من واشنطن

واشنطن والشرق الأوسط.. بين سراب الانسحاب والواقعية

تساءلت حلقة “من واشنطن” فيما إذا كانت الولايات المتحدة تسعى بتدخلها العسكري ضد تنظيم الدولة، ونجاحها بدفع المالكي للتنحي، لتفنيد الاعتقاد السائد بتراجع دور واشنطن بالمنطقة منذ اندلاع الثورات العربية.

حلت في هذا الشهر ذكرى العديد من الأحداث الجسام، ومن بينها ضرب غوطة دمشق بالأسلحة الكيميائية، وذكرى فض اعتصامي رابعة والنهضة  في مصر في أعقاب إنهاء حكم الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

ولا يزال الحديث متواصلا حول حقيقة وسراب الرغبة الأميركية في عدم التورط في حروب جديدة بالشرق الأوسط. أما مدير وكالة الأمن القومي الأميركي السابق الجنرال مايكل هايدن فله وجهة نظر أخرى مفادها أن أميركا كانت توصف بأنها تبالغ في التدخل الخارجي، واليوم مع إدارة الرئيس باراك أوباما تبالغ في عدم التدخل.

في هذا السياق، استعرض برنامج "من واشنطن" في حلقة 19/8/2014 ملفات عربية عديدة تتدخل فيها أميركا على نحو ما من المحيط إلى الخليج، من ملف الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب والأزمة الليبية، وغيرهما، وسلطت الحلقة الضوء أكثر على الملفات الساخنة في مصر والعراق وسوريا.

 "
مايكل هايدن: وجود تنظيمات مثل الدولة الإسلامية أشد خطورة مما كان يجري في أفغانستان لأن هذه الأخيرة كانت معزولة بينما سوريا في منتصف الشرق الأوسط

مجزرة رابعة
فعن مصر، صدر تقرير صاخب لمنظمة هيومن رايتس ووتش يتهم فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومسؤولين آخرين بارتكاب جرائم حرب -عقب انقلاب الصيف الماضي- ضد مواطنين مصريين مؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي، وكانت الخارجية الأميركية على لسان المتحدثة ماري هارف تقول "إنه لمن دواعي قلقنا أنه لم تحاسب أي جهة لا سيما بعد مقتل قرابة ألف مصري".

وحول صدى التقرير مستقبلا، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة  الأميركية بواشنطن محمد علاء عبد المنعم أنه لا بد أن يكون لأعضاء الكونغرس الأميركي أمام دوائرهم الانتخابية موقف أدبي أخلاقي مما ذكر في تقرير ووتش، متوقعا أن يكون لهذا التقرير أثر على المعونة الأميركية.

لكن في المقابل، أشار لوجود العديد من الأصوات التي تدافع عن الدولة المصرية ودورها في مكافحة "الإرهاب" مشيرا إلى أن بعض هذه الأصوات تنتقد دائما ووتش بسبب مواقفها من إسرائيل.

 
من جانبه، قال الباحث السياسي رائد جرار إن ثمة قوانين أميركية تلزم الإدارة بالحد من تعاونها العسكري إذا ما قامت حكومة أجنبية بانتهاك حقوق الإنسان، وإن هناك قوانين مشددة من ضمنها قانون الصادرات العسكرية وقانون ليهي الذي يمنع تصدير الأسلحة لوحدات عسكرية محددة قامت بانتهاكات إنسانية جسيمة.

أما حول التدخل الأميركي بالشرق الأوسط، قال جرار إنه لم يكن إستراتيجيا "هناك تدخل بنفوذ أقل" مضيفا أن واشنطن التي قدمت مليار دولار مناصفة بين العراق وسوريا عكست غياب الرؤية، فهي تدعم معارضة في سوريا ونظاما في العراق، بينما روسيا في المقابل تتدخل بشكل أقل وبنفوذ أكبر لدى النظامين في بغداد ودمشق.

عبد المنعم من جهته، قال إن أحد محاور السياسة الأميركية بالشرق الأوسط هو التدخل عن بعد، غير مستبعد أن تنظيمات مثل تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام إحدى الدمى التي تحركها واشنطن، مستعيدا ما قال إنها تجربة سابقة بأفغانستان حيث كان تنظيم القاعدة على علاقة تدريبية وتنسيقية مع أميركا.

"
محمد عبد المنعم:
أحد محاور السياسة الأميركية بالشرق الأوسط هو التدخل عن بعد، وربما تكون تنظيمات مثل الدولة الإسلامية بالعراق والشام إحدى الدمى التي تحركها واشنطن

ثورة ديمقراطيين
بدوره أطلق هايدن جملة تصريحات مثيرة، فقال إن الحالة السورية كانت معروفة مآلاتها منذ البداية، وإن النزاع سينتهي إلى التطرف بعد أن كان في البداية ثورة لديمقراطيين ضد مستبدين.

وكسب المستبدون -في رأي هايدن- والمعارضة السورية لم تحظ بالحضور في الخارج مما استدعى التطرف.

وأضاف أن فرضيات سابقة حول سوريا كانت تفيد بأن يبقى نظام بشار الأسد وأن تستمر الكارثة الإنسانية أو أن يجيء متطرفون يحكمون البلد، والحال أن النظام بقي والكارثة الإنسانية استمرت والمتطرفون حصلوا على موطئ قدم في سوريا، وفق ما قال.

واعتبر هايدن أن وجود تنظيمات مثل الدولة الإسلامية أشد خطورة من أفغانستان لأن هذه الأخيرة كانت معزولة، بينما سوريا في منتصف الشرق الأوسط.

وحول العراق، أشار إلى أنه كان ضد أن تكون أميركا صفرا هناك، مضيفا  "حينما خرجنا خرجت الأشباح: السنة والأكراد والشيعة، وهؤلاء جميعا خائفون على مستقبلهم ويتصرفون بطريقة تعكس خوفهم".