الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "الموساد".. تاريخها وأبرز اغتيالاتها

هيئة الاستخبارات والمهمات الخاصة في إسرائيل، تعرف اختصارا باسم (الموساد)، تعد أحد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاثة الأساسية، وهي -بالإضافة إلى الموساد- جهاز الأمن العام (الشاباك)، وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان). ويخضع الموساد -الذي تأسس في ديسمبر/كانون الأول 1949- لمسؤولية رئيس الحكومة الإسرائيلية مباشرة، ويقع مقره الرئيسي في تل أبيب وتحديدا في مفترق جليلوت.

النشأة والتأسيس

في عام 1937 أسست الحركة الصهيونية منظمة سرية استخبارية بهدف تنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين، واستمرت في عملياتها إلى أن أُعلن قيام دولة إسرائيل في 15 مايو/أيار 1948.

وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 1949 أقر رئيس حكومة الاحتلال ديفيد بن غوريون تشكيل مؤسسة لتجميع وتنسيق خدمات الاستخبارات والأمن، عرفت لاحقا باسم "الموساد"، وبدأ رسميا تنفيذ مهامها خارج الحدود الإسرائيلية في الثامن من فبراير/شباط 1951.

أعيد تنظيم الموساد في مارس/آذار 1951 وأصبح الذراع الخارجية لاستخبارات إسرائيل، ويشرف عليه بشكل رسمي مكتب رئيس الوزراء.

والاستخبار وتنفيذ العمليات السرية خارج الحدود الإسرائيلية هو الهدف الرئيسي لجهاز الموساد، بالإضافة لإقامة علاقات سرية والتعامل مع قضايا الأسرى والمفقودين، ويعمل أيضا على البحث والتطوير في المجال التقني.

أبرز مهام وأهداف الموساد

لعب جهاز الموساد دورا حاسما في تشكيل سياسة إسرائيل، إذ يتركز نشاطه في المحاور الآتية:

  • جمع المعلومات والبيانات في المجالات السياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية من مصادر متعددة في مختلف الأنحاء في العالم.
  • تنفيذ عمليات أمنية ودبلوماسية خاصة بشكل سري لحماية المصالح الإسرائيلية.
  • استهداف وإحباط أهداف من الممكن أن تشكل تهديدا لإسرائيل سواء كانت مدنية أو عسكرية، داخل أو خارج أراضيها.
  • إدارة شبكات التجسس والعمل على تجنيد عملاء للحصول على المعلومات.
  • رصد مصادر المعلومات العلنية مثل وسائل الإعلام والدراسات الأكاديمية في جميع أنحاء العالم.
  • تقييم الموقف السياسي والاقتصادي للدول العربية، وتقديم توصيات بناء على المعلومات المتاحة.

الهيكل الرئيسي لجهاز الموساد

تنقسم هياكل الموساد إلى الأقسام التالية:

  • قسم المعلومات: وتتركز مهمته على جمع وتحليل المعلومات بهدف فهم التطورات والأحداث في أنحاء العالم.
  • قسم العمليات: مسؤول عن التخطيط والتنفيذ للعمليات الخاصة كالخطف والاغتيال ضمن إطار إستراتيجي للدولة.
  • قسم الحرب النفسية: المشرف على تطوير وتنفيذ العمليات التي تتخذ الطابع النفسي لنشر الفكر الصهيوني.

الوحدات والأقسام الفرعية للموساد

  • تيفل: وحدة للعلاقات المخابراتية والدبلوماسية.
  • سومت: وحدة تهتم بتشغيل عملاء وضباط لجمع المعلومات في جميع أنحاء العالم.
  • قيساريا: الوحدة المسؤولة عن العمليات الخاصة، وتضم وحدات مقاتلة.
  • كيدون: وحدة متخصصة في أساليب التصفية والاغتيال، وتتكون من حوالي 40 عنصرا.
  • نبيعوت: وحدة مهمتها الحصول على المعلومات الاستخبارية عن طريق الوسائل الإلكترونية والتكنولوجية المتقدمة.

وهناك 3 أقسام أخرى غير تنفيذية في الموساد، وهي:

  • القسم الاستخباراتي: يُعنى بقسم الأبحاث وتقدير الموقف السياسي، ويعمل على تحديد الأهداف بعيدة المدى للموساد.
  • سفريريم: هدفه حماية اليهود والدفاع عنهم في أنحاء العالم.
  • الوحدة التكنولوجية: مسؤولة عن تطوير التكنولوجيات المتقدمة، وتعمل بتنسيق مع الوحدات التنفيذية وتدعمها بأحدث الأدوات التقنية اللازمة.

