مع هيكل - الثورات العربية - محمد حسنين هيكل - صورة عامة
مع هيكل

مع هيكل.. حالة الاستعصاء السياسي ج2

تواصل الحلقة الاستماع للكاتب والمفكر السياسي محمد حسنين هيكل والتي يتحدث فيها عن الربيع العربي والأوضاع في تونس بعد الانتخابات، وليبيا بعد القذافي.

– الربيع العربي.. إلى أين؟
– القذافي والنهاية الدرامية

– توخي الحذر الشديد مع سوريا

– الثورة اليمنية ومراوغة صالح

– الثورات العربية ومدى تأثيرها على دول الخليج

محمد كريشان
محمد كريشان
محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله أهلا بكم في هذه الحلقة الثانية مع الأستاذ محمد حسنين هيكل أهلا وسهلا بك أستاذ هيكل.

محمد حسنين هيكل: أهلا وسهلا أهلا.

الربيع العربي.. إلى أين؟

محمد كريشان: حلقتنا الثانية هذه سنتناول فيها الملف العربي أو الشأن العربي كما وعدناكم الحلقة الأولى كانت عن الوضع الدولي العام بخطوطه العريضة الآن سندخل الوضع العربي سواء في تونس أو ليبيا أو سوريا أو اليمن أو حتى في منطقة الخليج العربي، أستاذ هيكل حتى نبدأ هذا اللقاء ارتباطا بالحلقة الأولى عن الوضع الدولي سأستشهد بما ذكرته حضرتك في لقاء أخير من ثلاث حلقات في الأهرام والحقيقة سنعود إليه في كثير من المرات هذه لان أثار الكثير من التساؤلات ومن التعليقات لأنه ربما هو أول رأي موثق للأستاذ هيكل حول ما يجري بشكل دقيق في الفترة الماضية ذكرت في هذا الحوار مع الأهرام بأن الربيع العربي وهنا أقتبس ليس مجرد ربيع عربي تهب نسماته على المنطقة إنما هو تغيير إقليمي ودولي وسياسي يتحرك بسرعة كاسحة على جبهة عريضة ويحدث آثارا عميقة ومحفوفة بالمخاطر ثم تقول بأن ما نراه في هذه اللحظة هو مشروع قومي يتهاوى وبقاياه تجري إزاحتها الآن ومشروعات أخرى تتسابق إلى الفراغ بعد أن أضاع ذلك المشروع مكانه وزمانه الحقيقة من بين التعليقات التي قرأتها أن الأستاذ هيكل يحمل هذا الربيع العربي أكثر مما يحتمل مع أنه ببساطة ثورة لأناس ضاقوا ذرعا من طول الاستبداد ومن ديكتاتوريات ترهلت سواء في تونس أو مصر أو سوريا أو غيرها ما تعليقكم؟

محمد حسنين هيكل: لا أنت لما بتوصل شوف عاوز أقولك أنه الثورة في التاريخ مماثلة تقريبا للعاصفة في الطبق الجغرافي، تتجمع عوامل كثيرة قوي، تتجمع متناقضات تتجمع أسباب للانفجار تتجمع شحونات لا تجد منفذا تعبر فيه عن نفسها ثم تلتقي في لحظة صدام، عايز أقول أنه، لما أنا بقول أنه كان في عالم عربي بيتهاوى وكان في نظم تسقط كله، كله إلى آخره، أنت محتاج إلى لحظة التفكير، لحظة التفجير هي لحظة العاصفة ممكن تنسبها إلى ما تشاء، انسبها إلى عنصر أو عناصر كثيرة قوي لكن لحظة تفجير تدل على كل كان ما قبلها، إذا كنت أنت مسلم أنها ما جتش من فراغ وإنها ما كنتش مجرد غضبة كرامة لكنها تراكم أشياء إذن فأنت تتحدث عن نتيجة لأوضاع معينة مش عارف إذا كان واضح..

محمد كريشان: لا، واضح، واضح..

محمد حسنين هيكل: أنت بتقول لي أصلك أنت بتديني إنذارات قبل الحلقة قبل ما نبتدي نتكلم اللي أنت عاوز إجابات قصيرة جدا.

محمد كريشان: ممتاز.

محمد حسنين هيكل: وسريعة جدا فأنا سايبلك الإيقاع..

محمد كريشان: ممتاز، بداية مطمئنة، ممتاز.

محمد حسنين هيكل: طيب

محمد كريشان: لو ندخل أكثر تفصيلا في الحالات العربية حاليا لنبدأ في تونس، تونس أول انتخابات جرت بعد إطاحة بن علي أول انتخابات في هذا الربيع العربي الممتد تفوز فيه حركة النهضة الإسلامية هذا طرح تساؤلات طرح مخاوف للبعض، البعض الآخر رآه أمر طبيعيا كيف يراه الأستاذ هيكل؟

محمد حسنين هيكل: أنا أخشى عاوز أقولك حاجة، هذا كان ما تقولش طبيعي لكن هو طبائع أمور بمعنى أنه هذه الأنظمة كلها اللي تتكلم عليها واللي تجمعت عوامل كثيرة جدا ومتناقضات كثيرة جدا تجعلها مستحيلة ثم جاءت لحظة الثورة كما تجيء العاصفة وأطيح بها كلها، هذه اللحظة بعتقد أنها لم تأت بعدها بما هو طبيعي، افتكر لو أنت قبلت التشبيه بتاع أن الثورة هي المثيل التاريخي للعاصفة في الجغرافيا إذن فأنت قدام حدث له أسبابه المتراكمة لكن له هبته التي تجمعت فيها عناصر هي تبدو مفاجئة، لما أقول أنه اللي حصل في تونس أنه مجيء الحركة الإسلامية في تونس طبيعي وهو على حاله مش مو خوفني قوي، لكن لما أقول أنه طبيعي أنا أقصد أقول طبيعي..

محمد كريشان: سنعود إليه..

محمد حسنين هيكل: سنعود إليه، عنا طبائع أمور، طبائع أمور اللي قال لك جت العاصفة فأزاحت ما كان موجودا والأقرب للشارع كان هو اللي ممكن ينزل لم تمر فترة رفع أنقاض، لم تمر، أنت عارف في الديمقراطية في الاستمرار نحن نخطئ في فهم الديمقراطية، نتصور أن الديمقراطية هي المطلب دون أن نتذكر بالقدر الكافي أن الديمقراطية هي محاولة لتنظيم ممارسة الحرية، أنت تطلب الحرية أولا ثم وسيلتك لممارسة الديمقراطية، لممارسة الحرية، وممارسة مسؤولياتها وممارسة أحلامها، تحقيق أحلامها هي الديمقراطية، فأنت ساعة ما تبتدي أوضاع غير مقبولة تروح وعاصفة تنفجر، من الأقرب إلى المشهد، هذا المشهد الفوضوي؟ الأقرب بالطبيعة هو الأقرب بالبديهة هو الأقرب للظن، على طول إذا السياسة العربية فشلت أقول في كل حته في الدنيا يستدعى شيئا غيرها، إذا السياسة فشلت، البشر باستمرار بحاجة إلى فكرة وبحاجة إلى يقين، إذا ضاعت مني الفكرة فانا بستند في لحظة معينة إلى اليقين أنت في تونس أظن أنه مجيء الإسلاميين راشد الغنوشي والنهضة، أنت أدرى مني بتونس على أي حال..

