رغم الإدانات الحقوقية.. قوافل الإعدام تحصد أعناق المعارضين في مصر

"إدّيني صاعق كهربا، وأنا أخلّي أي واحد من اللي واقفين هنا يعترف إنه هو اللي قتل السادات، وفيديوهات الاعتراف تمت كلها نتيجة الإكراه والتعذيب"، بهذه الكلمات واجه الشاب محمود الأحمدي قاضي الإعدامات حسن فريد خلال محاكمته في قضية "اغتيال النائب العام".

ونفذت وزارة الداخلية المصرية صباح اليوم الأربعاء حكم الإعدام شنقا بحق الأحمدي وثمانية معارضين آخرين تتهمهم باغتيال النائب العام السابق هشام بركات.

وتم تنفيذ الحكم بحق كل من أحمد طه، وأبو القاسم أحمد، وأحمد جمال حجازي، ومحمود الأحمدي، وأبو بكر السيد، وعبد الرحمن سليمان، وأحمد محمد، وأحمد محروس سيد، وإسلام محمد.

وجاء تنفيذ الإعدام رغم مناشدات من منظمات حقوقية -بينها منظمة العفو الدولية– لوقف تنفيذ الحكم، أشارت إلى أقوال للمتهمين ذكروا فيها أنهم احتجزوا لفترة سرا وأدلوا باعترافات تحت وطأة التعذيب.

وتعود واقعة الاغتيال إلى يونيو/حزيران 2015، حين انفجرت سيارة مفخخة في موكب النائب العام السابق هشام بركات في حي مصر الجديدة، بعد مغادرته محل إقامته متوجها إلى مقر عمله، مما أسفر عن مقتله مع عدد من مرافقيه.

مأساة المعارضين التسعة -وجميعهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين– لم تكن الأولى، فخلال فبراير/شباط الجاري أعدمت السلطات ستة معارضين آخرين في قضيتين عرفتا بـ"أحداث كرداسة" و"قتل ابن المستشار".

وبهذا يرتفع إلى 42 عدد المعارضين الذين نُفذ فيهم الإعدام منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم في يونيو/حزيران 2014، فيما ينتظر خمسون معارضا آخرين تنفيذ العقوبة ذاتها بعدما صدرت بحقهم أحكام نهائية بالإعدام في عدد من القضايا.

إدانة حقوقية
وتنتقد منظمات حقوقية محلية ودولية إعدام معارضين بناء على اعترافات صورتها وزارة الداخلية أو المخابرات الحربية دون وجود أي أدلة أخرى، رغم نفي جميع المتهمين هذه الاعترافات خلال جلسات محاكمتهم وتأكيدهم أنها انتزعت تحت التعذيب.

ودانت منظمة العفو الدولية إعدام السلطات المصرية تسعة أشخاص بتهمة الضلوع في اغتيال النائب العام، معتبرة ذلك "عارا" بحق حياة الإنسان.

وقالت مديرة حملة المنظمة في شمال أفريقيا نجية بونعيم "يجب محاسبة أولئك المسؤولين عن قتل النائب العام المصري السابق، ولكن إعدام أشخاص تعرضوا لمحاكمة شوهتها ادعاءات تحت التعذيب ليس عدلا، إنما انعكاس لحجم الظلم الذي تشهده هذه الدولة".

وطالبت نجية المجتمع الدولي بالتدخل في هذه القضية، مشيرة إلى أنه يجب ألا يقف صامتا أمام هذه الإعدامات، وطالبت حلفاء مصر باتخاذ موقف حازم مما يجري، عبر إدانة ما تقوم به السلطات المصرية من تنفيذ أحكام الإعدام.

من جهتها، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن "إعدام السلطات المصرية تسعة متهمين بعد ما وصفتها بالمحاكمات الجائرة، لن يحقق للمواطنين المصريين السلامة والعدالة اللتين يستحقونهما".

وأضافت المنظمة في بيان لها أن هذه الأحكام ستؤدي إلى تفاقم التوترات في مجتمع منقسم، كما دعت إلى تجميد عقوبة الإعدام فورا وإعطاء الأولوية لاستقلال القضاء وإصلاح القوانين المصرية للوفاء بالمعايير الدولية.

موقف السيسي
في المقابل، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه "لا يستطيع أحد التدخل في عمل القضاء واستقلاله".

جاء ذلك في تصريح خلال لقائه الأربعاء بأعضاء جمعية النواب العموم الأفارقة (تضم أعضاء هيئات الادعاء العام بالقارة السمراء)، عقب ساعات من تنفيذ حكم الإعدام.

ووفق بيان للرئاسة المصرية اليوم، قال السيسي "لا يستطيع أحد أن يتدخل في عمل القضاء واستقلاله، والدولة تعمل على ترسيخ هذا المبدأ من خلال الممارسات".

حرمان
وتنص المادة (70) من قانون تنظيم مصلحة السجون على أن "لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يزوروه في اليوم السابق على التاريخ المعين للتنفيذ، وعلى إدارة السجن إخطارهم بذلك"، لكن أهالي جميع المعارضين الذين أعدمتهم السلطات المصرية لم يتمكنوا من زيارتهم قبل الإعدام.

ووفقا للمحامي فيصل السيد عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، فقد تلقى أهالي المعارضين التسعة اتصالا هاتفيا أمس الثلاثاء، يفيد بنقل ذويهم من مكان احتجازهم إلى سجن استئناف القاهرة، لكي يُنفذ بحقهم حكم الإعدام فجر اليوم.

وأشار السيد في تصريحات صحفية إلى أنه قدم التماسا للنائب العام في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي بشأن إعادة النظر في حكم الإعدام بحق المتهمين التسعة، لكن الالتماس لم يُنظر فيه حتى صباح اليوم.

المصدر : الجزيرة