الكاتب والمترجم مراد الخطيبي: عبد الكبير الخطيبي لم يُقرأ بالقدر الكافي وبالعمق اللازم الموازي لفكره وإنتاجه

المترجم والأديب المغربي مراد الخطيبي
المترجم والأديب المغربي مراد الخطيبي (مواقع التواصل)

لعب الكاتب والمترجم المغربي الدكتور مراد الخطيبي دورا محوريا وبارزا في تشكيل صورة المفكر المغربي الراحل عبد الكبير الخطيبي في مخيلة القارئ العربي، إذ رغم اهتمام مراد الخطيبي بمشروعه ككاتب ومترجم، ظل على مدار سنوات يولي أهمية بالغة وخاصة لتراث الخطيبي الفكري والأدبي والتعريف به مشرقا ومغربا، إما على شكل ندوات أو دراسات أو كتب جماعية، تسعى جاهدة إلى تعريف وتأريخ فكر الخطيبي ومناقشته وتحليله وإخضاعه للدرس والتحليل.

غير أن المتتبع لكتابات مراد الخطيبي سيكتشف لا محالة أن الأمر لا علاقة له بدعوات رسمية تتم تلبيتها لاحتضان الكتابات الفكرية والأدبية لعبد الكبير الخطيبي، بل إنها أضحت تتخذ صفة مشروع تنقيبي توثيقي مجتهد، يقوم على تجميع تراث الخطيبي ومساءلته وتفكيكه، ثم إعادة بنائه من جديد، بطريقة تُصبح فيها كتابات عبد الكبير واضحة المنطلقات والمعالم والرؤى، كما نُعاين ذلك في دراساته الفردية الأخيرة مثل "عبد الكبير الخطيبي.. الأجنبي المحترف"، و"عبد الكبير الخطيبي وصداقاته الإنسانية والفكرية"، إضافة إلى كتب أخرى أسهم في تحريرها وتقديمها والإشراف عليها، مثل "ولدت غدا.. تحية لـ عبد الكبير الخطيبي"، و"الكتابة والتجربة.. دراسات حول مشروع عبد الكبير الخطيبي الفكري والأدبي".

إن هذه الأعمال حقيقة تبقى ذات أهمية بالغة في تلميع صورة الخطيبي، بالنظر إلى ذاكرة ثقافية مغربية مشروخة ويتيمة وتعاني دوما من النسيان والتنكر؛ فحجم المعلومات الموجودة في دراسات مراد الخطيبي تجعل الباحث/الناقد يقبل عليها بشراهة، فهي لا تحفل كثيرا بالتحليل وبناء صرح نظري، يكون بمثابة قاطرة لفهم كتابات الخطيبي، ولكن المجهود العلمي المبذول يرتكز -في الأساس- على تجميع المعلومة وإعادة ترتيبها والتنقيب في صحتها من زيفها، وتسليط الضوء على أهم القضايا والإشكالات التي شغلت عبد الكبير الخطيبي في سيرته الحياتية والفكرية والأدبية.

وتجدر الإشارة إلى أنه إلى جانب كتابات مراد الخطيبي عن عبد الكبير تأليفا وتحريرا وإشرافا، صدرت له مجموعة من الكتب الشعرية والنقدية باللغتين العربية والإنجليزية من قبيل "بهجة الصمت"، و"لن تقبع عقارب الساعة في مكانها"، و"عودة الكلمات إلى مرقدها الأبدي"، و"هسيس الذاكرة"، وغيرها.

عبد الكبير الخطيبي
الأديب وعالم الاجتماع المغربي الراحل عبد الكبير الخطيبي (الجزيرة)

عن تراث عبد الكبير الخطيبي الفكري والأدبي وصداقاته الفكرية وقيمته كمفكر مغربي اخترق حدود الكتابة، بين الفكر المجرد والآخر الأدبي المتمثل في الإبداع الروائي، كان للجزيرة نت هذا الحوار مع الدكتور مراد الخطيبي.

