شعار قسم مدونات

نحو زواج ناجح..

blogs - زواج

قال النبي صلى الله عليه وسلم "تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا أُبَاهِي بِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".. في هذا الحديث أمر من النبي صلى الله عليه وسلم للشباب على الزواج وبيان لأحد أهم أهداف الأمر النبوي بالزواج هو النسل وكثرة الأبناء، ولكن هل المقصود في الحديث الكثرة على العموم! أم العناية بالكثرة مع حسن التربية، أي الاهتمام بالكم والكيف معاً، فكيف سيباهي النبي صلى الله عليه وسلم الأمم السابقة بأجيال بعيدة عن دين ربها وتعاليم نبيها!

 

يحثنا النبي في الحديث إلى الإكثار من الأولاد مع إيجاد بيئة صالحة لتربيتهم فيستقبلهم حين يستقبلهم على الحوض فرحاً متباهياً مفتخراً بهم قائلا "أمتي.. أمتي"، أي أن هؤلاء الرجال الذين تربوا على أيدي آباء صالحين ورثوا لهم الدين وأصلحوا أخلاقهم، هؤلاء الرجال الذين يزاحمون الصحابة على الحوض بتمسكهم بدينهم وحسن أخلاقهم واتباعهم لنبيهم هؤلاء الذي سيفتخر بهم "أمتي.. أمتي".

بعد هذا التحفيز القوي من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حاثاً إياهم على الزواج.. وضع مقومات نجاح هذا الزواج فقال صلى الله عليه وسلم "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ".. إذن فمن مقومات نجاح الزواج هي الاستطاعة المادية والجسدية والقيمية.. لن أتكلم هنا عن القدرة الجسدية ولا المادية ولكن حديثي عن الاستطاعة القيمية والمهارية لإتمام هذا المشروع وتحقيق أهدافه التي تصل إلى غاية مباهاة النبي بأمته .

إن الأسرة هي لبنة المجتمع، فصلاحه من صلاحها وفساده من فسادها. والفرد هو لبنة الأسرة وعليه تبنى أعمدتها، وعلى قيميه ودوافعه تحدد أهدافها وغاياتها.. من هؤلاء من تكون دوافعه دنيا فتتمحور أهداف زواجه حول رغباته وشهواته حتى إذا أفرغها لا يهتم بعد ذلك بتربية أولاده أو هدايتهم إلا بقليل من الحرج حفاظاً على ماء وجهه أمام الناس أو محافظاً على تقاليد ظاهرية لا تمت للجوهر بصلة.. وآخر تكون دوافعه عليا فيستهدف من زواجه بناء لبنة قوية فعالة مؤثرة في المجتمع، من أهدافه حسن تربية الأبناء عملاً وخلقاً وديناً يلقي بهم في المجتمع فإذا بهم الدعاة والمصلحون والمتفوقون والقادة فيصلحون دنياهم ومجتمعهم، ولكي تتحقق هذه الأهداف لابد وأن نتعلم المهارات التي تساعدنا على تحقيق ذلك بنجاح.

 

لا بد وأن يتعرف الزوج على طبيعة المرأة واحتياجاتها النفسية وكيفية تقديم الدعم النفسي لها في لحظات احتياجها، لابد وأن يتعلم فن التغافل والتسامح وطرق التودد وفن الإنصات والتشجيع

ففي مرحلة سعينا لتحقيق الاستطاعة لا بد وأن نضع مجموعة القيم التي ستسير عليها الحياة والأسرة ونستهدف تحقيق المهارات كما نستهدف جمع الأموال التي تؤهلنا للزواج، وهذه لا تقل أهمية عن تلك. ومن هذه المهارات التعامل كزوج وكوالد بالنسبة للرجل وكذلك مهارات الزوجة والأم بالنسبة للمرأة:

الزوج.. لا بد وأن يتعرف على طبيعة المرأة واحتياجاتها النفسية وكيفية تقديم الدعم النفسي لها في لحظات احتياجها، لابد وأن يتعلم فن التغافل والتسامح وطرق التودد وفن الإنصات والتشجيع، لابد وأن يتقن الحوار والتفاهم والوصول لحل وسط.. ولا تنسى قول النبي صلى الله عليه وسلم "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".

الوالد.. لا بد وأن يتقن التوجيه بالحب، وأساليب التربية وغرس القيم، والسمات العامة لكل مرحلة تربوية للأبناء وحاجاته النفسية وكيفية تلبيتها، ومهارات التفاوض وتعظيم الإيجابيات.

الزوجة.. لابد وأن تتعرف المرأة على اهتمامات الرجل وطبيعته النفسية، وأن تتقن فن الحوار وصناعة الحب والألفة، ومهارة تحديد الأولويات وحفظ الأسرار، ومهارات التواصل والاحتواء العقلي والقلبي.

الأم.. لابد وأن تتقن مهارات التربية وأنواعها المختلفة، ومهارة صنع البيئة المناسبة للنضج التربوي، الهدوء والعطاء والتحفيز، ومهارات التوجيه الحياتي، واكتشاف الطاقات والقدرات.

وفي النهاية.. أبناؤك هم ظلك فإذا استوى البناء استوى الظل.. هم قوتك عندما تضعف.. وهم عملك الصالح بعد موتك قال صلى الله عليه وسلم "إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثَةِ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.