أزمة الغواصات.. الإليزيه يتحدث عن خلفيات "الطعنة" وبايدن لا ينوي التراجع

الرئيس الفرنسي لم يتلق أي إشارة من أستراليا قبل انسحابها من صفقة الغواصات وفقا لما قاله الإليزيه (الأوروبية)

سعت الولايات المتحدة لتهدئة غضب فرنسا بسبب أزمة الغواصات، لكنها أكدت أنها لا تنوي التراجع، أما الاتحاد الأوروبي فقد ندد بالمعاملة التي لقيتها باريس، في حين تحدث قصر الإليزيه عن شكوك كانت تساوره بشأن هذا الأمر منذ يونيو/حزيران الماضي.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي خلال إفادة صحفية اليوم الاثنين إن واشنطن تعمل حاليا على تحديد موعد لمكالمة هاتفية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الأيام المقبلة.

وأضافت أن بايدن "سيؤكد التزام الولايات المتحدة بالعمل مع أحد أقدم الشركاء وأقربهم"، وأشارت إلى أنه سيتطرق في المكالمة إلى العمل الأميركي الفرنسي المشترك بالمحيطين الهادي والهندي وملفات أخرى.

بيد أن المتحدثة أكدت أن الولايات المتحدة لا تنوي التخلي عن اتفاق تزويد أستراليا بالغواصات النووية.

وفي وقت سابق، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الرئيس بايدن يسعى جاهدا من أجل إجراء تلك المكالمة الهاتفية مع نظيره الفرنسي.

ويأتي هذا وسط غضب باريس المتصاعد بعد انسحاب أستراليا من اتفاق لشراء غواصات فرنسية تقليدية، لصالح صفقة بديلة تبني بموجبها ما لا يقل عن 8 غواصات نووية بمساعدة تقنية من الولايات المتحدة وبريطانيا ضمن شراكة أمنية جديدة بين الدول الثلاث لمواجهة الصين، أطلق عليها اسم "أوكوس" (Aukus).

حسابات انتخابية

وعزا المسؤولون الأميركيون -حسب الصحيفة- الخلاف مع باريس إلى الحسابات الفرنسية الداخلية، إذ يسعى ماكرون للفوز بولاية رئاسية ثانية.

وذكرت الصحيفة أن بايدن يهدف إلى إنهاء المشاحنات بين البلدين عقب فسخ كانبيرا تلك الصفقة التي أبرمتها مع باريس عام 2016 بقيمة 40 مليار دولار.

وقالت الخارجية الأميركية اليوم الاثنين إن فرنسا "حليفتنا وشريكتنا الأقدم، وسنتحدث مع الفرنسيين عن الحاجة للشراكة والتعاون".

استنكار أوروبي

في المقابل، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين لبحث أزمة الغواصات، إن ما لقيته فرنسا من معاملة بشأن صفقة الغواصات مع أستراليا "غير مقبول"، وإن المفوضية تريد أن تعرف السبب.

وفي السياق نفسه، ندد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بما سماه "قلة وفاء" الولايات المتحدة في أزمة الغواصات.

وقال للصحفيين في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة إن الاتحاد الأوروبي يطالب واشنطن بتوضيح الأمر حتى يتسنى فهم النوايا وراء إعلان الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا "لأنه أمر لا يمكن تفسيره".

ويناقش الوزراء الأوروبيون تطورات صفقة الغواصات في اجتماع يعقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الساعة 22:00 بتوقيت غرينتش، وفقا لما صرح به متحدث باسم المفوضية الأوروبية، وسط قلق بشأن التداعيات المحتملة على محادثات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وأستراليا، والتي ستعقد جولتها المقبلة يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وقال رئيس لجنة التجارة بالبرلمان الأوروبي بيرند لانغ -في إفادة صحفية- "أظن أن هذا لن يؤدي إلى وقف المفاوضات والمحادثات مع أستراليا، لكنها ستكون أكثر تعقيدا".

من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن اتفاقية أوكوس ليست موجهة ضد أحد، بل هي وسيلة لمشاركة التقنيات.

وأكد جونسون -في تصريحات له اليوم الاثنين- أن علاقة بلاده بفرنسا "مهمة وتاريخية".

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان صرح السبت الماضي بأن بلاده تعيد تقييم موقفها تجاه حلفائها، واتهم أستراليا والولايات المتحدة بالكذب، كما اتهم بريطانيا بالانتهازية الدائمة، حسب تعبيره.

ومع تصاعد التوتر، قررت فرنسا أمس الأحد إلغاء اجتماع لوزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي بنظيرها البريطاني بن والاس، كان من المقرر عقده هذا الأسبوع في إطار المجلس الفرنسي البريطاني المشترك، وهي هيئة تأسست قبل نصف قرن لتعزيز العلاقات بين البلدين.

شكوك منذ أشهر

وفيما يتعلق بخلفيات الصفقة بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، التي وصفتها باريس بأنها "طعنة في الظهر"، قال قصر الإليزيه اليوم الاثنين إن الشكوك بدأت تساور فرنسا بشأنها في يونيو/حزيران الماضي.

وأضاف قصر الرئاسة الفرنسي أن الرئيس إيمانويل ماكرون اجتمع برئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون في باريس منتصف يونيو/حزيران الماضي، لكن لم تصدر أي تلميحات لإلغاء أي اتفاقات آنذاك.

وقال موريسون أمس إنه يتفهم خيبة أمل باريس إزاء تراجع أستراليا عن إتمام صفقة شراء الغواصات الفرنسية، لكنه أكد أن على بلاده أن تحمي مصالحها.

وتوجه رئيس الوزراء الأسترالي اليوم الاثنين إلى واشنطن للقاء زعماء مجموعة الحوار الأمني الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا.

المصدر : الجزيرة + وكالات