تعرف على ملوك وأمراء انسحبوا من القصر البريطاني

لا يمارس الأمير هاري سلوكا جديدا بانسحابه من الأسرة الملكية البريطانية

ما كاد حديث البريكست يهدأ في بريطانيا، حتى أثير نقاش "ميغسيت" الصاخب والمثير جدا، والمقصود به قرار الأمير هاري وزوجته ميغان الانسحاب بشكل نهائي من الأسرة الملكية، وعدم العودة إلى البلاد والاستقرار بالولايات المتحدة، وما أثاره هذا من ردود فعل من الأسرة المالكة، وعلى رأسهم الملكة إليزابيث التي أعلنت تجريد هاري من كل ألقابه العسكرية وسحب حق رعاية المؤسسات الخيرية والرسمية منه ومن زوجته.

ولم تمر الأسرة الملكية بأزمة مشابهة منذ عقود، خصوصا أن النقاش بين الملكة وحفيدها وليام أخذ منحى تصاعديا، بسبب غضب الأمير من حرمانه من تقديم أي خدمة عامة في المملكة، واعتباره أن "الخدمة العامة" حق، وإصراره على خدمة المجتمع.

هذا الرد أغضب وليام الذي تحدثت تسريبات إعلامية عن كونه غاضبا مصدوما من طريقة رد شقيقه على جدته وما تمثله من رمزية في البلاد، وما زاد الطين بلة إجراء هاري وزوجته حوارا مع الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري، سيبث في نفس يوم خطاب الملكة (7 مارس/آذار) في مواجهة جديدة وهذه المرة على الهواء مباشرة.

ولا يمارس هاري سلوكا جديدا بانسحابه من الأسرة الملكية، فقبله أمراء آخرون انسحبوا ولكن لأسباب مختلفة، وهذه أشهر حالات الانسحاب من تحت ظل العرش البريطاني.

الزواج قبل التاج

تسبب الزواج في تخلي الملك إدوارد الثامن عن حقه بالعرش سنة 1936، وذلك عندما قرر الزواج من واليس سمبسون الأميركية المطلقة، حينها رفضت الكنيسة السماح بهذا الزواج لأن الملك لا يحق له الزواج من مطلقة، وباعتباره حينها رئيس الكنيسة فعليه الانصياع لقواعدها.

وبعد ذلك قرر الملك التخلي عن العرش من أجل الحفاظ على زواجه، وقد أقر البرلمان هذا الأمر، وتم تسليم العرش لأخيه جورج السادس والد إليزابيث الثانية، وبعدها أصبح لقب إدوارد الثامن هو دوق ويندسور، وبعدها هاجر إلى فرنسا كمنفى اختياري ولم يقم بأي دور رسمي.

ورغم ما يظهر من تشابه بين قصة الملك هنري الثامن والأمير هاري، فإن الاختلاف في الوضع القانوني، فالأول تخلى وبشكل قانوني عن العرش، بخلاف هاري الذي يبقى سحب ألقابه العسكرية ومنعه من الخدمة العمومية تقديرا، ومن صلاحيات الملكة.

شجاعة الأميرة

سنة 1919 كانت الأميرة باتريس، حفيدة الملكة فيكتوريا، أول سيدة من العائلة الملكية تقرر الانسحاب من المحيط الملكي، وذلك بسبب الزواج أيضا، حيث تخلت عن ألقابها الأميرية من أجل الزواج من ضابط في البحرية يدعى ألكسندر رامسي.

ومثلما قرر هاري الهجرة للاستقرار بالولايات المتحدة، فقد قررت باتريس الاستقرار في كندا التي كانت تربطها بها علاقة خاصة، حيث كان والدها هو الحاكم العام هناك وكانت لها شعبية بين الناس لدرجة أن صورتها ظهرت في بعض العملات النقدية، لكن ترتيبها في العرش يبقى بعيدا، مقارنة بهاري الذي يعتبر الابن الثاني لولي العهد، وترتيبه الرابع في العرش.

طلاق ديانا

تبقى قصة الأميرة ديانا والدة هاري، هي أشهر قصة خروج من العائلة الملكية، وأكثرها تعقيدا، بالنظر للأحداث الدرامية التي صاحبتها، ذلك أنه بعد طلاقها من الأمير تشارلز سنة 1996 تم سحب لقب "سمو الأميرة" منها ومع ذلك حافظت على لقب "أميرة ويلز".

وسبب الإبقاء على هذا اللقب أن ديانا كانت تعتبر أما للملك القادم لبريطانيا، ولهذا ظلت تحافظ على مكانة مهمة رغم انفصالها عن ولي العهد، إضافة للشعبية الطاغية التي كانت تحظى بها سواء داخل المملكة المتحدة أو خارجها.

ويعتبر طلاق ديانا، وبعد ذلك وفاتها أسوأ أزمة تواجه الملكة إليزابيث، لدرجة أنها وصفت سنة وفاة الأميرة بأنها أسوأ ما مر عليها، بالنظر للانتقادات التي طالت الأسرة الملكية وطريقة التعامل مع ديانا التي كانت تلقب بأميرة الشعب لقربها من الناس.

ورغم محاولات البعض تشبيه خروج هاري من الأسرة الملكية بما حدث مع والدته، فإن البعض يؤكد أن ديانا ما كانت لتقبل أن يكون انسحاب ابنها بكل هذا الصخب لدرجة الدخول في مواجهة مع الملكة إليزابيث.

انسحاب اضطراري

وإذا كانت الأمثلة السابقة كلها لأمراء وملوك قرروا الانسحاب من الأسرة الحاكمة بشكل اختياري، فإن الأمر يختلف مع أندرو ثالث أبناء الملكة إليزابيث، الذي وجد نفسه في قلب قضية جيفري إبستاين الجنسية، حيث أعلن الأمير حينها في بيان مقتضب أنه طلب من الملكة إعفاءه من كل مهامه الرسمية "حتى لا يشكل أي عرقلة في عمل الأسرة".

وبالفعل وافقت الملكة على السماح له بالتخلي عن كل مهامه الرسمية والعمومية، بعد الشبهات الكثيرة للعلاقة التي جمعت الأمير بإبستاين لمدة تفوق العقد من الزمان، ومع ذلك نفى الأمير أي علاقة له بأي قضية جنسية، وتقرر عدم متابعته بهذا الملف المثير للجدل.

وتبقى قضية هاري وطريقة خروج من القصر مليئة بالكثير من التطورات الصادمة أحيانا لمتابعي شؤون الأسرة الملكية الذين لم يتعودوا كل هذا الجدل في العلاقة بين أفرادها، والأكثر (صدمة) أن يدخل أحد أفراد الأسرة في ما يشبه التحدي مع الملكة شخصيا.

المصدر : الجزيرة