واشنطن بوست: كيف قلب الوباء السياسة الألمانية رأسا على عقب؟

Germany Stops AstraZeneca Vaccinations For Women Under 60
أنجيلا ميركل أبرز ضحية سياسية للفوضى التي خلّفها الوباء بحسب الصحيفة (غيتي)

قالت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) الأميركية إن أزمة وباء كورونا قلبت المشهد السياسي في ألمانيا رأسا على عقب بشكل لم يكن يتوقعه أحد، في ظل ارتفاع مطرد لمعدلات الإصابة وعجز الحكومة عن توفير اللقاحات الكافية للمواطنين، بينما "تجلس على كومة من ملايين الجرعات غير المستخدمة".

وتضيف الصحيفة -في مقال للصحفي الألماني يان باتيسون- أن ما زاد الأمر تعقيدا، فضائح الفساد التي تفجرت داخل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم، والتحدي البالغ الأهمية الذي تواجهه الطبقة السياسية لإيجاد خليفة للمستشارة أنجيلا ميركل.

وأشارت إلى أن الشيء الوحيد الذي أظهرته الجائحة -لسوء الحظ- هو أن الأمر يتطلب مستشارا قويا لجعل النظام البيروقراطي الألماني يعمل، وهو ما يبدو أنه لن يتحقق على الأقل في المدى المنظور.

وأكدت أن الأمور لم تكن قبل عام بالسوء الذي تبدو عليه الآن، حيث نالت ألمانيا في وقت مبكر من الجائحة استحسانا دوليا بفضل نجاعة منظومتها لرصد وتتبع الفيروس وقرارها بالإغلاق المبكر ودعمها السخي للشركات المتضررة، خاصة إذا ما قورنت مثلا بالاستجابة الفوضوية التي تبنتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في الولايات المتحدة.

لكن مع ظهور سلالات جديدة من الفيروس وتحول تركيز السياسة الألمانية إلى التكيف المرن مع الوباء والإطلاق السريع لحملات التلقيح "تعثرت" السياسة الألمانية.

وبات الآن 14.6% فقط من المواطنين الألمان ملقحين بجرعة واحدة على الأقل، مقارنة مثلا بـ33.5% في الولايات المتحدة و46.7% في بريطانيا.

كما أن بعض القرارات التي اتخذتها السلطات محيرة بالفعل -وفق الصحيفة- حيث تمت الموافقة في البداية على لقاح أسترازينيكا -الذي أنتجته بريطانيا ويعد مكونا رئيسيا في جهود التطعيم الأوروبية- فقط للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاما، ثم للجميع، ثم تم بعد ذلك سحبه، ثم إعادته مجددا ثم اعتماده أخيرا للأشخاص فوق سن الستين.

أبرز الضحايا

وترى الصحيفة أن أبرز ضحية سياسية لحالة الفوضى هذه كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حيث تسبب الفشل في ترتيب الوضع الداخلي في حزبها بسبب الوباء في وضعها بموقف "البطة العرجاء"، كما أنها لم تعد ذلك "العملاق السياسي" الذي تغلب على المعارضة السياسية في 2015 لاستقبال 1.2 مليون لاجئ ومهاجر وتحولت على إثرها لشخصية ديمقراطية ليبرالية بارزة.

وقد أثر هذا الإخفاق -تضيف الصحيفة-، فضلا عن فضيحة تلقي العديد من أعضاء البرلمان رشاوى للحصول على عقود حكومية لمعدات طبية على صورة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم، حيث يميل الناخبون الآن إلى رؤيته كجزء من المشكلة.

وقد أدى تراجع الحزب وفق استطلاعات الرأي وأداؤه المتدني للغاية في الانتخابات المحلية التي شهدتها مؤخرا مقاطعتا بادن فورتمبرغ وراينلاند بفالتس قبل أشهر من موعد الانتخابات العامة، إلى جعل التحالفات الوطنية التي كان من الصعب تصورها في السابق تبدو فجأة ممكنة.

لكن الأكيد -تختم الصحيفة- أنه مهما كان خليفة ميركل في الخريف المقبل فسيكون مشغولا للغاية في محاولة إخماد الحرائق السياسية الداخلية وإدارة تحالفات متذبذبة للعب الدور المتوقع منه في العالم وفي معترك السياسة الألمانية.

المصدر : واشنطن بوست