فورين بوليسي: على واشنطن إحياء الاتفاق النووي مع إيران أو المخاطرة بأزمة شاملة في المنطقة

مع استبعاد الدبلوماسية يمكن أن ينتهي الأمر بإيران والولايات المتحدة إلى حرب لا تريدها أي منهما ولا تتحملها.

الكاتب: إيران تبنّت "الصبر الإستراتيجي" ردًا على "الضغط الأقصى" الذي مارسه ترامب (الجزيرة)

قال خبير أميركي في شؤون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي إن على واشنطن المسارعة بإحياء الاتفاق النووي مع إيران، أو المخاطرة بحدوث أزمة شاملة في الشرق الأوسط.

وأشار والي نصر، وهو أميركي من أصول إيرانية، في مقال له بمجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy)، إلى الفشل الذريع الذي قال إن سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب تجاه إيران تميزت به، موضحا أن ممارسة أقصى قدر من الضغط لتحقيق أقصى قدر من التنازلات لم تكن مجدية.

وأضاف أن ذلك، بدلا من احتواء إيران، أدى إلى تعنّت زعماء البلاد وشجعهم على توسيع أنشطة التخصيب النووي، الأمر الذي نتج عنه، حسب قوله، مزيد من التقلبات الإقليمية ومزيد من المخاطرة بنشوب صراع مباشر بين واشنطن وطهران.

ورأى نصر أن على الرئيس جو بايدن أن يعكس اتجاه مسار الأمور لوقف هذا الانحدار الخطر، على أمل العودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام 2015.

وأضاف أن هناك بعض الخطوات الإيجابية المتمثلة في إعلان واشنطن الانضمام إلى بقية الموقعين على الاتفاق بغية إحيائه، بالتزامن مع إعلان طهران استعدادها لتجديد العمل بتعهداتها في إطار الاتفاق المذكور.

لكن الكاتب أكد أن على الإدارة الأميركية الجديدة أن تتحرك بسرعة، مشيرا إلى أن أولوية طهران الآن هي إلغاء واشنطن جميع العقوبات الجديدة التي فرضتها الإدارة السابقة، بما في ذلك تلك التي تمنع مبيعات النفط الإيراني والوصول إلى النظام المالي الدولي.
وأوضح أن واشنطن تريد أولا التأكد من عودة طهران إلى الامتثال لمبادئ اتفاق عام 2015، وهو ما سيتطلب منها التراجع عن أنشطة التخصيب وغيرها من الأنشطة النووية المحظورة التي قامت بها منذ مايو/أيار 2019.

وأشار الكاتب إلى أن بعض مسؤولي السياسة الخارجية الأميركية والأوروبية يرون أن على واشنطن الضغط على طهران من أجل الامتثال الكامل -أو حتى من أجل تقديم مزيد من التنازلات- قبل العودة مرة أخرى إلى الاتفاق.

لكنه حذّر من أن التأخير لن يؤدي إلا إلى إضعاف موقف بايدن، مما قد يؤدي إلى الانهيار التام لاتفاق 2015، وإذا حدث ذلك، فيمكن لإيران أن تتابع تهديداتها بزيادة تخصيب اليورانيوم، وتسريع برامج أسلحتها النووية، مما سيُعجّل بحدوث أزمة كبيرة يمكن أن تضع الولايات المتحدة وإيران على طريق الحرب.

وأوضح الكاتب أن إيران تبنّت "الصبر الإستراتيجي" ردًا على "الضغط الأقصى" الذي مارسه ترامب، لكنه كلما طال الانتظار زاد استعداد قادة إيران لاستخدام التوترات الإقليمية، والبرنامج النووي لبلدهم، وقدرات صنع القنابل للضغط على الولايات المتحدة.

ولهذا السبب، يرى الكاتب أن على بايدن أن يكون مثالًا يحتذى به، وأن يتحرك بأسرع ما يمكن للعودة رسميا إلى الاتفاق النووي، وإرجاء المطالب الأميركية للتحقق حتى يتمكن المفاوضون الأميركيون والإيرانيون من الاتفاق على سلسلة محددة من الخطوات التي ستجعل كلا البلدين يمتثلان تماما للاتفاق.

وختم الكاتب بالقول إن العودة السريعة إلى الاتفاق النووي لا تخلو من المخاطر، إذ من المرجح أن تواجه إدارة بايدن معارضة قوية في الكونغرس، خاصة إذا فشلت إيران في الرد بسرعة، لكن الانهيار التام للاتفاق من شأنه أن يسبب خطرا أكبر يتمثل بحدوث أزمة شاملة في الشرق الأوسط، ومع استبعاد الدبلوماسية يمكن أن ينتهي الأمر بإيران والولايات المتحدة إلى حرب لا تريدها أي منهما ولا تتحملها.

المصدر : فورين بوليسي