انتقاما للإخفاق الأمني الإسرائيلي بجلبوع.. أي عقوبات تنتظر الأسرى الفلسطينيين؟

الحكومة الإسرائيلية ستسعى لفرض المزيد من التحصينات على السجون الأمنية، وستستخدم أحدث التقنيات العمرانية والإلكترونية لمراقبة وحراسة السجون والزنازين وتعقب تحركات الأسرى.

فعاليات تضامنية قبالة السجون الإسرائيلية نصرة للحركة الفلسطينية الأسيرة (الجزيرة)

القدس المحتلة – عكس قرار رئيس محكمة الصلح بالناصرة دورون بوراك، حظر نشر تفاصيل من ملفات التحقيق مع الأسرى الستة الذي هربوا من سجن "جلبوع" وأعيد اعتقالهم، ومنع طواقم محامي الدفاع عنهم من الحديث لوسائل الإعلام، بشأن سير التحقيقات ومداولات المحاكمة التي تجري بأبواب مغلقة، عكس العقوبات المشددة التي قد تفرض عليهم، والخطوات الانتقامية التي قد تتخذها سلطات الاحتلال انتقاما من الحركة الأسيرة.

ويأتي القرار بإحكام التعتيم على رواية الأسرى وحجبها، في وقت مددت المحكمة، الأحد، اعتقال الأسرى زكريا الزبيدي، محمود ومحمد عارضة، يعقوب قادري، لمدة 10 أيام، حتى 29 من سبتمبر/أيلول الجاري، حيث لم يتم إحضارهم لقاعة المحكمة، وتمت المداولات عبر تطبيق "زوم" بحسب ما أفاد المحامي رسلان محاجنة الذي يترافع -نيابة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين- عن الأسير محمود عارضة.

وقال المحامي للجزيرة نت "قبيل جلسة مداولات تقديم الاعتقال قدم جهاز الأمن العام (الشاباك) طلبا للمحكمة يحظر على المحامين الحديث لوسائل الإعلام عن كل ما يتعلق بقضية الأسرى الستة وسير المحاكمة والكشف عن أي تفاصيل من ملف التحقيقات أو التهم الموجهة، واستجابت المحكمة لهذا الطلب، وسمحت لنا بالحديث عن أوضاع الأسرى الصحية وموعد جلسات تمديد الاعتقال".

وينسجم هذا القرار مع إجراءات تعسفية وعقابية شرعت مصلحة السجون الإسرائيلية بتنفيذها تجاه 5 آلاف أسير فلسطيني، وقرابة 560 أسيرا من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات، بالسجون الأمنية والعسكرية، وعددها 23 سجنا، من أصل 32 سجنا تشرف عليها مصلحة السجون التابعة لوزارة الأمن الداخلي.

أبراج مراقبة وتحصينات عند مدخل سجن جلبوع (الجزيرة)

انتقام وعقوبات

ويعتقد المحامي فؤاد سلطاني الناشط، في قضايا الأسرى، أن السلطات الإسرائيلية ستصعد ضد الحركة الأسيرة بالسجون انتقاما من الأسرى الستة الذين فضحوا إخفاقاتها في عملية سجن "جلبوع" مشيرا إلى أن القضاء الإسرائيلي سينزل أقصى العقوبات بحق هؤلاء الأسرى ظنا منه أن ذلك سيكون عبرة للحركة الأسيرة، ورادعا لأي أسير يفكر بالهروب.

وفي حديثه للجزيرة نت، حذر سلطاني، الذي كان يترافع عن الأسرى من خلال جمعية أنصار السجين التي أغلقت بقرار عسكري إسرائيلي عام 2010، من مغبة أن تتمادى السلطات الإسرائيلية بالتصعيد ضد الأسرى وسحب منجزاتهم التي حققوها من خلال معركة الأمعاء الخاوية، داعيا القيادة الفلسطينية من مختلف الفصائل وضع قضية الأسرى على الأجندة وتدويلها، والعمل على تحرير على الأقل مئات الأسرى أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية.

