مصر.. إلى أين يتجه سعر الجنيه؟

A customer exchanges U.S. dollars to Egyptian pounds in a foreign exchange office in central Cairo, Egypt, March 7, 2017. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
ارتفاع الجنيه لم يستمر طويلا فقد انخفض مجددا مع منتصف الأسبوع الجاري ليصل إلى سعر 41 جنيها للدولار الواحد (رويترز)

القاهرة- صارت السوق الموازية في مصر صاحبة الكلمة الأولى في تحديد سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، وحلّت التوقعات والتكهنات والمضاربات مكان المؤشرات والبيانات المالية والاقتصادية في تقدير سعر العملة المحلية.

ففي الأيام القليلة الماضية شهد سعر الجنيه المصري مقابل الدولار اضطرابا كبيرا، دفع العملة الأميركية إلى ارتفاع تاريخي وصل إلى 42 جنيها مقابل الدولار الواحد، مدعوما بزيادة التوقعات بتعويم الجنيه مجددا، قبل أن يهبط فجأة إلى مستوى 35 جنيها بعد نفي تلك التكهنات، في حين لا يزال السعر الرسمي في البنوك مستقرا عند 30.9 جنيها، حسب وكالة بلومبيرغ.

واحتفت صحف حكومية بما سمته انهيار السوق السوداء وتكبدها خسائر فادحة، وتوجيه ضربة قاصمة للدولار.

وساعد على حالة الشعور بالارتياح هبوط سعر غرام الذهب نحو 25% في السوق المحلية؛ بعد أن كثف المصريون شراءه في الأيام الأخيرة بكميات غير معتادة بلغت 7 أطنان خلال الربع الأول من العام الحالي متجاوزا السعر العالمي بأكثر من 30%.

– محلات ذهب – مراسل الجزيرة نت
سعر الذهب يزيد في مصر على السعر العالمي بنسبة 30% (الجزيرة)

أسباب ارتفاع الجنيه أمام الدولار

في حديثها للجزيرة نت، أشارت سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر سابقا والخبيرة المصرفية، إلى أن الأخبار الإيجابية التي أعلنتها الحكومة المصرية عن طرح حصة شركتي "صافي" و"وطنية" المملوكتين للجيش للبيع، وتعيين مستشارين ماليين لبيع المصرف المتحد المملوك للدولة، بالإضافة إلى تسديد سندات بقيمة 3.5 مليارات دولار؛ كلها عوامل كان لها مردود إيجابي كبير.

وأكدت أن هناك عوامل أخرى مثل تراجع عجز الميزان التجاري بنسبة 48%، وزيادة دعم الصادرات، والسماح بدخول المواطنين بكميات غير محدودة من الذهب دون جمارك، كل ذلك ساعد على ارتفاع الجنيه المصري مقابل الدولار.

وقالت الدماطي إن سبب عدم تأثير ارتفاع الجنيه على هبوط أسعار السلع يعود لاستغلال المضاربين للأزمة واحتساب سعر الدولار أعلى من معدله الطبيعي، فذلك أدى إلى ركود في عمليات البيع نتيجة تراجع القدرة الشرائية، ونبهت إلى ضرورة وجود وعي لدى المواطنين بالاستغناء عن السلع المبالغ في سعرها.

هبوط بعد ارتفاع

ارتفاع الجنيه لم يستمر أكثر من أسبوع، ثم عاود الانخفاض مجددا مع منتصف الأسبوع الجاري ليصل إلى سعر 41 جنيها مقابل الدولار الواحد، بعد تلاشي أثر الأخبار الإيجابية المتعلقة بسداد مصر 3.5 مليارات دولار من ديونها الخارجية، وإصدار تسهيلات في قطاع الاستثمار، ودخول الذهب من الخارج دون جمارك.

وأسهم تذبذب سعر الجنيه مقابل الدولار في تثبيط محتمل للمشترين الباحثين عن شراء الأصول الحكومية، إذ قرر بعضهم انتظار سعر أفضل للأصول المقومة بالعملة المحلية، حسب توقعات بلومبيرغ.

– معرض السيارات
أسعار السيارات من الفئة المتوسطة ارتفعت في مصر بنسبة 25% (الجزيرة)

ارتفاع أسعار السيارات

ومع عودة صعود الدولار، ارتفعت أسعار السيارات من الفئة المتوسطة بنسبة 25%، وفقا لسمير سيف مندوب المبيعات في إحدى الشركات الذي أكد -في حديثه للجزيرة نت- أن هبوط الدولار لم يؤثر في انخفاض أسعار السلع أو السيارات، لأن ارتفاع الجنيه كان مؤقتا.

وأكد موظف في البنك المركزي المصري -في حديثه للجزيرة نت- أن قرار خفض قيمة الجنيه مرة أخرى لن يحدث إلا بعد انتهاء ميزانية العام الحالي في 30 يونيو/حزيران القادم، لأن وزارة المالية حريصة على عدم تجاوز العجز في الموازنة الحالية النسبة المستهدفة 6.5%.

حرب نفسية وسوء تقدير

ورأى أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة هشام إبراهيم أنه لا يوجد أي دليل على انهيار السوق الموازية، وقال في حديثه للجزيرة نت "إننا نميل إلى الإفراط في التفاؤل، وهو أمر غير منطقي اقتصاديا، ويجب وضع الأمور في إطارها الحقيقي، حيث أصبح التذبذب هو سمة سعر الصرف"، مشيرا إلى أن المضاربات لا تزال تسيطر على سعر الدولار والذهب.

وأوضح "إذا أردنا أن نشهد ارتفاعا حقيقيا لسعر الجنيه أمام الدولار فيجب أن يكون ذلك مرهونا بإتاحة الدولار في القطاع المصرفي، كما لا بد أن يختفي العجز بين العرض والطلب والفرق في السعر بين السوق الرسمية والموازية".

خفض التصنيف الائتماني

في الشهر الجاري، خفضت وكالة "فيتش" (Fitch) تصنيف مصر للمرة الأولى منذ 2013، درجة واحدة، من B+ إلى B، وعدلت نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، وذلك يلقي بظلال قاتمة حول قدرة مصر على سداد الديون وتأمين الاحتياجات التمويلية.

وفي المقابل، تعهدت وزارة المالية المصرية بتحقيق المستهدفات المالية لعام 2022/2023، رغم ما وصفته بالصدمات الخارجية الكبيرة والمركبة، مؤكدة أن تغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار هو ما أدى إلى ارتفاع نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي هذا العام إلى 95% بدلا من 80%.

وتتوقع الحكومة المصرية أن تبلغ نسبة الفوائد على الديون نحو 37.4% من مصروفات الموازنة البالغة نحو 2.9 تريليون جنيه بعد ارتفاعها إلى 1.120 تريليون جنيه بنسبة زيادة 44.5% على الميزانية السابقة (الدولار يساوي 30.9 جنيها).

المصدر : الجزيرة