أي مصير للقوات الأفغانية بعد وصول طالبان إلى السلطة؟

Taliban forces stand guard in front of Hamid Karzai International Airport in Kabul, Afghanistan, September 2, 2021. REUTERS/Stringer TPX IMAGES OF THE DAY
مقاتل من حركة طالبان بمطار حميد كرزاي بالعاصمة كابل (رويترز)

كابل- استأنف عناصر من القوات الحكومية السابقة العمل في مطار كابل الدولي، وذلك بعد أن كانوا قد تخلوا عن مناصبهم إثر سيطرة حركة طالبان على البلاد، ويطرح هذا الأمر تساؤلات عدة بشأن مستقبل هذه القوات ومصيرها في ظل الوضع الجديد.

وعلى الرغم من أن بيان وزارة الدفاع التابعة لطالبان قد طالب الدوائر اللوجستية والإدارية والقسم التقني بالعودة إلى الوزارة واستئناف العمل فيها، فإنه وحتى الآن لم يستجب إلا القليل من الموظفين.

وكانت الولايات المتحدة قد بدأت عام 2002 تأسيس القوات الأفغانية التي بلغ عددها 300 ألف عنصر خلال عقدين من الزمن، إلا أن هذا العدد الضخم سرعان ما تلاشى، وبعد الانسحاب الأميركي سيطر مسلحو طالبان خلال 10 أيام على جميع أنحاء البلاد.

ومنذ بدء المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في الدوحة، كان الجميع يتحدثون عن مصير القوات الأفغانية.

مقاتلو حركة طالبان عقب سيطرتهم على أنحاء أفغانستان (رويترز)

مصير ووقائع

واتفق كل من المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد، والرئيس الأفغاني المنصرف أشرف غني، على أنه لا يمكن المساومة على مصير هذه القوات، وفي حال السلام مع حركة طالبان ستبقى هذه القوات لأنها للشعب وليست للنظام.

لكن الوقائع على الأرض كانت مخالفة لكل التوقعات، فلم تصمد القوات الحكومية أمام هجمات حركة طالبان التي صعّدت تحركاتها بعد الانسحاب الأميركي.

وقد أثبتت التطورات على الأرض أن الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية السابقة قد بالغتا في وصف قدرة هذه القوات في الصمود والوقوف في وجه طالبان.

ويقول الخبير العسكري أحمد جاويد للجزيرة نت "لا ألوم القوات الأفغانية بالتخلي عن الأسلحة وعدم الصمود أمام حركة طالبان " مشيرا إلى أن ما يبرر ذلك هو: تفشي الفساد والمحسوبية في الجيش وسوء القيادة، الأمر الذي كان سببا رئيسيا في انهيار هذه القوات.

وبيّن أنه، إضافة إلى ذلك، كانت القوات الحكومية تحتاج إلى الدعم الجوي من القوات الأميركية التي قللت عدد هجماتها من 16 غارة إلى 4 غارات يوميا.

ويرى الكثير من الأفغان أن على طالبان دمج هذه القوات مع مقاتليها، وتشكيل جيش وطني يلبي حاجة البلاد في الحفاظ عن أراضيها لأنه جيش نظامي، وحصل على تدريبات وتجارب أميركية على مدار عقدين.

يقول وكيل وزارة الإعلام ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت" تعمل طالبان على إعادة القوات إلى عملها مع إصلاحات بسيطة في القادة، وإنها سوف تعمل جنبا إلى جنب مع مسلحي طالبان الذين سيكونون جزءا مهما في تشكيل جيش جديد في أفغانستان".

وحسب تقارير رسمية، فقد بلغ عدد القوات الحكومية 300 ألف عنصر، في حين يتراوح عدد مسلحي حركة طالبان من 70 إلى 85 ألف مقاتل.

AA views Panjshir province, which is under control of the Taliban
عناصر من حركة طالبان يحتفلون بالنصر على القوات الحكومية (الأناضول)

دمج وصعوبات

وسيكون من الصعب على الحكومة الجديدة دمج هذه القوات، لأن بين الطرفين تاريخا من الصراع والثأر، إضافة إلى ذلك فإن عقيدة الجيش السابق كانت تتمحور حول مكافحة ما يسمى الإرهاب.

والسؤال الذي يطرح: كيف يمكن لجندي أن يغير من نظرته إلى من كان يقاتله حتى الأمس؟

ويقول مصدر حكومي سابق للجزيرة نت "رغم تصريحات مسؤولي طالبان بشأن إعادة القوات الحكومية السابقة إلى العمل، سيتجاوب عدد قليل مع هذه الدعوة لأمور كثيرة وأهمها فجوة الثقة بين الطرفين".

وبيّن المصدر ذاته أن باكستان تعارض تشكيل جيش يزيد عدده على 70 ألف عنصر لأنها تعتقد أن أي جيش قوي في أفغانستان يهدد أمنها القومي.

يشار إلى أن القوات الحكومية انهارت مرتين خلال 4 عقود ماضية، المرة الأولى بعد وصول المجاهدين السابقين إلى كابل عام 1992 وسقوط حكومة محمد نجيب الله آخر رئيس شيوعي، والمرة الثانية بعد سيطرة طالبان على العاصمة كابل وهروب الرئيس المنصرف أشرف غني.

جيش قوي

ويقول الكاتب والمحلل السياسي حكمت جليل، للجزيرة نت، إنه يجب على حركة طالبان أن تشكل جيشا قويا وأن تختار عناصره بعناية فائقة وأن تكافح المحسوبية والفساد.

وبيّن أنه سيكون أمام أي جيش تشكله طالبان مهمة صعبة وهي مقاومة تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، لأن الحركة لم تكمل تشكيل حكومتها، في حين تتحدث تقارير أميركية وغريبة عن احتمال عودة التنظيمين للتحرك.

وأضاف أن التحدي الآخر أمام طالبان يتمثل في تشكيل جيش وطني، خاصة وأن القوات الأميركية والأجنبية سحبت معها المعدات العسكرية ودمرت ما لم يكن بإمكانها أن تنقله.

ولفت إلى أن ما حدث بالمطار العسكري في كابل من تدمير الطائرات والمعدات العسكرية سيكون من الصعب تعويضه، مشيرا إلى قيام الولايات المتحدة بإجلاء أكثر من 25 ألف جندي من القوات الخاصة الأفغانية بالتزامن مع انسحابها مع أفغانستان، وتساءل عن الجدوى من هذه الخطوة.

كما لفت إلى ما قام به عدد من الضباط والطيارين من نقل أكثر من 45 طائرة تابعة للقوات الجوية الحكومية إلى خارج البلاد خاصة أوزبكستان منتصف أغسطس/آب الماضي حتى لا تسقط في أيدي طالبان، وربما أجبرت السلطات الأوزبكية هذه الطائرات على الهبوط في مدينة ترمز الحدودية مع أفغانستان.

وتشير تقارير إلى أن بعض الطائرات نقلت جنودًا أفغان هاربين من وصول مسلحي طالبان إلى مدينة مزار الشريف التي تضم أكبر قاعدة عسكرية بالولايات الشمالية من البلاد.

وقال مصدر في طالبان للجزيرة نت "رغم علاقتنا القوية مع أوزبكستان طالبناها بإعادة هذه الطائرات ولكنها لم تستجب حتى الآن، ونحن نخشى من أن تعاد مرة أخرى إلى المعارضة التي تقاوم الحركة في بعض المناطق الشمالية" من البلاد.

المصدر : الجزيرة