صديق للإيجار بمصر.. هل يصلح المال ما أفسدته مواقع التواصل؟

هناك مخاوف من أن تتحول العلاقات الاجتماعية لسلعة (الجزيرة)
عدم تواصل الأصدقاء بسبب ضغوط الحياة اليومية كان السبب وراء فكرة تأجير الصديق (مواقع التواصل)

محمد سيف الدين-القاهرة

يمتلك الثلاثيني المصري بيشوي جميل الكثير من الأصدقاء والمعارف، إلا أنه يعاني الوحدة بسبب انشغال الجميع بضغوط الحياة اليومية، واقتصار التلاقي على ما يسنح من فرص عبر منصات التواصل الاجتماعي.

العزلة التي فرضتها الظروف اليومية والاكتفاء بالعالم الافتراضي دفعا بيشوي لخوض تجربة تأجير صديق، وهي خدمة أطلقها عدد من الشباب المصريين مؤخرا على منصات التواصل الاجتماعي، وهي الخدمة التي اتهمها البعض بإشاعة علاقات غير أخلاقية تنافي الدين، وذلك في بلاغ رسمي.

وتتيح خدمة "صاحب للإيجار" -التي أطلقت في مايو/أيار الماضي- خدمات متعددة للأفراد وكذلك للشركات، وذلك في محاولة من أصحاب الفكرة لمعالجة الكثير من المشكلات التي تواجه المجتمع المصري حاليا، وفق ما أوضح مدير التسويق وأحد مؤسسي الفكرة سقراط علي للجزيرة نت.

الفكرة تعد الأولى من نوعها في الوطن العربي، وتأتي امتدادا لخدمة مماثلة أطلقت في اليابان وانتشرت في دول أخرى، مثل الهند وكندا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة.

خدمات متعددة
يهتم القائمون على الخدمة بتوفير العديد من الخدمات للشباب، ومنها خدمة المرافقة عبر إرسال مندوب ليقوم بإيصال العميل إلى مكان التسوق، ومشاركته في اختيار الألوان ومعرفة العروض المختلفة من المتاجر الشهيرة، وكذلك الذهاب للسينما، وحضور الاجتماعات بدلا من العميل.

ولم يقتصر الأمر على الشباب وحسب، حيث يقدم القائمون على الفكرة خدمات لكبار السن، منها توفير المرافق الطبية لتعتني بالعميل، فضلا عن مشاركته تفاصيل يومه بالكامل، خاصة ممن يعانون الوحدة أو انشغال الأبناء طوال اليوم.

وعن مدى تفاعل الشباب مع الخدمة، يقول علي -في حديثه للجزيرة نت- إن عدد متابعي الصفحة وصل لأكثر من 120 ألف مشترك، فضلا عن الكثير من التساؤلات (أكثر من 80 ألف رسالة) عن موعد انطلاق الخدمة فعليا في السوق، وأسعار الخدمات وأماكن وجودهم.

وبشأن الأمان والخصوصية، يوضح علي أن لديهم خططا محكمة للحفاظ على سرية العملاء والمندوبين، فضلا عن مراجعة السجل الإجرامي للمندوبين من قبل المستشار القانوني للشركة، وذلك لاستبعاد كل من لديه مخالفات قانونية قد تعرضهم للمسؤولية القانونية.

تسليع وفساد
من جهته، أثنى أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق شمال القاهرة أحمد عبد الله على الفكرة، لأنها تأتي في ظل التفكك الذي يشهده المجتمع المصري، وضعف القدرة على التواصل، والاكتفاء بمنصات التواصل الاجتماعي.

وفي حديثه للجزيرة نت حذر الخبير النفسي من تحويل العلاقات إلى سلعة تخضع لعمليات البيع والشراء، مطالبا المصريين ببذل مزيد من الجهود لإعادة دفء العلاقات الأسرية والعلاقات الاجتماعية إلى ما كانت عليه من قبل.

وتؤدي العزلة الاجتماعية إلى زيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب بنسبة 29%، والسكتة الدماغية بنسبة 32%، وذلك وفق دراسة أجراها علماء من جامعة كونكورديا الكندية عام 2016.

بلاغ للنائب العام
المخاوف من هذه الخدمة المستحدثة لم تقف عند تحويل العلاقات الاجتماعية إلى سلعة فقط، حيث تقدم الخبير الأمني رضا يعقوب ببلاغ إلى النائب العام ووزير الداخلية ضد القائمين على صفحة "صاحب للإيجار"، معتبرا أنها تهدف إلى استقطاب الشباب للوقوع في شباك الجرائم الأخلاقية والعبث بشرفهم.

وقال رضا في بلاغه إن "منشورات الصفحة على موقع التواصل الاجتماعي تحتوي مواد منافية للآداب، وبمثابة إرهاب يحاول إفساد أخلاقيات ومبادئ المجتمع المصري التي تنص عليها الأديان السماوية".

 

وتبلغ نسبة الشباب في مصر (18-29 عاما) نحو 21% من إجمالي عدد المصريين، وذلك وفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) في أغسطس/آب الماضي.

ويعاني ما يقارب 25% من المصريين من اضطرابات نفسية -أغلبهم من الشباب- وفق نتائج المسح القومي للصحة النفسية لمصر عام 2018.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي