطني التي دعا لها الاتحاد العام التونسي للشغل وغيره من المكونات السياسية والشخصيات الوطنية.

حين كان خارج السلطة كان يرى ما يقوم به اليوم جريمة قيس سعيد يتهم قيس سعيد بخرق القانون و الدستور

تم النشر بواسطة ‏‎Rached Khiari‎‏ في الأربعاء، ٣ فبراير ٢٠٢١

الحل سياسي وليس دستوريا

وقال أستاذ القانون الدستوري رافع بن عاشور للجزيرة نت، إن الحل لم يعد دستوريا بل هو سياسي بين الأطراف المتصارعة على الصلاحيات، في ظل تشبث الرئيس بموقفه وتغليب "منطق المغالبة" بدل الحوار.

واتهم بن عاشور رئيس الجمهورية بتلبيس مأزق سياسي جبة قانونية ودستورية قصد إضفاء الشرعية عليها وتصفية حساباته مع خصومه، وفق قوله.

واستغرب طعن رئيس الجمهورية في المخارج الدستورية التي ذهب إليها غالبية كبار الخبراء الدستوريين، متهما إياه بمناقضة نفسه، مذكرا بموقفه السابق من الإشكال ذاته إبان حكم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة آنذاك يوسف الشاهد.

وسبق أن حذّر قيس سعيد في 2018 بصفته خبيرا دستوريا، رئيس الجمهورية الراحل من السقوط في وضعية "خرق الدستور"، بحال قرر تعطيل إصدار الأوامر المتعلقة بتعيين أعضاء حكومة يوسف الشاهد أو عدم تحديد موعد لأدائهم اليمين الدستورية.

وقال سعيد في الحوار ذاته إن تداعيات عدم موافقة رئيس الجمهورية على التمشي الذي انتهجه رئيس الحكومة في التحوير الوزاري سياسية ولا أثر قانونيا لها.

Tunisian Prime Minister Mechichi announces major cabinet reshuffle
المشيشي: التعديل يهدف إلى إضفاء مزيد من النجاعة والانسجام على الفريق الحكومي (الأناضول)

إعفاء الوزراء

ويرى الباحث في القانون الدستوري رابح الخرايفي أن الحل الوحيد الممكن لخروج البلاد من وضعية الشلل الحكومي والسياسي يكون بتنازل رئيس الحكومة، ودعوته للوزراء محل الشبهة إلى تقديم استقالاتهم بشكل طوعي وتعويضهم بآخرين.

ودعا في حديثه للجزيرة نت رئيس الحكومة لعدم المخاطرة والمرور بقوة، محذرا من أن مباشرة الوزراء مهامهم دون أداء اليمين الدستورية، يطرح بدوره إشكالا قانونيا في علاقة بفرضية تعطيل صدور أسمائهم في الجريدة الرسمية للبلاد التونسية من قِبَل رئيس الجمهورية.

ولفت الخرايفي إلى أن أي إجراء أو قرار يصدره الوزراء الجدد دون إمضاء رئيس الجمهورية على أوامر تسميتهم في الجريدة الرسمية سيكون "قرارا معيبا" قابلا للطعن أمام المحكمة الإدارية.

وطرح بالمقابل، إمكانية ذهاب الحزام البرلماني للحكومة نحو الأقصى، بإجراء سحب الثقة من هشام المشيشي في البرلمان، عبر تقديم لائحة لوم ضد حكومته، وتقديم مرشح بديل لضمان عدم عودة المبادرة لرئيس الجمهورية.

استحالة التعايش

بدوره، رجّح أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك في تدوينة له أن يتم الدفع بالمشيشي للخروج من الحكومة، مشددا على استحالة التعايش بينه وبين رئيس الجمهورية.

وتابع "المنظومة الدستورية تقتضي الحدّ الأدنى من التنسيق بين الرجلين لتسيير البلاد ومؤسساتها وسياساتها الداخلية والخارجية والأمنية والدفاعية، وفي هذه الحالة يجب أن يخرج أحدهما، ولن يكون رئيس الجمهورية لاستحالة الأمر سياسيا ودستوريا".

أصوات حزبية، تعالت أيضا لمطالبة رئيس الحكومة بالابتعاد عن منطق المغالبة وتجنيب البلاد عواقب المأزق الذي تعيشه، حيث دعا النائب عن حركة "النهضة" سمير ديلو المشيشي لإعفاء الوزراء الذين تعلقت بهم شبهات فساد وتعويضهم بآخرين.

وطالب النائب عن حركة "تحيا تونس" مصطفى بن أحمد رئيس الحكومة للقيام بتنازلات في سبيل الخروج من الأزمة، لافتا إلى وجود خيارين لا ثالث لهما، إما تخلي المشيشي عن الوزراء محل الشبهة أو تقديم استقالته لرئيس الجمهورية.

المصدر : الجزيرة