متحف فيصل بن قاسم بقطر.. عندما تؤسس الهواية أكبر متحف شخصي بالعالم

متحف فيصل بن قاسم بقطر
المتحف يمتد على مساحات واسعة وينافس المتاحف الوطنية (الجزيرة)
 
يشتهر كثير من الأثرياء حول العالم بهواية جمع التحف والمقتنيات النادرة، لكن شغف رجل الأعمال القطري الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني بالاقتناء منذ الطفولة، توسع لدرجة تأسيسه أكبر متحف شخصي بالعالم، الذي أصبح من أهم الوجهات السياحية والثقافية في قطر.

ففي إحدى قاعات المتحف الممتد على مساحة شاسعة، تمتلئ عشرات الخزائن بمقتنيات الشيخ فيصل في سن الطفولة والشباب، التي تنبئ بانتقال هذه الهواية في مرحلة مبكرة إلى الاحتراف والشغف.

‪بحيرة صناعية ضخمة عند مدخل المتحف الذي تم تشييده على هيئة قلعة‬ (الجزيرة)
‪بحيرة صناعية ضخمة عند مدخل المتحف الذي تم تشييده على هيئة قلعة‬ (الجزيرة)

وبالتوازي مع انشغاله بالمشاريع التجارية من تجارة السيارات وخدمات الطيران والعقارات، كان رجل الأعمال الشاب يجوب العالم لجمع كل ما يتوفر له من تحف ثمينة، ومع بلوغه سن الخمسين أدرك أن مجموعته الضخمة تحتاج إلى متحف خاص لاحتوائها وعرضها.

وتم افتتاح المتحف عام 1998، وكانت البداية بقلعة شيدت من صخور الأرض الواقعة في منطقة الشحانية غرب الدوحة، وما زال البناء يتوسع ليتحول إلى مؤسسة ثقافية شاملة، تقدم فعاليات ثقافية تتنوع بين المعارض والحفلات الفنية والجولات التعليمية.

‪قاعة خاصة بهواية الصيد في التراث القطري‬ (الجزيرة)
‪قاعة خاصة بهواية الصيد في التراث القطري‬ (الجزيرة)

تراث إسلامي ووطني
يولي المتحف أهمية خاصة للتراث الإسلامي، ففي قسم الأسلحة -الذي يستقبل الزائر في القاعة الأولى- تُعرض مئات السيوف والنبال وتجهيزات الجنود التي تؤرخ لمراحل متنوعة، تشمل الحروب الصليبية وجيوش العثمانيين والمماليك، مع احتفاء أكبر بتراث القرنين السابع عشر والثامن عشر.

كما تضم قاعة المنسوجات مجموعة نادرة من السجاد الشرقي، يعود تاريخ بعضها إلى القرن الثالث عشر الميلادي/ السابع الهجري، وذلك بجانب مئات القطع الثمينة من الجواهر والحُلي والأواني والعملات المعدنية والأزياء وقطع الأثاث الفاخرة، والتي تجسد ثقافات وتقاليد معظم بلدان العالم الإسلامي.

‪أسلحة مزخرفة في متحف فيصل بن قاسم‬ (الجزيرة)
‪أسلحة مزخرفة في متحف فيصل بن قاسم‬ (الجزيرة)

وفي قاعة خاصة، تتصدر نسخة عملاقة من المصحف الشريف، بجانب نسخ أخرى ذات أحجام غاية في الصغر، وتتوزع على الخزائن نسخ عديدة من المصاحف النادرة، مع أجزاء ضخمة من كسوة الكعبة المشرفة ومفتاحها وقفلها.

‪المصحف العملاق مع قطعة من كسوة الكعبة‬ (الجزيرة)
‪المصحف العملاق مع قطعة من كسوة الكعبة‬ (الجزيرة)

وفي قاعات أخرى، تُعرض تفاصيل الحياة القطرية قبل دخول البلاد عصر الحداثة، فثمة بيت قطري متكامل يحتوي مئات المقتنيات، ومراكب غوص عملاقة كانت تُستخدم لصيد اللؤلؤ، فضلا عن عشرات خزائن العرض التي تحفظ مراحل تطور الحياة في قطر.

