شعار قسم مدونات

صديقي وزير خارجية.. بفيسبوك

blogs - tt
قال لي صديقي..
في زمن مواقع التواصل الاجتماعي أصبح من المعيب جدا ألا تعرف، فكل شيء متاح أمامك. وإن عرفت أخبر الناس أنك عرفت، فالعالم ينتظر رأيك وموقفك من كل شيء، فلا تكن من المخلفين وكن قلقا!

أقنع نفسك بأنك مهم جدا. وأنصحك -رغم أنني لا أثق كثيرا فيما يدعيه أهل التنمية الذاتية- بأن تقف أمام انعكاس صورتك على شاشة الهاتف، وتزم على شفتيك ثم اصرخ: أنا مهم!

الأمر بسيط، افعلها وسترى النتيجة المذهلة؛ "بوستات" وتغريدات تأتي لك بمئات "اللايكات" و"الريتويتات". وربما تكون الغلة كبيرة في "الشيرات". المهم أن تقتنص الفرصة المناسبة.

خد عندك المثال التالي كي تفهم ما أقصد؛ افرض أنك توصلت بإشعار عن خبر عاجل يقول: "تايفون مدمر يضرب جنوب الفلبين".

المحلل السياسي الذي يظهر بربطة عنقه ويلوك الكلام طلاسم غير مفهومة، ليس أفضل منك.. له التلفزيون ولك فيسبوك

لا تترك الخبر يمر، أين هي بصمتك؟ لا تقل إنك لا تعرف معنى "التايفون".. فذلك والله عذر أقبح من زلة.
 

اعلم يا رعاك الله أن كلمة السر في العلوم هي "ويكيبيديا". فهي التي ستخبرك بكل بساطة بأن "تايفون" اسم لإعصار ولا علاقة قرابة تجمعه بجهاز الآيفون بكل تأكيد.

في المرحلة الثانية ستكتب تغريدة تعبر فيها عن حزنك على ما حصل في الفلبين التي لا تعرف عنها غير مهارة ممرضاتها: "خبر محزن.. التايفون يسقط ضحايا في الفلبين RIP".. ثم لا تنس الهاشتاغ!

ولكي تبدو عميقا، انقل الجملة التالية حرفيا من ويكيبيديا "التايفون إعصار استوائي في الفلبين أو بحر الصين وينطق باللغة الصينية taai fung".

وكن متأكدا أنك ستبدو مثقفا وعارفا باللغة الصينية وأحوال الطقس ونزوات التروبوسفير. وانقل كل ذلك إلى فيسبوك، ففيه ستجد ما يسرك. ستجد من ينشر صورة "تحداني عدو لجمع ألف لايك لهذه الصورة"، وستجد من هو حزين لأن الناس لم يعجبوا بثمرة طماطم ساجدة من فرط الفوتوشوب.

ابحث عن المؤامرة في كل شيء، تحدث عن الانحباس الحراري، حرية الضفادع في النقيق، وقلقك الدائم على بطاريق القطب الشمالي.. ولتكن غايتك "الترند".. وتذكر أن العالم ينتظر موقفك، فرأي وزير الخارجية ليس أهم من رأيك، والمحلل السياسي الذي يظهر بربطة عنقه ويلوك الكلام طلاسم غير مفهومة، ليس أفضل منك.. له التلفزيون ولك فيسبوك.

هذا ما قاله صديقي الشهير جدا في فيسبوك وتويتر..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.