تعرف على هواتف زعماء أفارقة صُممت لمواجهة التجسس

Alassane Ouattara (L) speaks on his mobile phone at the Golf Hotel, his headquarters in Abidjan December 27, 2010. An election meant to resolve Ivory Coast's decade-long political crisis has resulted in two rivals claiming the presidency, with incumbent Laurent Gbagbo defying world pressure to hand over to Ouattara. The standoff has killed more than 170 people, according to the United Nations, and threatens to push the West African country back into civil war. REUTERS/Thierry Gouegnon (IVORY COAST - Tags: POLITICS CIVIL UNREST MILITARY)
رئيس ساحل العاج الحسن واتارا يتحدث في هاتفه بأحد فنادق عاصمة بلاده أبيدجان (رويترز)

يحرص رؤساء دول القارة الأفريقية على تحصين هواتفهم من محاولات التجسس عليها باختيارات مختلفة، حيث إنهم يعرفون القدرات الهائلة التي تمتلكها كبريات الشركات المتخصصة في التجسس الإلكتروني.

وذكرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية في آخر عدد لها أن العديد من قادة دول غرب أفريقيا يعتمدون على التكنولوجيا الفرنسية لحماية هواتفهم من الاختراق، إذ استخدم رؤساء فرنسا السابقون جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند هاتف "تيورم" (Teorem)، وهو جهاز مؤمن بشكل كبير، ويتوفر على أزرار وليس شاشة لمس، وصنعته شركة "تاليس" الفرنسية.

ولكن استخدام هذا الهاتف يبقى مملا للغاية، لدرجة أن الرئيس السابق ساركوزي اعترف بأنه يكره ذلك الهاتف.

لكن الشركة الفرنسية اشترت في السنوات القليلة الماضية شركة "إركوم"، وأضافت إلى هاتف تيورم تقنية التشفير الذكي، التي طورتها شركة سامسونغ الكورية الجنوبية، وتهدف هذه التقنية إلى حماية المكالمات والبيانات الموجودة في الهاتف.

أما الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون فيستخدم التقنية المذكورة سابقا على جهاز "غالاكسي إس7" المزود بشاشة لمس، ولكن بمفتاح مقاوم للاختراق، وبرقاقة تحمي بيانات الهاتف.

وصممت هاتف ماكرون شركة "أورنج سايبرديفانس" الفرنسية، ليكون بمثابة صندوق أسود، بحيث يتم تدمير البيانات الموجودة فيه عن بعد بمجرد أن يتعرض للضياع أو للسرقة.

خيارات أخرى
إلا أن زعماء آخرين في القارة الأفريقية يفضلون استخدام هواتف أخرى بكلفة أقل، ومن ذلك هاتف "هوكس" الذي طورته شركة "بيل" الفرنسية، ثم تولت الأمر شركة "أتوس"، وهي شركة أوروبية متعددة الجنسيات مقرها في فرنسا، ويبلغ ثمن هذا الهاتف ألفي يورو.

كما يستعمل آخرون هاتف "سكتيرا إيدج" من تصنيع شركة "جنرال دايناميك" الأميركية، وسعره أقل من ثلاثة آلاف يورو، فضلا عن هاتف "بلاك فون" الذي طورته شركة سايلت سيركل" الأميركية أيضا، وثمنه يقارب 550 يوروا، إضافة إلى هاتف "غرانيت فون" من إنتاج شركة "أرشوس" الفرنسية، وقيمته نحو ثمانمئة يورو.

وأشارت الأسبوعية الفرنسية المتخصصة في الشأن الأفريقي إلى أنه يُعتقد أن الرئيسين الرواندي بول كاغامي والسنغالي ماكي سال عميلان وفيان لهواتف شركة "بلاكبيري" الكندية، التي تحقق منتجاتها نجاحا على الصعيد القاري.

وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس توغو "فاور جناسينجبي" الذي كان من أوائل رؤساء الدول الأفريقية الناطقة باللغة الفرنسية الذين تواصلوا قبل 15 عاما عن طريق الرسائل النصية القصيرة (إس أم إس).

وإذا كان الرئيس الغيني ألفا كوندي، الذي لا يسافرا أبدا من دون ثلاثة أو أربعة هواتف محمولة، قد تحول في مراسلاته من الرسائل الهاتفية القصيرة إلى التراسل عن طريق واتساب، ثم إلى تلغرام؛ فإن رؤساء دول أفريقية أخرى ما زالوا ينتمون إلى جيل ما قبل الاستقلال، فهم يعتمدون أساليب أكثر راديكالية.