‪مراكب صيد اللؤلؤ تؤرخ مرحلة مهمة من تاريخ قطر‬ (الجزيرة)
‪مراكب صيد اللؤلؤ تؤرخ مرحلة مهمة من تاريخ قطر‬ (الجزيرة)

أما القاعة الرئيسة والأكثر اتساعا، فتم تخصيصها لعرض أكثر من مئة سيارة كلاسيكية نادرة، وهي جميعا بحالة ممتازة، حيث يتنقل بينها الزائر لاكتشاف تاريخ تطور صناعة السيارات منذ عام 1885، كما تضم القاعة أوائل السيارات التي دخلت قطر، وعشرات السيارات التي استخدمها مسؤولون قطريون في القرن الماضي.

‪جانب من قاعة السيارات الكلاسيكية‬ (الجزيرة)
‪جانب من قاعة السيارات الكلاسيكية‬ (الجزيرة)

إبهار وتنوع
ولمزيد من الإبهار، يعرض المتحف منزلا دمشقيا يعود إلى ما قبل 240 عاما، ويقول القيّمون على المتحف إن عملية تفكيك المنزل من موقعه في أحياء دمشق القديمة استغرقت سنة كاملة، فضلا عن سنة أخرى لإعادة تركيبه بعناية فائقة بعد نقله إلى المتحف.

‪إحدى غرف المنزل الدمشقي بنقوشه البديعة‬ (الجزيرة)
‪إحدى غرف المنزل الدمشقي بنقوشه البديعة‬ (الجزيرة)

ويخصص المتحف أيضا قاعة أخرى للأديان، ففي غرفة العصر الجاهلي تُعرض عشرات الأوثان الصغيرة -ذات القيمة التاريخية الكبيرة- وفي غرفة ثانية مقتنيات للبوذية والإيزيدية والصابئة المندائية والدرزية، وفي غرف أخرى كنوز تاريخية لليهودية والمسيحية والمذاهب الشيعية والصوفية.

‪جانب من قاعة الأديان‬ (الجزيرة)
‪جانب من قاعة الأديان‬ (الجزيرة)

وعلى امتداد غرف ودهاليز وقاعات المتحف، يفاجأ الزائر بمقتنيات واسعة التنوع، فثمة قسم للمخطوطات والكتب الثمينة، وخزائن للوثائق والصحف النادرة، ومقتنيات خاصة بالعهد السوفياتي، وهياكل عظمية وأحافير متحجرة، وأسلحة وأدوات مصنوعة من الذهب الخالص، ولوحات تشكيلية وقطع فنية مبهرة.

وإذا كان هذا المتحف الواسع قد حاز بالفعل على لقب أكبر متحف شخصي بالعالم، فسيكتشف الزائر بسهولة أنه ينافس بقوة عشرات المتاحف الوطنية في دول كثيرة، وقد يتساءل عن الجهد الذي بذله شخص واحد لجمع وتصنيف هذه الثروة التاريخية التي لا تقدر بثمن في مكان واحد، والذي أهله لاستحقاق لقب "شخصية التراث العربي لعام 2012" من قبل جامعة الدول العربية.

يجدر بالذكر أن دولة قطر تحتضن أيضا متاحف شخصية عدة، منها على سبيل المثال متحف عبد الله بن لحدان المهندي في منطقة الذخيرة شمال الدوحة، ومتحف سعود عبد العزيز العلي ببلدة الوكرة جنوب الدوحة، كما يضم متحف الفن الإسلامي على كورنيش الدوحة مجموعات نادرة تعود ملكية بعضها إلى هواة اقتناء التحف القطريين.

المصدر : الجزيرة