كاتبة نيوزيلندية: عقيدة تفوّق العرق الأبيض تنبض بالحياة في بلدنا

MELBOURNE, AUSTRALIA - MARCH 19: Protesters hold placards aloft as they march during the Stand Against Racism and Islamophobia: Fraser Anning Resign! rally on March 19, 2019 in Melbourne, Australia. The protesters are calling for the resignation of Senator Fraser Anning, following the statement he issued within hours of the Christchurch terror attacks on Friday 15 March, linking the shootings at two mosques to immigration. Those attacks killed 50 people and have left dozens more injured. The accused attacker, 28-year-old Australian, Brenton Tarrant, has been charged with murder and remanded in custody until April 5. The attack is the worst mass shooting in New Zealand's history. (Photo by Scott Barbour/Getty Images)
مسيرات ضد العنصرية البيضاء في نيوزيلندا (غيتي)

تفاعلت عالمة الإنسانيات والكاتبة النيوزيلندية ماري آن سالموند مع ضحايا مذبحة المسجدين في كرايست تشيرتش، وقالت "دعونا في أعقاب هذه المأساة المروعة أن نكون صرحاء لمرة، فإن عقيدة تفوق العرق الأبيض جزء من مجتمعنا وقوة مظلمة في أرضنا".

وبحسب مقال لها في ستاف النيوزيلندية، فإن عقيدة تفوق العرق الأبيض في نسختها الناعمة تبدو لطيفة ومعقولة، إذ يؤكد بعض أهل نيوزيلندا لرفقائهم أن الماوريين، سكان البلد الأصليين، كانوا "محظوظين" لاستعمارهم من قبل الأوروبيين، وأن اللغة الماورية لا قيمة لها، وأن الثقافة الماورية ليس لديها ما تعلمُنا إياه. ويفترض الآخرون ببساطة أن تركة الأجداد من أوروبا تفوق تلك الموروثة من المحيط الهادي في القانون والعلوم والحياة الاجتماعية والثقافية.

وتضيف الكاتبة "في نسختها الصعبة هذه، فإن عقيدة تفوق العرق الأبيض عنيفة وبغيضة وتنشر البلايا وتسجن الشباب الماوري بأعداد كبيرة وتحرمهم من التعليم والمنازل والوظائف اللائقة وتخبرهم أنهم ليس لديهم مستقبل وأنهم من الأفضل لو كانوا أمواتا".

وتوضح الكاتبة "بعد الماوريين ينتشر هذا الإحساس بالتفوق الأبيض على المجموعات "الأخرى" الباسيفيكيين والآسيويين والآن المسلمين في منطقة كرايست تشيرتش. والعديد من هذه الشعوب يشتمون ويضربون ويعاملون معاملة الأجانب الذين ليس لديهم مكان بيننا، ومجرد التحدث إلى بعضهم ستسمع منهم تجارب مؤلمة.

وعلقت الكاتبة على هذا المشهد بأن الازدراء يولد الازدراء، والكراهية يمكن أن تولد الكراهية، وأنهم في بعض الأحيان يردون الضربات كما هو متوقع، رغم أن الرد يكون في أكثر الأحيان على أولئك القريبين منهم.

‪موقع تذكاري لضحايا مسجد النور في نيوزيلندا‬ موقع تذكاري لضحايا مسجد النور في نيوزيلندا (رويترز)
‪موقع تذكاري لضحايا مسجد النور في نيوزيلندا‬ موقع تذكاري لضحايا مسجد النور في نيوزيلندا (رويترز)

وأوضحت أن عقيدة العنصريين البيض تقوم على الغطرسة والجهل، وبما أن الثقافات واللغات والأديان الأخرى لا قيمة لها عندهم، فلا داع للتعرف عليها. ولذلك يجرد "الآخرون" من إنسانيتهم، وتنغص حياتهم وتكون المعاناة فوق الوصف. وهذا يساعد في تفسير تهاوننا مع الإحصاءات الرهيبة لانتحار الشباب والسجن والعنف المنزلي في نيوزيلندا.

وتفصل الكاتبة: هذا النوع من الكراهية يتردد في أرجاء مجتمعنا المخفية والعميقة مما يهدد ويخيف. وبين الحين والآخر يظهر ببساطة في أعمال مرعبة مثل الهجمات القاتلة على المسجدين في كرايست تشيرتش.

وأردفت الكاتبة قائلة "دعونا نكون واضحين في هذا الأمر. فالعنصرية البيضاء هي حبل أسود نسج عبر تاريخنا كأمة، وكانت له جذور عميقة في أوروبا حتى قبل وصولها إلى نيوزيلندا". ومع ذلك لحسن الحظ ليس هذا هو الإرث الوحيد الذي يجب علينا الاعتماد عليه. فمنذ البداية وفرت أفكار العدالة واللطف والمساواة والاحترام المتبادل نقطة مضادة للجشع والطموح الاستعماري. وبتشابكها مع مفاهيم الماوريين عن اللطف والضيافة والكرم ومراعاة الآخرين، فقد أدى هذا إلى لحظات أضاءت هذا الظلام.

وأشارت إلى أن هذه العنصرية البيضاء لا تزال في الوقت الحاضر تنبض بالحياة في نيوزيلندا في كل مكان عبر الإنترنت وفي برامج النقاشات وفي وسائل النقل العام وعلى موائد الطعام، وأحيانا تكون صاخبة وقبيحة وفي أحيان أخرى تعتبر ببساطة أمرا مفروغا منه، وهو ما يزيد الأمر خطورة وغواية.

وأثنت الكاتبة على رئيسة الوزراء في وقوفها إلى جانب اللطف والكرم والرحمة في العلاقات بين المجموعات المختلفة في البلاد. ومع ذلك أكدت على عدم التظاهر بأنه لا يوجد جانب مظلم في المجتمع الكيوي (المصطلح الشائع لشعب نيوزيلندا)، يجب على الجميع إظهاره وتحديه عندما يطل برأسه، واستبداله بطرق مختلفة وأفضل لشعبنا.

وختمت سالموند بأن المجتمع المسلم عانى خسارة مرعبة ومفجعة وهو بحاجة إلى كل حبنا ودعمنا، وأنه ليس المجموعة الوحيدة التي يستهدفها المتعصبون البيض، ومع ذلك هناك طرق أخرى لقتل وتشويه الناس أكثر من السلاح.

المصدر : الجزيرة