  • مراد الخطيبي، أنت من عائلة المفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي، فأي صورة ترسمها لهذا المفكر الاستثنائي اليوم بعد مرور نحو 13 سنة على رحيله؟

في البداية، أجدني مضطرا إلى القول إن الخطيبي لا زال لم يُقرأ بعد بالقدر الكافي وبالعمق اللازم والموازي لعمق فكره وإنتاجه الغزير، لكنني -في المقابل- أستطيع القول إن الخطيبي يحظى بمكانة رفيعة داخل المشهد الثقافي الكوني والعربي والمغربي لأن مشروعه الفكري كان دائما ولا زال يستمد نبضه وكينونته من المستقبل. فرادة مشروعه الفكري المتعدد هي ما يمنحه حاليا شغفا متزايدا واهتماما ملاحظا من قبل الدارسين والطلبة الباحثين والمترجمين.

وأسهمت ترجمة بعض مؤلفاته الفكرية إلى اللغة العربية وإعادة طبع بعضها في السنين الأخيرة في تزايد الاهتمام بالخطيبي كمشروع فكري متميز. ويلاحظ ذلك من خلال العدد الكبير من بحوث الإجازة والماجستير ورسائل الدكتوراه التي تنجز في مختلف الجامعات المغربية والجزائرية والتونسية والعراقية. ولدي تواصل دائم مع عدد كبير من الطلبة الباحثين في مختلف الجامعات العربية وحتى في جامعات من فرنسا وأميركا وإنجلترا وكندا وغيرها، والذين يشتغلون حول فكر الخطيبي.

تميز الخطيبي عن عدد كبير من الكتاب والمفكرين ينبع من كونه لم يكتب بمحض الصدفة، أو أنه كان يكتب من أجل الانتشار أو الحصول على الجوائز، بل كان يكتب في إطار مشروع فكري عميق وجريء يتمحور بالدرجة الأولى حول إشكالية الهوية، وقد نسج خيوطه الأولى منذ عمله الإبداعي الأول "الذاكرة الموشومة" الصادر سنة 1971. وتسلح بمفاهيم نقدية غربية، لكنه اختلق مفاهيم أخرى، أهمها النقد المزدوج من أجل طرح مشروعه الفكري العميق.

  • لماذا كل هذا الاهتمام بفكر الخطيبي ترجمة وتأليفا؟ وما خصوصيات هذا المفكر داخل الثقافة العربية المعاصرة، التي جعلتك تحسر مسارك الأكاديمي في فكره، رغم العديد من الكتب الأدبية والنقدية التي كتبتها بعيدا عن الخطيبي؟

لا بد أن أؤكد أن تأثري بكتابات الخطيبي بدأ منذ قراءتي عمله الإبداعي الأول "الذاكرة الموشومة"، إذ قرأتها باللغة الفرنسية وأنا لا زلت تلميذا في المرحلة الثانوية. وبعد سنوات اطلعت على الترجمة العربية التي أنجزها بطرس الحلاق. واهتمامي بالخطيبي سيتواصل من خلال تصفحي أعدادا من المجلة الاقتصادية والاجتماعية التي كان في وقت من الأوقات مديرها المسؤول، وكان في كل زيارة له إلى الجديدة يهدي الأعداد الجديدة منها إلى والدي.

في المرحلة الجامعية وفي بحث الإجازة، شعبة اللغة الإنجليزية، التي كان موضوعي فيها حول الكاتبة المميزة فرجينيا وولف، فردت فصلا كاملا لتحليل أسطورة الخنثى عند الخطيبي وفرجينيا وولف بالإضافة إلى تحليل الخطيبي للمجتمع الأبوي واليتم وغيرها؛ هذا البحث حفزني على التفكير في موضوع حول الكتابة عند الخطيبي ووولف من خلال بعض السمات والجوانب المشتركة بينهما.

وفعلا اقترحت الموضوع على جامعة "بواتيي" (Poitiers) بفرنسا من أجل تسجيل الدكتوراه، وتم قبولي بالجامعة حينذاك لكنني قوبلت برفض التأشيرة. كان الخطيبي مهتما كثيرا بالموضوع الذي اقترحته، خاصة أنه كان هو الآخر يعشق كتابات فرجينيا وولف.