محمد كريشان: ليس بالضرورة..

محمد حسنين هيكل: طبيعي، لكن أنا أظن أنه طبائع أمور في الرغبة بالانتقال لأنه يمكن أنا في أوضاع مصر كنت بقول وفي أوضاع كثير قوي في العالم العربي، بقول نحن في حاجة إلى فترة حرية تؤسس وتبرز أهدافها بالحوار وتحقق رؤى أوضح للمستقبل.

محمد كريشان: حتى لو جاءت بأناس ليسوا بالضرورة محل ترحيب من الآخرين هذا طبيعي..

محمد حسنين هيكل: عاوز أقولك، لأ، فترة الحرية أنه ممكن أن تتقبل فيها أشياء كثير، تتقبل فيها أنك تعرف أنها مؤقتة تعرف فيها أنت في حاجة إلى مرحلة أن تبحث وتقرر، إحنا ما نعرفش عالمنا..

محمد كريشان: ولكن أستاذ هيكل أنا بعد إذنك يعني رؤساء مثل بن علي أو مبارك أو حتى الآن بشار الأسد وعلي عبد الله صالح سوقوا أنفسهم لسنوات بأنه نحن صمام الأمان ضد الشعوب الإسلامية يا إما نحن يا إما خلي الإسلاميين يأتوا..

محمد حسنين هيكل: ما هو..

محمد كريشان: الآن ثبت صحة هذا الكلام بين قوسين أول انتخابات حرة تجري في تونس أتت بالإسلاميين بغض النظر عن تقييم هؤلاء يعني هل تعتقد بأن هذا أعطى الحق لما كان يروج لسنوات..

محمد حسنين هيكل: لا، هذا بقايا الحرب الباردة إحنا كنا بنتكلم أمبارح وأنا لما تكلمت أمبارح عن الموقف، أنا ما كنتش بتكلم عن الموقف الدولي في عمومه كنت بتكلم عن الموقف الدولي في انعكاساته على عندنا هنا، وما يمكن أن تأخذ منه من مفاتيح تستطيع بها أن تفهم أشياء تجري هنا، لكن هم افتكر أنه نفس هؤلاء الزعماء الثلاثة، هم نفس الزعماء اللي قالوا لنا هو انه البديل هو إما الشيوعية وإما نوع من الاستقلال الوطني، أليسوا نفس الزعماء بنفس منطق الحرب الباردة، لما سقط منهم البعبع الشيوعي أو الوهم الشيوعي وفي الغرب كله، الغرب كله روج للإسلام كأنه هو حطه مكان الشيوعية بالضبط، 11 سبتمبر أنا أكثر حاجة قلقتني فيه ليس من المسؤول لكن الأمور وازاي والقاعدة ومش القاعدة مش هو ده الموضوع، لكن الموضوع أننا رأينا لحظة استبدل فيها العدو سواء في العالم أو عندنا بالعدو الإسلامي فبقى فيه هؤلاء الناس بمنطق الحرب الباردة زي ما كانوا بيتكلموا عن الخطأ الشيوعي بيتكلموا عن الخطأ الإسلامي، ونحن بين بديلين لا مفر منهما أو على الأقل هو ده اللي حطونا فيه.

محمد كريشان: أشرت قبل قليل بأن صعود الإسلاميين في تونس لا يخيفك لماذا؟

محمد حسنين هيكل: لا يخيفني، شوف أنا حقولك حاجة أنا شخصيا واحد من أنصار وبوضوح ولا أداري فيها، إني أنا من أنصار أن الخيارات في هذه الدنيا دنيوية ودايما يعجبني القول المنسوب لسيدنا محمد انه انتم أدرى بشؤون دنياكم، وأنا بتصور أنه العصر الحالي أكثر قوة من أن يفسر بالوحي في قضية ثانية، أقصد العقائد والإيمان الذي في قلبي هذه قضية، وقضية مشاكله اليومية حرام جدا أن نقحم فيها ما هو إلهي، القضايا اليومية الإنسانية، عايز أقول انه لما تيجي لتونس عشان أختصر لك، أنا بعتقد انه في تونس التيار الإسلامي أكثر انفتاحا من ناس كثيرة، أول حاجة انه يبدو لي من بعيد وأنت أخبر مني بهذا، أن الإسلام التونسي هو ابن شرعي للزيتونة وللقرويين وللأزهر الشريف، بتتكلم على إسلام من نوع معين يختلف جدا عن إسلام في المشرق، في بقية المشرق، الإسلام في المشرق العربي وليد تنظيمات، تنظيمات سياسية نشأت في ظروف ومرت بأحوال، يعني أنا الإخوان المسلمين في مصر أنا ما ليش اعتراض عليهم إطلاقا لكن عندي اعتراض على المنطق ويمكن هم مش مسؤولين عن الظروف اللي نشئوا بيها، لكن عندي المنطق اللي بيحكمهم ما حدش يقول لي أن الإسلام هو الحل لأنه حرام استدعاء الإسلام في قضايا دنيوية بهذه الطريقة، وبعدين ما حدش يقول لي أيضا أن الإخوان المسلمين أنت قدام حزب لم ينقض نفسه لم يراجع تجربته نشأ ومارس، هو لا يمكن أنه مارس الإرهاب، فهنا معقدة جدا، لكن عندك في تونس أنا بعتقد أنه، الحاجة الثانية أنا شفت راشد الغنوشي، شفت راشد الغنوشي في لندن وجابه لي صديق مشترك هو الأستاذ فهمي هويدي وفات علي في الفندق اللي كنت قاعد فيه وقعد معايا ساعات وأنا أخذته وصلته بعد كده لبيته لكن، وتكلم معاي أنا بعتقد، واحد، أنه إسلامي الأزهر والزيتونة وليس إسلام التنظيمات السرية، والحاجة الثانية اللي أنهم لم يمارسوا في تجربتهم ما كانوش داخلين الدائرة الإرهابية أو دائرة الفعل المباشر، التغيير المباشر، زي اللي حصلت في المشرق ما فاتوش في التعقيدات والظروف اللي فات فيها الحركات الإسلامية في المشرق وبعدين تأثر هو فيما أظن أن الراجل اللي شفته، شفت راجل متفتح وفاهم السنوات الطويلة اللي قعدها في الغرب أظن أضافت إلى ثقافته الزيتونية إذا حبيت تقول أضافت كثيرا وده بين لي في الأدبيات بتاعت الحركة الإسلامية في تونس.

