اتهامات لروسيا باستخدام قنابل عنقودية.. وموسكو تؤكد انفتاحها على مقترحات الغرب بدون لغة الإنذار

Aftermath of recent shelling in Khartsyzk
رجال الإطفاء يعملون على إطفاء حريق وسط حطام منزل دمره القصف في مدينة خارتسيزك (رويترز)

تعرضت مدينة كراماتورسك الأوكرانية، لقصف بقنابل عنقودية، في وقت قالت فيه كييف إنها تصدت لأكثر من 100 هجوم روسي على جبهات متعددة، كما تعرضت مناطق وسط وشرقي البلاد لهجمات باستخدام مسيرات إيرانية، في حين بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة لشبه جزيرة القرم في الذكرى التاسعة لضمها لبلاده.

وقال رئيس بلدية كراماتورسك (شرق أوكرانيا) ألكسندر غونتشارينكو على صفحته في فيسبوك "تستمرّ روسيا في بثّ الرعب. نتائج قصف كراماتورسك بقنابل عنقودية: قُتل شخصان وأُصيب 8 أشخاص، 3 منهم إصاباتهم بالغة"، ولفت إلى تضرر نحو 12 مبنى سكنيا و14 منشأة تابعة للبلدية.

وسمع مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية حوالي 10 انفجارات في الوقت نفسه تقريبا قُبيل الساعة 16.00 بتوقيت غرينتش، ورأوا دخانا يتصاعد في حديقة في جنوب المدينة. بُعيد ذلك، سُمع دوي 10 انفجارات أخرى من نفس النوع في حيّ سكني على بعد حوالي كيلومترين من الضربة الأولى.

وتوفيت امرأة في الحديقة، متأثرة بجروحها الناجمة عن شظايا الذخيرة، في حين أُصيبت سائقة سيارة أجرة في الحيّ السكني، بجروح خطيرة.

وهذه هي المرة الثانية التي تستهدف ضربات روسية المدينة هذا الأسبوع، حيث قُتل شخص الثلاثاء الماضي في قصف على وسط المدينة وأُصيب 3 أشخاص وتضررت 6 مبان سكنية.وتقع مدينة كراماتورسك -التي كان يسكنها نحو 150 ألف شخص قبل بدء الحرب الروسية أواخر فبراير/شباط 2022- قرب باخموت التي تشهد معارك مستمرة منذ أشهر.

هجمات متواصلة

وأعلنت هيئة الأركان الأوكرانية -في بيان لها- تصدي قواتها لأكثر من 100 هجوم روسي خلال يوم واحد على جبهات باخموت وليمان وأفدييفكا ومارينكا وشاختار شرقي أوكرانيا، وأكدت الهيئة مواصلة القوات الروسية محاولات التقدم نحو مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وباخموت، مشيرة إلى أن القوات الروسية شنت 34 ضربة جوية خلال الساعات القليلة الماضية.

كما شهدت أكثر من 60 بلدة في دونيتسك وخاركيف شرقي أوكرانيا، وخيرسون جنوبي البلاد قصفا صاروخيا ومدفعيا روسيا، وفقا للبيان.

وقال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوري إغنات إن القوات الروسية هاجمت مناطق وسط وشرقي أوكرانيا الليلة الماضية بـ 16طائرة مسيّرة إيرانية من نوع "شاهد"، تمكنت الدفاعات الأوكرانية من إسقاط 11 مسيّرة منها.

ووفق سلاح الجو الأوكراني، فقد انطلق الهجوم من بحر آزوف ومنطقة بريانسك الروسية المحاذية لأوكرانيا.

وذكرت الإدارة العسكرية الأوكرانية في دنيبروبتروفسك (جنوب شرق) أن طائرتين مسيرتين استهدفتا منشأة وصفتها بالحساسة في نوفو موسكوفسك شمال شرقي المقاطعة.

وفي مقاطعة زاباروجيا جنوب شرقي أوكرانيا، قالت الإدارة العسكرية الأوكرانية إن القوات الروسية استهدفت المدينة فجر اليوم السبت بصواريخ من طراز "إس-300" (S-300) وألحقت أضرارا بأحد المجمعات السكنية.

وفي باخموت شرقي أوكرانيا، بث حرس الحدود الأوكراني صورا قال إنها لقصف قواته مواقع تمركز القوات الروسية في المدينة، وتظهر صور الفيديو الملتقطة بطائرة مسيرة، قصفا أصاب أحد المنازل على أطراف باخموت، حيث تتمركز مجموعة للقوات الروسية.

من جانبها، نشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو قالت إنه لهجوم نفذته طائرة مسيرة انتحارية روسية من نوع "لانسيت"، استهدف منظومة صاروخية تابعة للجيش الأوكراني متمركزة في أحد الحقول في محور أفدييفكا، كما يبين المقطعُ التفجيرَ الذي حصل في المنظومة الصاروخية نتيجة الضربة التي نفذتها المسيرة.

موسكو تعلق على مقترحات الغرب

سياسيا، قالت وزارة الخارجية الروسية إن موسكو منفتحة على مقترحات الغرب وكييف بشأن تسوية سياسية، لكنها لا تقبل لغة الإنذارات النهائية، وأضافت أن صيغة الرئيس الأوكراني للسلام هدفها استسلام روسيا، وهي منفصلة عن الواقع.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن إلغاء جميع العقوبات المفروضة على روسيا وسحب جميع الدعاوى القضائية غير القانونية ضدها في المحاكم الدولية، يجب أن يكونا جزءا لا يتجزأ من التسوية بشأن أوكرانيا.

