بعد إقرار قانون التقاعد.. نقابات فرنسية تدعو للتصعيد والبرلمان يبحث اقتراحين لحجب الثقة عن الحكومة

Protest against French government's decision to raise the legal retirement age in Paris
ساحة الكونكورد في العاصمة باريس شهدت اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن (الأناضول)

تواصلت المظاهرات في العاصمة الفرنسية باريس ومدن أخرى احتجاجا على إقرار الرئيس إيمانويل ماكرون قانونا يرفع سن التقاعد إلى 64 عاما، ودعت نقابات عمالية لتصعيد الاحتجاجات والإضرابات، فيما تبحث الجمعية الوطنية (البرلمان) اقتراحين لحجب الثقة عن الحكومة.

وحظرت الشرطة الاحتجاجات في ساحة الكونكورد وجادة الشانزليزيه في باريس بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد بسبب تعديل قانون التقاعد.

وقالت الشرطة "نظرا لوجود مخاطر كبيرة لناحية الإخلال بالنظام والأمن العام يُحظر أي تجمع في ساحة الكونكورد العامة والمناطق المحيطة بها وكذلك في منطقة شارع الشانزليزيه"، وأكدت أنها ستطرد بشكل منهجي الأشخاص الذين سيحاولون التجمع هناك وقد يتم تغريمهم، وتقع هذه المناطق بالقرب من مقر الجمعية الوطنية وقصر الإليزيه الرئاسي.

وشهدت ساحة الكونكورد في باريس الليلة الماضية اشتباكات ومصادمات بين المحتجين وقوات الأمن، وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان اعتقال 310 أشخاص.

وشهدت الأجواء توترا حين تدخلت الشرطة مع حلول الليل، حيث أشعل متظاهرون النار ورمى مئات منهم زجاجات ومفرقعات على عناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق الغاز المدمع، محاولين إخلاء المكان مع هطول المطر.

حجب الثقة

واختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -أول أمس الخميس- تمرير مشروع إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل عبر اعتماد المادة 49/3 من الدستور، والتي تسمح بتبني نص من دون التصويت عليه في الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تفاقم الغضب الاجتماعي.

ويبرز شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى المادة 49/3 من الدستور نكسة بالنسبة لماكرون الذي رهن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح جاعلا منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية.

وستنظر الجمعية الوطنية الفرنسية بعد غد الاثنين في اقتراحين لحجب الثقة عن الحكومة، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر برلمانية.

وقدّم أحد الاقتراحين -أمس الجمعة- نواب مجموعة "ليوت" المستقلة والتي تشارك فيها أحزاب عدة، كما شارك نواب من ائتلاف "نوبس" اليساري في التوقيع على هذا الاقتراح.

كذلك قدّم نواب من حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان اقتراحا آخر لحجب الثقة، مؤكدين أنهم سيصوتون "لصالح كل اقتراحات حجب الثقة المقدمة".

ولإسقاط الحكومة يجب أن تصوت الأكثرية المطلقة في الجمعية الوطنية على اقتراح لحجب الثقة، أي 287 صوتا، ويتطلب ذلك أن يصوت حوالي 30 نائبا يمينيا من حزب الجمهوريين (من أصل 61) على الاقتراح.

Garbage piles up in Paris following strikes
تسبب إضراب عمال القمامة في تكدس كمية كبيرة من النفايات بشوارع العاصمة باريس (الأناضول)

تصعيد الإضرابات

في غضون ذلك، دعت الكونفدرالية العامة للشغل إلى تجمعات محلية نهاية هذا الأسبوع وإلى يوم تاسع من الإضرابات والمظاهرات الخميس المقبل، احتجاجا على الإصلاح الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما.

وقد تغلق مصفاتان على الأقل هما بتروينيوس في لافيرا (جنوب شرق) و"توتال إنرجي" في غونفروفيل- لورشيه (شمال غرب) في موعد أقصاه بعد غد الاثنين، وفقا للكونفدرالية العامة للشغل، ويعطل المضربون حاليا شحنات الوقود.

وقال متحدث باسم شركة "توتال إنرجي" (Total Energy) إن نحو 37% من موظفي التشغيل في مصافي ومستودعات للشركة في فرنسا أضربوا عن العمل اليوم السبت، فيما تستمر الإضرابات بالتناوب في قطاع السكك الحديدية.

وقال وزير الصناعة الفرنسي رولان ليسكور -اليوم السبت- إن الحكومة قد تتخذ إجراءات في حال إغلاق هذه المنشآت لتجنب نقص الوقود.

وأوضح أن مثل هذه الإجراءات "قيد التنفيذ" مع عمال جمع القمامة الذين تسبب إضرابهم بتكدس كمية كبيرة من النفايات في شوارع العاصمة تقدر بنحو 10 آلاف طن، حسب بلدية باريس.

ويتوقع حدوث تجمعات طوال عطلة نهاية الأسبوع في ساحة "إيطاليا" بباريس، وفي مرسيليا ثاني مدينة فرنسية، وأيضا في بريست (غرب)، وفي تولون ومونبلييه في جنوب شرقي البلاد.

واختارت الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد ولشيخوخة السكان، فيما يرى معارضو الإصلاح أن النص "غير عادل"، خصوصا للنساء والعاملين في وظائف صعبة.

وفرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد، مع العلم أن أنظمة التقاعد في مختلف الدول غير قابلة للمقارنة بشكل كامل.

المصدر : الجزيرة + وكالات