الهجوم على معمل بقيق للنفط السعودي هو ما كان يخشاه الجميع.. لماذا؟
قال موقع بلومبيرغ الأميركي إن جيوسياسة الشرق الأوسط عادت لتلعب دورا انتقاميا على سوق النفط، وهذا ما كان يخشاه الجميع، فقد اخترق هجوم بطائرات مسيرة دفاعات معمل بقيق لمعالجة النفط في السعودية، وهو قلب البنية التحتية لإنتاج وتصدير النفط في المملكة وأكبر معمل لتكرير النفط بالعالم، مما تسبب في أضرار غير معروفة الحجم، في حين يتوقع الجميع أن تتفاعل أسعار النفط الخام الاثنين ويتم استغلال مخزونات الطوارئ.
وأوضح الموقع أن تدفق النفط الخام من السعودية أكبر دولة مصدرة في العالم سيتأثر على الأرجح تقريبا على الرغم من عدم معرفة متى يعود التدفق إلى طبيعته.
وقال تقرير بلومبيرغ إن التجار الذين تجاهلوا التوترات في المنطقة لأشهر عدة سوف يتفاعلون مع هذا الهجوم عندما تفتح الأسواق الاثنين.
أهمية مصنع بقيق
يعتبر معمل بقيق لتكرير النفط الخام أهم منشأة في قطاع النفط السعودي، ففي عام 2018 عالج هذا المعمل حوالي نصف إنتاج المملكة من النفط الخام، أي حوالي خمسة ملايين برميل يوميا أو واحد من كل عشرين برميلا من النفط المستخدم في جميع أنحاء العالم.
وتعد بقيق أهم لقطاع النفط السعودي من محطات التصدير على الخليج العربي في رأس تنورة وجعيمة أو مضيق هرمز.
ويمكن تحويل النفط الخام بعيدا عن الخليج وهرمز بضخه عبر البلاد إلى البحر الأحمر بواسطة "خط أنابيب النفط بين الشرق والغرب"، لكنها لا تستطيع تجاوز بقيق، فـ"خط الأنابيب بين الشرق والغرب" يبدأ عند بقيق وتتم معالجة جميع الإنتاج من حقول الغوار والشيبة والخريص العملاقة هناك، وبالتالي فإن الهجوم على بقيق سيؤثر على تدفق النفط الخام إلى محطات التصدير على ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي، وفق تقرير بلومبيرغ.
ويأتي هذا الهجوم الأخير بعد أشهر فقط من استهداف طائرات مسيرة محطات الضخ على خط أنابيب النفط، وكان الضرر الناجم عن الهجوم السابق ضئيلا، لكنه سلط الضوء على مدى ضعف البنية التحتية النفطية السعودية حتى عندما تكون بعيدة مئات الأميال عن حدود البلاد.
لقد عاد مخزون السعودية من الخام -يقول تقرير بلومبيرغ- إلى ما كان عليه في عام 2008، مما قلل قدرتها على تعويض أي خسائر في الإنتاج.
وأضاف التقرير أنه ربما تسعى السعودية للحفاظ على مستويات التصدير قدر الإمكان من خلال تزويد العملاء من المخزونات، فلديها صهاريج للتخزين بالداخل وكذلك في مواقع بمصر واليابان وهولندا، لكن السعودية بدأت تخفض مخزونها الخام منذ بداية عام 2016 لتعود الآن إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2008.
وهذا يعني -حسب التقرير- أن ما لدى المملكة للسحب منه أقل بكثير مما كان لديها قبل ثلاث سنوات.
اختبار مخزونات الطوارئ
بحسب تقرير بلومبيرغ، سيختبر هذا الهجوم أيضا المخزونات في البلدان المستهلكة للنفط، إذ يتعين على أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الاحتفاظ بواردات نفطية مدتها 90 يوما في مخزونات الطوارئ، وسيبدأ الاستهلاك من هذا المخزون إذا استمر توقف الضخ في بقيق.
وفي الوقت ذاته تقوم دول غير أعضاء في الوكالة مثل الصين والهند ببناء احتياطيات الطوارئ الخاصة بها، وهذه أيضا سيتم البدء في استهلاك مخزونها للطوارئ.
كما أن الدول المجاورة -التي تم حثها من قبل أوبك منذ أيام فقط على الالتزام بحصص الإنتاج المتفق عليها في ديسمبر/كانون الأول- ستضخ أكبر كميات تستطيعها لتعويض أي نقصان من نفط السعودية، وستعمل كل من الإمارات والكويت والعراق على زيادة الإنتاج بقدر استطاعتها، وفق بلومبيرغ.
ويضيف التقرير أن الدولة الوحيدة ذات الطاقة الفائضة -وهي إيران- لن ترى أي تخفيف للقيود المفروضة على مبيعاتها النفطية من قبل الولايات المتحدة، على عكس ذلك تماما، فإن دعمها للحوثيين في اليمن الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم على بقيق سيضمن استمرار الضغط الأميركي عليها.