يرفض بيعها.. سمكري فلسطيني يعيد الحياة للسيارات القديمة

يحلم منير شندي أن يتمكن من المشاركة بسياراته في معارض خاصة
شندي يحلم بالمشاركة بسياراته في معارض مخصصة (الجزيرة)

رائد موسى-غزة

برفق واهتمام واضحين رفع سمكري السيارات منير شندي غطاء قماش لتظهر من تحته سيارة كلاسيكية من نوع مرسيدس ليس لها مثيل في قطاع غزة، كان قضى نحو عامين كاملين لإعادتها إلى الحياة من جديد.

ويعمل شندي (40 عاماً) في مجال سمكرة السيارات منذ 25 عاماً قضى منها 12 عاماً يعمل في سمكرة السيارات التاريخية القديمة بدولة خليجية قبل أن يعود إلى قطاع غزة، ويواصل هوايته رغم المعوقات والصعوبات الناجمة عن الحصار والقيود الإسرائيلية المفروضة على المعابر منذ منتصف العام 2007.

قطع غيار السيارات القديمة غير متوفرة بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة(الجزيرة)
قطع غيار السيارات القديمة غير متوفرة بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة(الجزيرة)

تحفة فنية
انهمك شندي على مدار عامين في إعادة إحياء سيارة من نوع "مرسيدس غزال"   المصنعة عام 1927، ويقول للجزيرة نت إن كثيرين وصفوها بالتحفة الفنية وإنه تلقى عروضاً مغرية لبيعها محلياً وخارجياً لكنه رفض مبديا تمسكاً شديداً بها.

ولا يقارن العمل في سمكرة السيارات القديمة بنظيره في السيارات الحديثة فهو يحتاج إلى وقت طويل وجهد وتركيز شديدين، فضلا عن المعاناة في غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي وعدم توفر الكثير من قطع الغيار وكماليات السيارات، بحسب شندي.

وواجه شندي معوقات كثيرة خلال عمله في تأهيل سيارة المرسيدس جراء عدم توفر قطع الغيار لمثل هذا النوع من السيارات، واضطر إلى جلبها من الولايات المتحدة بواسطة أصدقاء واستغرق وصولها إليه في غزة ستة شهور.

ويقول بعد أن وضع يده على مقدمة السيارة وأخذ يلمسها برفق كمن يداعب طفله "بعد كل هذه المعاناة لا يمكن أن أفرط بها مهما كانت المغريات.. من رأي السيارة في بداية العمل لا يصدق أنها أصبحت على هذه الحال التي عليها الآن فلم تكن سوى هيكل متهالك لا يلتفت إليه إلا من يقدر قيمة التاريخ، ويهوى كل ما هو قديم وأثري ونادر".

ويضيف "باختصار لم تكن سيارة ويمكن القول إنها صنعت في غزة بالكامل كنسخة من سيارة مرسيدس غزال قبل أن تخرج بهذه الصورة المبهرة وتكلفني أكثر من 12 ألف دولار".

 يفخر بنجاحه في إعادة الحياة للسيارات القديمة ويرفض بيعها(الجزيرة)
 يفخر بنجاحه في إعادة الحياة للسيارات القديمة ويرفض بيعها(الجزيرة)
من زمن الانتداب
يعكف شندي وعماله في الورشة حالياً على خوض تجربة ثانية لإعادة إحياء سيارة من نوع "أرمسترونغ" إنجليزية الصنع تم صنعها زمن الانتداب البريطاني لفلسطين وقبل نحو عامين من وقوع النكبة وقيام إسرائيل على أنقاض فلسطين التاريخية عام 1948.

يقول إن هذه السيارة كانت تصنعها شركة إنجليزية تأسست في عشرينيات القرن الماضي وإنها من السيارات الفاخرة في ذلك الوقت، وكانت تقتنيها طبقة المسؤولين والأغنياء وصفوة المجتمع.

ويقول زبون حضر للورشة "هذه السيارة تذكرني بأفلام الأبيض والأسود وأفلام إسماعيل ياسين، في إشارة إلى الممثل الكوميدي المصري الذي يعتبر أشهر نجوم الكوميديا المصريين والعرب خلال القرن الماضي".

وابتسم شندي وعاد للحديث مجدداً عن السيارة التي فشل في إيجاد ما تحتاجه من قطع غيار ومستلزمات أخرى، وقال "اضطررت إلى تصنيع شعار السيارة يدوياً بعدما بحثت كثيراً عن اللوغو الأصلي ولكن من دون جدوى". ويحاول التغلب على ذلك بمواءمة قطع غيار وزينة خارجية (إكسسوارات) من سيارات أخرى بما يتناسب مع سياراته القديمة دون أن تخل بمظهرها العام.

السيارات الكلاسيكية القديمة هواية تستحق الدعم حسب شندي(الجزيرة)
السيارات الكلاسيكية القديمة هواية تستحق الدعم حسب شندي(الجزيرة)

إصرار 
يتمتع شندي رغم الصعوبات والمعوقات بعزيمة كبيرة، ويبدي إصراراً على مواصلة ممارسة هوايته المفضلة في إعادة الحياة وبث الروح في السيارات القديمة التي يرى أنها تشكل جزءاً من تاريخ غزة وفلسطين وتروي حكاية عقود طويلة أصبحت من الماضي.

ويأمل أن يجد جهات تهتم بهوايته التي يصفها بالفن والإبداع، وأن تقدم له الدعم المعنوي والمادي الذي يساعده على المواصلة والاستمرار نظراً للتكاليف الباهظة التي يحتاجها مثل هذا العمل، معبراً عن أمله بأن تتاح له الفرصة للمشاركة بسياراته في معارض خارجية.

المصدر : الجزيرة