محمد كريشان: هنالك ظاهرة أستاذ هيكل نريد أن نفهمها دوليا يعني عندما فاز الإسلاميون في الجزائر في تسعينات القرن الماضي قامت الدنيا ولم تقعد وفشل المشروع كله واستلم العسكر الجيش، قبل سنوات قليلة عندما فازت حماس قامت الدنيا ولم تقعد وأُجر هذا الخيار الشعبي حتى وان كان البعض لا يتفق معه أو لا يحبه، الآن عندما نتابع ردود الفعل على فوز النهضة في تونس سواء الولايات المتحدة أو فرنسا أو روسيا أو غيرها، هناك شعور بالقبول للإرادة الشعبية حتى وان كانت هناك بعض الملاحظات نحن نتابع بيقظة، نحن نركز على دولة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة يعني نقبل بكم أيها الإسلاميون ولكن انتبهوا أنتم تحت المراقبة حتى لا..

محمد حسنين هيكل: حتى إشعار آخر.

محمد كريشان: حتى إشعار آخر كيف تفهم هذا الموقف اليوم؟

محمد حسنين هيكل: أنا حأقول لك حاجة ده يقتضيك انك تضع أين المواجهات الرئيسية في المنطقة، عايز أقول لك أن المواجهة الرئيسية الموجودة في المنطقة هذه اللحظة هي إيران، وأنا قلق جدا مما سوف يجري بالنسبة لإيران، وارى التهم تلفق أو تجهز، في الملف الإيراني وإذا أردت أن تحارب إيران فلا بد أن تأخذ العالم الإسلامي إلى جوارك، في وقت من الأوقات الأميركان رفضوا هذه جبهة، لكن في وقت من الأوقات الأمريكان رفضوا نتائج التجربة الإسلامية في الجزائر، عايز أقول لك أنه ليس مسموحا سواء أنا حبيت ده أو ما حبتش ده ليس مسموحا على الشاطئ الجنوبي وفي مواجهة أوروبا ليس مسموحا أن تقوم دولة إسلامية، هذا خط دولي محطوط خط أحمر، وأنا أتذكر أنه بعض إخوانا في الإخوان المسلمين ناقشوني في هذا، كانوا موجودين في مكتبي في مرة من المرات، موجود بالتحديد عبد المنعم أبو الفتوح موجود بالتحديد عصام العريان ويمكن واحد ثالث منهم من الإخوان المسلمين، لكن وهم أنا بقول لهم أنه في خط أحمر ولا ينبغي، وحطوا في اعتبركم، حصل حاجة غريبة جدا حصل بعدها انه بعدها بخمس ست أيام فات علي أسامة الباز وهو مستشار الرئيس في ذلك الوقت، وقال لي والله حسناً نصحت الإسلاميين بأنه هناك خط أحمر فأنا قلت له إيه بقى القعدة كانت مسجلة ظهر أنها فعلا أنها مسجلة وهو الحقيقة لم..

محمد كريشان: إحنا على الأقل نسجل مباشر.

محمد حسنين هيكل: على الأقل عارفين إحنا، كويس، فإذا بي بعدين جم الإخوان المسلمين قابلتهم بره بعد كده، أنا كنت بقبلهم بانتظام وهم أصدقائي على أي أحوال وأنا قلت لهم اللي حصل، في ذلك الوقت قلت لهم حصل كذا وكذا وكذا، أخيرا عصام العريان بيسألني بيقابلني وأنا بتكلم وبيقول لي هل ترى أن الخط الأحمر لا يزال موجودا ولكن في تغيير صغير قوي في تغيير فيما يتعلق بوجودكم والاعتراف به، لكن ليس إنفرادكم بالسلطة والتحكم فيها، والسبب إنه في معركة جايه، في معركة يحضر لها افتكر إن المسائل كلها مترابطة الرئيس الأميركي باراك أوباما عنده انتخابات رئاسة السنة الجاية والحزب كله والضغط الإسرائيلي شديد جداً عليه وهو يريد أصوات اليهود وهو ما بخبيش هذا كله، له مهمة جداً في اللي جاي وقد يفكر في مغامرة وأنا بقول لك الملفات بتحضر، وهو يريد، في وقت من الأوقات كان متصورا أن زعماء العرب التقليديين سواء بالسعودية هنا بن علي، مبارك إلى آخره، دول يقدروا يساعدوه في حرب سنة ضد شيعة، ولذلك كنت بقول للإخوان مسلمين انتبهوا لأن الاعتراف بكم ليس بريئاً فأنت ده نمرة واحد، نمرة 2 إن أوروبا الغربية أنت عارف إحنا عندنا جبهتين، في جبهة بتيجي في المواجهة القادمة، في جبهة إيران وهذه أميركا مختصة فيها بالدرجة الأولى ومعها إسرائيل، وفي جبهة شمال إفريقيا والهجوم عليها وهذا موضوع أوروبي، الاثنين في هذه اللحظة لا يريدوا أن يبدو أن المعركة ضد الإسلام، المعركة ليست ضد الإسلام وليست ضد المسلمين لكن في حالة الإفلاس اللي كله وصل إليها اللي إحنا كنا بنتكلم فيها مبارح، هناك آخرين راغبين في إنه الفواتير فواتير العجز والديون يدفعها ناس آخرين.

محمد كريشان: فقط إشارة إلى كلام مهم قاله ساركوزي قال كل رهان الربيع العربي هو الخروج من هذا البديل الزائف القائم بين الديكتاتورية والأصولية .

محمد حسنين هيكل: وأنا هذا هو موافق عليه مين اللي قال كده.

محمد كريشان: ساركوزي.

محمد حسنين هيكل: وأنا بعتقد إن هذا إلى حد كبير جداً لابد أن نخرج من هذه الثنائية أنا البديل اللي قدامي ليس الديكتاتورية السابقة والنظم المتحجرة التي رأيناها وليس التيارات التي تريد اللي مهما يعني أنا بشوف..

محمد كريشان: على كل موضوع الإخوان سنعود إليه بالتفصيل..

محمد حسنين هيكل: لكن الحرية، هي الحرية هي المخرج هي الطريق إليه.

القذافي والنهاية الدرامية

محمد كريشان: أستاذ هيكل في موضوع ليبيا بعد إذنك حتى ندخل في موضوع ليبيا نبدأ في آخر لقاء معكم هنا في القاهرة في شهر مايو سألتك عن أي مصير تتوقع للقذافي قلت أتوقع له نهاية درامية..

محمد حسنين هيكل: وبالفعل أنا كنت..

محمد كريشان: هل كانت في ذهنك الدرامية حتى بهذا الشكل؟

محمد حسنين هيكل: عايز أقول لك الدرامية لم تكن في ذهني بهذا الشكل البشع اللي جرى لكني أنا كنت شايف قدامي رجل منعزل، آخر مرة شفته فيها إنه رجل منعزل عن الواقع، عايش في أوهام خرافية لا علاقة لها بما جرى، رجل نسي نفسه ونسي زمانه وعوضه، عنده في استمرار من أول يوم كان باين إنه شخصية ملتبسة شخصية شوية في الأول يمكن ممكن تقول أنه في كان في براءة، فترة براءة، لكن البراءة حل محلها نوع من الاستهتار بالأشياء لأنه رجل وجد أنه يستطيع أن يشتري كل حد وكل رجل، أنت رجل اشترى نص أوروبا أنا لما حد بيقول لي أنا لما كنت بروح إنجلترا أشوف سيف الإسلام القذافي مثلاً وأين يتحرك مع الأسرة المالكة، الناس..

