شعبان عبد الرحيم.. بس خلاص
اعتاد أن ينهي أغنياته غالبا بعبارة "بس خلاص" لكن النهاية هذه المرة ليست لأغنية وإنما لحياة امتدت 62 عاما وتفاوتت فيها حظوظ الرجل بين العسر واليسر والشدة والرخاء.
من مكوجي إلى مطرب مغمور في الأفراح، ثم إلى مطرب شهير وضيف جذاب لبرامج التلفزيون، سارت حياة قاسم عبد الرحيم (الذي اختار لنفسه لاحقا اسم شعبان) قبل أن يأتيه الموت صباح الثلاثاء الماضي بعد مرض لم تطل مدته.
ورغم أن البشر نادرا ما يجمعون على أحد أو يتفقون على شيء، لكن حظوظ بعض المشاهير خصوصا من الفنانين ربما تلقى نوعا ما رضا الغالبية، كما حدث في العقود الأخيرة في حالات مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ مثلا، لكن الحال مع شعبان يختلف كثيرا، فصحيح هناك من يعشقه لكن هناك في المقابل من يعتقد أن مجرد وصفه بالمطرب جريمة في حق الفن.
توليفة شعبولا -وهو الاسم الذي اشتهر به عند الكثيرين- كانت بسيطة لكنها مؤثرة، ويعود جزء مهم من الفضل فيها إلى الشاعر إسلام خليل الذي ربما لا يملك شيئا يميزه عن زجالين شعبيين آخرين، إلا حس الفكاهة لديه وسرعة استجابته للأحداث وارتباطه باسم شعبان، ولذلك لم يمر على مصر حدث مهم إلا ورأينا أغنية لشعبان عن هذا الحدث في غضون أيام وربما في اليوم التالي مباشرة.
|
وبالنظر لمواقف وزير الخارجية المصري عمرو موسى آنذاك، فقد نال نصيبا من إشادة شعبولا الذي أتبع تعبيره عن كرهه لإسرائيل بالتأكيد على حبه لموسى، وهو ما يعتقد البعض أنه ربما ساهم في رحيل الوزير عن منصبه، ففي بلادنا ربما لا يهضم الرؤساء فكرة أن تشتهر أغنية تشيد بأحد وزرائه!
|
|
|
لم تأت شهرة شعبولا من فراغ، فمع عدم نيله حظا من التعليم كان صاحب ذكاء فطري، وفي بدايات شهرته كثيرا ما استضافه إعلاميون ركزوا على السخرية من ملابسه المزركشة زاعقة الألوان، أو لمزوا من قناة عمله سابقا بكيّ الملابس، بل ولمح بعضهم لكونه أميّا لا نصيب له من التعليم والثقافة، لكنه كان دائما ما يخرج منتصرا بخليط مما يسميه المصريون "الفهلوة والاستهبال".
يرى عشاق شعبان أنه ربما كان جاهلا لكنه كان صادقا، في حين أن كثيرا ممن يظهرون بشكل متأنق وكلمات رائقة من الفنانين أو الإعلاميين أو غيرهم ربما يكونوا أكثر منه جهلا لكنه جهل تخفيه مظاهر خادعة وشبكات مصالح مضللة.
أما عن ذكائه في رد الهجوم فيكفي أن تشاهد لقاءه مع الملحن الشهير حلمي بكر الذي هاجمه بشدة بدعوى أنه لم يدرس الموسيقى ولا يعرف المقامات، وتتابع كيف امتص شعبولا هذه الهجوم بل وبدا كأنه يسخر منه ليخرج من اللقاء بتعاطف أكثر مما دخل به.
وفي النهاية مات شعبان وتوقفت مسيرته الفنية، وبعد حين سيتوقف الجدل بشأنه وبشأن كلمة "وإييييييه" الشهيرة التي ختم بها كل مقطع من مقاطع أغنياته، لكنه في كل الأحوال حفر لنفسه مكانا في تاريخ "الفن الشعبي" المصري، أيا كان رأيك فيه وفي هذا الفن، "بس خلاص".