رئيس الجزائر يكشف تفاصيل جديدة.. حفتر يتراجع أمام نيران الوفاق وبوادر تصدع صفوف أنصاره بالشرق

خسرت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر مواقع ميدانية جنوب طرابلس، وسط مؤشرات على تصدع صفوف أنصاره شرق البلاد، في حين كشف الرئيس الجزائري عن تفاصيل حول تسوية اقترحتها بلاده وتم تعطيلها في اللحظات الأخيرة "لحسابات سياسية".
 
وقال قائد كتيبة التوحيد المدخلية الداعمة لحفتر سابقا إن رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح "هو وليُّ أمر البلاد"، واعتبر أن الخروج عليه "غدر ونقض للبيعة".
 
وكان حفتر أعلن إلغاء اتفاق الصخيرات السياسي، ونصّب نفسه حاكما عسكريا لليبيا الاثنين الماضي، مما يعني تعطيل برلمان طبرق الذي يترأسه صالح.
 
من جانبها، قالت السفارة الأميركية في ليبيا إن السفير يتشارد نورلاند ورئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح أجمعا على عدم وجود حل عسكري في ليبيا.
 
وحسب بيان للسفارة، فقد اتفق الجانبان خلال مكالمة هاتفية على أهمية استمرار المفاوضات برعاية الأمم المتحدة.
 
كما اتفقا على أهمية احترام العملية الديمقراطية، وضرورة تجنب المحاولات الفردية لإملاء مستقبل ليبيا من جانب واحد وبقوة السلاح.
 
وحذر نورلاند من خطر استمرار الصراع المسلح الذي من شأنه توفير مناخ لإعادة تجميع المنظمات الإرهابية في كل أنحاء ليبيا، مؤكدا أهمية مكافحة الإرهاب هناك.
 
رفض بمجلس الأمن
وقال المندوب الليبي لدى الأمم المتحدة طاهر السني إن المندوبة الأميركية كيلي كرافت أكدت رفض بلادها ما أعلنه اللواء المتقاعد خليفة حفتر من أنه في حِلّ من اتفاق الصخيرات.
 
وأضاف السني -في تغريدة على تويتر- أن السفيرة الأميركية أكدت له في محادثة هاتفية أن موقف بلادها هو رفض المواقف الأحادية ومحاولة فرضها بقوة السلاح، والحرص على السعي لإيجاد حلول سلمية لدعم المسار الديمقراطي واستقرار ليبيا.
 
وفي السياق ذاته، أضاف المندوب الليبي بالأمم المتحدة أن المندوبيْن الألماني كرستوف هيوسغن، والروسي فاسيلي نيبينزيا اتفقا معه على أهمية الالتزام بقرارات مجلس الأمن وشرعية الاتفاق السياسي الليبي، ورفض بلديهما الإعلانات الأحادية، ودعمهما الدعوة إلى إيجاد حل سلمي للأزمة الراهنة.

ودعت كذلك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طرفي النزاع إلى استئناف المحادثات العسكرية المشتركة، بهدف التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار وفق الخارطة الأممية.

  
ولا تزال الاشتباكات قائمة في جنوب طرابلس بعد أكثر من عام على بدء حفتر هجومه على العاصمة الليبية.
  
وأسفر هذا النزاع عن سقوط مئات القتلى، ونزوح نحو مئتي ألف شخص. وقتل مدنيان الجمعة إثر سقوط قذائف في حي زناتة (جنوبي طرابلس)، وفق المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق أمين الهاشمي.
  
ونسبت قوات حكومة الوفاق الهجوم إلى القوات الموالية لحفتر.
  
وفي بيان صدر في وقت متأخر الخميس، أشارت البعثة الأممية إلى وجوب "اغتنام الطرفين الفرصة لوقف جميع العمليات العسكرية فورا، واستئناف المحادثات العسكرية"، وذلك بالاستناد إلى "الدعوات المختلفة لوقف إطلاق النار" خلال شهر رمضان ولمواجهة تفشي وباء كوفيد-19. 
  
وحثت البعثة جميع "الأطراف على الامتناع عن أي أعمال أو تصريحات استفزازية تهدد احتمالات تحقيق هدنة حقيقية واستدامتها".
  

الحل المعطل

من جانبه، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مساء الجمعة أن بلاده كادت أن تطلق مسارا لحل الأزمة الليبية، لكن جهات (لم يسمّها) عطلت هذا الحل لحسابات سياسية. 
 