المترجم والأديب المغربي مراد الخطيبي - women as characters in virginia
كتاب مراد الخطيبي يحلل القضایا النسائیة في روایات وشخصيات الكاتبة الإنجلیزیة فرجینیا وولف (الجزيرة)

بعد صدور مجموعتي الشعرية الأولى "بهجة الصمت"، التي أثنى عليها كثيرا عبد الكبير الخطيبي من خلال بعض الكلمات المشجعة؛ وجدتني مدينا لهذا الإنسان الجميل، ومدينا أيضا لهذا الإرث الفكري والإبداعي الذي تغذيت منه كثيرا؛ وبالتالي فأنا حاليا أوازي بين اهتماماتي الإبداعية والفكرية واهتماماتي في مجال الترجمة لأن بينهما خيوطا مشتركة تروم حول المعرفة والثقافة والفن.

  • كتبت عن الخطيبي مجموعة من الكتب، فهل تعتقد اليوم أن مشروع الخطيبي أخذ ما يستحق على مستوى الترجمة والنقاش والتداول؟

كما قلت سابقا، لا زال الخطيبي لم ينل حقه الذي يستحقه من الدراسة والترجمة. ربما هو من المشاريع الفكرية التي لا زالت مفتوحة، وهناك كثير من المواضيع والزوايا والنوافذ التي فتحت من قبله من أجل الغوص فيها وتعميق البحث حولها ودراستها بعمق أكبر ومحاولة التأسيس لأفكار جديدة تتجاوزها.

وبالتالي، أعتقد أن الخطيبي ترك للباحثين ورشات مهمة ومفتوحة ينبغي الانكباب على تحليلها والبحث في مدلولاتها وفي عمقها. دور الجامعة مهم في هذا الباب من خلال إدراج بعض مشاريعه الفكرية في المقررات، وكذلك من خلال تنظيم ندوات حول مشروعه الفكري بالدرجة الأولى، ولا يتم الاقتصار فقط على بعض نصوصه الإبداعية.

من الضروري أيضا أن تقوم مؤسسة الخطيبي التي حسب علمي تأسست منذ أكثر من سنة بإعطاء الأولوية إلى إعادة طبع مؤلفاته حتى تكون متاحة للقراء.

  • ما تزال كتابات الخطيبي أشبه بالسحر الذي يُخيّم أياما طويلة على مخيلة القارئ، فلماذا في نظرك هذا الركون إلى ما سماه الخطيبي “النقد المزدوج"؟ وما ملامح هذا المفهوم النقدي الذي ابتكره؟ وما مدى حضوره داخل جغرافيا الفكر العربي؟

في مؤلفه النظري "المغرب المتعدد" (Maghreb Pluriel)، الصادر سنة 1983، استعمل الخطيبي إستراتيجية "التفكيك" الدريدية (نسبة لجاك دريدا) من أجل بناء مشروعه الفكري المختلف على أساس مفهوم جديد اقترحه الخطيبي وهو "النقد المزدوج". ولمفهوم "النقد المزدوج" هدفان أساسيان:

يتمثل الهدف الأول في انتقاد وتفكيك الخطاب الإمبريالي الغربي المؤسس على التمركز الإثني حول الذات (Ethnocentrisme). والهدف الثاني هو نقد الخطاب الذي تؤسسه البلدان العربية حول ذواتها. إذن، فالخطيبي ينتقد الفكر المطلق وما تسمى الهوية الطاهرة أو النقية، التي تعد فكرا ميتافيزيقيا مبنيا على مفاهيم الأصل والوحدة والفرادة.

فكر الاختلاف الذي ينادي به الخطيبي من خلال مفهوم "النقد المزدوج" يهدف إلى اقتراح رؤية متعددة وبعيدة عن المركز بكل أنواعه من أجل مواجهة كل أشكال الاحتواء.

