اهتمام أميركي بتطورات الأزمة في السودان وسط دعوات لتسمية سفير بالخرطوم

مبعوث الرئيس الأميركي للقرن الأفريقي (يمين) أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء السوداني (وكالات)

واشنطن- يزداد الحديث في واشنطن عن أهمية العمل على إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي العسيرة التي يمر بها السودان، في وقت يؤكد فيه البيت الأبيض والكونغرس ومراكز الأبحاث المعنية أن دعم السودان سياسيا واقتصاديا يخدم المصالح الأميركية المباشرة وغير المباشرة في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.

وعكس ترحيب وزير الخارجية أنتوني بلينكن بخريطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يوم الجمعة الماضي لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد؛ تزايد الاهتمام الرسمي الأميركي بالشأن السوداني.

وحث بلينكن في تغريدة له جميع الأطراف في السودان على اتخاذ خطوات فورية وملموسة للوفاء بالمتطلبات الرئيسة للإعلان الدستوري.

كما دعا المبعوث الخاص للقرن الأفريقي -جيفري فيلتمان- المسؤولين السودانيين إلى تجنب سياسة "حافة الهاوية".

وأجرى فيلتمان قبل أيام اتصالين هاتفيين برئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وذلك من أجل تأكيد طبيعة موقف بلاده للجانبين المدني والعسكري في معادلة الحكم السودانية.

محاولة الانقلاب الفاشلة

وجاءت أنباء محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت يوم 21 من الشهر الماضي في اليوم نفسه الذي أشاد فيه الرئيس الأميركي جو بايدن بالديمقراطية، وشجاعة أولئك الذين يسعون إليها، في خطابه أمام الأمم المتحدة؛ وذكر فيه السودان تحديدا.

وصدر بيان من البيت الأبيض محذرا بوضوح من أن "أي محاولة من قبل الجهات العسكرية لتقويض الروح والمعايير المتفق عليها للإعلان الدستوري السوداني ستكون لها عواقب وخيمة على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والسودان والمساعدات التي تخطط واشنطن لتقديمها إلى الخرطوم".

ورأى جوزيف تاكر خبير الشؤون السودانية بمعهد السلام بواشنطن أن أنباء محاولة الانقلاب "عقّدت الوضع الهش أصلا لاتفاق تقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين في السودان، الذي صمّم لتوجيه البلاد نحو الحكم الديمقراطي بقيادة المدنيين بعد الإطاحة بالدكتاتور عمر البشير في عام 2019".

وأشار تاكر إلى أن الجيش السوداني "ربما روّج لمحاولة الانقلاب لقياس رد الفعل المحلي والدولي، ولمعرفة ما إذا كان هناك مجال ممكن للتدخل العسكري في المستقبل".

رسالة للشارع

ويرى تاكر أن الانقلاب في أحد تداعياته مثّل رسالة للشارع السوداني بأن "المدنيين غير قادرين على تحقيق الاستقرار في البلاد، وأن الجيش بحاجة إلى مزيد من التمكين".

وأشار إلى أنه في ظل عدم الوضوح الكامل أو الالتزام العسكري بتطبيق بنود خريطة الطريق، يمكن للولايات المتحدة أن تؤدي دورا في دعم الحكومة المدنية من خلال التحذير الصريح من الإجراءات التي تقوّض عملية الانتقال، والنظر في أدوار أكثر نشاطا لدعم إعادة تصور رؤية وطنية ومراقبة القطاع الأمني وإصلاحه بقيادة مدنية.

من جانبه، ذهب الكونغرس إلى حد التهديد بإعادة فرض العقوبات وسحب ما يبلغ مليار دولار من الاستثمارات والمساعدات الإنمائية الموعودة إذا حاول الجيش إعادة تأكيد سيطرته الكاملة.

مخاطر عودة الإرهاب

من جانب أخر، اتّضح لواشنطن أن هناك تهديدات أمنية حقيقية في السودان، كما ظهر واضحا من مقتل 5 ضباط أثناء تنفيذهم هجوما على خلية مفترضة لتنظيم الدولة الإسلامية في الخرطوم قبل أيام.

وأعاد ذلك إلى الأذهان مخاطر إرث السودان المهادن للجماعات الإرهابية كما تعتقد بعض الدوائر الأميركية.

ودفع إلى تذكير واشنطن بضرورة تمتع السودان بوجود "قطاع أمن كفء ومهني" طبقا لكاميرون هدسون خبير الشؤون الأفريقية بالمجلس الأطلسي.

تعيين سفير

ومنذ مغادرة السفير تيموثي مايكل كارني الخرطوم في التاسع من سبتمبر/أيلول 1995، لم يمثل الولايات المتحدة سفير مقيم في السودان.

ويمثل الولايات المتحدة منذ عودة العلاقات بين الجانبين العام الماضي قائم بالأعمال هو الدبلوماسي المخضرم براين شوكان وذلك منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.

جدير بالذكر أن علاقات واشنطن والخرطوم عرفت توترات شديدة على مدار ربع القرن الأخير بسبب ما رأته واشنطن من صلات بين الحكومة السودانية وجماعات إرهابية، واستضافة الخرطوم أسامة بن لادن سنوات عدة قبل مغادرته إلى أفغانستان.

وتضغط منظمة "عملية كسر الصمت" (Operation Broken Silence) غير الحكومية على إدارة بايدن لتسمية سفير أميركي في الخرطوم.

وترى المنظمة أنه مع تغير الوضع الأمني والسياسي في السودان على نحو يومي، حان الوقت الآن للرئيس بايدن لتعيين سفير أو مبعوث خاص إلى السودان.

وذكرت المنظمة في بيان لها، أطلعت عليه الجزيرة نت، انضمامها إلى أكثر من 120 منظمة غير حكومية وقائمة من الخبراء المعنيين في دعوة إدارة بايدن إلى تعيين سفير أو مبعوث خاص إلى السودان.

وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفوّت فرصا حاسمة لدعم المسؤولين المدنيين والناشطين الذين يسعون إلى انتقال حقيقي إلى الديمقراطية.

ومن دون سفير أو مبعوث خاص، ستفوّت الولايات المتحدة أيضا جهود تطوير الأعمال والإصلاح الشامل التي يمكن أن تساعد في تحقيق الاستقرار والسلام في السودان.

المصدر : الجزيرة