وخلال مقابلة مع وسائل إعلام محلية بثها التلفزيون الرسمي، قال تبون "كنا قاب قوسين أو أدنى من الحل في ليبيا وإطلاق عملية سياسية، لكن المساعي فشلت".
 
وأضاف "هناك من عطل الجهود الجزائرية، لأنه يعتقد أن ذلك سيكون نجاحا دبلوماسيا وبروزا لها في المنطقة". من دون تحديد المعني بكلامه.
 
وتابع "حتى إفشال تعيين وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة مبعوثا أمميا في ليبيا كان في هذا السياق، لأن تجربته كانت ستسهم في الحل".
 
وبخصوص تصور بلاده للحل في ليبيا، قال "اقترحنا مجلسا أعلى يجمع الفرقاء، وتنبثق عنه حكومة توافق لتبدأ العملية السياسية، مشيرا إلى أن كل القبائل الليبية قبلت الحل الجزائري".
 
وشدد على أنه لن يكون هناك أي مسعى في ليبيا من دون مشاركة الجزائر؛ "هذا الأمر أبلغته لعدة مسؤولين ومبعوثين من مختلف الدول، ونحن لدينا تصور للحل، ونعتمد على الشرعية الشعبية هناك، وليست لدينا أطماع سياسية".
 
وأعرب الرئيس الجزائري عن أسفه "للانزلاقات الخطيرة التي حدثت مؤخرا"، وقال "لن نتخلى عن ليبيا. نحن في رمضان وأشقاؤنا يتقاتلون، ولا واحد يسعى لمعالجة وباء كورونا، هناك خراب في خراب من أجل السلطة، وإن شاء الله هؤلاء يرجعون لوعيهم. هناك بوادر سيئة جدا وإذا لم تنطفئ النار ستأتي على الأخضر واليابس".
 
الوفاق تتقدم
ميدانيا، واصلت قوات الوفاق تحقيق المكاسب العسكرية، وكثفت ضرباتها لخطوط إمداد قوات حفتر نحو مدينة ترهونة، وهي الشريان الرئيسي المغذي لحفتر في ضواحي طرابلس الجنوبية.
 
وقالت قوات الوفاق إنها قصفت حافلة كانت تقل مرتزقة بالقرب من بلدة نسمة، ونشر المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" صورة للحافلة وهي تحترق.
 
وكانت قد قصفت قبل ذلك شاحنة وقود وسيارتين مسلحتين جنوب شرق مدينة ترهونة، وذلك في إطار عملية بدأت مؤخرا لقطع الإمدادات العسكرية المتجهة نحو ترهونة.
 
كما جددت طائرات حكومة الوفاق استهداف آليات في قاعدة الوطية الجوية (جنوب غربي طرابلس)، التي يتحصن فيها مسلحون موالون لحفتر، وأسفرت الغارات الأخيرة عن عدة قتلى، وفق ناشطين.
وكانت حكومة الوفاق الوطني الليبية أعلنت في وقت سابق رفضها الهدنة التي اقترحها حفتر بمناسبة شهر رمضان، وقالت إن أي هدنة لا بد أن تكون بضمانات ورعاية دولية، مؤكدة أنها ستستمر في ضرب بؤر التهديد أينما كانت.
 
وبالتزامن، أعلن ثوار مدينة سبها الجنوبية تمسكهم بشرعية حكومة الوفاق، ورفضهم حكم العسكر، وإدانتهم هجوم حفتر على العاصمة وقصفه المدنيين.
 
جاء ذلك في بيان مصور نشرته وسائل إعلام محلية أمس، ويعد أول بيان من مدينة تخضع لسيطرة مليشيات حفتر، وقد ضم البيان توقيع أعيان المدينة وقادة للمجتمع المدني، فضلا عن الثوار.
 
وخلال الأسابيع الأخيرة، واجهت قوات حفتر انتكاسة كبيرة بعدما انتزعت قوات حكومة الوفاق -المدعومة من تركيا- مدينتي صبراتة وصرمان الإستراتيجيتين في الغرب، وتطوق حاليا ترهونة، أكبر قاعدة خلفية لقوات حفتر، وتبعد ثمانين كيلومترا جنوب شرق طرابلس.
المصدر : الجزيرة + وكالات