حديث الثورة

لماذا يهرب المصريون من بلدهم؟

ناقش برنامج “حديث الثورة” أبعاد ظاهرة الهجرة غير النظامية من مصر ودوافعها وتعامل النظام المصري معها، في ضوء مصرع عشرات غرقا أمام ساحل مدينة رشيد.
قال رئيس تحرير صحيفة "المشهد" المصرية الأسبوعية مجدي شندي إن مصر باتت نقطة انطلاق لما يسمى قوارب الموت المتجهة إلى أوروبا، بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة في ليبيا التي كانت تحتل مركز السبق في هذا المجال منذ سنوات، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر.
 
وعزا شندي -في حلقة (2016/9/24) من برنامج "حديث الثورة" التي ناقشت أبعاد ظاهرة الهجرة غير النظامية من مصر ودوافعها- كون غالبية من ماتوا غرقا بحادثة مركب رشيد من المصريين، إلى الظروف الاقتصادية وتفشي البطالة وسط فئة الشباب، داعيا إلى تنمية حقيقية في البلد لاستيعاب الشباب من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل.

من جهته قال الباحث في قسم العلوم السياسية بجامعة برلين الحرة الدكتور أحمد بدوي، إن هناك مشكلة هيكلية في فلسفة الدولة المصرية تجاه التنمية، وعليها أن تجري مراجعة شاملة وجذرية لأسلوبها في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وحول أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي تشديد إجراءات تأمين المنافذ البرية والبحرية والشواطئ لمنع التسلل إلى الأراضي المصرية، قال إن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، معتبرا أن المشكلة تكمن في وجود نموذجين متناقضين للتنمية في الدولة المصرية.

تصدير الهجرة
من جهته اعتبر الدكتور محمد محسوب وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري السابق أن مصر أصبحت بلدا مصدرا للهجرة غير النظامية من شعبها لا من الشعوب الأخرى فقط، وليست معبرا لها فحسب.

وأضاف أن الدولة المصرية لا تتبنى أي سياسة للتنمية، وإنما تفتح المجال للمؤسسة العسكرية للاستحواذ على مقدرات البلد والتنمية.

صراع طبقي
بدوره اعتبر الدكتور مصطفى شاهين الأكاديمي المصري ومدرس الاقتصاد في كلية أوكلاند الأميركية أن في مصر عدم عدالة في توزيع الدخول، حيث يوجد 44% من المصريين على خط الفقر، مشيرا إلى أن الطبقة المتوسطة تنهار تماما في المجتمع المصري.

وأضاف أن ما يحصل في مصر الآن هو صراع طبقي، مشيرا إلى أن سعي المصريين للهجرة -ومنهم أطفال وبمساعدة أسرهم- سببه انسداد الأفق الاقتصادي أمامهم وظاهرة الفساد المتفشي في البلاد. 

مركب رشيد
وعن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة الهجرة غير القانونية من مصر ودوافعها وتعامل النظام المصري معها في ضوء مصرع عشرات غرقا أمام ساحل مدينة رشيد، قال شندي إن الدولة المصرية والمجتمع مسؤولان عن هروب المصريين إلى الخارج.

وحول الاتهامات لنظام السيسي بالتراخي في موضوع هجرة المصريين غير النظامية، قال شندي إنه لا يمكن لأي دولة في العالم السيطرة على سواحلها بشكل كامل، مشيرا إلى أن المهربين وتجار البشر يستطيعون معرفة ومراقبة تحركات حرس الحدود المصري للقيام بتهريب المهاجرين.

بدوره اعتبر بدوي أن حادثة غرق مركب رشيد تصب في مصلحة نظام السيسي، كي يستمر في طلب المساعدات من الدول الأوروبية باعتباره ضامنا لعدم تدفق المهاجرين إلى أوروبا.

ووصف بدوي مصر بأنها دولة شبه منهارة يحكمها أناس ليست لديهم كفاءة، "ولديهم فرصة أخيرة ووحيدة هي الاستفادة من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار لإجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد ومحاربة الفساد في غضون سنتين أو ثلاث، وإذا لم يحدث ذلك فسيكون هناك فشل ذريع وسقوط مدو".

وأكد على أن الحل في مصر يكمن في التنمية الحقيقية واقتلاع الفساد من جذوره، "لكن هذه مشكلة كبيرة لأن من يحارب الفساد هم الفاسدون أنفسهم".