"النقد المزدوج" مفهوم ومنهجية ترفض التقوقع حول الذات ورفض الآخر، وبالتالي فالخطيبي لا يرفض الآخر رفضا مطلقا كما فعل فرانتز فانون، والذي يعتبر الخطيبي مثل هذه الدعوة بمثابة "اختلاف وحشي" أو "اختلاف ساذج"؛ لهذا "فالنقد المزدوج" يعيد طرح سؤال الهوية من جديد.

  • هل تعتقد أن تنوع كتابات الخطيبي أسهم في بروز صورته كمفكر متعدد يكتب في الأدب والفكر والسوسيولوجيا والفن والثقافة الشعبية؟ أو أن هناك منابع أخرى أسهمت في تغذية وجدان الخطيبي في صباه؟

أولا لا بد من التذكير أن الخطيبي له السبق في عدة مشاريع في الكتابة وفي المعرفة بشكل عام. وعلينا أن نتذكر أن أول أطروحة حول الأدب المغاربي المكتوب باللغة الفرنسية كانت من إنجاز عبد الكبير الخطيبي. علينا أن نتذكر جرأة الخطيبي الفكرية وأيضا السياسية حينما أصدر سنة 1974 كتابا حول نقده للصهيونية تحت عنوان "الصهيونية والضمير غير السعيد" Vomito blanco (Le sionisme et la conscience malheureuse) هذا الكتاب الذي عرض الخطيبي إلى هجمة شرسة من قبل الصهاينة وحتى من اليسار الفرنسي.

المترجم والأديب المغربي مراد الخطيبي - الممكن والمأمول
كتاب "الترجمة الأدبية الممكن والمأمول" يناقش المشاكل التي تواجه المترجمين (الجزيرة)

الكتاب يضم بين دفتيه مقالة الخطيبي الشهيرة "دموع سارتر". بخصوص الطفولة، كان الخطيبي محظوظا إلى حد ما لأنه الوحيد من إخوته الذي وافق الأب على أن يتابع دراسته بالمدرسة الفرنسية المغربية، علما أن والده كان من أشد المتعصبين للغة العربية.

وعلى عكس إخوته، لم يتردد عبد الكبير الخطيبي على الكتّاب القرآني إلا مدة قصيرة جدا.

لا بد من الإشارة أيضا إلى أن الخطيبي نشأ في عائلة لا تملك جاها ولا مالا، عائلة تنتمي إلى الهامش ولكنها عائلة العلم والأدب؛ أبوه أحمد الفاسي خريج جامع القرويين، فضل العمل في مجال التجارة على الاشتغال في مجال القضاء لتجنب المال الحرام والسقوط في براثن الرشوة وغيرها. وأمه كانت تمتلك هواية فريدة من نوعها وهي حياكة الزرابي بمساعدة أختها مينة.

كان الخطيبي الطفل مرتبطا كثيرا بأمه مما جعله ربما يعشق الألوان والزربية (السجاد المغربي) التي سيشتغل عليها فيما بعد باستعمال المنهج السيميائي. وأخوه الأكبر محمد كان يكتب الشعر باللغة العربية، وأخوه مصطفى كتب عدة مسرحيات في فترة الاستعمار وكانت تعرض في المؤسسات التعليمية.

  • في "الذاكرة الموشومة" يُطالعنا عبد الكبير الخطيبي بكتابة جديدة تنطلق من صرامة الفكر لتنتهي برهافة الإبداع بأسلوب يمزج بين الفكر والذات. هل تعتقد أن ذلك جاء تلقائياً بالنظر إلى شغف الخطيبي بالآداب والفنون أم أنه نتيجة تفكير طويل يروم إلى تخليص الكتابة الفكرية من مرض النسقية الذي خيّم عليها إبان القرن العشرين؟

في أحد حواراته قال الخطيبي إنه ظل قارئا 20 سنة، الخطيبي كان قارئا جيدا للقدامى والمحدثين، كان قارئا لجبران خليل جبران والمعري وهرقليطس ولاوتسو وابن خلدون وليوباردي وسارتر ونيتشه وباشلار وفوكو وبارت ودريدا. وجوابه يرمز إلى أن الخطيبي كان واعيا بمشروعه في الكتابة، وبالتالي فقد عمد إلى تكسير الحدود بين الأجناس كما فعل مع "الذاكرة الموشومة" التي يمكن اعتباره سيرة ذاتية ورواية ومقالا فكريا.