رؤساء جهاز الموساد

لم يكن القانون الإسرائيلي يسمح بالكشف عن اسم رئيس الموساد، وأُعلن عن اسم رئيس الموساد بشكل رسمي لأول مرة عام 1996 وكان اسمه داني يتوم. وفي ما يلي أسماء رؤساء الموساد منذ تأسيسه:

  • رؤوبين شيلواح (1949-1952).
  • إيسار هرئيل (1953-1963).
  • مئير عميت (1963- 1968)
  • تسفي زمير (1968- 1974).
  • يتسحاق حوفي (1974-1982).
  • ناحوم ادموني (1982-1989).
  • شبتاي شافيت (1989-1996).
  • داني يتوم (1996- 1998).
  • أفرايم هليفي (1998-2002).
  • مئير داغان (2002 – 2010).
  • تمير باردو (2010 -2016).
  • يوسي كوهين (2016-2021).
  • ديفيد بارنيع (2021-2023).

تمويل جهاز الموساد

لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن تفاصيل حجم تمويل جهاز الموساد، ولكن عام 2014 أعلن عن ارتفاع كبير في موازنته وفي موازنة مكتب الأمان الإسرائيلي (الشاباك)، إذ بلغت ميزانيتهما معا 1.86 مليار دولار، بزيادة حوالي 10% مقارنة بعام 2012 الذي بلغت فيه موازنتهما 1.68 مليار دولار.

يتم تمويل جهاز الموساد عبر تخصيص ميزانية احتياطية من مكتب رئيس الحكومة، ولا تقتصر على تغطية النفقات الخاصة بالعمليات السرية للجهاز، بل تشمل أيضا أنشطة متنوعة مثل استثمارات في العقارات، وتأسيس شركات تجارية في أنحاء العالم.

العاملون في الموساد

يعد جهاز الموساد من أقوى أجهزة المخابرات في العالم، ويتراوح عدد العاملين فيه بين 1200 و1600 موظف، ويعتمد على شبكة واسعة من العملاء في أنحاء العالم.

ويعد العملاء أهم مصدر للمعلومات بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ورغم التقدم التكنولوجي، فإنها تعتمد عليهم بشكل كبير لتأكيد المعلومات أو نفيها.

وتقدم المخابرات الإسرائيلية إغراءات وخدمات للعملاء مقابل تنفيذ مهام محددة، بالإضافة إلى إستراتيجية ترغيب وترهيب، وتستخدم المكافآت وسيلة لتشجيعهم على تنفيذ المهام.

ويدير الموساد مدرسة لتدريب المندوبين والعملاء في مدينة حيفا، يتعلمون فيها قواعد العمل السري والأمور المتعلقة بالأنشطة التجسسية.

ووفق تصريح رئيس الجهاز تمير بردو (في ذلك الوقت) بمناسبة مرور 65 عاما على إنشاء الجهاز، فإن 40% من عاملي الموساد من النساء، و24% منهن يشغلن مناصب رفيعة، وأضاف أن 23% من العاملين في الجهاز تتراوح أعمارهم بين 22 و32 سنة.

أبرز الاغتيالات التي نفذها جهاز الموساد

لم تقتصر الاغتيالات الإسرائيلية على العسكريين أو السياسيين، بل طالت أدباء وعلماء أيضا، وعادة لا تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن الاغتيالات خارج حدودها، بل يأتي الاعتراف في الغالب عن طريق وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد مدة.

