أفغانستان.. طالبان لن تقاتل في عطلة العيد إلا دفاعا عن النفس وموسكو لا ترى أي تهديد من الحركة لدول الجوار

أكد الرئيس الأفغاني أشرف غني وجود إرادة لدى حكومته في إقامة سلام عادل ودائم، في حين أكدت حركة طالبان اليوم الأربعاء أنها لن تقاتل خلال عطلة عيد الأضحى إلا للدفاع عن النفس.

واستدرك غني خلال زيارته فيلق القوات الخاصة جنوبي العاصمة أن العدو يجب أن يعلم أن رغبة السلام لا تعني الاستسلام، وفق تعبيره.

وشدد غني في معرض إشارته إلى ما وصفها بالعلاقة العميقة بين طالبان من جهة، وتنظيمات القاعدة وجيش محمد وعسكر طيبة من جهة أخرى، على أن الشعب الأفغاني ومن خلفه الحكومة لن يسمحوا أن تصبح بلادهم ملاذا للإرهابيين.

طالبان بوضعية دفاعية خلال العيد

من جهتها، أكدت حركة طالبان اليوم الأربعاء أنها لن تقاتل خلال عطلة عيد الأضحى إلا للدفاع عن النفس، لكنها لم تعلن وقفا رسميا لإطلاق النار، في حين ساد الهدوء جبهات القتال بين القوات الأفغانية وطالبان في أول أيام عيد الأضحى.

وتشن الحركة عمليات عسكرية واسعة في أنحاء أفغانستان سيطرت خلالها على أراض ومعابر حدودية وطوقت مدنا، مع قرب اكتمال انسحاب القوات الأجنبية.

وقال متحدث باسم طالبان لوكالة الصحافة الفرنسية "أستطيع أن أؤكد أننا في وضعية دفاعية خلال العيد"، من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وبدأت الاحتفالات بالعيد يوم الاثنين وستستمر حتى نهاية الجمعة المقبلة.

وفي أعياد إسلامية سابقة، أعلنت طالبان عن هدنة في القتال مع القوات الحكومية، وهو ما منح الأفغان مساحة للتنفس وزيارة عائلاتهم بأمان نسبي.

وفي خطوة أخرى، قال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إن الحركة قررت إطلاق سراح عشرات من قوات الحكومة الأفغانية في مختلف ولايات البلاد بمناسبة العيد.

وكان المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، سهيل شاهين، قال إن سيطرة الحركة على بعض المديريات تمت بعد انضمام قوات الأمن فيها إلى صفوف الحركة.

وأضاف شاهين في حوار مع شبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركية أن سياسة طالبان قائمة على التوصل إلى حل سلمي في أفغانستان، وإن هدف الحركة "هو إحلال حكومة إسلامية في البلاد بدلا من إدارة كابل".

اشتباكات تخرق هدوء الجبهات

وعلى الصعيد الميداني، ورغم حالة الهدوء التي سادت مختلف جبهات القتال بين طالبان والقوات الحكومية أول أيام عيد الأضحى، فقد نقل مراسل الجزيرة في أفغانستان عن مصدر بوزارة الدفاع الأفغانية أن مسلحي طالبان هاجموا نقطة تفتيش تابعة للقوات الأفغانية، في مديرية غازي آباد بولاية كونر شرقي أفغانستان.

وأضاف أن ثمة اشتباكات اندلعت بين القوات الحكومية ومسلحي حركة طالبان في مديرية غازي آباد في ولاية كونر شرقي أفغانستان.

وبالتوازي مع ذلك، أعلن مستشفى مرويس في مدينة قندهار عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 40 مدنيا خلال الـ24 ساعة الماضية معظمهم من النساء والأطفال.

ففي مديرية دند، أصيب 14 شخصا جراء غارة جوية للحكومة الأفغانية، و18 شخصا آخرين جراء العمليات القتالية.

وفي المديرية ذاتها، على طريق قرية ميانجي، قُتل اثنان من حركة طالبان جراء انفجار عربة كانت تقلهم، وفق ما أعلنت عنه غرفة عمليات الجيش الأفغاني.

من جهة أخرى، ذكر الصليب الأحمر أن فرقه العاملة في 7 مراكز لإعادة التأهيل البدني في جميع أنحاء أفغانستان، ساعدت ما يقرب من 80 ألف شخص منذ يناير/كانون الثاني الماضي، في وقت تشهد فيه البلاد تصاعدا للعنف.

روسيا لا تستبعد رجحان الكفة لصالح طالبان

وتعليقا على التطورات المتسارعة في البلاد، عبّر الكرملين عن قلق موسكو البالغ من تطورات الوضع في أفغانستان. وأشار المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إلى أن بلاده تراقب الأوضاع في أفغانستان عن كثب.

وأضاف أن موسكو -في هذا الشأن- على تواصل دائم مع شركائها في معاهدة الأمن الجماعي ودول جوار أفغانستان.

من جانبه، لم يستبعد مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف إمكانية استحواذ طالبان على السلطة، إذا راوحت العملية السياسية مكانها.

وكان كابولوف قد وصف سيطرة حركة طالبان على مناطق شمالي أفغانستان بالعامل الإيجابي الذي يوفر أمن شركاء روسيا في آسيا الوسطى.

وقال أمس الثلاثاء -في مناسبة نظمها منتدى فالداي للحوار- إن طالبان تشكل "عامل كبح للجماعات المتطرفة التي هدفُها ليس أفغانستان فحسب، بل آسيا الوسطى وباكستان وإيران".

وقال المسؤول الروسي "على عكس الحكومة الأفغانية، ناهيك عن القوى الأجنبية التي لم تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، بل وتعاونت معه، إن طالبان تحاربهم وتقضي عليهم. ولذلك، فإن طالبان في هذا الإطار تشكل عاملا إيجابيا من وجهة نظر المصالح الأمنية لشركائنا وحلفائنا في آسيا الوسطى".

ونفى مبعوث الرئيس الروسي لأفغانستان وجود أي دليل على تحرك لطالبان لاجتياز الحدود إلى طاجيكستان أو أوزبكستان.

وكانت طالبان سيطرت في الأسابيع الماضية على عدد من المديريات الحدودية مع طاجيكستان، وأدى تقدمها إلى هروب مئات الجنود الأفغان إلى طاجيكستان، قبل أن يعودوا إلى وطنهم بعد ذلك بأيام، وقد نشرت السلطات الطاجيكية المزيد من القوات على الحدود مع أفغانستان لمواجهة التهديدات القادمة من الدولة الجارة.

وأرسلت طالبان في الفترة الأخيرة وفودا إلى روسيا وطاجيكستان لبعث رسائل طمأنة بشأن تداعيات سيطرة الحركة على مناطق حدودية، وقد جاء التقدم الميداني لطالبان بالتزامن مع بدء القوات الأجنبية انسحابها من أفغانستان في مايو/أيار الماضي، والمرتقب أن يكتمل في نهاية الشهر المقبل.

وفي وقت سابق أمس الثلاثاء، قالت وزارة الخارجية الروسية إنه من السابق لأوانه الحديث عن انهيار حكومة الرئيس أشرف غني وإعادة تشكيل ميزان القوى في أفغانستان، وأضافت الوزارة أن قيادة طالبان سئمت الحرب، وتدرك أنه من الضروري البحث عن مخرج سياسي من المأزق في أفغانستان.

المصدر : الجزيرة + وكالات