  • في كتابك المهم "عبد الكبير الخطيبي وصداقاته الإنسانية والفكرية" تقف عند مفهوم الصداقة عنده انطلاقا من جملة صداقات مع كوكبة من المفكرين والكتاب. كيف جاء التفكير في الكتاب، خاصة أنه يُسلط الضوء على الخطيبي من وجهة نظر أخرى، ظلت منسية داخل الدراسات التي تناولت فكر الخطيبي بالدرس والتحليل؟

يحاول هذا الكتاب التطرق لموضوع الصداقات الإنسانية والفكرية التي جمعت بين المفكر عبد الكبير الخطيبي المنتمي إلى أصول عربية وإسلامية، بل وهوية متعددة أمازيغية وعربية؛ وبين مفكرين ينتمون إلى الحضارة الأوروبية والغربية بشكل أساسي. وهكذا -إذن- تصبح غاية هذا المؤلف الكشف عن أوجه وسمات الصداقة الفكرية والإنسانية التي جمعت بين عبد الكبير الخطيبي ومجموعة من الأسماء المرموقة في عالم الفكر والإبداع.

سيكون مشروع الجزء الثاني منصبا حول أصدقاء ينتمون إلى الثقافة نفسها التي ينتمي إليها عبد الكبير الخطيبي، وهي الثقافة العربية والإسلامية. أذكر على سبيل المثال الشاعر الفلسطيني محمود درويش والشاعر والمترجم السوري أدونيس والكاتب والمفكر التونسي عبد الوهاب مؤدب والكاتب الجزائري بختي بن عودة والشاعر والمترجم العراقي كاظم جهاد.

  • من أهم الصداقات التي تشكلت معالمها لاحقا داخل الفكر العربي كانت مع رولان بارت وجاك دريدا، ألا تعتقد أن تأثر الخطيبي بدريدا خاصة يبدو بارزًا في فكر الخطيبي وطريقة اختياره الموضوعات وزوايا النظر؟

صحيح، فعندما نتحدث عن فكر الاختلاف فلا بد أن نذكر رموزا فكرية أسست له، وتبنته أو قامت بنقده بهدف تطويره. نذكر مثلا نيتشه، وهايدغر، وجيل دولوز، وجان فرانسوا ليوتارد، وفوكو، وجوليا كريستيفا، وجاك دريدا؛ هؤلاء جميعا وغيرهم كون الخطيبي معهم صداقة فكرية، وخلق معهم تواصلا غير مباشر مهم، إلا أن جاك دريدا يظل المفكر والفيلسوف الوحيد من بين الذين وردت أسماؤهم من أنشأ معه الخطيبي صداقة إنسانية وفكرية في الوقت نفسه امتدت سنين طويلة.

سبق أن اعترف الخطيبي بتشابه رؤية جاك دريدا المتمثلة في نقد الميتافيزيقا الغربية مع منهجه الفكري القائم ليس على نقد الفكر الغربي فقط بل وأيضا الفكر العربي والإسلامي. وجدد الخطيبي الاعتراف بهذه الحقيقة بعد أكثر من عقدين من الزمن من خلال "رسالته المفتوحة إلى جاك دريدا". ورغم اقتناع الخطيبي بفعالية منهج التفكيك الدريدي فإنه اختلق آلية أخرى، وهي "النقد المزدوج" (Double critique)، وهي آلية مكنته ليس فقط من نقد الفكر الغربي بل وأيضا الفكر الميتافيزيقي العربي والإسلامي كما أسلفنا الذكر. لا ننسى كذلك أن الخطيبي هو الذي أسهم في تعريف القارئ العربي على دريدا من خلال التشجيع على ترجمة بعض كتبه إلى اللغة العربية.

المصدر : الجزيرة