شعار قسم مدونات

محاولة لفهم تعليقات العرب على فيسبوك

blogs - facebook

في البداية أود أن أشير إلى أن التعليقات أو "الكومنتات" موضوع المقالة لا يقصد بها كل التعليقات على فيسبوك التي قد تكون شخصية أو ترفيهية.

إنما المقصود هنا، هي تعليقات القارئ العربي على منشورات الصفحات الإخبارية على فيسبوك، والتي يشاهدها أضعاف من قرأوا المادة الأصلية (مدراء الصفحات يعرفون هذا جيدا)، وبالتالي فإن هذه التعليقات في كثير من الأحوال تكون أهم من المنشور الأصلي، وتعطي القارئ نظرة سريعة عن الموضوع، ووجهة نظر الرأي العام عنه.

وهذا الموضوع على أهميته إلا أنه لم يسبق أن تطرق له أحد (على المحتوى العربي على الأقل) ولم تجرى أي دراسات حوله؛ لذا كانت هذه المحاولة المتواضعة، فقمت برصد عينة عشوائية صغيرة من تعليقات العرب (252 تعليق)، على مواد إخبارية (روابط) تم نشرها هذا الأسبوع على كبرى صفحات القنوات العربية الإخبارية، والإعلاميين الكبار على فيسبوك، وكانت النتيجة كما يلي :-

مجموعة من الأشخاص المجندين إلكترونيا من قبل منشأة أو شركة أو حكومة، للعمل على توجيه أو تغيير اتجاه الرأي العام إلى فكر معين.

1- %60 من التعليقات كانت متعلقة بالخبر المنشور، نصفها لا توحي أن صاحبها قرأ الخبر.

2- %17 من التعليقات لم تكن على علاقة مباشرة مع الخبر، وإن كانت عن مواضيع ذات صلة بشكل أو بآخر.

3- %18 من التعليقات لم تكن لها أي علاقة بالخبر لا من قريب ولا من بعيد.

4- %5 من التعليقات كانت عن خبر آخر منشور في نفس الصفحة.

التعليقات والعناوين المضللة

تلجأ الكثير من المواقع الإخبارية للعناوين المضللة وهي عناوين يتم حجب معلومات أساسية فيها لصيد النقرات، فتجد العنوان في واد والمحتوى في واد آخر، والمتتبع للتعليقات على مثل هذه العناوين، يجد بأنها توحي بعدم قراءة صاحبها للخبر، هذا بالرغم من وجود عشرات التعليقات التي تبين أن العنوان مضلل، إذن المعلق هنا لم يقرأ لا الخبر ولا حتى التعليقات.

ماذا عن اللجان الإلكترونية؟

هي مجموعة من الأشخاص المجندين إلكترونيا من قبل منشأة أو شركة أو حكومة، للعمل على توجيه أو تغيير اتجاه الرأي العام إلى فكر معين، قد يكون الدافع تسويقي لشركة معينة، أو سياسي، وفي فترة ما بعد الربيع العربي تزايدت شكاوي النجوم السياسيين على فيسبوك من هذه اللجان، فغالباً تكون هذه اللجان أشبه بالروبوتات، الحوار معها مستحيل، وصفحاتهم الشخصية خالية تماما من أي معالم تدل على أن صاحبها شخص حقيقي.

تعليقات ثابتة في كل زمان ومكان

هي تعليقات ثابتة دائما أياً كان الخبر المنشور، أو الصفحة التي نشرته، وهواة قراءة التعليقات يعرفونها جيداً، وهي كالتالي:-

1- "التعليق الخبر" وهو الذي يبدأ دائما بكلمة "هام"، ثم يتبعه بخبر غريب، أو تصريح لشخصية مهمة، وغالبا يكون هذا الخبر أو التصريح حصريا لصاحب التعليق وغير منشور في أي وسيلة إعلامية أخرى.

2- "التعليق الثقافي" وهو التعليق الذي يبدأ دائماً بكلمة "هل تعلم" أو "قصة كذا" ثم يسرد معلومات عامة في شتى المجالات تشبه مقالات المنتديات.

3- "التعليق المخرب" وهو تعليق طويل جداً يحوي عدة أشكال ورموز، ويأخذ مساحة كبيرة جداً تطفش قارئ التعليقات، يهدف صاحب هذا التعليق إلى "تخريب" المنشور.

4- "التعليق الباكي على الأطلال" وهو التعليق الذي يبدأ دائما بـ "عندما كنا عظماء" أو "يوم كنا أسودا"، ثم يسرد بطولات العرب والمسلمين في الماضي.

5- "التعليق المعلن أو المسوق" وهو التعليق الذي يسوق لخدمات معينة، أو روابط وهمية؛ مثل "اعرف من زار بروفايلك"، أيضا قسم كبير من هذا النوع من التعليقات يندرج تحت ما يُعرف بـ "التسويق الهرمي".

6- "التعليق النجم" وهو التعليق الذي يحظى بأكبر عدد من الإعجابات، أحيانا يكون هذا التعليق متعلقا بالخبر، وفي كثير من الأحيان يكون مختلفا عنه، كثيراً ما نجد هذا التعليق منسوخا مرة أخرى أو أكثر في نفس المنشور، وفي كل مرة يحظى بإعجابات كثيرة.

في النهاية لا بد من الإشارة إلى أن السلوكيات المذكورة أعلاه تكاد تكون شبه معدومة في الصفحات الرقمية الشبابية على فيسبوك، وفي المنصات الأخرى التي غالب مستخدميها من الشباب، وهذا يعطي إشارتان؛ الأولى أن اللجان الإلكترونية في الوطن العربي لا تستهدف إلا الصفحات الإخبارية، والثانية أن هذه السلوكيات مرتبطة "بالأمية الرقمية" التي تتفشى في الفئات العمرية الكبيرة أكثر منها في الفئات الشبابية الصغيرة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.