فرؤساء الكاميرون بول بيا، والكونغو دينيس ساسو نغيسو، ومالي بوبكر كيتا، وجيبوتي إسماعيل عمر غيلة لا يردون على المكالمة الواردة على هواتفهم، ويستخدمونها بطريقة انتقائية للغاية.

‪الرئيس السنغالي ماكي سال يجري مكالمة هاتفية داخل منزله في العاصمة داكار‬ (رويترز)
‪الرئيس السنغالي ماكي سال يجري مكالمة هاتفية داخل منزله في العاصمة داكار‬ (رويترز)

نوكيا قديم
وأما رئيس ساحل العاج الحسن واتار فإنه يحتفظ إلى جانب هاتفه المحمول بهاتف نوكيا من الطراز القديم، وهو يثق فيه تماما على ما يبدو.

وإسوة برؤساء دول أفريقيا، تعلمت أغلبية الشخصيات السياسية في القارة كيف تتلاعب بالتقنيات المختلفة لمواجهة الآذان الكبيرة التي تترصد هواتفها؛ ففي السنوات الأخيرة أصبح من الشائع أن يجري الحوار التالي بين القيادات السياسية "مرحبا، هل يمكننا الحديث؟" فيرد الآخر "نعم بالطبع، ولكن ليس على هذا الخط".

فقد انتقل المعارضون في أفريقيا منذ مدة طويلة للتراسل بينهم بواسطة تطبيق واتساب اعتقادا منهم -خطأ أو صوابا- بأن هواتفهم المحلية تخضع لتنصت الأجهزة الأمنية في دولهم.

المعارضون وواتساب
ويقول أحد هؤلاء المعارضين إن هذا الأمر إجراء أمني، في حين يرد عليه أحد المتخصصين في مجال تكنولوجيا الهواتف ضاحكا "إنه الوهم، فمعظم الحكومات تتوفر على التكنولوجيا القادرة على إحباط بروتوكولات التشفير التي يعتمدها تطبيق واتساب"، وهو التطبيق الذي اشتراه عملاق مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عام 2014.

ويضيف الخبير التقني أن اعتراض رسائل واتساب هي أكثر تعقيدا من اعتراض الرسائل النصية القصيرة، ولكن الأمر قابل للتنفيذ، لأن ثمة أبوابا خلفية يمكن استغلالها للدخول إلى نظام واتساب.

ويعمد بعض المسؤولين في أفريقيا إلى طريقة أكثر ذكاء، إذ يكشف مسؤول رفيع المستوى من جمهورية أفريقيا الوسطى عن أنه انتقل لاستخدام تطبيق تلغرام الذي طورته شركة روسية.

وقد بنى هذا التطبيق –الذي تتخذ الشركة التي طورتها من برلين مقرا لها- سمعته عالميا على صرامته في تشفير البيانات من رسائل نصية وصور ومقاطع فيديو ومكالمات، ونتيجة لذلك تفضل العديد من الشخصيات تلغرام على واتساب.

الأبواب الخلفية
إلا أن مجلة "جون أفريك" تنقل عن الخبير التقني السابق قوله إن الأمر "مجرد ذر للرماد في العيون، فالأبواب الخلفية الشهيرة موجودة أيضا في تلغرام".

ويقول الكثير من المتخصصين في أمن أجهزة الهواتف إن الخيار الذي يميلون إليه أكثر هو استخدام تطبيق "سيغنال"، الذي روج له المتعاقد السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن، الذي سرب قبل سنوات معلومات ضخمة عن كيفية ونطاق التجسس الذي تقوم به أجهزة الاستخبارات الأميركية بمختلف أنحاء العالم.

وطورت "سيغنال" شركة "أوبن وايسبر سيستم"، ومقرها سان فرانسيسكو، التي تمول نفسها عن طريق التبرعات، والدعم الذي تقدمه "مؤسسة سيغنال" غير الربحية.

ويقارن الخبير التقني السابق بين واتساب وتلغرام من جهة، وبين سيغنال من جهة أخرى بالقول "واتساب وتلغرام مثل السيارات التي تسير في طريق سريع، في حين أن سيغنال شاحنة مصفحة تسير في نفق، ومع ذلك فإن ثمة دائما طريقة لاختراقه شريطة أن تدفع كلفة ذلك".

المصدر : جون آفريك