وأضافت زاخاروفا أنه من أجل تحقيق سلام دائم، من الضروري وقف تزويد أوكرانيا بالأسلحة والمرتزقة ووقف العمليات القتالية، وعودة أوكرانيا إلى وضع الحياد، والاعتراف الدولي بالحقائق الإقليمية الجديدة التي ظهرت نتيجة حق الشعوب في تقرير المصير، وفق تعبيرها.

كما شددت على نزع سلاح أوكرانيا والقضاء على ما سمتها النازية، وعلى جميع التهديدات الصادرة من أراضيها.

اتهامات روسية

من ناحية أخرى، قالت وكالة ريا نوفوستي الروسية إن الجيش الأوكراني يستخدم المدنيين دروعا بشرية داخل مدينة أوغليدار، التي تحاول القوات الروسية اقتحامها منذ أشهر في المحور الجنوبي من مدينة دونيتسك.

ونشرت الوكالة صورا قالت إن القوات الخاصة الروسية التقطتها من الجو، وتظهر تحرك سيارات عسكرية أوكرانية داخل أحياء المدينة، وتحصينات وخنادق أنشأها الجيش الأوكراني قرب مبان سكنية، إضافة إلى نشره آليات ثقيلة وسط منازل المدنيين.

وفي مقاطعة زاباروجيا، قال عضو الإدارة العسكرية والمدنية الروسية في المقاطعة فلاديمير روغوف، إن عشرات المسلحين والمرتزقة الأجانب قتلوا في ضربة روسية استهدفت قاعدة إيواء مؤقتة لمرتزقة أجانب وسط المدينة.

وكشف روغوف أن من بين قتلى الهجوم الروسي مرتزقة من بريطانيا وبولندا والولايات المتحدة، ومدربين وخبراء عسكريين أجانب، حيث كان المجمع يعد من أهم القواعد لقوات النخبة.

يأتي هذا، في حين قال مؤسس مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين إن المجموعة تخطط لتوظيف 30 ألف مقاتل، بحلول منتصف مايو/أيار المقبل.

وكان بريغوجين، قال في وقت سابق إن المجموعة افتتحت مراكز للتجنيد في 42 مدينة روسية، لتوظيف ما بين 500 إلى 800 شخص في اليوم.

اجتماع أميركي أوكراني

في سياق متصل، قال بيان للرئاسة الأوكرانية إن رئيس مكتب الرئاسة والقائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية عقدا اجتماعا عبر الفيديو مع مستشار الأمن القومي الأميركي ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركيين لمناقشة المساعدة العسكرية لكييف.

وأضاف البيان أن المسؤولين الأوكرانيين أبلغوا نظراءهم الأميركيين عن العمليات القتالية في أصعب الجبهات، والاحتياجات الملحة للجيش الأوكراني، كما ناقشوا تقديم مزيد من المساعدات لأوكرانيا، خصوصا المركبات والأسلحة والذخيرة.

وأوضح البيان أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انضم إلى الاجتماع لعرض آرائه بشأن استرداد الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها روسيا.

وأمس الجمعة، انضمت سلوفاكيا إلى بولندا لتكون ثاني دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تتخذ قرارا بإرسال مقاتلات إلى أوكرانيا، حيث أعلن رئيس الوزراء السلوفاكي إدوارد هيغير أن بلاده وافقت على إرسال 13 مقاتلة من طراز "ميغ-29" روسية الصنع إلى أوكرانيا.

وأوضح وزير الدفاع السلوفاكي ياروسلاف ناد أن إرسال المقاتلات إلى كييف سيستغرق بضعة أسابيع.

وكان الرئيس البولندي أندريه دودا قد أعلن الخميس أن بلاده ستسلم خلال الأيام المقبلة دفعة أولى من 4 مقاتلات من الطراز نفسه إلى أوكرانيا.

بوتين يزور القرم

في سياق آخر، بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة إلى شبه جزيرة القرم في الذكرى التاسعة لضمها إلى بلاده، وعرض التلفزيون الرسمي مقطعا قصيرا يظهر بوتين مرتديا ملابس غير رسمية ويسير برفقة مجموعة من المسؤولين.

وفي رحلة مفاجئة إلى سيفاستوبول، الميناء الرئيسي لأسطول البحر الأسود الروسي في شبه جزيرة القرم، زار بوتين مدرسة للفنون بصحبة الحاكم المحلي ميخائيل رازوجاييف، وفقا لصور بثتها قناة "روسيا-1" التلفزيونية.

في المقابل، قال مدير مكتب الرئيس الأوكراني إن القرم أرض أوكرانية، مؤكدا ان بلاده ستستعيدها بمعاونة الدعم الدولي.

تاريخيا، كانت شبه جزيرة القرم في صلب نزاعات وصراعات إقليمية منذ القدم، لأهميتها الإستراتيجية. وتقع جنوب أوكرانيا بين البحر الأسود وبحر آزوف، ويفصلها عن روسيا مضيق كيرتش، ولها مدخل نحو مضيقي البوسفور والدردنيل مرورا ببحري مرمرة وإيجة وصولا إلى المتوسط، ومساحتها 27 ألف كيلومتر مربع.

وغالبية سكان القرم من القومية الروسية، بأكثر من 58%، يليهم الأوكرانيون بـ24%، ثم تتار القرم بـ12%.

وأعلنت روسيا في عام 2014 ضم القرم، عقب أن صوتت المنطقة ذات الأغلبية الناطقة بالروسية لصالح الانضمام إلى روسيا في استفتاء تعتبره أوكرانيا والغرب غير قانوني.

وتشكل شبه جزيرة القرم -كما كانت منذ قرون- أهمية إستراتيجية بالنسبة لروسيا حيث تعد بوابتها الوحيدة للمياه الدافئة على البحر الأسود، كما تضم مقر قيادة أسطول البحر الأسود الروسي.

المصدر : الجزيرة + وكالات