غضب في إيرلندا وأسكتلندا تريد الانفصال.. هل ينفرط عقد المملكة المتحدة بعد البريكست؟

epa08120052 Thousands of campaigners for Scottish independence wave Scottish, Catalonian, Lion Rampant and other flags as they attend the All Under One Banner (AUOB) march through Glasgow, Scotland, Britain, 11 January 2020. According to reports, several thousand supporters of Scottish independence took part in the protest march. EPA-EFE/Robert Perry
الدعوة إلى الانفصال تستقطب الآلاف من القوميين في أسكتلندا (الأوروبية)

الجزيرة نت-لندن

جدد استعداد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي الحزازات التاريخية بين لندن والدول المنضوية تحت التاج البريطاني، وخصوصا أسكتلندا التي عادت للمطالبة بحقها في تنظيم استفتاء جديد للانفصال عن المملكة المتحدة.
 
ورغم معارضة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسن الذي لا يريد أن ينفرط عقد المملكة في عهده، فإن المشهد في أسكتلندا يشهد حالة من التعبئة للضغط على الحكومة البريطانية للقبول باستفتاء جديد بعد الاستفتاء الأول الذي تم تنظيمه سنة 2014 ورجّح كفة البقاء وعدم الانفصال.
 
وفي الانتخابات البريطانية الأخيرة، فاز الحزب الوطني الأسكتلندي بـ48 مقعدا من 59 مخصصة للبلاد في البرلمان، كما حصل على حوالي 48%من أصوات الناخبين في أسكتلندا.

وعقب هذا الفوز، خاطبت نيكولا ستيرغن زعيمة الحزب بوريس جونسون تطالبه بمنح بلادها الحق في تنظيم استفتاء جديد للانفصال عن المملكة المتحدة، لكن جونسون رفض هذا الطلب مؤكدا في خطاب رسمي موجه للحكومة الأسكتلندية أنه "لن يقبل بأي طلب حول تنظيم استفتاء جديد حول الانفصال".

ونقلت تقارير إعلامية بريطانية عن قادة في حزب المحافظين قولهم "إنه سيتعين على ستيرغن الانتظار طويلا دون الحصول على ما تريد"، لكنها بدت واثقة من الانفصال الذي اعتبرته "مسألة وقت، وأنه قد آن الأوان لإنهاء هذه الوحدة التي دامت أكثر من ثلاثة قرون".

‪نيكولا ستيرغن تخوض حملة غير مسبوقة لحشد التأييد للانفصال عن المملكة المتحدة‬ نيكولا ستيرغن تخوض حملة غير مسبوقة لحشد التأييد للانفصال عن المملكة المتحدة (غيتي-أرشيف)
‪نيكولا ستيرغن تخوض حملة غير مسبوقة لحشد التأييد للانفصال عن المملكة المتحدة‬ نيكولا ستيرغن تخوض حملة غير مسبوقة لحشد التأييد للانفصال عن المملكة المتحدة (غيتي-أرشيف)

تعبئة
وتخوض ستيرغن حملة تعبئة غير مسبوقة في أسكتلندا من أجل حشد الرأي العام للالتفاف حول فكرة الانفصال، مستغلة نزعة قومية أسكتلندية انتعشت بفعل انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.

ويحضّر الحزب الوطني الأسكتلندي لمسيرة كبرى من المتوقع أن يشارك فيها عشرات الآلاف ممن يطالبون بالانفصال، في وقت أظهرت فيه نتائج آخر استطلاعات الرأي في أسكتلندا أن أنصار فكرة الانفصال تعدوا حاجز الـ50% منذ بداية مسار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

من جهتها، تعمل الحكومة البريطانية على إغراء الرأي العام في أسكتلندا، فقد وعد جونسون بأنه سيزيد الأموال المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والأمن فيها، وأطلق مشروعا لتحسين النظام الصحي هناك، وهو يلعب هذه الورقة لكي يظهر لستيرغن أن أسكتلندا لن تكون وحدها قادرة على توفير هذه الميزانيات.