ويتوقع المحامي أن يتم إنزال عقوبات مشددة بحق الأسرى الستة، تصل إلى عزلهم في زنازين انفرادية حديدية مغلقة تعزلهم عن العالم، وحتى عن الفضاء العام داخل المعتقل، إلى جانب إجراءات انتقامية من الحركة الأسيرة سعيا لتركيعها، وتخويف الأسرى من أي محاولات هروب مستقبلا، لكنه استبعد أن تنجح السلطات الإسرائيلية رغم إحكام قبضتها وتعزيز آليات المراقبة والتتبع الإلكتروني وأنظمة الحراسة التكنولوجية للسجون.

ونصرة للأسرى الستة وإحباط أي محاولة للتفرد والتنكيل بهم في غياهب الزنازين الإسرائيلية، دعا الحقوقي الذي يعنى بشؤون الأسرى إلى اعتماد إستراتيجية تقضي بمقاطعة محاكم الاحتلال العسكرية التي تحاكم الأسرى، قائلا "المحاكم العسكرية غير نزيهة وظالمة يجلس فيها قضاة بالأصل ضباط بالجيش، وغالبا من المستوطنين، يحاكمون الفلسطيني الذي يناضل ضد الاحتلال من أجل الحرية والاستقلال".

ردع وحرمان

ذات الموقف عبر عنه الأسير المحرر أمير مخول، ابن حيفا الذي تحرر من السجون الإسرائيلية في 5 مايو/أيار 2019، بعد عقوبة 10 سنوات قضى معظمها في سجن "جلبوع" مستذكرا يوم 4 أغسطس/آب 2014، حين أعلنت إدارة السجن إحباط محاولة هروب جماعية لأسرى بعد قيامهم بحفر نفق بطول 4 أمتار من مرحاض إحدى الزنازين.

وأوضح مخول -في حديثه للجزيرة نت- أن إدارة سجن "جلبوع" وعقب عملية الهروب عام 2014، فرضت إجراءات عقابية شاملة على مئات الأسرى الأمنيين، وشكك في إمكانية أن تكون هذه الإجراءات رادعا للأسير الذي يفكر كل لحظة بالحرية، مستشهدا بما حدث بعد 7 سنوات من تلك المحاولة، حيث كانت عملية أسطورية بهروب الأسرى الستة بحفر نفق على طول 21 مترا.

وللتغطية على إخفاقاتها وفشلها الاستخباراتي في إحباط عملية "نفق الحرية" يعتقد مخول أن مصلحة السجون ستنتقم من الحركة الأسيرة وتعاقب الأسرى عبر تقصير مدة الاستراحة في ساحة السجن "الفورة" وسحب عشرات الأصناف من المشتريات في الكانتين" والحرمان فترات طويلة من زيارة الأسرى، ومنع اللقاء بالمحامين والحرمان من العلاج، وإحكام القضبة الأمنية والاستخباراتية على السجون.

تحصين ورصد

وأوضح مخول أن فتحة النفق عند سجن "جلبوع" ترمز إلى بارقة أمل بالحرية للأسرى، وضخ الحياة في جسد الشعب الفلسطيني الذي أكد أن بوصلته للحرية والاستقلال هي الحركة الأسيرة.

ويعتقد أن الحكومة الإسرائيلية ستسعى لفرض المزيد من التحصينات على السجون الأمنية، وستستخدم أحدث التقنيات العمرانية والإلكترونية لمراقبة وحراسة السجون والزنازين وتعقب تحركات الأسرى، لكنه استبعد أن تمنع مثل هذه الإجراءات والمعدات والتحصينات الأسير المحكوم مدى الحياة بالهروب مستقبلا، بحيث إن فتحة النفق ستبقى خالدة في وجدان الشعب الفلسطيني وفي مخيلة الحركة الأسيرة.

المصدر : الجزيرة