انقطاعات وإغلاقات.. هكذا تأثرت شبكة الكهرباء الإيرانية بسبب تعدين البتكوين

أغلقت السلطات الإيرانية 45 ألف جهاز تعدين البتكوين خلال الأيام الماضية (الصحافة الإيرانية)
السلطات الإيرانية أغلقت 45 ألف جهاز لتعدين البتكوين خلال الأيام الماضية (الصحافة الإيرانية)

بعد مضي 17 عاما من تعافي شبكة الكهرباء في إيران، عادت أزمة انقطاع التيار من جديد للعاصمة طهران وعشرات المدن الأخرى بواقع ساعتين في النهار خلال الشهر الأخير، كما بدأ الظلام الدامس يغزو الشوارع لا سيما بعد منتصف الليل.

ورغم أن منظمة الكهرباء حرصت بادئ الأمر على تسليط الضوء على زيادة الاستهلاك بنسبة أكثر من 17% مقارنة مع العام الماضي بسبب برودة الجو، فإن المدير العام للمناطق الصناعية في طهران صابر برنيان عزا سبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي إلى تزايد أعداد أجهزة استخراج البتكوين.

العملات المشفرة

انتقد برنيان، في كلمة له، لجوء سلطات بلاده إلى قطع التيار الكهربائي في البلدات الصناعية دون إنذار مسبق ما أدى إلى تكبد خطوط الإنتاج خسائر كبيرة.

وفي السياق، عزا نقيب مصانع الأسمنت، عبد الرضا شيخان، زيادة أسعار الأسمنت إلى خفض الانتاج بسبب قطع الكهرباء خلال الأيام الأخيرة.

من جانبه، كشف المتحدث باسم صناعة الكهرباء، مصطفى رجبي مشهدي، عن زيادة كبيرة باستهلاك الكهرباء الرخيصة المخصصة للاستخدام المنزلي من قبل نشطاء تعدين البتكوين. غير أن تقارير أخرى كشفت عن تحويل بعض الورشات الصناعية ومزارع الدواجن ومراكز أخرى مدعومة بالطاقة الرخيصة إلى مزارع تعدين العملات المشفرة.

ويرى مراقبون في إيران أن موافقة السلطات خلال السنوات الأخيرة على استخراج البتکوین بشكل رسمي تهدف للالتفاف على العقوبات المصرفية التي أعادها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018.

تغرق شوارع طهران في ظلام دامس خلال ساعات الليل (الصحافة الإيرانية)
شوارع طهران تغرق في ظلام دامس خلال ساعات الليل (الصحافة الإيرانية)

مزارع صينية

وعلى إثر التقارير التي انتشرت على نطاق واسع حول زيادة مراكز تعدين البتكوين غير المرخص بها، شنت الجهات المعنية حملة واسعة لإغلاقها، حيث أكدت منظمة الكهرباء إغلاق 45 ألف جهاز خلال الأيام الماضية، مضيفة أن هذا العدد كان يستهلك نحو 100 ميغاواط من الكهرباء.

ورد نشطاء تعدين البتكوين على حملة الإغلاق بالكشف عن مزارع صينية عدة لاستخراج العملات المشفرة منها في محافظتي كرمان وأذربيجان الغربية، مما حدا بوزير الطاقة رضا أردكانيان أن يعلق بالقول "الجهات التي تمتلك ترخيصا لتعدين العملات المشفرة بإمكانها مواصلة نشاطها" وأن حملة الإغلاق تستهدف المزارع غير الشرعية.

ومع استمرار الجدل بشأن ما وصفها النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بـ "الازدواجية في التعامل مع مراكز تعدين البتكوين المحلية والصينية" اضطرت السلطات إلى إغلاق مركز كبير يحتوي على عشرات الآلاف من أجهزة تعدين العملات الرقمية لشركة صينة إيرانية بمدينة رفسنجان التابعة لمحافظة كرمان جنوب شرقي البلاد.

أعداد وأرقام

من جانبه، أعلن غلام علي رخشاني مهر نائب رئيس شركة الكهرباء أن المركز الصيني الإيراني لتعدين البتكوين في رفسنجان كان يعمل بشكل قانوني من خلال دفعه سعرا أعلى للكهرباء التي يستخدمها، في حين أعلنت السلطات المحلية بمحافظة كرمان أن المركز كان يستهلك 175 ميغاواط من إجمالي 600 ميغاواط هي الكمية المخصصة لمزارع تعدين العملات المشفرة في البلاد.

وتنتشر نحو 200 مزرعة لتعدين البتكوين في ربوع إيران، وفق محمد حسين متولي زاده المدير العام لشركة توزيع الكهرباء "توانير" الذي أكد إغلاق هذه المراكز مؤقتا لتجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي، مشيرا إلى صعوبة إغلاق المراكز غير الشرعية بسبب عدم وجود إحصاءات دقيقة عنها.

وكان رئيس جمعية مزارع العملات المشفرة محمد رضا شرفي، كشف عن إصدار السلطات تراخيص لنحو 1000 مستثمر في قطاع تعدين البتكوين حتى الآن، منتقدا قرار الحكومة بوضع قيود على نشطاء تعدين البتكوين منها تعريفات باهظة على الكهرباء تبلغ 5 أضعاف القطاعات الصناعية الأخرى، وشدد على أن قطاع التنقيب عن العملات المشفرة يمثل فرصة ثمينة للالتفاف على العقوبات المفروضة على البلاد.

Bitcoin عملة بيتكوين
حوالي 200 مزرعة تنتشر في ربوع إيران لتعدين البتكوين (الأناضول)

أسباب أخرى

ورغم توجيه أصابع الاتهام لمزارع البتكوين، فإن رئيس لجنة الطاقة في غرفة التجارة والصناعة حميد رضا صالحي يرى عوامل أخرى ذات تأثير أكبر في أزمة انقطاع الكهرباء.

وأوضح صالحي في تصريح صحفي أن المنخفضات الجوية الأخيرة رفعت الاستهلاك المنزلي والتجاري من الغاز، مما أدى إلى عجز في كمية الغاز المستهلك في محطات توليد الكهرباء، فضلا عن الدور الذي يلعبه قدم أدوات محطات الكهرباء وشبكة التوزيع.

وأشار المسؤول إلى أن بنود عقود صادرات الكهرباء إلى دول الجوار تشير بوضوح إلى أنها ستكون سارية فقط عندما لا يوجد أي نقصان في تأمين الطاقة داخل البلاد.

في المقابل، أعلنت السلطات حزمة محفزات لخفض استهلاك الكهرباء من قبل المواطنين لتصبح بأسعار رمزية أو مجانية، فضلا عن رفعها سعة إنتاج الطاقة في عدد من محطات توليد الكهرباء الموزعة في المحافظات للحد من قطع التيار الكهربائي، كما حددت شركة توزيع الكهرباء مكافآت لكل من يدل على مراكز تعدين البتكوين غير المرخص بها من أجل إغلاقها.

المصدر : الجزيرة