محمد كريشان: الملكة البريطانية تقصد..

محمد حسنين هيكل: مع أسرة الملكة البريطانية بتتكلم معاه فرنسا، كل الأوساط مفتوحة له، وبتتكلم معاه إيطاليا كله ساركوزي بنفسه بيجهز أشياء وبيعمل أشياء، والهونجا بونجا الحفلات اللي بيعملها دي كلها أنت، هذا رجل لأنه بسبب موارده كل الناس لعبوا على نقاط ضعفه فامتلأ بالأوهام، هذه الأوهام لا يمكن أن يعالجوا منها منطق مع الأسف الشديد يعني أنا راجل حزين لأني عرفته شخصياً وعرفته أول واحد قابله في العالم، وأنا فاكر حكيت لك مرة أنه لما جيت أقول لجمال عبد الناصر ماذا رأيت في ليبيا لأن رحت في ليلة واحدة، قلت له لديك مشكلة بغير حدود لكن في ذلك الوقت بدا لي براءة، براءة موجود فيها الجهل طبيعي، موجود فيها عدم العلم بالعالم، لكن العالم الذي ذهب إليه، يا راجل رؤساء الوزراء الإنجليزية ما إحنا شايفين مع بلير وغيره والجرايد الإنجليزية مليانة وثائق ومليانة حكايات ومليانه تفاصيل، لكن هذا رجل ذهب إليه الغرب في فترة الأزمة يستجديه ويقبل منه أي شيء، لكن أفسد، العرب قبلها كانوا راحوا له كلهم بالطريقة دي لكن هذا الرجل امتلأ بأوهام غير قابلة للنقاش أنا آخر مرة شفته وأنا راجع بطيارته ترجعني الساحل الشمالي كان بيودعني أحمد قذاف الدم، وقلت له أنا رحت شفته ثلاث أربع مرات كلهم في حياتي، أقصد بعد ما سبت الأهرام لكن أنا قلت للقذافي ده وإحنا على الطيارة قلت له أنا زعلان جداً ومش حشوفه تاني قال ليه زعلتوا، قلت له أنا مش زعلان منه هو، أنا زعلان من الشعب الليبي الذي تركه كل هذه المدة، أنا مش زعلان منه أنا زعلان من اللي سابوه 40 سنة مش معقولة يعني.

محمد كريشان: على كل ما زلنا في الموضوع الليبي ولكن بعد إذنك نأخذ فاصل، فاصل مشاهدينا الكرام ونعود لاستئناف هذا الحوار مع الأستاذ هيكل سنتطرق مرة أخرى للشأن الليبي وننطلق منه إلى بقية الملفات لنعود بعد قليل..

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: أهلاً بكم من جديد مشاهدينا الكرام ما زلتم معنا في هذه الحلقة الثانية مع الأستاذ محمد حسنين هيكل وحلقتنا هذه المرة مخصصة للملف العربي، أهلاً وسهلاً بك مرة أخرى أستاذ هيكل نبقى في الشأن الليبي بعد أن تحدثت عن النهاية الدرامية لمعمر القذافي، في سلسلة لقاءاتك مع الأهرام..

محمد حسنين هيكل: ثاني..

محمد كريشان: ثاني، وثالث، تحدثت عن ليبيا والبعض علق بمرارة عما كتبه الأستاذ هيكل عن ليبيا..

محمد حسنين هيكل: بمرارة يا ساتر..

محمد كريشان: بمرارة يعني مثلاً البعض قال ما يزال المنظور الكلي للأستاذ هيكل مؤسساً على قضية التحرر الوطني وثنائية الاستقلال والاستعمار وحدها دون شيء آخر، والمهم إن البعض يقول للأستاذ هيكل في مقابلته مع الأهرام تحدث عن أن القضية في ليبيا هي قضية تقاسم مغانم وبأن النفط الليبي 30% ذهب إلى توتال الفرنسية 20% إلى بي بي البريطانية أقل من ذلك شوية إلى الإيطالية وبأن هناك قاعدة للأسطول السادس الأميركي في طرابلس، مراكز مخابرات بريطانية في بنغازي وطبرق، وقالوا إن الأستاذ هيكل رجل عادةً يوثق لكلامه بشكل ممتاز هذه المرة قال كلاماً لا سند له..

محمد حسنين هيكل: لأ، هل وقعت عقود البترول ولا لأ يعني نمرة واحد، السؤال أعتقد أنني أبقى أخطأت وأنا مستعد أعتذر لو كنت أخطأت، إذا لم تكن هذه العقود قد وقعت، المشكلة إذا كانت هذه العقود وقعت فأنت أمام غنائم، عايز أقول لك إن هذه الغنائم كانت شوف إيه..

محمد كريشان: اسمح لي أستاذ هيكل غنائم إيه، ما أصله النفط الليبي حتى في زمن القذافي كان يذهب إلى هذه الشركات يعني هو وين كان يوديه، كان لهذه الشركات..

محمد حسنين هيكل: لا، لا في فرق بين أن تشتري وأن تحصل على المنبع في فرق اللي عملناه إيه هو كل اللي تعمل إيه كل الدول العربية تقريباً كل العالم العربي ما الذي يفرق، أنت بتبيع، لن تشرب بترولك أنت سوف تأخذ بترولك إلى البائع لكن أنت البائع وأنت الذي يحصل أو يستفيد من مجمل عملية الإنتاج وأنت الذي تمارس السيادة بشكل أو بآخر ولو حتى اسميا على هذه الموارد، لكن إذا قلت والله، ما أنا في الآخر ببيعه لحد وخلاص، هذه قضية أخرى عايز أقول لك، إنه فيما يتعلق عايز أقول لك إن الربيع العربي لما أنا تكلمت عن الالتباسات، نمرة واحد العالم العربي كله مهيئاً للثورة والنظم في العالم العربي كلها فقدت شرعيتها، لكن في فرق بين التعسف، أنا قلق منه جداً أن تتعسف مع التاريخ لأن الثورة شأنها شأن أي شيء آخر تحتاج إلى عملية النضج ساعة ما يبقى، شوف الثورة في تونس إزاي حصلت إزاي وأنت شفت كيف جرت لأنها حقيقية كاملة وصلت إلى درجة النضج ده مش عيب حد، الثورة في مصر وصلت إلى درجة النضج وبالتالي ما كانش فيه الدم بالطريقة دي، لكن أنا في ليبيا لما ألاقي رجل يستطيع أن يقف في 6 أشهر رجل، فاقد لكل أساس يسمح له إنه يبقى موجود في العصر حتى مش في السلطة يبقى موجود في عصر، هذا رجل بقي 40 سنة وكل الناس اللي بيتكلموا في المجلس الانتقالي كلهم كانوا معاه لغاية السنة دي، لغاية أول السنة دي مع الأسف الشديد، موجودين وهم من أركان نظامه إذن أنت في حالة ثورية في العالم العربي كله لكن الثمن الذي دفعته في الثورة الليبية أنا بعتقد وأنا حتى (even) تعبير الثورة هنا لأنه، حأقول لك حاجة الثورات ما هياش مسألة أنك تقرر أن تقيم ثورة، هذه ثورة خصوصاً بعد اللي حصل في مصر والقذافي أول من أدرك أن ما جرى في مصر سوف يؤثر عليه، لكن هذه قضية وأن تضطر إلى أن تفتعل أشياء معادية بالطبيعة لروح الثورة، الثورة بالطبيعة ما تقبلش تدخل أجنبي، الثورة الوطنية بالطبيعة ما تقبلش إن والله أقرأ أنا في جورنال أنه واحد المقاتلين بيقول مثلاً إن والله الحرب دي كانت هايله أو إن إحنا نقابل مقاومة هنا فنضرب، نتصل بالتلفون نقول مستر الناتو، حلف الأطلنطي تعال اضرب المقر ده وكده، هذا الالتباس يضر بالثورة جداً ويؤثر على وجهها وعلى مستقبلها..

