دفتر الامتنان اليومي.. كيف تتحكم في أعراض القلق اليومية بالتدوين؟

أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها البعض هو إعادة قراءة ما كتبوه عن الأحداث المؤلمة في الماضي

دخول النساء في مجال الكتابة ونشر الكتب
قمع الأفكار السلبية المترسبة بداخلنا يضر بوظيفة الجهاز المناعي (شترستوك)

يغرينا الاقتناع بسيطرة مشاعرنا وماضينا المؤلم على حاضرنا وسلوكياتنا، لكن الحقيقة هي أننا وحدنا من نزرع الأفكار بداخل رأسنا، ونحن فقط من يقدر على خلعها.

وللتخلص من مشاعرك السلبية وزرع مشاعر وعادات إيجابية، علينا منح ذاتنا الداخلية وسيلة للتعبير عن نفسها، وفهم مشاعرها بدلا من الحكم عليها، وتفكيك الأحداث المؤلمة للتعلم منها، من خلال كتابة "اليوميات".

لماذا عليك تسجيل يومياتك؟

تحرر الكتابة اليومية الدماغ من مهمته الشاقة في معالجة الأفكار، وتساعدك في التعافي من الضغوطات اليومية، واستكشاف الأسباب الحقيقية لعواطفك، وكيفية إدارتها بطريقة صحية، كما كانت الكتابة عن العواطف سببا في تراجع درجات الاكتئاب لدى مرضى اضطراب الاكتئاب الحاد.

وللتدوين اليومي نتائج إيجابية جسدية مثل التئام الجروح بشكل أسرع، ونوم أفضل. وتبين في بحث أجراه أساتذة علم النفس بجامعة تكساس أن الكتابة عن العواطف الذاتية تعزز قدرة الجهاز المناعي لدى مرضى فيروس نقص المناعة البشرية والربو ومتلازمة القولون العصبي والذئبة وأمراض القلب والسرطان، وخاصة سرطان الثدي والكلى والبروستاتا.

ونشرت المجلة الطبية الأميركية دراسة رائدة أثبتت أن 4 أشهر من الكتابة اليومية عن تجارب الحياة السلبية أو الجداول اليومية قد ساعدت مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي على الشفاء وعدم الانتكاس ثانية.

وتشير أبحاث أخرى إلى أن قمع الأفكار السلبية المترسبة بداخلنا تضر بوظيفة الجهاز المناعي، مثلما كان المزاج السيئ سببا في تفاقم حالة مرضى السرطان وأمراض القلب واضطرابات الجهاز التنفسي، لكن نتائج السيناريو الآخر كانت مدهشة.

فقد قام الباحثون بكلية الطب في ولاية بنسلفانيا بتجنيد 70 بالغا يعانون من حالات طبية مختلفة، تسببت تشخيصاتهم السلبية في تراجع صحتهم العقلية.

واستمر المرضى في الكتابة اليومية، بواقع 15 دقيقة يوميا، لمدة 12 أسبوعا، وبالفعل تحسنت صحتهم البدنية، وتراجعت علامات الاكتئاب بنسبة 44%.

blogs الكتابة
للتدوين اليومي نتائج إيجابية جسدية مثل التئام الجروح بشكل أسرع، ونوم أفضل (مواقع التواصل الاجتماعي)

دليل المبتدئين للتدوين

  • ابحث عن مساحتك الخاصة: لا يجب أن تكون مساحتك مكانا لا يصل له أحد، بل مساحة داخل عقلك بدون تشتيت. قد تكون وقتا ثابتا في الصباح، أو في طريقك إلى المنزل، قد تكون حالة شعورية، وقد تكون أدوات خاصة في التعبير عن النفس كأقلام الألوان وسجادة اليوغا.

ولم تثبت جلسات التدوين الطويلة والممتدة أية فوائد إضافية؛ فدقيقتان إلى 5 دقائق يومية كافية للتعبير عن نفسك وجعل الكتابة اليومية عادة.

