كيف تواجه حكومة مصر موجة كورونا الثانية؟

الدقهلية وهان المصرية من الكوليرا للكورونا
وزيرة الصحة المصرية (وسط) خلال أول تحرك لمواجهة الموجة الأولى لجائحة كورونا (رويترز)

مع ارتفاع عدد الإصابات والوفيات اليومية، أعلنت وزارة الصحة المصرية قبل أيام دخول البلاد الموجة الثانية من فيروس كورونا، ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى التزام إجراءات الوقاية، محذرا من تزايد أعداد الإصابات، كما تحدث رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن خطورة الموجة الجديدة مقارنة بالأولى.

ويبدو أن الإعلان الرسمي عن بدء الموجة الثانية من الوباء في مصر قد تأخر؛ حيث لمس المواطنون الخطر قبل نحو شهر مع الاكتشاف المتكرر لإصابات وصلت إلى المشاهير من فنانين ولاعبي كرة القدم، وفي مقدمتهم اللاعب العالمي محمد صلاح.

وكانت الحالات اليومية للإصابات في جميع المحافظات لا تتعدى 200 حالة خلال 3 أشهر الماضية وفق المعلن رسميا، وبدأت الازدياد التدريجي حتى تخطت 360 إصابة أمس الأربعاء. وبلغ إجمالي عدد الإصابات نحو 114 ألف إصابة، في حين وصلت حالات الشفاء إلى 102 ألف، وتخطت عدد الوفيات 6500.

ولا تتوقف الأمور عند حد ازدياد عدد الإصابات، حيث كشف مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية محمد عوض تاج الدين -في تصريحات متلفزة- عن سلالة جديدة شرسة تمتلك خصائص لم تكن موجودة في أي سلالات سابقة، ومن ضمنها قدرتها على العدوى السريعة.

كذلك رفع المركز الأميركي العالمي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) تقييم خطورة الجائحة بمصر إلى أعلى مرحلة، وهي المستوى الرابع.

خطوات حكومية

وأمام خطورة الموجة الثانية من الوباء، حذر السيسي المصريين من تزايد الإصابات بكورونا، قائلا إن "الوباء ما زال مستمرا، وحرصنا يجب أن يستمر، وكذلك إجراءاتنا للحفاظ على أنفسنا".

وفي كلمة مسجلة وجهها إلى المصريين الثلاثاء، أضاف السيسي أنه "خلال الموجة الأولى اتخذنا إجراءات كثيرة، واضطررنا إلى الإغلاق الجزئي، ولا نريد أن نصل إلى ذلك مجددا"، مطالبا بعدم التواجد في الأماكن المغلقة فترات طويلة، واحترام التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات.

بدوره، شدد رئيس الحكومة مصطفى مدبولي على تطبيق العقوبات المقررة في القانون عند مخالفة الإجراءات الاحترازية، وطالب الوزارات المختلفة باتخاذ ما تراه من إجراءات مناسبة وفق ظروف وطبيعة عملها؛ لتخفيف التزاحم في أماكن العمل، وإعطاء الأولوية في ذلك للعاملين من أصحاب الأمراض المُزمنة.

وفي الإطار نفسه، قدمت الحكومة إلى البرلمان -أمس الأول الثلاثاء- تقارير حول الجهود الرسمية المبذولة في سبيل التصدي للوباء، وذلك منذ بدء الإعلان عن ظهوره وحتى المرحلة الراهنة.

وأشار التقرير إلى تطبيق الإجراءات الوقائية، وحظر حركة المواطنين، والحد من التجمعات، وتعزيز البنية التحتية الطبية، وتوفير المستلزمات والسلع الإستراتيجية، والحد من تداعيات كورونا على المواطن والاقتصاد المصري، وعودة المصريين العالقين في الخارج، والتوعية الإعلامية ومواجهة الإشاعات.

ومن بين الجهود الرسمية التي تضمنها التقرير تخفيض عدد العاملين في المصالح والأجهزة الحكومية، والتعليق المؤقت للعمل في بعض الجهات، كالمحاكم، مع توفير أجهزة قياس الحرارة، وتدبير الاحتياجات اللازمة من مواد التطهير، وتعميم الإرشادات داخل المقرات المختلفة للتوعية.

كذلك استصدار مجموعة من القوانين والقرارات؛ من بينها رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وترشيد الإنفاق العام، وتخصيص 100 مليار جنيه لتمويل خطة الدولة لمواجهة تداعيات الفيروس.

أين اللقاح؟

ومع إعلان عدد من شركات الأدوية العالمية اكتشاف واعتماد لقاحات لفيروس كورونا المستجد، بدأت التصريحات الحكومية طمأنة المواطنين بخصوص قرب الحصول عليها وتوفيرها.

غير أن التصريح الحاسم كان على لسان الرئيس السيسي، الذي أكد أن اللقاح لن يكون متوفرا في البلاد إلا في سبتمبر/أيلول المقبل، معتبرا أن اللقاح الحقيقي في الفترة الحالية هو الوعي.

