ما تداعيات محاولة اغتيال باشاغا على المشهد الأمني غرب ليبيا؟

حادثة الاغتيال قد تزيد التوتر بين باشاغا والمجموعات المسلحة في مدينتي طرابلس والزاوية بتكريس التحالفات الطارئة بينها

محاولة اغتيال باشاغا ستزيد التوتر بينه وبين المجموعات المسلحة غرب ليبيا (رويترز)
محاولة اغتيال باشاغا ستزيد التوتر بينه وبين المجموعات المسلحة غرب ليبيا (رويترز)

هدأت الأوضاع الأمنية في طرابلس اليوم الاثنين بعد حادثة محاولة اغتيال وزير الداخلية فتحي باشاغا في الطريق السريعة غرب العاصمة طرابلس، وذلك بعد موافقة الأطراف بالاحتكام إلى سلطة القانون لإجراء تحقيق شفاف، وكانت مركبة يستقلها 3 مسلحين اعترضت موكب الوزير باشاغا أثناء توجهه إلى مقر إقامته في منطقة جنزور (غرب طرابلس) عائدا من اجتماع مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله.

وأعلنت وزارة الداخلية الليبية في بيان أن موكب الوزير تعرض لإطلاق نار من أسلحة رشاشة من مركبة مصفحة، حيث رد الفريق الأمني المرافق لباشاغا على المسلحين. وتحمل سيارة المسلحين شعار جهاز "دعم الاستقرار" المُنشأ حديثا من المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق، والذي يضم مجموعات مسلحة مناوئة للوزير باشاغا.

واقتحمت مجموعة مسلحة تنتمي إلى مدينة الزاوية ميدان الشهداء (وسط طرابلس)، وهجمت على مقرات تابعة لوزارة الداخلية بالعاصمة ردا على مقتل أحد عناصرها في حادثة اعتراض موكب وزير الداخلية. وأظهر تقرير الطبيب الشرعي مقتل أحد المسلحين ويدعى رضوان الهنقاري نتيجة كسور في القفص الصدري وخلو الجثة من أي طلقات نارية.

وتزيد هذه الحادثة التوتر بين باشاغا والمجموعات المسلحة في مدينة الزاوية، بعد أشهر من اعتقال وزارة الداخلية أحد رؤوس التهريب في ليبيا ويدعى عبد الرحمن ميلاد "المعروف بالبيدجا"، وهو ينتمي إلى مدينة الزاوية (غرب طرابلس).

من جهتها، أدانت سفارتا أميركا وفرنسا والخارجية القطرية محاولة الاغتيال، ودعت إلى تحقيق سريع لمعاقبة المتورطين، وقال السفير الأميركي إن "تركيز داخلية حكومة الوفاق على إنهاء نفوذ المليشيات يحظى بدعمنا الكامل".

سيارة وزير الداخلية الليبي فتحي بشاغا التي تعرضت لإطلاق نار في محاولة لاغتياله (الجزيرة)

تهدئة الأوضاع

ويقول مصدر أمني رفيع بوزارة الداخلية إن اجتماعا عقد في طرابلس بين قادة عملية "بركان الغضب" لتهدئة الأوضاع المتوترة على خلفية محاولة اغتيال باشاغا.

ويضيف المصدر للجزيرة نت أن القادة الحاضرين في الاجتماع اتفقوا على تشكيل لجنة محايدة للتحقيق في القضية بعد موافقة الجميع على الالتزام بما ينتج من تحقيقات، وأن مكتب النائب العام تسلم ملف القضية، واستمع إلى شهادة الحرس المرافقين لوزير الداخلية والمسلحين الاثنين المصابين أثناء الحادثة.

ويستبعد المصدر في تصريحاته للجزيرة نت تأثير حادثة محاولة اغتيال باشاغا على المشهد الأمني غرب ليبيا، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية تمارس مهامها المكلفة بها في حماية البلاد.

تمرد الجماعات المسلحة

ويؤكد عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي أن انتشار السلاح في أيدي المجموعات المسلحة التي تعد خارج دائرة القانون؛ هو نتيجة تمرد الجماعات المسلحة على أي جهة رسمية في الدولة وعدم احترامها، ومحاولة تخويفها لإرباك المشهد السياسي.

ويقول لنقي للجزيرة نت "لا اعتقد أن السلطة التنفيذية الجديدة قادرة على احتواء الحادثة، بل سيقتصر دورها فقط على التوسط بين الأطراف وإيجاد حلول بتدخل شيوخ المصالحة من دون أن يكون لهم تأثير حقيقي لفقد الدولة قوتها". ويعتبر أن الشروخ الاجتماعية موجودة في كل مكان بين الأطراف نتيجة الحروب والصراعات على السلطة والتدخلات الأجنبية التي ستنتهي في حال توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية.

تحالفات طارئة

بدوره، يعتبر المحلل السياسي عبد الله الكبير أن الحادثة ستزيد التوتر بين وزير الداخلية والمجموعات المسلحة في مدينتي طرابلس والزاوية بتكريس التحالفات الطارئة بينها. وتابع "بالطبع إذا تطور العداء سيعقبه صدام مسلح عواقبه كارثية، ولذلك يسعى البعض إلى تجنب الصدام لأن الجميع يدرك أنه لا أحد يريد منح فرصة ذهبية أمام أطراف أخرى تخطط للعودة إلى طرابلس وتكرار محاولة السيطرة على العاصمة".

ويشير الكبير للجزيرة نت إلى قبول الجميع الاحتكام إلى تحقيق قانوني شفاف نزيه في الحادثة لنزع فتيل المواجهة المحتملة، ويرى أن دعوة السلطة التنفيذية الجديدة إلى التهدئة خطوة موفقة بإعلان موقفها الواضح غير المنحاز لأي طرف.

ويوضح أن رد السفير الأميركي السريع على الحادثة يؤكد العلاقة المتينة بين وزير الداخلية والإدارة الأميركية، مما يربك حسابات رئيس الحكومة الجديدة إذا كان يخطط لمنح الداخلية إلى إقليم آخر غير طرابلس.

المصدر : الجزيرة