  • برز اسم جهاز الموساد عندما نجح في اختطاف الضابط النازي السابق أدولف آيخمان من الأرجنتين عام 1960، وإحضاره إلى إسرائيل ومحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب والحكم عليه بالإعدام، ونفذ الحكم في 31 مايو/أيار 1962 وأُحرق جثمانه وألقي رماده في البحر الأبيض المتوسط.
  • وفي يوليو/تموز 1972 اغتيل الأديب والصحفي الفلسطيني غسان كنفاني عبر تفجير سيارته في بيروت بعبوة ناسفة.
  • وفي العاشر من أبريل/نيسان 1973 نفذت وحدة تابعة للموساد في العاصمة اللبنانية بيروت، عملية اغتيال لـ3 من قادة حركة فتح ومنظمة التحرير، هم محمد يوسف النجار، وكمال عدوان عضوا اللجنة المركزية لحركة فتح، وكمال ناصر المتحدث الرسمي باسم منظمة التحرير الفلسطينية.
  • وتم اغتيال القيادي بالجبهة الشعبية وديع حداد في مارس/آذار 1979 عن طريق وضع السم في قطع الشوكولاتة التي كان يفضلها، وذلك أثناء وجوده في أحد فنادق ألمانيا الشرقية.
  • وفي سيدي بوسعيد بضواحي العاصمة التونسية اغتال الموساد في 16 أبريل/نيسان 1988 المناضل والقيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) خليل الوزير الملقب بأبي جهاد.
  • في فبراير/شباط 1992، وبعد تلقي معلومات من الموساد، قصفت طائرات إسرائيلية موكب الأمين العام لحزب الله عباس الموسوي في بلدة تفاحتا في جنوب لبنان، مما أدى لمقتله وزوجته ونجله.
  • وفي مالطا وعن طريق إرسال وحدة كيدون المتخصصة في عمليات الاغتيال، اغتيل الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي في أكتوبر/تشرين الأول 1995، عبر إطلاق رصاصات في رأسه.
  • وفي يناير/كانون الثاني 1996 اغتيل مهندس كتائب القسام يحيى عياش عبر إيصال هاتف خليوي ملغم إلى بيته وتفجيره عن بعد أثناء استخدامه.
  • في 25 سبتمبر/أيلول 1997 حاول الموساد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان، عبر حقنه بمادة سامة، إلا أن هذه العملية باءت بالفشل بعد القبض على أحد المنفذين من قبل المرافق الخاص بمشعل، بينما ألقت قوات الأمن الأردنية القبض على عنصرين تبين لاحقا أنهما ينتميان لجهاز الموساد، وبعد تدخل ملك الأردن الحسين بن طلال وإصراره على أن تسلّم إسرائيل المصل المضاد للسم، تم إنقاذ حياة خالد مشعل. وبعد التحقيق اتضح أن وحدة كيدون هي المسؤولة عن تنفيذ هذه العملية.
  • في 26 سبتمبر/أيلول 2004، اغتال الموساد عز الدين الشيخ خليل، وهو من كوادر حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقُتل بانفجار سيارته في دمشق.
  • في 12 فبراير/شباط 2008 اغتال الموساد القيادي في حزب الله اللبناني عماد مغنية بتفجير سيارة مفخخة في دمشق.
  • وفي أحد فنادق دبي بالإمارات العربية اغتيل محمود المبحوح في 19 يناير/كانون الثاني 2010 عن طريق حقنه بسم سريع الانتشار لا يترك أثرا في الجسم.
  • قتلت إسرائيل بين عامي 2010 و2012 العديد من العلماء النوويين الإيرانيين ومنهم مسعود محمدي أستاذ فيزياء الجسيمات في جامعة طهران، ومجيد شهرياري مؤسس الجمعية النووية الإيرانية، وداريوش رضائي، ومصطفى أحمدي روشن الذي كان يعمل في موقع نطنز النووي.
  • اغتال الموساد عمر الناي الناشط السابق بالجبهة الشعبية في 26 فبراير/شباط 2016، إذ وجد مقتولا داخل سيارته في بلغاريا.
  • في ديسمبر/كانون الأول 2016 اغتال جهاز الموساد المهندس التونسي محمد الزواري بإطلاق الرصاص عليه أمام منزله بمدينة صفاقس.
  • وفي ماليزيا في 21 أبريل/نيسان 2018 اغتيل المهندس الكهربائي فادي البطش، وذلك باستهدافه بحوالي 14 رصاصة من قبل مجهولين على دراجة نارية.

عملية "طوفان الأقصى" وتأثيرها على الموساد

كشف السابعُ من أكتوبر/تشرين الأول 2023 فشلا ذريعا لجهاز الموساد، إذ تبين أنه لم يستطع رصد تخطيط المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لعملية تسلل نحو ألف مقاتل فلسطيني إلى مستوطنات غلاف غزة برا وبحرا وجوا.

وقد تمكن المقاومون من السيطرة على غلاف غزة كله لعدة ساعات، بما فيه المراكز والقواعد العسكرية، في عملية أطلق عليه "طوفان الأقصى"، وتم خلالها قتل نحو 1400 إسرائيلي وأسر نحو 250 بينهم ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي.

وواجه الموساد ومختلف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية انتقادات واسعة بسبب الإخفاق في رصد وتوقع هذا الهجوم، كما واجهت الأجهزة الأمنية والعسكرية انتقادات مماثلة لتأخر رد فعلها تجاه هذه العملية.

المصدر : غير معروف