  • استخدم أدواتك الخاصة: أثبت التحدث إلى جهاز التسجيل آثارا صحية إيجابية مماثلة للتدوين بالكتابة، كما يمكنك الرسم أيضا أو التعبير فقط بالألوان، حتى إن البعض يستخدم قصاصات المجلات القديمة لتكوين لوحات تعبر عن حالاتهم الشعورية، فمهما كانت أدواتك الخاصة حاول استخدامها للتعبير عن ذاتك.
  • حدد مسارا: اسأل نفسك قبل كل مرة "هل تكتب بغرض تفريغ عقلك؟" أم "هل ستكتب لفهم أسباب موقف سلبي؟" أم "هل ستسجل حالة مزاجية فقط؟" أم "هل ستكتب لتنظيم مهامك غدا؟".
  • خفف الضغط: اكتب عما تشعر أنه يناسبك، والذي قد يختلف يوميا؛ فيمكنك الكتابة عن مشاعرك حول حدث معين إذا شعرت بضيق من كتابة تفاصيل الحدث، ويمكنك الانتقال من فكرة واضحة إلى سرد الأسئلة، كما يمكنك الكتابة عن 5 أشياء في الغرفة و5 استخدامات مبتكرة لها، وجميعها محاولات منك لتوجيه عقلك وحثه على تفريغ نفسه.
  • أفكار للبدء: قد يكون التحديق في ورقة بيضاء وحث النفس على استرجاع الأيام الصعبة أمرا كافيا للتراجع، لكن الكثير يبدأ التدوين اليومي منطلقا من اقتراحات علماء النفس، مثل "دون 5 أشياء تمتن لها اليوم"، "اكتب 5 أشياء تتمنى تحقيقها يوما"، "اكتب 5 كلمات تصف شخصيتك"، "لو تحدثت دموعك ماذا ستقول عنك؟"، "اكتب شيئا واحدا عرفته عن نفسك هذا الأسبوع"، "اكتب قائمة بسلوكيات تتفق مع قيمك وقائمة بسلوكيات غير مقبولة"، "اكتب قائمة بأشياء تحسن مزاجك وقت الحزن"، "اكتب 5 مشاعر مررت بها اليوم".
    مدونات - الكتابة
    أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها البعض هو إعادة قراءة ما كتبوه عن الأحداث المؤلمة في الماضي (مواقع التواصل الاجتماعي)

يمكنك الإجابة عن سؤال واحد لكل الأيام، وهو ما يمثله "دفتر الامتنان اليومي" أو "دفتر المشاعر اليومي"، ونصح الأطباء بتخصيص دفتر لتسجيل ما تمتن له يوميا، بجانب دفتر آخر للأفكار العشوائية.

  • كن صريحا مع نفسك: نحن نميل للكذب على أنفسنا خوفا من تصديق الواقع، أو تسرعا في الحكم، لكن عندما نتوقف قليلا للتفكير في سبب شعورنا بالغضب، قد نجد أسبابا أخرى تسببت في انفعالنا.

يمكنك حث نفسك على الصدق باستثارتها بالأسئلة، مثل كيف بدا لك الموقف؟ بماذا شعرت؟ هل تلك المشاعر مناسبة للموقف أم مبالغة؟ ماذا ستقول لصديق إذا كان بنفس موقفك؟ هل ذلك الموقف محنة يجب التسامح معها أم مشكلة تحتاج لحل؟ وكيف؟

  • استعن بالآخرين: اطبع قائمة بالمشاعر الإنسانية إذا كنت تواجه مشكلة في تسمية مشاعرك. ويمكنك أيضا طباعة أشكال مختلفة من "دفتر الامتنان اليومي"، أو "دفتر المشاعر اليومي"، أو "يوميات" من على مواقع البحث، أو تصميم دفتر خاص بك بمساعدة تطبيق "بنتريست"، أو تحميل تطبيق للتدوين اليومي على هاتفك.
  • التفكير المعمق: أنت بحاجة إلى التفكير بجانب التعبير عن مشاعرك لجني ثمار الكتابة اليومية؛ لأن الأشخاص الذين يكتبون عن مشاعرهم فقط وبنفس الطريقة مرارا وتكرارا لن يتحسنون، ومن الأفضل تغيير لغتهم واستخدام المنطق بالسؤال عن السبب، والنتيجة، والدروس المستفادة، واستخدام كلمات مثل "لأن"، و"أدركت"، و"فهمت".
  • أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها البعض هو إعادة قراءة ما كتبوه عن الأحداث المؤلمة في الماضي؛ فإعادة النظر إلى لحظات اندفاع مشاعرك الجريحة والعنيفة قد يكون لها تأثير سلبي إذا اصطدموا فجأة بما حاولوا نسيانه؛ لذا قد يكون من المفيد استشارة الطبيب المعالج لمرضى اضطرابات الشخصية قبل البدء في التدوين عن الذكريات.

يمكن فقط لمن أنشؤوا "دفتر الامتنان اليومي" أن يقرؤوا الجوانب الإيجابية التي سجلوها سابقا عن حياتهم.

ولا تتفق كافة الأبحاث على قدرة الكتابة على معالجة الصدمات القديمة، فقد تثير الضيق لدى بعض الناس، وقد تلحق بهم أعراض جسدية ونفسية سيئة.

وقد يحدث ذلك إذا استرجعت الأحداث المزعجة في ماضيك دون التركيز على المعنى خلفها، أما إذا ركزت على ما تعلمته سيقوم عقلك بتنمية وعي أكبر بالجوانب الإيجابية للأحداث المؤلمة، لكن إذا استشعرت صعوبة في التعامل مع الأحداث الصادمة وحدك، توقف عن الكتابة واستشر معالجا نفسيا.

المصدر : مواقع إلكترونية