عوائق فعلية أمام تسليط الضوء على قضية العنف المنزلي ضد المرأة في فرنسا

الإحصائيات الخاصة بالعلاقة بين العنف المنزلي والعنف العام في فرنسا محدودة للغاية

العنف المنزلي يتصاعد في الشرق الأوسط بسبب الحجر الصحي من بيكسابي
الكاتبة ميغان بيتلي: القوانين تمنح لمرتكبي العنف المنزلي إمكانية الضغط على ضحاياهم بعدّة طرق (مواقع التواصل-صورة مجازية)

عندما طرقت الشرطة باب منزلها صباح يوم 23 ديسمبر/كانون الأول عام 2020، أدركت فاليري (اسم مستعار لإخفاء هويتها) أن الأمر يتعلق بزوجها السابق الذي اكتشفت بعد فترة من زواجها منه عام 2012، أنه رجل محتال ومضطرب.

في تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، تقول الكاتبة ميغان بيتلي إن زوج فاليري، فريديريك ليمول، هددها بالقتل هي وابنتهما الصغيرة مرارا وتكرارا منذ أن قررت تركه عام 2013. وحسب محامي فاليري، فقد اشتكته للشرطة 3 مرات على الأقل وحذرتهم من أنه شخص خطير ويملك أسلحة، لكنهم لم يتعاملوا مع الأمر بجدية.

في الساعات الأولى من صباح يوم 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، نفّذ ليمول تهديداته بالعنف، ولكن لم تكن فاليري الهدف، فقبل ساعات قليلة من وصول الشرطة إلى منزل فاليري لوضعها وابنتها تحت الحماية، أطلق ليمول النار على 4 رجال شرطة أثناء استجابتهم لنداء استغاثة يتعلق بالعنف المنزلي بالقرب من قرية سان جوست الصغيرة في وسط فرنسا.

تقول سوزي روجتمان، المتحدثة باسم "المجموعة الوطنية لحقوق المرأة"، وهو ائتلاف يضم جماعات نسوية ونقابات وأحزابا سياسية، تعليقا على حادث إطلاق النار على الشرطة "اكتشفت سلطات إنفاذ القانون فجأة أن الرجال العنيفين يمكن أن يمارسوا العنف على الجميع، وليس فقط على زوجاتهم أو صديقاتهم".

ليمول الذي كان يرتدي سترة واقية من الرصاص ويحمل بندقية عسكرية من طراز "آر-15" (R-15)، أطلق النار على رجال الشرطة، وأشعل النيران في المنزل الذي كان موجودا فيه مع صديقته التي وجهت نداء الاستغاثة المنزلي، وهرب في سيارة رباعية الدفع.

عثرت عليه شرطة الدعم في وقت لاحق من ذلك الصباح على مسافة قريبة، حيث اصطدمت سيارته بشجرة على حافة الطريق، قبل أن يطلق النار على نفسه باستخدام مسدس من طراز غلوك. ولقي 3 من رجال الشرطة الذين أصيبوا بالرصاص حتفهم.

قضية مسكوت عنها

تؤكد الكاتبة أن الإحصائيات الخاصة بالعلاقة بين العنف المنزلي والعنف العام في فرنسا محدودة للغاية، على عكس دول أخرى مثل الولايات المتحدة.

وتشير الإحصائيات الأميركية إلى أن الجناة في أكثر من نصف عمليات إطلاق النار الجماعية بين عامي 2009 و2018 استهدفوا الشريك الحالي أو السابق أو أحد أفراد الأسرة، من بين الأشخاص الآخرين.

كما وجدت دراسة أميركية أُجريت بين عامي 1980 و2006، أن مكالمات الإبلاغ عن العنف المنزلي أسفرت عن أكثر من 4 آلاف اعتداء على الضباط، و6 وفيات في المتوسط سنويا.

وتفيد الإحصائيات في فرنسا، بأن 146 امرأة قُتلن على يد الشريك في عام 2019، مما يجعلها واحدة من أكثر البلدان خطورة على النساء في أوروبا، بعد أيرلندا الشمالية وألمانيا، لكن العنف ضد المرأة ما زال رغم ذلك لا يحظى بالاهتمام اللازم، ولا يُنظر إليه كخطر داهم يهدد المجتمع الفرنسي، وفقا للكاتبة.

وترى روجتمان أن هناك "عوائق فعلية" أمام تسليط الضوء على هذه القضية في فرنسا، مؤكدة أن العنف ضد المرأة لم ينجح في توحيد جهود النساء مثلما كانت عليها الحال سابقا في قضية حق الإجهاض.

وتعتقد روجتمان أن المرجعية الثقافية والنظرة التاريخية للعلاقة بين الرجل والمرأة في فرنسا تحولان بدورهما دون اتخاذ مواقف أكثر صلابة وجدية من قضية العنف القائم على أساس الجنس.

وكانت المجموعة الوطنية لحقوق المرأة قد صاغت في 2006 مشروع قانون عرضته على الحكومة الفرنسية، على غرار قانون أقرته إسبانيا في 2004 يفرض عقوبات صارمة في قضايا العنف القائم على أساس الجنس، لكن معظم تلك المقترحات لم يتم العمل بها، واكتفت السلطات باعتماد بعض الإجراءات في قانون صدر عام 2010 يهدف إلى توفير الحماية للنساء من عنف الشريك.

وتضيف الكاتبة أن القوانين تمنح لمرتكبي العنف المنزلي إمكانية الضغط على ضحاياهم بعدّة طرق، فقد رفع ليمول قبل وفاته دعوى ضد فاليري مدعيا أنها انتهكت حقوقه الأبوية عندما غيّرت محل الإقامة دون إبلاغه.

وتقول ناتالي كونتي، التي تملك مخبزا في بلدة أمبيرت القريبة من سان جوست، والتي يوجد فيها مركز الشرطة الذي قُتل منه 3 أفراد، إن الناس عموما "يغمضون أعينهم" عن العنف بين الأزواج، لأنهم يعتبرون تلك الأمور مسائل عائلية خاصة. لكنها تؤكد أن سكان البلدة صُدموا عندما علموا بمقتل رجال الشرطة في سان جوست.

المصدر : فورين بوليسي