بعد حل البرلمان.. ما شروط الحراك الجزائري للمشاركة في الانتخابات؟

قوى الحراك غير مكترثة بالإنتخابات القادمة وتتمسك برحيل كافة رموز النظام (الجزيرة)
قوى الحراك غير مكترثة بالانتخابات القادمة وتتمسك برحيل كافة رموز النظام (الجزيرة)

بعد عام كامل من إبداء رغبته في التخلّص من البرلمان الموروث عن عهد سلفه عبد العزيز بوتفليقة، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رسميّا الخميس عن المؤسسة التشريعية، والذهاب نحو انتخابات مبكرة، بدل انتظار وعدها العادي نهاية العهدة التشريعية الثامنة في يونيو/حزيران 2022.

وقال تبون في خطاب للجزائريين بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، إنه يريد "انتخابات خالية من المال الفاسد، تفتح المجال للشباب" داعيًا إياهم إلى "اقتحام المؤسسات السياسية" وسيتم ذلك بتشجيع من الدولة عبر "التكفل بجزء كبير من تمويل الحملة الانتخابية".

واعتبر أن انخراط الشباب سيضخ دما جديدا في أجهزة الدولة، ويجعل البرلمان الجديد عين ولسان الشعب، بعيدا أي شكوك "كون الانتخابات ستجري تحت مراقبة السلطة المستقلة دون تدخل أحد في صلاحياتها، بما في ذلك رئيس الجمهورية".

ويعد رحيل نواب الشعب من أهم مطالب الحراك الشعبي وأحزاب المعارضة، منذ اندلاع احتجاجات 22 فبراير/شباط 2019، باعتبارهم من مخلفات حكم بوتفليقة، وتحت هيمنة أحزاب موالاة النظام السابق. وكان لزامًا سقوط البرلمان فور استقالة بوتفليقة ناهيك عن أنه جاء نتاج التزوير، بحسب قوى الحراك.

ترحيب وتفاؤل

وفي ردود الفعل الأولية تجاه قرار تبون، تباينت المواقف بين الأحزاب السياسية وقوى الحراك، إذ بدت الأولى مرحبة وجاهزة ولو بشروط لمنافسة برلمانية جديدة، في وقت ظهرت فعاليات 22 فبراير/شباط غير مكترثة بالاستحقاق.

وقال الناطق الإعلامي لجبهة التحرير الوطني محمد عماري إنّ حزبه، بصفته صاحب الأغلبية النيابية، لا يعارض إطلاقا حل البرلمان طالما أنه يعيد الكلمة إلى الشعب ويضمن إجراء الانتخابات في إطار الشفافية الكاملة.

وأعرب في تصريح للجزيرة نت عن الثقة الكاملة في نتائج الاستحقاقات القادمة، حيث "ستكون معبرة فعلا عن توجهات المجتمع، خاصة الشباب والكفاءات المطالَبين قبل غيرهم بالتقدم إلى المؤسسات المنتخبة".

وأكد أنّ ضمانات النزاهة والشفافية متوفرة طالما أن الانتخابات ستجرى تحت إشراف السلطة المستقلة "مما يجعل المجالس القادمة في مستوى تطلعات الجزائريين".

أما المرشح السابق للانتخابات الرئاسية عبد القادر بن قرينة، فوصف مضامين خطاب الرئيس بأنها "جد إيجابية وبلغة بسيطة، لكنها تتضمن قرارات سياسية هامة تؤشر على إصلاح حقيقي وعميق، أهمها حل البرلمان، بسبب شرعيته المعطوبة بالتزوير".

وأضاف للجزيرة نت أنّ حركته تنتظر حل باقي المجالس المنتخبة محليّا، وتتطلع إلى إعلان تعهدات أخرى وعد بها الرئيس.

الرئيس الجزائري يحل البرلمان والمعارضة تطالب بضمانات لنزاهة الإنتخابات (الجزيرة)
البرلمان المحلول تهيمن عليه شخصيات كانت مقربة من نظام بوتفليقة (الجزيرة)

مجالس تمثيلية

من جانبه قال ناصر حمدادوش الناطق باسم حزب حركة مجتمع السلم إنهم نادوا بانتخابات تشريعية مسبقة منذ 2017، لما تعرضت له الانتخابات الماضية "من تزوير وبلطجة وهندسة على مقاس العصابة".