ومن المستبعد قبول جونسون بعقد مفاوضات جديدة مع ستيرغن حول استفتاء الانفصال، خصوصا في السنوات الأولى لانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك تظهر نتائج استطلاع للرأي أجراه موقع "يوكوف" أن 63% من القاعدة الانتخابية لجونسون قالت إنها "ستكون سعيدة" في حال انفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة، بينما أظهر استطلاع رأي آخر أن هذه النسبة تصل إلى 76%.

ودوافع هذه الكتلة هي نفسها التي دفعتهم للتصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي، فهم يرون في بريطانيا "منجما للذهب" يريد الجميع استغلاله، ويعتبرون أن الوقت قد حان لكي تعود ثروات بريطانيا لأهلها؛ وكما تم التخلص من "عبء" الاتحاد الأوروبي فيجب التخلص من "عبء أسكتلندا".

‪جونسون لا يريد أن يكون آخر رئيس وزراء
‪جونسون لا يريد أن يكون آخر رئيس وزراء "للملكة المتحدة"‬ (رويترز)

تحذيرات
وترى عضوة حزب العمال في أسكتلندا ومرشحته في الانتخابات الماضية فاتن حميد أن تنظيم استفتاء جديد حول نفس الموضوع "إجراء معاد للديمقراطية، وإلا فإن هذا الأمر سيفتح الباب أمام فوضى الاستفتاءات، ففي الأعراف الديمقراطية يكون الاستفتاء مرة واحدة ولا يعاد".

وتعتبر أن الحملة المؤيدة للانفصال "تطرح الكثير من المغالطات، ومن بينها أن بريطانيا تستغل نفط أسكتلندا، وهذا أمر غير صحيح، فهناك اتفاقية تم توقيعها سنة 1969 حول ضريبة أرباح النفط تذهب لخزينة أسكتلندا، وأن ديون أسكتلندا تفوق ديون بريطانيا ولو انفصلت عن المملكة المتحدة فلن يقبل الاتحاد الأوروبي بعضويتها".

وتمضي فاتن في تحذيراتها قائلة إن "الخروج من المملكة المتحدة يعني مغادرة العديد من الشركات للبلاد، وارتفاع نسبة البطالة، ونحن أمام خيارين: الأول هو الضغط لزيادة الموارد المخصصة للبلاد والبقاء مع المملكة، أو الانفصال والدخول في أزمة اقتصادية غير مسبوقة".

وأضافت أن ستيرغن "نجحت في إحياء النزعة القومية لدى الأسكتلنديين لدرجة أن بعض أعضاء حزب العمال وحتى المحافظين باتوا يؤيدون فكرة الانفصال".

وإذا كان اتفاق الوحدة بين المملكة المتحدة وأسكتلندا الذي عقد قبل ثلاثة قرون يعيش حالة من الترنح هذه الأيام، فإن الأمر نفسه ينطبق على اتفاق "الجمعة العظيم" الذي عقد سنة 1998 وأنهى الصراع الدامي بين بريطانيا وجمهورية إيرلندا وأودى بحياة 3500 شخص.

وبدأ التلويح بالعودة إلى العنف مجددا عندما حذر متحدث باسم الجيش الجمهوري الإيرلندي من أن "أي حدود صلبة قد تفصل بين الإيرلندتين -مثل وضع الأسوار أو البوابات الإلكترونية- ستكون هدفا مشروعا" لهذه المنظمة شبه العسكرية، وذلك في رد على تقارير تقول بوضع بوابات إلكترونية بين جمهورية إيرلندا والجزء التابع للمملكة المتحدة.

وأعلنت الحكومة البريطانية أنها ستقيم حدودا بحرية وليست برية، مما أثار حفيظة الإيرلنديين من أنصار الوحدة مع المملكة المتحدة الذين كانوا سباقين لإثارة الصراع في بداياته، وهناك مخاوف من أن يكونوا هذه المرة أيضا مبادرين لأي استفزاز لو شاهدوا أن الجمهوريين يحاولون الاستفادة من "البريكست" لتقوية وضعيتهم.

المصدر : الجزيرة