محمد كريشان: هذا بالتأكيد يؤثر عليها أستاذ هيكل ولكن هل هو يعني اسمح لي فقط هل هو مدعاة لأن نبخس الشعب الليبي على ثورته لأن من بين ما قاله الأستاذ هيكل في موضوع ليبيا أن الكارثة وأن غير المقبول إنه يعني هو تدخل الناتو وكذا كان الرد على غير المعقول اللي هو القذافي، لكن السؤال هل كان المقبول أو المعقول أن يترك الرجل يسحق هؤلاء الجرذان كما يسميهم يعني إما أن ينتحروا جماعياً أو يبقوا تحت..

محمد حسنين هيكل: لا،لا،لا، لا أنت هنا بتقفز خطوة أنت هنا بتقفز خطوة..

محمد كريشان: يعني الذين انتقدوا الأستاذ هيكل قالوا شو المطلوب منا أن ننتحر جماعياً أو نظل تحت القذافي..

محمد حسنين هيكل: لا، لا،لا أنا ما بقولش، لكن مش أنا اللي قلت كده، لكن أليس غريباً اللي بيقولوه ينتحروا جماعياً هم اللي كانوا مع القذافي لغاية أول السنة وبعدين هم اللي سمحوا bridge head ينشأ ثم تدخل منه يخش منه حلف الأطلنطي، هنا تعال قول لي لازم نحط فارق بين الاستقلال بين الثورة، وبين الاحتلال ما هياش ثنائية لكن إذا كنت سوف في طلب الحرية سوف أستبدل سيطرةً بسيطرة إذن فأنا مخطئ، النضوج لما بتكلم أنا على عملية النضج الثوري تعال افتكر اللي حصل في أوروبا الشرقية تعال افتكر إنه مرة في سنة 1956 الأميركان من بره حرضوا بأكثر مما هو لازم على الثورة في المجر، وكانت النتيجة مأساوية لأنك لم تستطع لا قوى الداخل استطاعت أن تحقق الثورة ولا قوى الخارج استطاعت مساعدتها، طيب أنا في هذه المرة قوى الداخل لم تكن تستطيع وحدها، لم تكن تستطيع لأنها محتاجة فترة نضج، أدي الثورة لما تيجي في الآخر وألاقي هذه الخسائر وألاقي النتيجة إن في 50 ألف مواطن ليبي ماتوا ومش عارف كم ألف تشردوا وتعوروا كم منشآت ضاعت بهذا الشكل بينما أنا بعتقد إن هنا في تعسف مقصود من الغرب لأن الغرب..

محمد كريشان: لكن، هل هذا خطأ الثوار..

محمد حسنين هيكل: لأ، لأ أنت محتاج تعرف الثوار، محتاج تعرف الثورة محتاج تعرف إلى أي مدى كان في استجابة أنا عارف إنه كان في بنغازي بس تعال شوف anatomy ما تحطنيش بموقف إني أدافع أو أهاجم الناس دول لكن عايز أقول لك أن ليبيا في أوضاع..

محمد كريشان: لأنه فهم كذلك فهم من البعض كذلك..

محمد حسنين هيكل: لأ، لأ موافق ما عنديش اعتراض، لكن غريبة جداً إن أنا إذا لم أكن قادراً على إذا لم يكن الشعب جاهزاً لم تكن حالة النضج قد وصلت الثوري قد وصلت إلى درجة أن تستوي، وأن تفعل أن تكون قادرة على الفعل المستقل، والعالم العربي يؤيدها لكن أنت كل اللي حصل أنا بعتقد أن ده مشهد لن يشرف أحد في المستقبل، مشهد إن العالم العربي يعطي تقريباً تفويض بأن والله عطلوا اعملوا حظر جوي فوق ليبيا معنى حظر جوي فوق ليبيا أنك تضرب كل الدفاعات الليبية وتضرب كل الطيران الليبي ده عشان تكشف ليبيا وبعدين يبتدي الأطلنطي يضربها، إذا كانت الثورة قادرة فلماذا لم تفعل؟ وإذا لم تكن قادرة فهنا كانت تستكمل قواها لكن عايز أقول لك إن في ناس رغبوا وقد بدأ الربيع بدأ ما سموه الربيع العربي بدأ في تونس وجاء في مصر على نطاق كبير جداً إن في الناس اللي كان عندهم مدركين إن المنطقة مقبلة على تغييرات لا يمكن وقفها، مقبلة على تحولات لا يستطيع أحد اعتراضها كلهم تصوروا بعد الصدمة الأولى إنها فرصة ملائمة لكي يمدوا الربيع العربي لحسابهم، شوف في كده لقينا حاجات كثيرة قوي موجودة في اللي حصل في ليبيا، هنا في اختلاط كان لابد أن نتنبه له مش لأني ضد الثورة لكن لأني أريد للثورة أن تحتفظ بنقائها أريد للثورة أن تطل في عين التاريخ ولا تخشى منه ولا تخشى من الحساب، لكن لما ألاقي أن الثورة في النهاية بتعتمد على الأطلنطي وأنا قلت الكلام ده، لما ألاقي أهم الجرايد بتتكلم على قوات الأطلنطي بتفتح الطريق إلى طرابلس، قوات الأطلنطي تفتح كذا، ده كلام ما حدش يقول لي إذا كان الشعب الليبي قادراً على الثورة كان لازم يثور وكان لازم يثور من بدري قوي مش النهاردة، هذا الشعب الليبي كان لازم يثور من 30 سنة تقريباً بعد أول 10 سنين كان لازم يثور، لكنه لم يثر لأسباب كثيرة متعلقة بالحرب الباردة والظروف دي لكن ما تقوليش إن أنا حد ممكن يعتب علي، حكاية الاستعانة بالشيطان دي أنا عندي ساعة ما بتستعين بالشيطان بتبيع نفسك للشيطان..

محمد كريشان: طالما أثرت موضوع العتب، العتب أيضاً يمتد للشأن السوري.

محمد حسنين هيكل: الشأن السوري..

محمد كريشان: الأستاذ هيكل الذي استبشر بما حدث في تونس وبما حدث في مصر، جاء للملف السوري وبدأ يتحدث عنه بكثير من الحذر.

