شاهد.. "جزري" سيارة تركية طائرة تجتاز أول اختبارات التحليق بنجاح

اجتازت السيارة التركية الطائرة "جزري" -التي تم تطويرها بإمكانات محلية- أول اختبارات التحليق بنجاح.

وقالت شركة "بايكار" التركية المصنعة للسيارة الطائرة -في بيان أمس- إن النموذج الأولي للسيارة الطائرة البالغ وزنه 230 كيلوغراما، حلق لارتفاع 10 أمتار أثناء الاختبارات.

وأوضحت أن العمل على السيارة الطائرة بدأ بتصميم تصوري، وانتهى بتنفيذ أول تحليق لها في غضون سنة ونصف. وذكرت أن السيارة الطائرة "جزري" تستقي اسمها من مؤسس علم التحكم الآلي العالم المسلم "الجزري".

وأفاد المدير الفني للشركة سلجوق بيرقدار أنهم يعتزمون صنع نماذج أولية أكثر تطورا خلال الفترة المقبلة، وتنفيذ رحلات مأهولة.

وأضاف أن الأمر سيستغرق حوالي 10 إلى 15 سنة حتى تهبط السيارة الطائرة جزري في الطرقات، وربما نشهد خلال 3 أو 4 سنوات استخداما ترفيهيا لها في المناطق الريفية، مثل عربات "أي تي في" (ATV) (مركبة لجميع التضاريس "All-terrain vehicle").

أول رحلة

ونشرت وسائل إعلام محلية تركية عبر تويتر صورا تظهر السيارة الطائرة جزري وهي تبدأ أول رحلة لها في سماء تركيا.

ويعتبر العالِم بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزاز الجزري واحدا من عمالقة الهندسة في التاريخ، إذ ساهمت اختراعاته في فتح الباب لظهور كثير من الآلات التي لعبت دورا محوريا في الثورة الصناعية في أوروبا، وأصبحت فيما بعد عماد المدنيّة الحديثة.

وقد ولد في جزيرة ابن عمر ومنها جاء لقبه "الجزري"، وكانت هذه الجزيرة جزءا من بلاد الشام، وهي اليوم تتبع تركيا وتقع على خط الحدود مع سوريا مباشرة. ورغم أنها لا تطل على البحر، فإن تسمية الجزيرة أطلقت عليها لكثرة الأنهار حولها، وهناك رأي يقول إن الاسم اشتق من لفظ سرياني قديم هو "جزرتا" ويعني "البعيدة"، ثم تحول إلى جزيرة بالعربية مع مرور الزمن.

ويعتبر هذا المهندس من أوائل من فكروا ونجحوا في صنع آلات ذاتية الحركة، تعمل من دون قوة دفع بشرية، وقد احتوى كتابه الذي يعرف اختصارا بكتاب "الحيل"، على مخططات 100 آلة ميكانيكية، وتوضيحات لكيفية صنع كل واحدة منها. وقد استخدم الجزري الماء المتدفق وسيلةً لتشغيل آلاته واختراعاته.

ويرى المؤرخون أن الجزري حلقة وصل مهمة في تاريخ تطور صناعة الآلات، فقد استفاد من أفكار من سبقوه، وأضاف لها إضافات جعلت تلك الأفكار مهيأة لتنتقل إلى الصورة الحديثة التي نعرفها بها اليوم، مثل توصله لأسمى اكتشافاته وهو النظرية التي تقول "إن الحركة الدائرية يمكنها أن تولّد قوة دافعة إلى الأمام".

مخترع عظيم

وقد قاده اكتشافه هذا إلى اختراع عمود الكامات (Camshaft)، وهو العمود الذي يدور بضغط مكابس المحرك فتتولد قوة دافعة للأمام، كما يحدث في محرك السيارة.

استخدم الجزري هذه التقنية في بناء مضخات مياه دافعة وساحبة تمتعت بتقنية الحركة الذاتية من دون قوة دفع بشرية أو حيوانية، كما استخدمها في صناعة تحف ميكانيكية الحركة غالبا على شكل طاووس، حيث استخدمت في قصور بني أرتق، وهم من السلالات التركية التي حكمت منطقة ديار بكر بتركيا وكان الجزري يشغل منصب كبير المهندسين في بلاطهم.

تلقف الأوروبيون اختراع الجزري بعد قرنين، وبنوا عليه حتى توصلوا إلى اختراع المحرك، وبدأ عصر القطارات البخارية التي كانت العمود الفقري في عصر النهضة والثورة الصناعية الأوروبية في القرون الوسطى.

ومن مساهماته القيمة في مجال تطوير الآلات الزراعية: السلسلة، وكان أول من استخدم سلسلة معدنية لتدوير عمود الكامات، وهي التقنية نفسها التي تستخدم في محركات السيارات.

النموذج الأولي للسيارة الطائرة البالغ وزنه 230 كيلوغراما، حلق لارتفاع 10 أمتار أثناء الاختبارات (الأناضول)

وضع الجزري في كتابه "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" عصارة عمل دؤوب استمر 25 عاما، ويظهر من طريقة عرضه أن هذا العالم كان يريد للمهتمين من بعده أن يستفيدوا من علمه، حيث وضع بالتفصيل طريقة صنع كل آلة من الآلات التي اخترعها.

ترجم الكتاب الذي أبهر الغرب إلى لغات عدة، وهو يعرض في متاحف عديدة حول العالم مثل تركيا وفرنسا وبريطانيا.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول