دعوى قضائية تسلط الضوء على الظلم في المستعمرات الفرنسية السابقة

نتيجة لتسمم التربة والمجاري المائية والماشية والمخزون الزراعي تضرر آلاف الأشخاص جسديا

لجنة تحقيق برلمانية أثبتت أن التلوث يؤثر على نمو دماغ الأطفال، ويزيد من مخاطر الولادة المبكرة (الفرنسية)

عام 2006؛ أي بعد سنوات من انتشار المبيدات السامة في أقاليم ما وراء البحار الفرنسية في جزيرة "مارتينيك" و"غوادلوب"، قدمت 7 منظمات شكوى ضد الحكومة بتهمة "المخاطرة المتهورة".

وفي مقال رأي نشرته "واشنطن بوست"  (Washington Post) الأميركية، قالت الكاتبة، رقية ديالو، إنه بعد مرور 15 عاما، في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، نظر أخيرا قضاة المحكمة العليا بباريس في هذه القضيّة.

وعلى الرغم من أنه ما تزال هناك مخاوف جدية من رفض القضية قبل تحقيق العدالة، فقد تأخر هذا الأمر كثيرا نظرا لحجم المأساة، وهناك العديد من القصص المماثلة في المستعمرات الفرنسية السابقة.

وصُنع مبيد الكلورديكون في الخمسينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة، وبيع تحت اسم "كيبوني". وتسبّب هذا المنتج بإقامة محاكمة أثارت اهتمام وسائل الإعلام، حيث وقع حظر المبيد بالولايات المتحدة في 1975.

وبعد 4 سنوات، صنفت منظمة الصحة العالمية المادة الكيميائية على أنها مادة مسرطنة محتملة. وفي 2009، وقع إدراج المادة في قائمة الملوثات العضوية الثابتة بموجب اتفاقية ستوكهولم، وحظر إنتاجه في جميع أنحاء العالم.

وبدأت فرنسا باستخدام المبيد في منطقة البحر الكاريبي في مزارع الموز عام 1972، ووافقت رسميا على المنتج في 1981. وفي نهاية المطاف، وقع حظر المبيد في الأراضي الفرنسية في 1990.

وحتى بعد ذلك، سمح تصريح وزاري باستخدامه إلى حدود عام 1993 في هذه "المحافظات"، وهي التسمية الفرنسية للوحدات الإدارية للحكومة المحلية مثل تلك الموجودة في "مارتينيك" و"غوادلوب".

جماعات الضغط التجارية

في هذا الصدد، كانت الوكالات الصحية وجماعات الضغط التجارية الزراعية متواطئة، وهو ما وضّحته جيسيكا أوبلي في روايتها المصورة "توكسيك توبيكس" (Toxic Topix). وأدت العواقب الوخيمة إلى حالة تلوث بيئي فريدة من نوعها في العالم، ويمكن أن تستمر إلى حدود 700 عام.

وأضافت الكاتبة أنه نتيجة لتسمم التربة والمجاري المائية والماشية والمخزون الزراعي، تضرر آلاف الأشخاص جسديا. وبالإضافة إلى ذلك، تعرضت قرابة 95% من جزر غوادلوب، و92% من جزر مارتينيك لمبيدات الآفات، وسجّلت الإدارات أعلى معدلات للإصابة بسرطان البروستات في العالم عام 2018.

وقد أثبتت لجنة تحقيق برلمانية بقيادة عضو البرلمان في مارتينيك، سيرج ليتكيمي، أن التلوث يؤثّر على نمو دماغ الأطفال، ويزيد من مخاطر الولادة المبكرة. ووفقا للتقرير، كانت الدولة على علم بالخطر المحتمل للكلورديكون منذ عام 1969.

وليست هذه هي المرة الوحيدة، التي أساءت فيها فرنسا معاملة أولئك الذين هيمنت القوة الاستعمارية على أسلافهم.

فعلى سبيل المثال، يحظّر القانون الفرنسي الرشّ الجوي لمبيدات الآفات، التي يمكن أن تنتشر في المنازل والمدارس الخاصة.

وفي المقابل، صاغت الحكومة إعفاءات خاصة للأقاليم الخارجية، مثل زراعة الأرز في غويانا الفرنسية.

وفي بولينيزيا الفرنسية، أخفى الجيش الفرنسي تأثير التجارب النووية، التي أجريت بين الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي لفترة طويلة. وفي الوقت الراهن، ما يزال ضحايا هذه التجارب يكافحون للحصول على تعويض.

المصدر : واشنطن بوست