محمد حسنين هيكل: صحيح.

توخي الحذر الشديد مع سوريا

محمد كريشان: بكثير من الحذر يعني لماذا وهو على فكرة بعض كثير من منطق، الكثير من اللبنانيين الذين يؤيدون سوريا استبشروا بما حدث في تونس وهللوا لما حدث في مصر جت قضية سوريا صاروا يقولوا التوازنات والممانعة وإسرائيل وكذا وكأن الشعب السوري مكتوب عليه أن يذبح أو أن يبقى تحت ذل الديكتاتورية وإذا ما ثار ويدفع يومياً ثمن هذه الحرية ندخل الموضوع في حسابات وحذر سياسي..

محمد حسنين هيكل: لا، لا أنا عايز أقول لك نمرة واحد إن الناس اللي بيتكلموا من بره مختلفين عن الناس اللي جوه، بمعنى أنا أستطيع أن أنظر إلى صورة عامة ومن هذه الصورة العامة أخشى على الثورة السورية بمعنى إني وأنا بعيد قاعد في القاهرة وأنا كرجل مهتم بهذه المنطقة كلها ومهتم بيها كلها، كلها، أنا ساعة ما شوف اللي بيحصل في سوريا بقلق لأني لعدة أسباب: السبب الأول إني بحط ده في ميزان الإستراتيجي العام، السبب الثاني بحطه في إطار الصراعات العامة ممكن قوي تقول لي الناس اللي في جوه سوريا لهم رأي آخر وهذا حقهم وطبيعي إن هم اللي بيعيشوا لكن أنا كنت شايف النظام ده ومتابعه وما حدش ممكن يتهمني بموالاة البعث ولا حتى، لكن عايز أقول لك إن هذا النظام أنا بعتقد أن المقاومة الحقيقية بدأت ضده بسقوط التوريث في مصر، لأن سقوط التوريث في مصر ارتد عليه وأحس الشعب السوري جنب أشياء كثيرة جداً بإهانة مباشرة، وبدت عمليات التمرد لكن في مسألة مهمة جداً لابد أن تُعرف، وأنت بتقول لي الشعب السوري، أنا عايز أقول لك في كل ما يجري في سوريا أنا عيني باستمرار على موقع معين، دمشق وحلب الطبقة المتوسطة في سوريا أنا بعتقد إنها بدأت تقلق مما يجري في الأطراف، بص على الخريطة السورية اللي حاصل على الخارطة السورية كل القلائل وهي أسباب الثورة في سوريا مشروعة جداً والنظام شأنه شأن آخرين فقد مشروعيته لكن أليس غريباً إن الناس يدوروا على ( bridge head) يدوروا على رأس كوبري حاولوا مع تركيا عند جسر الشغور وما قدروش، بيحاولوا في الحسكة وفي دير الزور بتتكلم عن الشرق، وحماة عندها مشكلة حقيقية مع النظام وأنا فاهمها جداً والناس اللي في حماة معذورين جداً لأنه تعرضوا لمذبحة كبيرة قوي، درعا قريبة جدا من الأردن وأنا شايف نشاط للمخابرات الأردنية فيها كثيرة قوي، وغير الأردنية وإسرائيل وغيرهم، لكن لما تحصل أزمة في سوريا عيني على دمشق وعيني على حلب لأن هناك الطبقة المتوسطة التي هي عماد المجتمع السوري، هذه الطبقة هادئة، هذه الطبقة ساكنة لأسباب مش لأنها راضية.

محمد كريشان: هادئة لحد الآن..

محمد حسنين هيكل: لأ.

محمد كريشان: إلى حد الآن هادئة..

محمد حسنين هيكل: معلش لحد الآن هادئة، فيك تسأل هي هادئة ليه، أعتقد أن هذه الطبقة أكثر الطبقات قربا من فكرة الثورة لكنها هدأت لأنها رأت التدخلات التي جرت في ليبيا، رأت الثمن الذي دفع في ليبيا، شافت اليمن، شافت أجزاء كثيرة جداً من العالم العربي وهي لا تريد لسوريا تدمير، بمعنى أنها تريد التغيير وأسباب التغيير موجودة لكن دون الحاجة إلى تدخل خارجي، أنت في عمليات تحريض جنب أنه في أسباب حقيقية للثورة، جنب أن الثورة لم تدخل القلب السوري لكنها لا تزال على الأطراف رغم ده أنا معرفش مين مسؤولية..

محمد كريشان: لكن اسمح لي أستاذ هيكل المشكلة وين أحيانا اسمح لي يعني..

محمد حسنين هيكل: ليه وأنت محتاج سماح من حد..

محمد كريشان: مع كل التقدير لحضرتك لماذا عنا مشكلة في الذهنية العربية في كثير من الحالات وتجلت في الشأن السوري تحديدا، مع كل التقدير للكلام الذي ذكرته الآن عنا مشكلة أنه في كثير من الملفات نعمل رأياً مريبا في كل شيء ويحاول شرح بعض الظواهر هنا وهناك وهي صحيحة حتى نصل في النهاية إلى ماذا, أنه والله في النهاية شئنا أم أبينا بشار الأسد معاه حق، وبشار الأسد طالما الظروف بهذا الشكل والله يا سيدي الله يعينه على قتل هؤلاء حتى يبقى مستمرا..

محمد حسنين هيكل: لا.

محمد كريشان: وأنا أعلم أن ليس هذا قولك..

محمد حسنين هيكل: ولا رأي غيري..

محمد كريشان: لأ، هناك كثيرون يعتقدون أنه بهذا التحليل الواقعي العميق يرسمون صورة لصعوبة الوضع السوري لكنهم في النهاية يبررون استمرار الثورة السورية.

محمد حسنين هيكل: أنا، السؤال المهم..

محمد كريشان: هل هذا هو الإشكال؟

محمد حسنين هيكل: لا لا, أنت شف إيه، أول حاجة أنت من الخارج لك أن تتكلم كما تشاء وأن تفلسف الأمور كما ترى وأنك وتتقي محاذير هنا وهناك وإنك أنت تقول والله الهدف هو إيران إن إحنا داخلين على معركة أنا مش عارف مداها إيه, لما ألاقي الوضع في العراق بالطريقة دي وألاقي الوضع في سوريا بالطريقة دي, لكن هنا المعيار هو أن أنظر إلى الداخل السوري, أليس غريبا أن يروح حد من قادة المعارضة، المعارضة في الخارج، ليه وزير خارجية تركيا وأنا عارف بتكلم عن إيه ويقول وقفوا الصادرات مع حلب لكي تتحرك حلب أنت تطلب من أطراف خارجية أن تضغط على مواقع في الداخل لكي, أنت بتحطني في وضع أنه أنا أدافع عن موضوع لا يدافع عنه, لكن أنا هنا وأنا ببص، قل لي لماذا، أنت بتقول لي بأن حلب ودمشق واقفة حتى الآن بتقول لي حتى الآن عملت لي بتحفظ، ألا تسأل نفسك ليه حتى الآن وماذا الرهان على مجهول جاي بكرة تقولي قد يتغير، حلب ودمشق إذا كانت حلب ودمشق ساكتة معناها ببساطه كده بالنسبة لي أن ضرورات الثورة أو حالة الثورة لم تكتمل في سوريا بحيث تؤدي إلى تغيير..

