أغلال البشير تكسّرت.. صحافة السودان تعانق الحرية وتقول ما تشاء

الصور للعاملين في وحدة الانتاج التلفزيوني والإذاعي التابعة للثوار في ساحة الاعتصام،
وحدة الإنتاج الإعلامي تبث التقارير والبيانات والأغاني من مقر الاعتصام (الجزيرة)

أحمد فضل-الخرطوم

في كلية علوم الأشعة بجامعة الخرطوم المطلة على ساحة الاعتصام، أقام الثوار وحدة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، في محاولة لتوثيق يوميات الاعتصام الذي امتد لأسبوعين والثورة التي أكملت شهرها الرابع.
 

ويغلب على العاملين في "إعلام الثورة" فئة الشباب، لكنْ ثمة مخضرمون يقدمون النصح والمؤازرة مثل المخرج عبادي محجوب.

وكان الإعلام الرسمي ممثلا في مجموعة قنوات وإذاعات حكومية، مصدر حنق لدعاة الاحتجاجات لبعده عن واقع الشارع، وحتى بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، ظل الإعلام الرسمي مترددا ولا يحظى بترحيب المعتصمين.

واضطر تجمع المهنيين السودانيين إلى إصدار توجيه للمعتصمين دعاهم فيه لعدم التعرض للإعلاميين.

ورغم أن موكب السادس من أبريل/نيسان الجاري وما لحقه من اعتصام أمام قيادة الجيش، قاد لخلع البشير، فإن التغيير في منظومة الإعلام الرسمي بدا بطيئا، ولا يزال أنصار النظام المخلوع يتحكمون في مفاصله.

وكان مستغربا تعيين المجلس العسكري الانتقالي لعبد الماجد هارون، أبرز وجوه حزب البشير في مجال الإعلام، وكيلا لوزارة الإعلام، لكن تمت إزاحته بعد ساعات من القرار تحت ضغط الصحفيين.

عهد التحرر
لكن وحدة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي التي أقيمت في ساحة الاعتصام، تعكس بالفعل أن الصحفيين تحرروا من قيود القمع وكسروا أغلال الخوف.

هذه الوحدة يديرها إعلاميون وإعلاميات أغلبهم يعملون في الأجهزة الرسمية وعانوا إبان حقبة البشير من التضييق الإعلامي، بل إن بعضهم تعرض للتشريد لتأييده الاحتجاجات الأخيرة.

وتقول منال فتح الرحمن -وهي منتجة برامج كانت تعمل في قناة النيل الأزرق- إن الوحدة تهدف لتوثيق الاعتصام حاليا والثورة بكاملها في وقت لاحق.

وبينما تهم بالمغادرة لإعداد مادة عن المتاريس في الشوارع المؤدية إلى ميدان الاعتصام، تؤكد منال أن ما ينجزونه في هذا المكان محاولة لاسترجاع الإعلام السوداني بعد "تحرير" أجهزة الدولة بصورة عملية.

وطوال عهد البشير عملت الصحافة والقنوات والإذاعات تحت رقابة جهاز الأمن والمخابرات، وطالما تعرضت للإيقاف والمصادرة والضغوط تحت ذريعة تهديد الأمن القومي.

وبشأن المنصات التي ستبث منتوج الوحدة، تقول منال للجزيرة نت إن ثمة قنوات حكومية وخاصة تواصلت معهم وطلبت مواد لبثها، كما أنهم سيبادرون بالاتصال بالقنوات لمدها بتقارير وأفلام وثائقية.

‪الصحفيون العاملون في الوحدة كرّسوا وقتهم لنصرة الثورة‬ (الجزيرة)
‪الصحفيون العاملون في الوحدة كرّسوا وقتهم لنصرة الثورة‬ (الجزيرة)

منصات بديلة
وفي حديث للجزيرة نت، يقول نصر الدين عبد الله إن إعلاميي الثورة لم ينتظروا القنوات الفضائية، وإنما وفروا منصات بث بديلة مستفيدين من مواقع التواصل الاجتماعي.

وأفاد بأن وحدة الإنتاج التلفزيوني التابعة للثوار الآن تبث مواد عبر فيسبوك، وتعمل حاليا على تجهيز قناة على يوتيوب.

ويشير عبد الله إلى أن هذه الوحدة تشكلت تطوعا لدعم صورة الثورة وتقديم صورة لساحة الاعتصام تتوافق مع مطالب ثورة السودانيين وتتصدى للثورة المضادة عبر رسائل إيجابية تعكس الحقيقة كما هي.

وعانى تلفزيون السودان والإذاعة القومية من صدمة عندما اضطر للانحياز للشارع بعد ثلاثين عاما من خط تحريري يعبّر عن النظام المخلوع.

وظلت أسماء بعينها طوال ثلاثة عقود تحظى بتبادل مناصب المدراء العامين في التلفزيون والإذاعة القوميتين ووكالة السودان للأنباء.

ويوم الخميس الماضي صدر أمر باعتقال مدير تلفزيون السودان محمد حاتم سليمان، وهو قيادي في حزب المؤتمر الوطني.

undefined

بنية تحتية
ويقول مسؤول المنتجين في وحدة إعلام الثورة ياسر عوض إن الوحدة شُكّلت من إعلاميين محترفين يعملون في القنوات والإذاعات السودانية ومنتمين للثورة فعلا وقولا ورؤية.

ويضيف عوض -وهو منتج يعمل في قناة الشروق الفضائية القريبة من الحكومة السابقة- أن وحدة الاعتصام شكلت لتكون معبّرة عن نهج الثورة وخطها الإعلامي ولتوثق يوميات الحراك في شكل أفلام وثائقية وتقارير وتنويهات.

وتمكّن المعتصمون من تعزيز بنية تحتية تساعد على تجويد خدمة الاتصالات في ساحة الاعتصام عن طريق نصب برج لتقوية خدمة الاتصالات والإنترنت.

وكانت الساحة تعاني من رداءة خدمة الإنترنت إما بسبب تعليق الخدمة في المنطقة بأمر السلطات في أيام الاعتصام الأولى، وإما بسبب كثافة المستخدمين.

كما تمكنت لجان الاعتصام من توفير مولد ضخم احتياطي لتقطع الكهرباء المتزايد خلال فصل الصيف، مما يعني أن الاعتصام سيطول إذا لم ينفذ المجلس العسكري مطالب الثوار.

وتبث وحدة إعلام الثورة الأغاني الوطنية من نقاط عدة على امتداد شارع القيادة العامة للجيش للإبقاء على حماس المعتصمين في أحسن حالاته، وبث توجيهات تنظيمية.

المصدر : الجزيرة