وكانت وزيرة الصحة هالة زايد أعلنت حجز 20% من احتياجات مصر من لقاح كورونا، الذي تنتجه شركة فايزر (Pfizer) الأميركية، و30% من لقاح أوكسفورد (Oxford) في بريطانيا.

جاهزية المستشفيات

ومع تخوف المواطنين من تكرار تجربة الموجة الأولى من الجائحة، التي شهدت تزاحما على المستشفيات، وعدم توفر أسرة بأقسام العناية المركزة تكفي الحالات التي بحاجة إلى الرعاية؛ أصدرت وزارة الصحة بيانا تضمن رسائل لطمأنة المواطنين.

وأكدت الوزارة توافر جميع المستلزمات الطبية بكافة المستشفيات الحكومية، وأن هناك مخزونا إستراتيجيا كافيا منها، موضحة الرصد المستمر لموقف توافر المستلزمات بشكل يومي من خلال نظام إلكتروني لإمداد المستشفيات بكافة الاحتياجات اللازمة على الفور.

كذلك تم تشكيل غرفة أزمات مركزية لمتابعة سير العمل بالمستشفيات، لإمداد الفرق الطبية بالدعم الإكلينيكي من خلال الاستشارات الطبية للتعامل مع الحالات المصابة وبروتوكولات العلاج، مع تكثيف البرامج التدريبية بمستشفيات الحميات والعزل.

وفي وقت سابق، أعلنت الحكومة ضخ 11 مليار جنيه لدعم القطاع الطبي، وتلبية الاحتياجات المُلحة، وتخصيص 2.8 مليار جنيه لزيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75%.

إلى ذلك، تم تفعيل عمل 340 مستشفى عامة ومركزية لتقديم الخدمة الطبية لمصابي كورونا، والانتهاء من تحويل 77 مستشفى حميات وصدر إلى مستشفيات عزل، وتخصيص 31 مستشفى جامعيا للعزل الصحي والعلاجي، بالإضافة إلى الإعلان عن جاهزية 26 مدينة جامعية لتكون مستشفيات عزل.

وجه مغاير

وبالنظر إلى ما تعلنه الحكومة من تصريحات عن جاهزيتها للموجة الثانية من الفيروس تبدو الصورة وردية ومحفزة لعدم القلق، غير أن هناك وجها مغايرا يكشف عنه الأطباء أنفسهم.

وفي هذا السياق، تساءلت وكيل نقابة الأطباء الأسبق الدكتورة منى مينا عن التحركات الحكومية تجاه الأطباء الذين يتساقطون يوميا بسبب العدوى بالفيروس أثناء عملهم.

وأكدت -عبر حسابها على فيسبوك- أن نسب الإصابات والوفيات بين الأطباء في مصر عالية للغاية، وتمثل أضعاف النسب في دول أخرى يجتاحها الفيروس بشراسة مثل إيطاليا وإنجلترا.

وأشارت مينا إلى أن أرقام الوفيات بين الأطباء غير دقيقة، لأن الحكومة لا تحصي أي إصابة أو وفاة لم تجر لها مسحة، واستطردت "كلنا عارفين إن موضوع المسحة دا صعب جدا وفي زملاء أصيبوا واتوفوا في المستشفيات دون أن تتم عمل مسحة لهم".

ووصل عدد الأطباء المتوفين بفيروس كورونا إلى 208 أطباء -وهم من أجريت لهم مسحات- من إجمالي 6573 وفاة في مصر، أي أن نسبة الوفاة بين الأطباء وصلت إلى 3%، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بإيطاليا التي لم تتجاوز 1.2%، وإنجلترا التي لم تتعد 0.5%.

وفي مقال له حمل عنوان "رسالة إلى وزيرة الصحة"، نقل الدكتور صلاح الغزالي حرب، أستاذ الأمراض الباطنة بقصر العيني والرئيس السابق للجنة القومية لمكافحة مرض السكر؛ رسالة عن زميل له يعتبر فيها ما يصدر من وزارة الصحة بشأن الإصابات والوفيات اليومية غير واقعي.

وأكد حرب التزايد المتسارع في أعداد المصابين، خاصة مع دخول موسم الإنفلونزا الموسمية، لافتا إلى حدوث خلط شديد بين الحالتين حتى بين الأطباء، مما يستدعي رفع درجة الاستعدادات في جميع المستشفيات.

وحذر من الاستهانة بالموجة الثانية من الوباء، وتابع أنه "لا يجب أبدا أن يتكرر ما شاهدناه جميعا في المؤتمرات الانتخابية الأخيرة في أماكن كثيرة لبعض المرشحين، ضاربين عرض الحائط بكل التعليمات الصحية بكل أسف".

وأبدى أستاذ الأمراض الباطنة اندهاشه من التصريحات الأخيرة لوزيرة الصحة بشأن أن الأبحاث أظهرت زيادة عدد المصابين بالفيروس عند المقيمين في منازلهم، مقارنة بالمتواجدين خارجها.

المصدر : الجزيرة