محمد كريشان: بعد كل الذي جرى لم تكتمل؟

محمد حسنين هيكل: شوف عاوز أقولك..

محمد كريشان: يعني أنا لست منظر ثورة سوريا ولا أنا..

محمد حسنين هيكل: ولا أنا منظر حزب البعث..

محمد كريشان: ولكن أسأل بعد كل هذا القتل اليومي يعني هل هناك ضريبة أقوى من هذه؟

محمد حسنين هيكل: أنا بسأل سؤال أليس مع كل هذا القتل اليومي هو أنت عليك أن تنظر إلى هذا القتل اليومي أنت في الجزيرة أنا بعتقد أنا من ملاحظاتي على الجزيرة هو كل هذا التحريض أنا موافق على Reports أنا موافق على أنكم أنتم تتابعوا وبحرص ما يجري، لكن أنا بشعر أحيانا أنه تجاوز لكن وأنت بتقول..

محمد كريشان: رح أفوتها يعني..

محمد حسنين هيكل: بالتأكيد إنك كنت في موضوع..

محمد كريشان: حتى لا أحرف الحديث..

محمد حسنين هيكل: طيب، ok، عايز أقول لك كلمتين أنت بتتكلم عن القتل في سوريا وأنا عارف النظام من غير حاجة إلى قتل, النظام دموي بالطبيعة كل هذه الدموية, لكن تعال فسر لي لماذا تسكت دمشق ولماذا تسكت حلب حتى هذه اللحظة ولماذا كل الشيعة الأطراف, أليس هذا في الشأن السوري دليل أنه القوى الرئيسية الطبقة المتوسطة على الأقل داخل سوريا تتدبر ما يجري وهي غير راضية عن النظام، بالتأكيد غير راضية عن الوضع, لكن شافت في العراق جرى فيها إيه وشافت ليبيا حصل وبأي ثمن دفع، عايز أقولك أنه..

محمد كريشان: ما الحل يا أستاذ هيكل يعني ما الحل؟

محمد حسنين هيكل: إذا كانت الثورة بدأت فعلا كانت موجودة فعلا في تونس أنت كنت متصور أنه الثورة في مصر تمضي دون تأثيرات في سوريا، مجرد أن يسقط موضوع التوريث في العالم العربي، الشعب السوري كله كان يحس بالإهانة، لكن لما جاء الشعب المصري ورفضه، كل إنسان في سوريا وأنا جات لي رسائل كثيرة جدا من سوريا, كل إنسان وأنتم طلعتوا أحسن مننا لأنه أوقظ شيء أدى للتاريخ فرصة أن يُنضج الثورة, عاوز أقولك حاجة إذا لم تعط للثورة فرصة للنضج فأنت تخرج بالثورة عن مداها, شارك بقدر ما تستطيع, العالم العربي، شارك الثوار بقدر ما تستطيع, أدي كل المساعدات، افتح دخل، أدي حماية زي ما أنت عايز, لكن أرجوك في حدود للي ممكن تعمله وإلا تبقى بتهزم أغراضك ما بتهزمش أغراضي أنا.

الثورة اليمنية ومراوغة صالح

محمد كريشان: بالنسبة لموضوع اليمن, اليمن لا فيها لا دمشق ولا حلب ولا فيها هذه التعقيدات, أنا أريد أن أفهم شيء لماذا أطال المجتمع الدولي بين قوسين، باله وصدره على ممارسات علي عبد الله صالح بما لا يفعله لا مع بن علي ولا مع مبارك ولا حتى مع بشار الأسد بشكل أو بآخر, الرجل يعني يراوغ وحصيلة الناس تسقط يوميا, يعني لا يبدو هناك أفق كيف تنظر إلى الموضوع اليمني مع أن الموضوع السوري يحتاج إلى نقاش أطول..

محمد حسنين هيكل: معلش أنت حتتسامح..

محمد كريشان: حتسامح مرة أخرى، موضوع اليمن..

محمد حسنين هيكل: شوف موضوع اليمن أنت قلت أنه موضوع من نوع آخر, موضوع اليمن في قضيتين, القضية الأولى أن ما تراه هو ثورة قبيلة تريد أن تتحول إلى دولة هو لسه مش ثورة ولا حيبقى ثورة لفترة طويلة, لكن أنت قدام قبيلة تتحول إلى دولة، الحاجة الثانية وهي الموضوع المهم أنا بعتقد أنه كل الناس قلقة جدا مما يجري في اليمن لتأثيراته على شبه الجزيرة العربية وفي الخليج، خلي بالك أنه اليمن هي المستودع البشري الضخم في قاع شبه الجزيرة العربية, وهو تأثيراته واصلة إلى أشياء كثيرة جدا, وأنت الناس كثير في الغرب على سبيل المثال وفي الشرق كل الناس تعالج موضوع اليمن بحذر, أولا لأن له طبيعة أخرى قبائل تتحول إلى دولة والحاجة الثانية، أو بتتحاول أن تتحول إلى دولة، والحاجة الثانية أنه كل الناس خايفة من تأثيرات هذا المستودع البشري الإنساني الحافل بالطاقات أن ينتشر وأن يخرج، فكل الناس راغبة في حصر ما يجري فيه, لأنه إذا خرج اليمن من هذا القفص فأنت قدام مشاكل كثيرة جدا في المجلس العربي, فالحرص على اليمن أو السكوت على اليمن هو بقدر ما يمكن محاولة لاحتواء خزان بشري مرعب بالنسبة لأصحاب الشأن

محمد كريشان: ولكن مثلا ليبيا كان يمكن لتدخل عربي بشكل ما أن يغني عن تدخل أطلسي هذه قضية أخرى, في موضوع اليمن هناك سابقة وهو التدخل المصري في اليمن, الآن مع كل ما يجري وإذا كنا لا نريد الحلف الأطلسي أن يتدخل ولا نريد الاستنجاد بالشيطان يمكن أن نستنجد ببعض الملائكة يعني هل هناك إمكانية لدور عربي ممكن حتى بالمعنى العسكري الميداني أو من شيء من هذا القبيل، إذا رفضنا الأطلسي ما هو البديل؟

محمد حسنين هيكل: شوف علي عبد الله صالح كان موجود عند السعودية وخرج وعاد إلى اليمن بموافقة السعوديين ولا يمكن أن نتصور أشياء أخرى، على الأقل برضاهم ما خرج غصب عنهم رجع ثاني اليمن, لأن السعودية بالدرجة الأولى ترغب في احتواء ما يجري في اليمن بقدر ما هو يمكن معزول بعيد عن جيزان وعن نجران وعن كل المناطق الجنوبية مش عوزاها، العالم العربي في هذه اللحظة، العالم العربي كان يمكن أن يتدخل في ليبيا وممكن كان يعمل دور في سوريا وممكن يعمل دور في أماكن كثيرة جدا..