وقال، في حديث للجزيرة نت، إنّ على رئيس الجمهورية تحمّل المسؤولية السياسية في الذهاب إلى مجالس منتخبة ذات مصداقية للمرحلة القادمة بكل تحدياتها وتهديداتها.

وشدّد على أنّ نزاهة الاستحقاق ترجع بالدرجة الأولى إلى الإرادة السياسية العليا، والمنظومة القانونية لنظام الانتخابات والسلطة المستقلّة، وإلى قدرة الأحزاب والمترشحين، وإرادة الشعب في الدفاع عن خياره.

وفي السياق، ثمنت حركة النهضة حل البرلمان، داعية إلى بناء خارطة سياسية على أسس ديمقراطية تتكافأ فيها الفرص وتجسّد الإرادة الشعبية، بإدخال تعديلات صلبة على قانون الانتخابات.

كما طالبت، في بيان لها، بإعطاء دور رقابي للأحزاب السياسية وممثلي المترشحين في اللجان الانتخابية، مع تخفيف شروط إعداد القوائم وتمديد مدة تحضيرها .

حمزة حسام الذهاب إلى الإنتخابات بشروط السلطة ستكرس المقاطعة والتزوير القبلي (الجزيرة)
حمزة حسام: مؤتمر وطني بحضور رئيس الجمهورية واقتراح تعديلات لاسيما قانون الانتخابات يفرز برلمانا شرعيا (الجزيرة)

تأثيث الواجهة

من جانب آخر، اعتبر "التيار الأصيل" عن قوى الحراك إصرار "السلطة الفعلية، من خلال واجهتها الرئاسية، على حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية بشكل تسلطي أحادي، تجاهلاً لكل مطالب الأغلبية الشعبية في التغيير".

وقال ممثله فيصل جيلالي إنّ تقنية التعويض الوظيفي للأحزاب، بتمكين شبكة مصلحية من شخصيات وجمعيات لتأثيث الأجهزة التشريعية، هو إفراغ للعمل السياسي الجاد من محتواه.

 وتساءل في حديث للجزيرة نت عن مدى مشروعية وفعالية تنظيم انتخابات صوريّة في ظل سلطة تابعة للرئاسة، وفي "ظل بيئة يطبعها التمادي والإصرار على خنق الحريات، وغلق الحياة السياسية والنقابية والإعلامية والثقافية".

 وتوقع أن يؤدي ذلك إلى "تكريس المقاطعة والتزوير القبلي، خاصة مع التصحير المتعمد للساحة السياسية، من خلال إقصاء قوى الحراك من الفضاء العام".

حركة "عزم" هي الأخرى أكدت أنّ رؤيتها تذهب أبعد من مجرد إجراءات شكلية استرضائية، معتبرة أنّ نهج السلطة، ومنذ ما قبل تعديل الدستور، الغرض منه تجديد الواجهة وزبانيتها، إذ إنّ "رفض اعتمادها وآخرين كأحزاب، والتضييق المتعمد إعلاميا أكبر دليل على تلكم النية".

واقترح مسؤولها للإعلام، حمزة حسام، في تصريح للجزيرة نت، عقد مؤتمر وطني جامع، يدعى إليه رئيس الجمهورية، للمبادرة باقتراح تعديلات عميقة على كل قوانين الحياة السياسية، لاسيما قانون الانتخابات وسلطتها المستقلة، بغية الوصول إلى تشريعات منصفة، تفرز تنافسا حقيقيا وانتخابات نزيهة وبرلمانا شرعيا، على حد تعبيره.

رحيل النظام

أمّا الناشط السياسي سمير بلعربي، فيرى أنّ الإجراءات التي أعلنها تبون تدخل في إطار خارطة الطريق التي رسمها في حملته الانتخابية، لكن أبرز ما ميزها هو العفو عن معتقلي الحراك، باعتباره من المطالب الرئيسة للشارع.

غير أنّ قرار حل البرلمان، بحسب بلعربي، لن يغير في الأمر الكثير، إلا التخلّص من "هيئة مزورة وضعتها العصابة، وطغى على نوابها المال الفاسد والتصويت ضد مصالح الشعب".

 ولذلك شدد، في تصريح للجزيرة نت، أنّ قرار حل البرلمان لن يثني الحراك عن مواصلة المطالبة برحيل كل رموز النظام السابق.

المصدر : الجزيرة