محمد كريشان: لكن مصر مشغولة بأوضاعها..

محمد حسنين هيكل: مش مسألة مصر, مصر دخلت لكن طبيعة الصراع إذا كان حاجتين فيه إذا كان واحد قبائل تريد أن تتحول إلى دولة أو تحاول وهذه عملية في منتهى الصعوبة والحاجة الثانية انه في خطر من اليمن يراد توقيه من انتشار أي أفكار, فأنت مين حيدخل، بعدين تعال عاوز أقول لك حاجة كل تدخل في الدنيا كلها وده يجر للتدخل الغربي ما حدش يتدخل إلا لصالحه, اليمن وهي ممر مفتوح, واليمن ما حدش عاوز يتدخل فيها قوي لأنه جزء كبير جدا من اللي إحنا شايفينه من الحرب الموجودة حاليا, أنواع الحروب الموجودة اللي بتعملها المخابرات موجودين بكل الأسلحة لكن مش نافعة في اليمن، لكن موجودين بالمخابرات موجودين بالأسلحة عن بعد، ما حدش عاوز ينزل قوات مشاة على أرض عربية ما حدش عاوز ينزل قوات، فإذا كنت بتحارب عن بعد وبتحاول بكل أساليب الحرب الخفية، وبالجديد ما اخترعته الدولة الحديثة اللي مش قادرة تدافع وعندها جيوش واللي بأزمة مالية، فأنت في اليمن الناس كلها أليس صحيحا؟ انه في أعمال قتل يوميا كل يوم، كل يوم في غارات أميركية لكن أنت قدام حاله مستعصية في هذه اللحظة، لأنها دولة قبيلة تريد أن تتحول إلى دولة، ولأنها أفكار ثورية يراد عزلها عن شبه الجزيرة العربية لأنه أنا مش عارف إخواننا في الخليج وفي ناس كثيرة فاهمة أنه الخليج في مأمن من كل شيء وان ثرواتهم تحميه يعني, لكن هذا أنا بعتقد انه الخليج سوف يكون أمام مشكله كبيرة جدا حتى من البر الآخر من باكستان.

الثورات العربية ومدى تأثيرها على دول الخليج

محمد كريشان: نعم على ذكر الخليج تحديدا أشرت على السعودية البعض يتحدث عن السعودية أو قطر أو الإمارات لعبوا دورا كبيرا في تأجيج أو تحريض..

محمد حسنين هيكل: ليه؟ قل لي بقى ليه؟

محمد كريشان: أنا ما عنديش جواب..

محمد حسنين هيكل: لا أنا عاوز أسألك، أنت جاي من الجزيرة.

محمد كريشان: أنا جاي اسأل..

محمد حسنين هيكل: اسمع بقى أنت عندما يناسبك تبقى أنت تُساءل لكن عندما ما يناسبك تبقى تسأل, قرر أنت بقى..

محمد كريشان: أنا قررت أنا مذيع وحضرتك ضيف..

محمد حسنين هيكل: دلوقتي بس..

محمد كريشان: البعض يتساءل أنه هذه الدول الخليجية التي لم يعرف عنها ماضي لدفع ثورات ونضالات وغيرها, الآن أصبحت تتصدى لهذه المهمة وأنت تشير إلى إنها ليست بمنأى, هل تفسر لي الظاهرة أنا ما عنديش تفسير؟

محمد حسنين هيكل: لا لا, أنت عارف إيه, أنت اقرب مني لهذا, أنت قاعد في قطر وأنت بتشوف بنفسك، وتطل على الخليج من قطر، لكن أليس هذا موقفا محيرا أيضا, شوف إيه أنا بعتقد أن الخليج يسعى بقدر ما يمكن إلى النجاة ويسعى إلى, عنده مشروع عنده مشروع ثقافي يتصور انه يبقى منارات على المّية هناك، نعم, يعني في ناس نازلة بتصور له منارات، وفي ناس على فكرة تانيين بقولوا أنها كلها محطات بنزين على الطريق، على الخليج يعني على الشاطئ، لكن أنا بعتقد انه في محاولات فعلا مختلفة في الخليج لكن في مسألة فسر لي لماذا يبدو الأكثر تشددا بعد الثورات هو عندك حيث ينبغي أن تكون محافظة في منطقة الخليج يعني، الإمارات أنا شايف إنها زعلانة جدا عشان مبارك لكن في نفس الوقت عمالها تساعد في مكان آخر في هنا..

محمد كريشان: ما لوش علاقة بدور أميركي مرسوم لهؤلاء؟

محمد حسنين هيكل: له علاقة بعقلية الحرب الباردة, شوف إيه كل النظم التي فقدت البوصلة بشكل أو بآخر بعد الحرب الباردة, حاولت تأمل نفسها بإيه؟ حاولت تأمل نفسها بإيجاد نوع مما يسمى بالرخاء ممكن قوى واعتمدت فيه على بعض الدول المنتجة للبترول طب ودا طبيعي، ولكن أليس غربيا أن مصر بقوة مصر كلها في وقت مبارك حتشوف أنت وأظنها واضحة تقريبا للدور المصري وظف لصالح السعودية، وظف لصالح قوى كثيرة قوى لكن هنا في أطراف تسعى إلى البقاء، وقد يكون لدى بعضها مشروعات أكبر قوي من البقاء إنها تعمل حاجة في التنوير لكن في موقفها بدفع الثورات غريب قوى، لأنه إذا كنت بتتكلم عن التطوير والله مش الخليج هو اللي حيطور يعني، لكن ألا يدعو هذا جنب التدخلات اللي أنت شايفها هنا وهناك وبالقوى الأجنبية ألا تدعوك إلى التفكير إيه الحكاية بالضبط..

محمد كريشان: أنت عارف إيه الحكاية بالضبط؟

محمد حسنين هيكل: أنا مش عارف إيه ده، فاهم انك أنت عارف..

محمد كريشان: لا، لا، أبدا..

محمد حسنين هيكل: لا هو هنا في أنا بعتقد انك أنت هنا في لقاء مصالح بشكل ما، ومش بعيد عن اللي كنا نتكلم فيه، أنه في بعض الناس بشكل ما في أوروبا وأميركا يتصورون إن حل الأزمة المالية يمكن قد يكمن في فوائض الخليج ولو للتخفيف هي مش حتكفي حاجة ولو للتخفيف، كما انه في بعض الناس كثير قوي في الخليج يتصورون نهم يشترون نفوذا ويشترون طمأنينة وأنه يعني وجربوها مع النظم العربية..

محمد كريشان: على كل شكرا لك أستاذ هيكل، خلاص، الحلقة المقبلة إن شاء الله سنخصصها بالكامل لمصر يعني شوف توزيع غير عادل حلقة واحدة تونس، ليبيا، اليمن، سوريا، الحلقة المقبلة إن شاء الله ستكون لمصر بالكامل بهذا مشاهدينا الكرام نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة, الحلقة المقبلة غدا بإذن الله مخصصة بالكامل للموضوع المصري دمتم في رعاية الله والى اللقاء.